الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عراق واحد ام عراقان... في ذكرى تهجير الكرد من واسط

حسين القطبي

2017 / 4 / 9
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير


من بين رموشي المتربة كنت ارى اطلال مدينة زرباطية الحدودية، وحين التفت باتجاه الشرق، اكاد ارى من بين حزم الضوء، مدينة مهران على الجانب الثاني من الحدود، وكأن الشمس تقف فوقها مباشرة....

كان ذلك في صباح التاسع من نيسان، بعد مبيت ليله في مدرسة الكوت، التي استخدمتها السلطة كمعسكر لاعتقال وتجميع العوائل الكردية، المعدة للترحيل الى ما خلف الحدود.

تذكرت تلك الصبيحة من عام 1980، عندما سمعت صديق لي، يقول، وهو يعدل جلسته على الكرسي الخشبي، في مقهى كوستا، في لندن:

- ليس عراقيا من يحتفل هذا اليوم، ويؤيد الاحتلال الامريكي للعراق.

احسست من كلماته وكأن هنالك اكثر من عراق، احدهما للضحايا، مثلي، للعوائل المهجرة، وللفقراء، ولاحياء هوامش المدن التي تورمت في ستينيات القرن الماضي..

وعراق اخر للمثقفين الذين لا يعرفون العالم الا من خلال الكتب والخرائط وقوائم اسماء الدول وعواصمها. عراق الترف المعيشي والفقر الروحي.

نعم، هنالك من يقدم المشاعر الانسانية كانتماء اعلى، ويعتبر حرية الفرد واحترام وجوده هو القيمة الاساسية وهي جوهر "الشرعية" الانسانية، التي يجب ان تبنى على اساسها القوانين. وهذا من يعيش المعاناة مثلي، ويلمس مثلي جدوى حقوق الانسان، ودورها في بناء المجتمعات الانسانية الحديثة.

وهنالك من يرى ان العالم عبارة عن خرائط فقط، يسميها بدون ان يتعب نفسه في التفكير بـ "الشرعية الدولية" ويصنف البشر لا على اساس انسانيتهم، وانما على اساس جنسيتهم، منهم صديقي الذي مايزال يفرك براحتيه حبات سبحته المزركشه.

على اساس الشرعية الانسانية، التي اؤمن بها، لا يحق لشخص ان يطرق علي الباب في الواحدة والنصف صباحا ويجمع افراد العائلة خلال 3 دقائق ويسوقهم للمدرسة-المعسكر، استعدادا لترحيل اكبر عدد من العوائل في صباح اليوم الثاني. حتى اذا كان ذلك الشخص من نفس ديني، ومن نفس مدينتي ومن نفس قوميتي..

اما على اساس الشرعية الدولية، واولوية الخرائط، وشعارات المثقفين، فيحق له ذلك، لا بل لا يحق لانسان اخر ان يمنعه، اذا كان يحمل جنسية بلد ثاني، او يتكلم لغة اخرى، غير لغته، لان ذلك يعني التجاوز على الشرعية الدولية، شرعية الخرائط وفهرس اسماء الدول.

وفي صراع الشرعيتين، الانسانية، والخرائطية، ليس لي الا ان اختار الاولى، كوني اجدها الاقرب الى معاناتي، واترك له الثانية، فلربما لم تجبره الضروف يوما على تجربة وجع المشاعر.

لم تترك لي كلمات صديقي الا ان اختار، من بين العراقين، اي عراق اريد، واترك له اختيار اي عراق هو يريد.. تركت له الخرائط، والجغرافيا، واحداث 9 نيسان من العام 2003.

واخترت انا عراق الانسانية، الذي لا يرى في الانسان جنسيته، وجواز سفره، ولغتهه وانما جوهر الانسان، والحق المتساوي بالوجود، واحزان تهجيرات 9 نيسان من العام 1980.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حزب الله ينتقم لمقتل 3 من قادته وإسرائيل تحشد ألوية عسكرية ع


.. التصعيد الإسرائيلي الإيراني يسحب اهتمام الغرب من حرب غزة




.. الأردن يؤكد أن اعتراضه للمقذوفات الإيرانية دفاعا عن سيادته و


.. رئيس وزراء قطر: محادثات وقف إطلاق نار بغزة تمر بمرحلة حساسة




.. تساؤلات حول أهلية -المنظومة الإسرائيلية الحالية- في اتخاذ قر