الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لكل ديمقراطية شكلها ومضمونها الطبقيين.

التيتي الحبيب
كاتب ومناضل سياسي

(El Titi El Habib)

2017 / 4 / 5
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


عند الكلام أو المطالبة بالديمقراطية من طرف قوى كثيرة، يكاد المفهوم البرجوازي هو من يحدد مضمونها وشكلها. بل أصبح اليوم جزء كبير من اليسار لا يفكر في الديمقراطية إلا من منظور الفهم البرجوازي. وساد هذا الفهم إلى حد أن أصبحت مناقشته أو انتقاده من الممنوعات أو الطابوهات. ومن يعترض أو يناقش تلصق به الكثير من النعوتات والشبهات والاتهامات.
إن مسالة الديمقراطية هي بحد ذاتها مسالة طبقية ولكل طبقة في مجتمعنا مفهومها ومضمون تخصه لها. وبالنسبة للفهم البروليتاري أو منظور الماركسيين للديمقراطية فهو مختلف شكلا ومضمونا عما تدعو له وتمارسه البرجوازية.
للتعريف بهذا المفهوم وجب على الماركسيين خوض الصراع وتخطي الطابوهات وشرح منظورهم بما يلزم من الدقة والتفصيل.
أسوق هنا احد الأمثلة لهذا الصراع من اجل إعادة الاعتبار لهذا المفهوم. كتب المناضل الماركسي حكمت منصور تقييما لتجربة الثورة العمالية في الاتحاد السوفياتي ورفض أن تحاكم تلك التجربة على قاعدة معايير الديمقراطية البرجوازية كما طالب بالاحتكام إلى المعايير العمالية في الديمقراطية. في الفقرة التالية - وهي مترجمة إلى العربية يقدم الكاتب إفادات ومقارنة بين المفهومين البرجوازي والعمالي للديمقراطية.
"فيما يتعلق بمسألة التصويت بالنسبة للنضال العمالي، أود إضافة نقطة واحدة. إن هذا الأسلوب لا يحتل مكانة هامة في نضالات الطبقة العاملة، فإنه لا يعكس بشكل صحيح الوحدة ولا يوطدها. كل قوة العمال تكمن في وحدتهم، واتخاذ القرارات الجماعية ونكران الذات والتضحية المتبادلة في التضامن والمساهمة المشتركة في الحركة النضالية.
إذا ما صوت العمال بشكل فردي، فإن الطبقة العاملة تبدو دائما أقل عزيمة، أقل قتالية مما كان يمكن أن تكون عليه في خضم الحركة النضالية. انه في النضال، في وسط جموعاتهم العامة أين يصوت العمال حقيقة، في حين أن ألأفراد المنعزلين يكونون محبطين وبمعنويات مهزوزة بسبب ضغط رأس المال وعدم وجود أفاق نضالية ضرورية لاتخاذ قرارات جريئة. تكون المميزات الخاصة للعلاقات الداخلية وسط الطبقة العاملة، خاصة منها تلك التي هي بين الجماهير العمالية مع القيادة والطليعة، نتيجة لعدة عوامل.
أولا، الوضع الاجتماعي الموضوعي للعامل كمنتج. انه منزوع الملكية بينما المجتمع البرجوازي لا يعترف بالفرد في الجوهر إلا على أساس الملكية. إن ملكية رأس المال هي مصدر السلطة، وتتجسد مشروعية هذه السلطة في المجتمع البرجوازي في شكل حق التصويت. إنها لحقيقة أن هذه الديمقراطية البرجوازية اقتصرت في البداية على حق التصويت المقتصر في الطبقات المالكة، وأصحاب رؤوس الأموال والأغنياء قبل الاقتراع العام. إذا نال العمال الحق في التصويت، فقد أصبح من الممكن في هذا النظام عن طريق إفراغ حق التصويت من أي معنى اجتماعي حقيقي ومن أية علاقة مباشرة في أي نصيب من السلطة. إن التصويت يناسب العلاقات الداخلية لأوليغارشيا تمتلك رأس المال، ولكنه ليس الوسيلة المناسبة لممارسة الحكم من طرف الطبقات المحرومة من هذه السلطة المادية في ممارسة حقها في الاقتراع. فالعامل لوحده لا اعتبار له. فالفرد البرجوازي يحتسب بما يتناسب مع السلطة الحقيقية التي يستمدها من ثروته. لذا يجب علينا أن نسأل أين تكمن قوة العمال، ما يفعلونه بها، وما هي المكانة التي يحتلها التصويت الفردي في هذه الآلية. إن قوة العمال تتبلور في حركتهم الجماعية، المفتوحة، المنظمة والموحدة. يلعب التصويت دورا محدودا في نشأة هذه الحركة. يتاتى الدور الجوهري من القيادة ومن الدعاية والشعارات التي من اجلها يتحرك العمال. هذا هو السبب في 99٪ من العمال ينخرطون في النضال المنظم بدون اللجوء إلى طلب تصويت إي أحد. هذه الحركة الموحدة تأخذ شكلها خاصة بفعل العناصر الأكثر تقدما، وقوة القناعة ووضوح وجهات النظر وفعالية سياساتها. هذه هي العوامل التي تحدد العلاقات الداخلية داخل الطبقة العاملة.
ثانيا، يشكل العمال طبقة مضطهدة. نضالهم، على عكس النشاط القانوني والبرلماني للبرجوازية، يواجه بشكل مباشر قوة قسرية خارجية: الدولة. إن الحركة السياسية للعمال تأخذ تلقائيا دينامية معركة، وفي ذات الوقت، يتغير معسكر العمال، كما في الحرب، ولم تعد هناك فرصة لفرز الأصوات الفردية في ممارسة إرادتها. . ومن خلال العمل والتقييم المستمر لقدرتها على الانجاز إبان المعركة يمكن اخذ بعين الاعتبار حركة الآراء الفردية. إن المسؤول البرجوازي سيدعي لنفسه جزء من الثقة البرلمانية. بينما الزعيم العمالي لا يمكنه تقييم حالة الوعي للجماهير العمالية بالالتجاء إلى فرز الأصوات عبر صناديق الاقتراع، انه يجب عليه أن يحس في كل وقت بالرأي السائد في القاعدة عندما يريد اتخاذ قراراته. إذا لزمه التوفر على تقدير صحيح، فسيكون متطابقا مع طموحات الجماهير العمالية، وإلا فان مجرى النضال سيفرض عليه مراجعة قراراته. إن ما أعنيه هو أن معايير الديمقراطية البرجوازية لا يمكن ولا ينبغي أن تستخدم للحكم على العلاقة بين الجماهير العمالية وطلائعها. إن الحكومة العمالية في روسيا يجب أن تحاكم على قاعدة معايير عمالية وليس عن طريق تعميم مفاهيم الديمقراطية البرجوازية. . " انتهى المقتطف(*)
في الدولة الرأسمالية تدعي البرجوازية أنها تخلت عن السلطة لفائدة المجتمع وهو من يعين عبر حق الاقتراع العام ممثليه. لكن في حقيقة الأمر ووراء المساواة الشكلية في أصوات المواطنين فان الأجهزة المنتخبة هي في يد حفنة من مالكي وسائل الإنتاج والرأسمال. إنها ديمقراطية الأقلية تجاه الأغلبية الساحقة المسلوبة الإرادة بحكم توزيع الثروة في المجتمع.
في الدولة الجديدة دولة العمال والكادحين حيث ملكية وسائل الإنتاج في يد المنتجين تكون السلطة في يد الغالبية وهي سلطة موجهة ضد أقلية طبقية. وهذه السلطة تمارس عبر أشكال جديدة لا علاقة لها بالشكل الديمقراطي البرجوازي. إنها الديمقراطية الشعبية المباشرة وهي ديمقراطية جديدة لازالت البشرية تبدعها وتطورها. لان الديمقراطية البرجوازية ليست هي نهاية التاريخ أو أرقى ما وصلته البشرية.
..................
(*)L expérience de la révolution ouvrière en -union- soviétique
Hekmat Mansoor








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تصريح الأمين العام عقب الاجتماع السابع للجنة المركزية لحزب ا


.. يونس سراج ضيف برنامج -شباب في الواجهة- - حلقة 16 أبريل 2024




.. Support For Zionism - To Your Left: Palestine | الدعم غير ال


.. كلام ستات | أسس نجاح العلاقات بين الزوجين | الثلاثاء 16 أبري




.. عمران خان: زيادة الأغنياء ثراء لمساعدة الفقراء لا تجدي نفعا