الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حداد العوائل المحترمه في القرن التاسع عشر

ميسون البياتي

2017 / 4 / 12
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


متابعة عادات الناس وتقاليدهم وتغيرها مع الزمن يعطينا مؤشرات واضحه على تأثير بعض الأحداث على حياة الناس أو يعطينا مؤشرات واضحه على تأثير شكل حياة الناس في وقوع أحداث معينه بعينها

نتحدث اليوم عن حداد العوائل المحترمه في القرن التاسع عشر فنقول أننا كنا نتندر بأن بعض الجماعات الهندوسيه غرب الهند كانت تتبع عادة ( سُتي ) وهي إحراق الأرمله مع زوجها عند حرق جثته كرهاً من الزوجة أو طوعاً , وأن هذه العاده أصبحت غير قانونيه بل يعاقب عليها القانون الهندي منذ عام 1829 ولكن لو دخلنا الى أوربا في نفس تلك الفتره فسنشاهد عادات حداد تسمى ( عادات عوائل محترمه ) أي أن من لا تمارسها لا تستحق الإحترام , تكاد تقتل المرأه أو تسبب لها عاهة نفسيه , بينما نفس العائله ( المحترمه ) لا تلزم الرجل بالكثير للتعبير عن حزنه أو حداده عند وفاة زوجته ومع هذا يبقى محترماً

عند العوائل المحترمه اذا ماتت الزوجه فليس على الزوج غير حمل شريط أسود رفيع فوق ملابسه على زنده الأيسر ليخبر الناس أنه في حالة حداد , ومدة وضع هذا الشريط غير محدده , يقررها الزوج بنفسه ولا تزيد عن أسابيع

الطامه الكبرى تقع على رأس الزوجه حين يموت زوجها , وبغض النظر عما اذا كانت تحبه أم لا , أو أن العشرة إنتهت بينهما ولكنهما مجبران على الإستمرار لتحريم الطلاق , وبغض النظر عن كونها هي أيضاً إنسانه وحياتها من حقها ولا يجوز دفنها خلال حياتها لأن زوجها مات

يمر حداد الزوجه بثلاث مراحل هي : مرحلة الحداد العميق , مرحلة منتصف الحداد , مرحلة الحداد الأخيره

مرحلة الحداد العميق تبدأ من اليوم التالي بعد وفاة الزوج وتستمر عاماً كاملاً على المرأة أن تتشح فيها بالسواد من أعلى رأسها الى أخمص قدميها , مع تغطية وجهها بوشاح أسود ثقيل لاتكاد ترى من خلاله , تحرم عليها جميع أنواع الأقمشه الناعمه والحرير وأي شيء به جمال , كما يحرم عليها الخروج من البيت أو الإختلاط بالناس

بعد نهاية العام تدخل الأرمله في فترة منتصف الحداد وتستمر هذه الفتره من 9 أشهر الى سنه , تبقى خلالها متشحه بالسواد من الرأس حتى القدم ولكن يسمح لها بإرتداء الحرير أو الدانتيلا وقليل من الأناقه , مع تحريم المجوهرات أو المعادن كالذهب أو الفضه مهما كانت قطعاً صغيره

عند الدخول الى السنه الثالثه من الحداد تبدأ مرحلة الحداد الأخيره يسمح للأرمله فيها بملابس طويله , وطويلة الأكمام بألوان غامقه تقترب من السواد وبأقمشه ساده ( خاليه من الرسوم أو النقوش ) فإذا صح للأرملة الزواج مرة ثانيه فلا يجوز لها ذلك إلا بعد ان تمضي في مرحلة الحداد الأخيره 6 أشهر .. وإن لم تتزوج من جديد فعليها البقاء في مرحلة الحداد الأخيره الى نهاية حياتها

بدخول أوربا الى القرن العشرين ودخولها في الحربين العالميتين الأولى والثانيه ووقوع قتلى بالملايين , ومفقودين بمئات الآلاف , وشيوع الموت بشكل جماعي , ومقابل كل موت كانت توجد حالة حداد , ومقابل كل فقد كانت توجد حالة حيرة وتوجع , كما أن خلو البيوت من الرجال دفع آلاف النساء للخروج من بيوتهن لكسب معيشتهن ومعيشة أطفالهن , كل هذه العوامل جعلت الموت لم يعد مهماً مثلما كان , وسلبته الكثير من الطقوس والعادات المصاحبه له , حتى أصبح اليوم كما نراه حولنا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - عادات شبه مندثرة
الرصافي ( 2017 / 4 / 12 - 21:18 )
عندما تحصل الحروب فبطبيعة الحال تحصل خسائر في الارواح حسب مستوى والمدة الزمنية لها ويذلك تتراكم الاحزان لكثرة الضحايا ويقل درجة الاهتمام بالحداد لان الناس ينتظرون موتى جدد وايام حداد اخرى مقبلة وبذلك يقل الحزن ايصا بشكل نسبي ويقل ايام الحداد لما يفرضه الواقع الساخن ولكن طالما ذكرتي الاجواء والمجتمعات الاوربية في ظل الحروب وركزتي عليها فماذا يسمون هم ضحايا الحروب من الجنود والمقاتلين انا اعتقد انه يسمونه مجرد قتيل في الحرب بينما لدينا في المجتمعات الاسلامية يسمونه ( شهيد ) لكلا الطرفين المسلمين المحاربين ولمختلف الديانات فايها الصح ..مع الشكر والتقدير للسيدة الكاتبة ..


2 - رد الكاتبه
ميسون بياتي ( 2017 / 4 / 13 - 01:30 )
سيدي الفاضل .. في كل الأحوال من يسقط في الحرب هو قتيل , في مجتمعاتنا الإسلاميه وهي مجتمعات قسريه كما تعرف , لا يتدخل المسلم في حياة أخيه المسلم فقط , لكنه يتدخل حتى في مشيئة الله , وخذ عندك أمثله كثيره على حروب إسلاميه _ إسلاميه يكون فيها قتلانا شهداء وقتلاهم في النار .. كون القتيل شهيد أم غير شهيد لها إعتبارات وحده الخالق جل وعلا من يقدرها , اما البشر وهم يقررون بمحض إرادتهم إرسال من يشاؤون الى الجنة والنار فهذا تخرص ومحض افتراء


3 - لا قيمة لحياة المرأة إلا للخدمة والإنجاب
ليندا كبرييل ( 2017 / 4 / 13 - 07:24 )
الأستاذة القديرة ميسون البياتي

تابعت مقالاتك الرائعة عن الموسيقيين العالميين فشكرا لك
وأتابعك فيما يتعلق بالشأن العام

ما أعرفه أن المرأة في بلدي(سوريا)حتى وقت قريب كانت بالفعل تظل لمدة سنة في حالة حداد عميق ولكن دون تغطية وجهها بوشاح ثقيل
لا تشاهد التلفزيون ولا تزور الناس
تضع على رأسها جرن كبّة و(تنقبر)في بيتها بإشراف(النكاشات)بنات حماها

في السنة الثانية تبادر الأخت الكبرى للزوج الميت بشراء جرابات نايلون بيج،ويسمح بمشاهدة التلفزيون بصوت منخفض والتزاور مع الأقارب لحاجة ماسة
وتبدأ ب(فكّ الحزن)على ست ميت مهلها

جارتنا ظلت في حداد على ابنها الشاب أكثر من عشر سنوات،لا تلفزيون ولا ضيوف ولا فرح

من فترة قريبة أصبح الحزن سنة زمان ثم من ثلاثين سنة أو أكثر قليلا بدأت المرأة تلبس الأسود لمدة 40 يوما وبعضهن 3 شهور ومن(تغالي)في حزنها تبقى في السواد 6 شهور

وفي المدينة أصبحت المرأة تخجل من البكاء فتخفي عيونها بالنظارة السوداء كأنها ناديا لطفي حتى لا تظهر عيونها المنتفخة من البكاء وتذهب إلى الحلاق لترتيب شعرها مع ماكياج خفيف على وجهها

أما القروية فما زالت مقبورة على العادة القديمة

تحية وسلاما


4 - العادات تتغير
ميسون بياتي ( 2017 / 4 / 14 - 07:50 )
لا يمكن ان يبقى المجتمع على حاله والأمور تتغير بإستمرار من وقت لآخر غير أن مجتمعاتنا جائرة بحق النساء في كل شيء, وليس في مراسم الحزن والفرح وحدها .. تقبلي الشكر لمرورك وتعليقك

اخر الافلام

.. منظمة سارا تطالب بوقف الانتهاكات الممارسة بحق النساء ومحاسبة


.. -لن نتراجع عن احتجاجنا ما دامت مطالبنا لم تتحقق بعد-




.. استشهاد امرأة وإصابة آخرين بقصف إسرائيلي على منزل بحي السلام


.. الإهمال والتمييز يفاقم معاناة نساء غزة




.. إحدى النازحات في أماكن اللجوء ذكريات المعصوابي