الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إذا كان الدين تنمّرا فالمجد للعلمانية

عادل صوما

2017 / 4 / 11
كتابات ساخرة


التفجيران اللذان حدثا في طنطا والاسكندرية لا يصنفان ضمن الاعمال الارهابية بل التنمّر. تنمّر لم يشهده العالم من قبل ولا ايام النازية أو الشيوعية. لم يرسل هتلر أو ستالين من يفجر نفسه في الكنائس. تركاها كتحف فنية ومنعوا ممارسة طقوس الايمان علانية. حتى الصليبيين لم يهدموا الجوامع.
يستحيل ان يُتهم جهاز الامن المصري بالتسيب أو التراخي، بسبب التفجيرين اللذين حدثا اخيرا داخل كنيسة وخارج أخرى، لأن الامن يستحيل ان يراقب ويدقق في كل مواطن. وما حدث وسيحدث تنمّر واضح لا شأن له بالسياسة أو حتى بتصفية حسابات، لأن مسيحيي مصر ايدوا المشير عبد الفتاح السيسي، كما يردد المراقبون والباحثون الذين تلجأ إليهم معظم وسائل الاعلام، ليدلوا بأقوال سطحية لا تُغضب أحدا في مناسبات كتبها الناس بدمائهم واشلائهم.
جذور مشكلة المسلم مع العالم بكامله هو ان الدين عند الله الاسلام، أو الاستسلام للمسلمين، وهي مقولة لم تعد تصلح لسكان كوكب يبلغون سبعة مليار وأكثر يؤمن أكثر من 80% منهم بالتعددية، وما الاعتداءات والنفوس المفخخة والتبشير في اوروبا وبقية العالم سوى صدى لتزايد عدد المسلمين وقوتهم الاقتصادية، وانتهاز هذه الفرصة الذهبية من المستفيدين من الاسلام سياسيا ليحكموا من فقدوا الايديولوجيات كافة بما فيها الايمان بالاوطان والجيوش والدين والثقافة، حتى النخوة القومية.
أفعال وكلمات
عندما سئُل رئيس الوزاء البريطاني عن حقيقة منح اللجوء لقيادات فقهية للمتطرفين وغض الطرف عن النشاطات الارهابية، وتكفير الحكومة والشعب البريطاني في الشوارع ومن على منابر الجمعة بواسطة أئمة الاخوان المسلمين، أعلن كاميرون إنه سيؤلف لجنة لدراستهم حتى "نفهم تماما من هي هذه الجماعة، وما هي علاقاتها وما الذي تؤمن به؟ وما الذي تؤمن به في ما يتعلق بالتطرف والعنف؟ وما علاقاتها بالجماعات المتطرفة وما هو حجم وجودها في المملكة المتحدة". وقد خلصت لجنته في تقريرها إلى "عدم وجود نشاط عنيف للإخوان المسلمين في بريطانيا".
كان تعقيب القيادي السابق في جماعة الجهاد الاسلامية كمال حبيب على ما يحدث في بريطانيا هو: "مع صعود العنف في أوروبا اصبحت برطانيا مرتبكة إزاء احداث العنف. لم يعد وجود الاخوان المسلمين مريحا وانما يمثل ارتباكا واضحا بين اجهزتها؛ الاجهزة التنفيذية والاجهزة التشريعية وهو مجلس العموم البريطاني".
في الوقت الذي قال فيه الشيخ يوسف القرضاوي عن وجود ما يُسمّى بالفتح السلمي في الاسلام حيث لا داعي للفتح العسكري، وأعطى مثلا بفتح روما وأوروبا عن طريق الدعوة والفكر، كان تركيز البابا فرنسيس على وضع مشاكل المثليين ضمن أجندة مشاكل العائلة الكاثوليكية، ودعوة بعضهم للغذاء معهم عدة مرات، لكنه تراجع تحت وطأة إتهامه بخيانة تعاليم المسيح.
أهمية التعددية
رسالة التنمّر بتهديم كنائس الشرق والاعتداء على مسيحييه قبل كل مناسبة دينية واضحة، وهي إنذار واضح إلى أوروبا وكل الدول التي لا تريد إعلان هذه المؤسسات، التي تنتشر بالتنمّر وتزرع كراهية الاخر في النفوس، جمعيات إرهابية لدواع بتروإقتصادية.
لست هنا في معرض الدفاع عن المسيحية لأنني علماني، ولو حدث الامر نفسه مع البوذيين ومعابدهم سأقول الكلام نفسه، بل ينصب دفاعي على الايمان بالتعددية لأنها من ضرورات الحفاظ على حياة الناس كافة، وإذا اختفت التعددية تتلاشى الحياة على الكوكب تدريجيا، أو تُصاب بالعقم الفكري.
تفسيران متناقضان
لا افهم دوافع إله الادبيات الابراهيمية الذي ترك الناس أكثر من نصف مليون سنة عرضة للحيوانات والضواري وتحت رحمة تقلبات الطبيعة والامراض، وعندما بدأ الانسان ينتقل من مرحلة الحيوانية التي خلقه عليها، إلى مرحلة الإنسانية التي خلقها الانسان نفسه بتطور عقله، ترك الإله، حسب الادبيات الابراهيمية كافة، شؤون الكون وتفرغ لمراقبة الانسان، وارسل أنبياءَه ليدمر الانسان نفسه بسبب الايمان به.
ما قيمة هذا الايمان سوى تدمير البشر لبعضهم بعضا؟ تكفير بعضهم بعضا.. التنكيل ببعضهم بعضا.. إشاعة الحقد والكذب والتشفي والمكائد وإستباحة المؤمنين لأموال وممتلكات ونساء الغير. ولماذا سكت الإله أكثر من نصف مليون سنة؟ هل أدت الادبيات الابراهيمية كافة إلى إختراع أي دواء أو طائرة أو بناء بيت أو حتى إختراع فكرة المرحاض ونقل المياه للمنازل داخل مواسير؟ هل أدت هذه الادبيات إلى السلام النفسي على الأقل؟
"الدين عند الله الاسلام" مقولة بحاجة إلى قراءة مختلفة تماما اليوم لأنها سببت تفريغ الجزيرة العربية من اليهود والمسيحيين والعلمانيين* وهدم ثقافاتها وطمر لغاتها الاصلية خصوصا الارامية. المقولة نفسها تجعل المسلم يقول عن استعمار البلدان ومحو الثافات الاخرى "فتح من الله"، وعن إزالة ما تبقى من الخلافة الاموية في اسبانيا وهجوم الاوروبيين على القدس بسبب القرصنة على قوافل الحجاج المسيحيين أعمال صليبية!
الكوميديا السوداء
ما موجة التنمّر التي تشهدها وتواجهها دول العالم كافة بضباط وعناصر مقنّعة (ترتدي أقنعة) خوفا على حياتهم وحرصا على عدم إتهام أي جمعية تهتم بحقوق الانسان لأي منهم، فهذه الجمعيات إتهمت جيوش وشرطة عربية بارتكاب اعمالا وحشية ومجازر لمواجهة الارهاب الذي يريد تقويض الدول، ولم تتهم العناصر الارهابية بما فعلوا ولا استنكرت حتى فكرة هدم الدول. لم تذرف هذه الجمعيات دمعة واحدة على شعب ليبيا أو العراق أو سورية. ويبدو ان هذه الجمعيات تنتظر أن يفتح داعشي مطعم في اليابان اسمه "فوتوا..موتوا" ليتهموه بالعداء ضد الانسانية.
حاشا ان يكون آخر سطر سخرية من دماء المواطنين الذين ماتوا أينما حل الارهاب، بل هي سخرية سوداء تسخر مما يحدث والحكومات التي تكذب وتقول ان كل شيء تحت المراقبة وتعتبر ضمنا ان الخسائر البشرية لازمة لتسير مصالحها، ولا تقدر بتاتا عواقب هدم ثقافة دولها.
حتى الضابط المصري المقدم عماد الركايبي، غير المُقنّع، الذي اشتبه بالرجل المفخخ قرب كنيسة المرقسية حاول أن يوقفه ولم يطلق عليه الرصاص خوفا كما يبدو من جمعيات حقوق الانسان، ففجر الرجل نفسه واستشهد الضابط وغيره، وانا اسمح لنفسي بالاعتذار عنهم جميعا عن تقبل أي شجب من الجمعيات إياها لو حدث، لأنه لا قيمة له امام حياتهم التي هُدرت واشلائهم التي تناثرت ودمائهم التي غُسلت بخراطيم مياه ملوثة، لأن مصاريف الحكومة المصرية تذهب في معظمهاعلى مكافحة الارهاب.
*يؤمن بعض شعراء الجزيرة العربية بأن الكون قديم لا خالق له، ويؤمن بعضهم بوجود قديمّين هما الله والكون. فكرة العلمانية واضحة بعقلية ذلك الزمان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة الفنان الكبير صلاح السعدني عن عمر يناهز 81 عامًا


.. المتحدة للخدمات الإعلامية تنعى الفنان الكبير صلاح السعدني




.. الفنان هاني شاكر في لقاء سابق لا يعجبني الكلام الهابط في الم


.. الحكي سوري- رحلة شاب من سجون سوريا إلى صالات السينما الفرنسي




.. تضارب بين الرواية الإيرانية والسردية الأمريكية بشأن الهجوم ع