الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدراسات الثقافية والتغيير المجتمعيّ

أدهم مسعود القاق

2017 / 4 / 14
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


• الدراسات الثقافية والتغيير المجتمعيّ
من جملة أهداف الدراسات الثقافيّة استقراء الممارسات الثقافيّة وعلاقتها بالسلطة وبالثقافات الفرعيّة، وبتحليل السياقات السياسية والاجتماعية التي تتخذها الثقافة وتتفاعل معها، كما تربط جهودها بمشروع سياسي أكبر وأكثر تقدميّة، إذ إنّها توفّق بين المعرفة الثقافية للواقع والأشكال الموضوعية للمعرفة، وبذلك فهي تلتزم بـ: "تقويم المجتمع الحديث وتَتبَنْي خطًّا راديكاليًّا (تغييريًّا) في العمل السياسي" وبناء عليه، فهي تقوم على كشف العيوب النسقيّة المضلّلة لوعي البشر وسلوكهم وتعريّة علامات الذكوريّة فيها، وتفضح تكرار شروط نسقية النصوص الثقافيّة السائدة، التي تمجّد الذات، وتنكر الآخر، كما تدعو إلى التمرد على العمى الثقافيّ الملازم للنقد الأدبي المتسمة به ثقافة النسق التي يتمّ التعبير عنها إذعانًا لمفاهيم وتصورات ترسّخت في الفكر منذ أزمنة ماضيّة، تتعلق بالنحننية وبالذات الأنانيّة المتعاظمة والهيمنة التسلّطية، وبالذكورية التي تحقّر الأنوثة وتضطهدها، وبشعرية الثقافة التي تجرّد اللغة من دورها الاجتماعيّ الفاعل باتجاه التغيير، إضافة إلى أنّ ثقافة النسق تزيّف الخطاب باتجاه تصنيع الطاغية، فـ: "الأدبي هو الخطاب الذي قررته المؤسسة الثقافيّة حسب ما توارثته من مواصفات بلاغيّة وجماليّة قديمة وحديثة" حيث: "لا مكان للمعارضة أو مخالفة الرأيّ، والآخر دائمًا قيمة ملغيّة" ، أمّا النقد الثقافي بصفته أداة الدراسات الثقافيّة فيركّز على تحليل السياسة والفكر والآثار والممارسات الخطابيّة للغة والنصوص في سياقها الاجتماعيّ، مغايرًا فهم طرق وتوجّهات النقد الأدبي الذي يهتمّ بالجوانب الفنيّة والجمالية للنصوص كالمجاز والاستعارات والصور الفنيّة وتحليلها من موقع التعالي على شروط الواقع والمنطق، مما أفضى بالأمر إلى انهدام بنيان المذاهب والمدارس الفنية والأدبية المتماسك، وترافق ذلك مع نزوع الفرد للتخلّص من هيمنة الجماعة الحاملة لهوية ثقافية والمعبّر عنها بفكر أيديولوجي، مما آل إلى تلاشي القوالب الذهنية والقيمية التي فرضتها الحركات المغيّرة لدروب التاريخ استجابة لإيديولوجيا شاملة، ثمّ أفسح المجال لتلاشي التخوم بين الأجناس الأدبية إلى أن: "أصبح التبادل في التقنيات الفنية والجمالية يتمّ من حقل أدبي إلى حقل آخر مجاور ليغدو من مقتنياته، أو جزءًا من نسيجه وآلياته" ، إضافة إلى وقوف النقد الثقافي على مسافة واحدة من كل الفعاليات المؤثّرة بتكوين حالات وعيّ بهدف امتلاك البشر لمصيرهم.
وبناء على ما سبق فالنقد الثقافي يقوم على تحويل النصوص إلى موضوع نقاش متناولًا الأنساق الثقافيّة التي تخلّفها في المجتمع، حيث يتفاعل فيه المرسل والرسالة مع الاستجابة والتلقي، ولا يكتفي بالنصوص المكتوبة، بل يعدّ كل حيثيات الواقع نصًّا ثقافيًّا معنيًّا بالحياة البشرية المعيشة التي تتأثر بالطبقات الاجتماعية والإثنيات والسياسة والإيديولوجيا والطوائف الدينية وغيرها؛ وهذا ما يفسّر كيف تتعايش الثقافة مع الواقع الاجتماعيّ، وتحاول أن تنظّم الحياة البشرية المعيشة بين الناس، وتوجّه الصراعات داخلها.
إنّ الثقافة بهذا المعنى هي: "منظومة معتقدات وممارسات لمجموعة من البشر تتفهم وتبني وتنظّم من خلالها حياتها الفرديّة والجماعيّة" والتي تعمل وتشرف على: "طرق العيش والتفكير الجماعيّين وعلى أشكال وأساليب تنظيم الوقت والفضاء، الشىء الذي يتضمن اللغة، الدين، البنى الأسرية، طرق بناء المنازل، الأدوات، طرق تناول الطعام، وارتداء الملابس" ساعيّة إلى توجيه سلوك الناس باتجاهات أكثر رحمة وتسامحًا وإنسانيّة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الأمريكية تعتقل عشرات اليهود الداعمين لغزة في نيويورك


.. عقيل عباس: حماس والإخوان يريدون إنهاء اتفاقات السلام بين إسر




.. 90-Al-Baqarah


.. مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى وسلطات الاحتلال تغلق ا




.. المقاومة الإسلامية في لبنان تكثف من عملياتهاعلى جبهة الإسناد