الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نقد الحضارة، للباحث محمد عبد الحق

محمد عادل زكي

2017 / 4 / 12
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


مدرسة الاسكندرية للاقتصاد السياسي
-------------------
نقد الحضارة
(الجزء الأول)
بقلم الباحث/ محمد عبد الحق
---------------
تعد كلمة (حضارة) المعنى المتعارف عليه لتطور مظاهر حياة الإنسان من أطوار الحياة البدائية أو الهمجية إلى طور أكثر تنظيما وتطورا. هذا الطور يعتمد على الحياة الجماعية وتطور قوى الإنتاج. وقد اختلف الباحثون والمفكرون في تعريف كلمة (الحضارة)، فنجد ابن خلدون في كتابه الشهير المقدمة يعرفها على أنها غاية العمران ومنتهاه، خلافا للبادية التي تعتبر أول العمران ومبتداه(1)، وشمل في تعريفه لكلمة (الحضارة) كل مظاهر تطور المجتمع فكريا وماديا، وهذا التعريف اتفق معه مجموعة كبيرة من المفكرين. أما ول ديورانت المؤرخ والفيلسوف الأمريكي فيعتبر (الحضارة) نظام اجتماعي يعين الإنسان على الزيادة من إنتاجه الثقافي(2) وبذلك يرى ويل ديورانت ومعه فريق آخر من المفكرين أن الحضارة هي مجموعة المظاهر الفكرية فقط المؤدية لتطور المجتمعات وتميزها. وفي الحالتين فإن حضارة أية أمة هي مجموعة المفاهيم الموجودة عند هذه الأمة وما ينبثق من هذه المفاهيم من قوانين وأنظمة وأفكار تعالج مشاكل المجتمع.
وبدأت الحضارات الإنسانية في الظهور عندما توفر الوقت للمجتمعات الاولى في نقل محل انشغالهم من حالة العمل المستمر لتوفير المتطلبات الأساسية التي توفر للمجتمع البدائي حالة من الإشباع إلى الانشغال بتطوير هذه المجتمعات البدائية وجعلها أكثر تنظيما وقدرة على الأنتاج لتجديد الأنتاج الاجتماعي، ثم بعد ذلك توجه انشغال هذه المجتمعات للتفكير في كل مظاهر التطور تنظيميا وفنيا وسياسيا وعلميا.
وعند البحث عن بدايات الحضارات الإنسانية فإننا نجد أنفسنا أمام إجماع من المؤرخين في تحديد الأماكن الأولى للحضارة البشرية وتمركزها في ثلاث حضارات مركزية هم الحضارة السومرية في اللعراق، ثم الحضارة المصرية وحضارة وادي السند. وحسب زعم المؤرخين فإن المجتمعات في تلك البلدان كانت الحاضنة الأولى لمظاهر الحضارة في كل المجالات. ثم أخذت هذه المظاهر في الانتقال بين أرجاء البلدان الأخرى والتطور حتى وصل بنا الحال للحضارة الحديثة التي نشهدها هذه الأيام. وحسب إجماع المؤرخين ورواياتهم تتحدد الرواية الرسمية لعلوم التاريخ وفلسفته والتي يقوم عليها تحديد بدايات الحضارة الانسانية, ولكن مهما كان الموروث ومهما كانت دقته فهو خاضع للنقد والتحليل، عسى ان يصل نقد هذا العلم وتحليله لنتائج تحوي إجابات لبعض الأسئلة التي أثارت ألباب البشر عبر التاريخ ولم تجد في روايات هذا الموروث إجابات شافية، ومن هذه الرؤية سأبدأ تحليلات نقدية لبعض مظاهر الحضارات الاولى، وأخص بهذه التحليلات الموروث الأدبي في الحضارة السومرية التي تعد أقدم الحضارات الإنسانية كما ذكرت سابقا.
وتبدأ التحليلات من أحد قصص الملك الأسطوري جلجامش، بطل أقدم عمل أدبي شهدته الحضارة الإنسانية، وهو العمل العظيم (ملحمة جلجامش)، والذي ترجع فترة كتابته وتدوينه للحضارة البابلية، غالبا في بداية الألفية الثانية قبل الميلاد، بينما فترة أحداثه ترجع لما يسبق ذلك بحدود الألف عام، وعند بداية النظر لهذا العمل الأدبي سنجده رغم قدمه يتسم بالصفات الأساسية التي تميز اللآداب البشرية المشهورة وحتى العصور الحديثة.(3)
واسم القصه (أجا وجلجامش). وتحكي هذه القصة أحداث صراع حدث بين دويلتين في بلاد سومر، وهما دويلة كيش وملكها اجا، ودويلة اوروك وملكها جلجامش. ومضمون القصة (في زمن من الأزمان ساءت العلاقة السياسية بين هاتين الدولتين، وعندما وجد أجا ملك كيش انه الأقوى أراد أن يفرض حمايته على اوروك، ولكنه قبل أن يعلن الحرب أرسل وفدا دبلوماسيا إلى ملك اوروك، يحمل معه إنذارا بالخضوع إلى كيش، ولما كان جلجامش ملك اوروك لا يستطيع أن يقرر في أمور الدولة الخطيرة كالحرب فإنه استدعى أولا مجلس الشورى المكون من أعيان المملكة وشيوخها، وعرض عليهم مطالب ملك كيش، وحثهم على رفضها. ولكن مجلس الأعيان هذا لم يوافق على رأي ملك الدوله. فاستدعى مجلس الشورى الثاني المؤلف من جميع الرجال القادرين على حمل السلاح، فرفض هذا المجلس مطالب مدينة كيش، وقرر الحرب إذا اقتضى الأمر ذلك. فنشبت الحرب بين الدولتين، وانتهت بغلبة دولة كيش، وطلب جلجامش الصلح).(4)
ويبدو لنا أن هذا المجتمع أخذ شكلا سياسيا منظما. على رأسه الملك ومعه مجلسين، الأول مجلس شيوخ والثاني مجلس عموم الشعب. وعند اتخاذ قرار مهم كالحرب أو الضرائب كان الملك يجتمع بهذه المجالس لمشاركته في القرار السياسي وتحمل تبعاته .وعلى الرغم من جهلنا بالكثير من المعلومات عن هذه المجالس، وكيفية تكوينها وصلاحياتها وعلاقتها بالملك وببعضها البعض، إلا أنه وردت إشارات أن هذه المجالس كانت تملك حق انتخاب الملك.
تظهر لنا هذه القصة التنظيم السياسي داخل مجتمع دويلة اوروك، وعند النظر لتقسيمات هذا التنظيم نجده مشابه لما توصلت إليه الحضارة الحديثة في البنية السياسية وتسلسل القرار السياسي، فنجد مجالس نيابية يتم انتخابها من خلال آليات معينة لتعين الحاكم في القرارات الكبرى مثل ما يحدث في المجتمعات الحديثة، ونجد أيضا خيار آخر وهو استفتاء عموم الشعب لتمرير القرارات المهمة والتصديق عليها من الشعب نفسة وفي اختيار الحاكم كما يحدث في أكثر المجتمعات تطورا هذه الأيام. وما يثير الدهشة بأن هذه الحادثة تذكر بأن أحداثها في عصور كانت فيها المجتمعات حديثة العهد بالحضارة !

أما من ناحية التنظيم الاجتماعي، والنمط الاقتصادي الشائع في تلك الحضارة العظيمة، وسوق العمل الأنتاجي وتخصصاته فنجد في مجتمع دويلة (لجش) بعد أقدم ثورة اجتماعية ناجحة في التاريخ المكتوب، بقيادة الملك الخالد أوروكاجينا، صورة رائعه يذكرها لنا المؤرخ صمويل كرومر في كتابه من ألواح سومر كالاتي:
((وكان القسم (الأغلب) من سكان لجش من الفلاحين وأصحاب الماشية والملاحين والصيادين والتجار والصناع، وكان النظام الاقتصادي خليطا، ففي بعض أوجه كان من النوع الاشتراكي وتحت سيطرة الدولة. وفي نواح أخرى كان من النوع الحر الرأسمالي إلى حد ما. وكانت الأرض من الوجهة النظرية ملكا للإله، أي لمعبده الذي كان يهيمن عليها بهيئة أمانة أو وديعة لجميع المواطنين. ولكن في التعامل الواقعي كان قسم كبير من الأرض ملكا خاصا للمواطنين الأفراد، على الرغم من أن المعبد كان يملك الأراضي الكثيرة التي كان يؤجرها إلى الناس مقابل حصة معينة من حاصل الغلة. والواقع أنه حتى الفقراء كانوا يملكون المزارع والبساتين والبيوت والماشية، أضف إلى ذلك أنه كان من جراء مناخ لجش الحار العديم المطر أن الإشراف على شئون مشروعات الري والمياة بوجه عام، التي كانت أساس حياة المجتمع ورفاهيته، كانت من الأمور العامة التي تدار لمصلحة الجميع (من جانب الدولة) ولكن فيما عدى ذلك كان النظام الاقتصادي حرا نسبيا لا يعرقله شيء. فكان الغنى والفقر والفلاح والإخفاق كله إلى درجة ما نتيجة ما يقوم به الأشخاص من مشروعات ونتيجة الجهود الفردية، وكان باستطاعة الصناع وأهل الحرف المنتجين أن يبيعوا نتاج صناعاتهم اليدوية في سوق المدينة الحر. كما أن التجار المتنقلين كانوا يمارسون تجارة مزدهرة رابحة في البر والبحر مع الدول المجاورة، ومن الجائز جدا أن يكون بعض هؤلاء التجار كانوا يشتغلون لحسابهم الخاص ولم يكونوا وكلاء عن المعبد. وكان المواطنون في لجش مدركين ومقدرين لحقوقهم المدنية، حذرين من أي عمل حكومي يؤدي إلى الإنقاص من حريتهم الاقتصادية والشخصية التي كانوا يعتزون بها باعتبارها تراثا وحقا ضروريا لأسلوب حياتهم. وهذه هي (الحرية) التي فقدها أهل لجش في الأزمان التي سبقت عهد (أوروكاجينا) بموجب ما ورد في تلك الوثيقة القديمة الخاصة بالإصلاح، فأعادها إليهم عندما جاء إلى الحكم ((.
قد لا أبالغ إن قارنت هذا المجتمع المذكور من فترة تقارب 4500 عام بأكثر المجتمعات الحالية تقدما في البنية الاجتماعية. فمن الناحية السياسية وتحليل الجانب الإداري في ذلك النص نجد أنفسنا أمام مجتمع بالغ التطور، لا يجوز بأي حال من الاحوال نسب تلك المظاهر للنمط الاقتصادي العبودي(5) الذي فرضته على التاريخ الحديث النظرة الاوربية القاصرة، ونجد مجتمع واع يدرك حقوقة وواجباته كما هو الحال في أكثر دول العالم تنظيما، كما نجد أيضا صورة لعلاقات تجارية بين الدويلات وبعضها وحركة تجارة داخلية وخارجية وإنتاج كبير تحكمه قوانين اقتصادية تبرز تفاصيلها الدقيقة في التشريعات القديمة وأبرزها تشريعات حمورابي(6). تلك الصورة الرائعة كانت لمجتمع ثار على ملك ظالم لينقل السلطة لمثل تلك الصورة التي يحلم بها كل سكان الدول الفقيرة التابعة في عالمنا الحالي، منادين بنفس نداء هذا الشعب العظيم المنظم شعب دويلة لجش وهو كلمة (حرية). فكيف لهذا التنظيم الدقيق والمجتمع الواعي أن يكون وليد حضارة في طور بدائي؟؟

ومن الناحية القضائية والتشريعية ففي نفس كتاب المؤرخ الرائع صمويل كرومر نجده يذكر حادثه قضائية وموضوعها هو:
ارتكبت جريمة قتل في بلاد سومر في حدود (1850) قبل الميلاد وملخص الحادث أن ثلاثة رجال وهم حلاق وبستاني وشخص ثالث لم تذكر مهنته - قتلوا أحد موظفي المعابد اسمه (لو اننا) ولأسباب غير معروفة. أخبر هؤلاء القتله زوجة القتيل المسماة (نن دادا) بمقتل زوجها، ولكن الغريب في الأمر أن الزوجة احتفظت بسر القتلة ولم تبلغ السلطات الرسمية بالامر. بيد أن العدالة كانت حتى في الأزمان الموغلة في القدم مهيمنة مكينة وبخاصة في بلاد سومر المتمدنة. فبلغ خبر الجريمة علم الملك (أور ننورتا) وهو في عاصمته في مدينة (أيسن) فأحال القضية للنظر فيها إلى (مجمع المواطنين) في مدينة (نفر) وهو المجمع الذي كان محكمة للفصل في القضايا.
وفي ذلك المجمع نهض تسعة رجال ليقاضوا المتهمين. وأبدى هؤلاء في نقاش القضية أن الجريمة لا تقتصر على الرجال الثلاثة وهم القتلة الفاعلون. بل ويلزم أيضا مقاضاة الزوجة بسبب بقائها (ساكتة) كاتمة للأمر بعد أن علمت بالجريمة ،الأمر الذي يجعلها شريكة في الجريمة .
ثم انبرى في المحكمة رجلان للدفاع عن المرأه، فدافعا بأن المرأة لم تشترك في قتل زوجها ولذلك ينبغي تبرئتها فلا ينالها العقاب. فأقر أعضاء المحكمة حجج الدفاع, مبررين قرارهم ذاك بأن تلك المرأة كان لها من المبررات ما حملها على السكوت لأن زوجها لم يكن قائم بإعالتها، وختم أعضاء المحكمة قرارهم بالقول (إن العقوبة ينبغي ألا تشمل سوى القتلة الفاعلين). وبموجب ذلك لم تحكم محكمة (نفر) إلا على الرجال الثلاثة لينفذ فيهم حكم الإعدام .
وقد وجد محضر هذه المحاكمة الخاصة بجريمة القتل منقوشا باللغة السومرية في لوح من الطين كشف عنه في عام 1950 في أثناء التنقيبات التي أجرتها البعثة الأثرية المشتركة من المعهد الشرقي لجامعة شيكاغو ومتحف جامعة بنسلفانيا.
وقد اشتركت مع (ثوركلد ياكوبسن) في دراسة تلك الوثيقة وترجمتها. ومع أن ترجمة بعض الكلمات والعبارات السومرية في ذلك اللوح لا تزال مشكوكا فيها إلا أن المعنى الاساسي مفهوم وموثوق منه بدرجة لا بأس بها. وقد كسرت إحدى حافات اللوح ولكن أمكن إكمال الأسطر المفقودة بالإستعانة بكسرة صغيرة من نسخة أخرى من الوثيقة نفسها وجدت في أثناء التنقيبات التي أجرتها في خرائب مدينة (نفر) بعثة قديمة سابقة أوفدها متحف بنسلفانيا. وأن حقيقة وجود نسختين من سجل واحد لتدل على أن قرار محكمة (نفر) الخاصة بما سميناه قضية (الزوجه الساكتة) قد اشتهر في جميع الاوساط القانونية في بلاد سومر بكونه سابقة قضائية مشهورة وهو بذلك لا يختلف عن أي قرار من قرارات المحكمه العليا الامريكيه .
تم نسخ هذا الجزء السابق بنفس نص رواية وتعقيب المؤرخ نفسه في كتابه المذكور بدون إضافة أي حرف. ففي تعقيبه ما يؤكد أننا أمام نظام قضائي في قمة التطور والرقي يواكب آخر ما توصلت إليه الإنسانية في أوج حضارتها في عصرنا الحالي. فهناك محاكم تختص بتطبيق القوانين والتشريعات التي تحكم تلك المجتمعات. وهناك أيضا نظام قضائي مركزي ترجع إليه القضايا الأكثر تعقيدا، وهناك محامون للدفاع عن المتهم، كما نجد أيضا هيئة قضاة أو محلفين تنظر في الحكم على المتهمين. وكما يوضح لنا النص أن منطوق الحكم في تلك القضية تم نسخه ونشره في مدن أخرى في نفس الدولة ليكون دليل للمحاكم الجزئية الأخرى في تلك الدولة لتسهيل نظر القضايا المماثلة والبت فيها دون الرفع للدرجات القضائية العليا.

وفي الناحية العلمية، فمما لا شك فيه أن تلك الحضارة كانت تمتلك تطور علمي فائق وعجيب. فكانت الدويلات السومرية تعج بالمدارس والجامعات التي يدرس بها كافة العلوم الإنسانية، وتم نسخ كافة العلوم الانسانية باللغة السومرية على أحجار الآجر، وهو ما اكتشفه المنقبون في أغلب مراكز تلك الحضارة في الأراضي العراقية، فما وجدوه من المواد المصنعة وبخاصة المواد المعدنية يبين كيف برعوا في علوم الكيمياء والتعدين. ومن الأمور التي أدهشتني هي الحالة التي ذكرها المؤرخ العراقي طه باقر في كتابه (مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة) والتي تبين تطور السومريين في علوم الهندسة وحساب المثلثات، ويرجع تاريخ تلك الحالة لما يقارب الألفي عام قبل الميلاد. ويظهر لنا الكاتب كيف تفوق العالم السومري على إقليدس العالم اليوناني في شرح نفس النظرية والتي يبدو أن إقليدس اقتبسها من نفس المعطيات، ولكن العالم السومري المجهول برع بشكل لافت في شرح نظريته بطريقة تفوقت على إقليدس الذي أتي بعد تدوين العالم السومري لنظريته بما يقارب ال1700 عام !! (7)
فما لا يبدوا غريبا هنا هو تفوق العلوم السومرية في النظريات الهندسية. فقد يكون العالم السومري قد نقل علمه من حضارات سابقة كانت متطورة في الهندسة وبخاصة حساب المثلثات وهو ما يبدو جليا في تصميم الشكل الهرمي الذي انتشر بناؤه في حضارات العالم القديم في مواضع مختلفة وقارات مختلفة اشهرهم اهرامات الجيزة في مصر والزكورات في العراق وايضا اهرامات وزكورات حضارة المايا في امريكا اللاتينية.

...

قد تنتج مخيلتنا تصورات منافية للرواية التي تفرضها علينا الأنظمة التعليمية الحالية في أصل نشأة الحضارات، وهو ما قد يتفق فيها استنتاجنا مع ما ذكره السومريون أنفسهم. فقد ذكر السومريون في ألواحهم أنهم لم يتصوروا أنفسهم حديثي عهد بالحضارة، بل كانوا يعدون أنفسهم ورثاء ماض بعيد مجيد، وقد تخيلوا هذا الماضي البعيد على هيئة (عصر ذهبي)، كان السلام والوئام يسودان العالم، فلا خوف ولا حزن ولا بغضاء ولا حيوانات مفترسة تنازع الانسان البقاء بل كان الخير يعم الكون وكان (البشر بلسان واحد يمجدون إله واحد).!(8)

بعد ذكر تلك الصور الرائعة عن مجتمع سومر هل نعيد النظر في ما تفرضه علينا المؤسسات العلمية حاليا بنظريتها في تطور الحضارات أم نستمر معهم في تجريد الحضارة الإنسانية من جذورها الرائعه والغامضة؟


الهوامش
(1) شرح الحضارة في كتاب المقدمة لابن خلدون ((في مرحلة الحضارة يكون الناس قد بلغوا حالة زائدة على الضروري من احوال معاشهم تمكنهم من التفنن والترف وإحكام الصنائع المستعملة في وجوه الترف ومذاهبه من المطابخ والملابس والمباني والفرش وسائر عوائد المنزل واحواله، وما تستدعيه أصناف الصنائع المستعملة من القومة والمهرة فيها مع ما يسبغه تكرار هذه الصنائع على اتصال الايام من استحكام ورسوخ لها)) من كتاب المقدمة صفحة129،274،277،279
(2) من كتاب قصة الحضارة لويل ديورانت – الجزء الاول صفحة 3
(3) من مقدمة كتاب ملحمة جلجامش لطه باقر.
(4) ذكرت هذه القصه على لوح من الطين يرجع لفترة فجر السلالات في العراق القديم وقد يحدد زمن أحداثها في القرن ال26 قبل الميلاد في دولة اوروك ( الوركاء ) في الحضاره السومريه .وذكرها كتاب مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة للمؤرخ طه باقر.
(5) النمط الإنتاجي العبودي هو نظام انتاجي يعتمد على قوة عمل العبيد كمحرك رئيسي للعملية الانتاجية في فترات تاريخية في العصور القديمة حسب رؤية المفكر كارل ماركس الذي قسم تاريخ العالم متخذا من اوربا حقلا للتحليل وبنى على ذلك مبدأه لتقسيم التاريخ. فبدأ هذا التقسيم بالنمط المشاعي البدائي ثم النمط العبودي ثم الاقطاعي ثم الرأسمالية. انظر كتاب نقد الاقتصاد السياسي لاستاذي محمد عادل زكي صفحة 22. قد يكون لماركس عذر في هذه التقسيم لان اغلب ما ورد عن تنظيم الحضارات القديمة لم يظهر اثناء حياته وحسب تصوري فإن ماركس كان ليغير ذلك التقسيم إن اطلع على ما وردنا من مستجدات بعد فترات التنقيب الموسعه عن آثار الحضارات السومرية والمصرية القديمة في اواخر القرن التاسع عشر وأاوائل القرن العشرين.
(6) تشريعات حمورابي هي اقدم تشريع شامل عرفته البشرية حتى الان. جاءت بعد سلسلة طويلة من الشرائع السومرية والاكدية، يرجع تاريخ تدوينها للقرن الثامن عشر قبل الميلاد في بابل، وتحتوي على 282 مادة تشريعية تغطي كافة التعاملات في تلك المجمع. انظر كتاب تشريعات حمورابي للكاتب عبدالحكيم الذنون.
(7) نص النظرية كما وضعها اقليدس ( إذا انزل عمود في مثلث قائم الزاوية من زاويته القائمة على الوتر فإن المثلثين المحدثين على جانبي العمود يشابه كل منهما المثلث الكلي ويتشابهان كل منهما مع الاخر ) انظر كتاب مقدمه في تاريخ الحضارات القديمة لطه باقر صفحات 343،344،345،346 حيث يشرح فيها الكاتب كيف تفوق الرياضي العراقي القديم على اقليدس.
(8) رؤية السومريين عن ماضيهم مأخوذة من مقدمة كتاب ملحمة جلجامش للمؤرخ طه باقر بنفس النص تقريبا وقد يكون نقلها بنفس النص من كتاب الميثيولوجيا السومرية للمؤرخ صمويل كرومر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عقوبات أوروبية جديدة على إيران.. ما مدى فاعليتها؟| المسائية


.. اختيار أعضاء هيئة المحلفين الـ12 في محاكمة ترامب الجنائية في




.. قبل ساعات من هجوم أصفهان.. ماذا قال وزير خارجية إيران عن تصع


.. شد وجذب بين أميركا وإسرائيل بسبب ملف اجتياح رفح




.. معضلة #رفح وكيف ستخرج #إسرائيل منها؟ #وثائقيات_سكاي