الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شاعر الحكم محمد داود

رائد الحواري

2017 / 4 / 14
الادب والفن



عندما يستخدم الشاعر/الكاتب مقولات مختزلة في نصه، يكون قد وضع أمامنا خلاصة تجربته في الحياة، وقدمها لنا بكلمات أدبية راقية، مما يجعل المعنى وشكل تقديم الفكرة يسهمان في إيصال ما يريده الكاتب/الشاعر.
ما يميز "محمد داود" عن سواه أنه يستخدم الحكم والأقوال البليغة في شعره بكثره، وهذا يشير إلى نضوج الفكرة عنده، وأيضا قدرته على صياغتها من خلال القصائد الشعرية.
العصر وما فيه من متقلبات في المفاهيم الإنسانية، وحجم الضغط الواقع على كاهل الإنسان العربي عامة، يفرض ذاته على الشعراء والكتاب، مما يجعلهم يشعرون بأن هناك انحراف وتهديد للقيم والمثل التي تعد أحدى أهم ركائز المجتمع والإنسان، من هنا نجد هؤلاء النبلاء، أصحاب الفكرة والأخلاق لا يستطيعون أن يكونوا من المتفرجين/المشاهدين، فهناك حافز/قوة تدفعهم نحو العمل لمواجهة هذه التغييرات السلبية.
اعتقد أن توجيه كلام مباشر وصريح للجمهور غير مرغوب فيه، ودائما المتلقي يرغب في النص الذي يجد فيه حافز للتفكير والتأمل، لكن شاعرنا "محمد داود" استخدم شكل/طريقة أخرى لإيصال فكرته/رؤيته لنا، من خلال جمالية القصيدة، ورقة اللغة، ودقة التصوير الفني، كل هذا جعل من نصائحه، حكمه، أقواله البليغة مقبولة وتصل بسهولة وانسيابية للمتلقي.
فاتحة القصيدة كانت:
" وجبت الأرض أطوي بالفيافي
......... عرفت الناس في جهر وخافي"
فهو هنا يتماثل مع "جلجامش" الذي رأى كل شيء، ووصل إلى تخوم الدنيا، وهذه الفاتحة تجعل المتلقي يتجه نحو هذا العارف الذي يرتبط/يتماثل مع بطل الملحمة السومرية.
دوافع الشاعر نحو تقديم هذه الحكم، تأتي بسبب:
" فخير الخلق من نصح البرايا
........... وخير الشعر موفور القوافي"
فهو صاحب رسالة، وينتمي لمجتمعه، لهذا نجده يدفع لنا بما استخلصه من الحياة.
الرؤية الثانية للشاعر جاءت مرتبطة بالشعر، فعل للشعر رسالة سامية لا تختلف عن أي رسالة إنسانية أخرى:
" وشر الناس من ركب الخطايا
............ وشر الشعر ما خلق التجافي
وسوء الناس من هم كالمطايا
......... وسوء الشعر ما سرق التصافي"
وهنا تكمن جمالية وابداع الشاعر، فهو يربط بين سلوك إنساني راقي ـ كتابة الشعر ـ الذي يحتاج إلى قدرات وموهبة ، وبين الأخلاق التي يستطيع أي كان ممارستها، وهذا الجمع بين السلوك العادي والابداع الشعري يعطي دلالة على الالتزام الكامن عند الشاعر.
التصدي لهذا السلوك الشائن يكون من خلال هذا النهج:
" فكن للناس كالدرع الحصين
........... تكن بالحب محظوظ القطاف"
إذا ما توقفنا عند هذا المقطع نجد الشاعر يتماثل بقوله مع ما جاء به الرسل والانبياء، وكأنه يكمل ما بدأوه.
لهذا نجده يقرن قوله بالأخلاق الدينية التي يحملها:
" وليس الله يغفر في التمادي
............... ولو أحسنت حجا بالطواف"



يختم الشاعر قوله بهذا المقطع:
..........." تكن بالحب محظوظ القطاف
وليس الله يغفر في التمادي"
الحب، هو المفتاح/الحل لكل مشاكلنا، وهو الأداة الناجحة لتخلص من كل السلبيات، فهذا التسامح وهو سمة إنسانية، مقبولة من كافة البشر، ومثل هذه الخاتمة تؤكد البعد الإنساني للقصيدة، وهي من تجعلنا نشعر بأننا أمام طرح هادئ ومسالم بعيد عن العنف والقسوة.
وجبت الأرض أطوي بالفيافي
......... عرفت الناس في جهر وخافي
فخير الخلق من نصح البرايا
........... وخير الشعر موفور القوافي
وشر الناس من ركب الخطايا
............ وشر الشعر ما خلق التجافي
وسوء الناس من هم كالمطايا
......... وسوء الشعر ما سرق التصافي
فكن للناس كالدرع الحصين
........... تكن بالحب محظوظ القطاف
وليس الله يغفر في التمادي
............... ولو أحسنت حجا بالطواف
وبعض الناس يؤذي كل حي
.............. تراه النصل مسنون الحواف
وبئس الطهر في سوء النوايا
.................... تراه الله علام الخوافي
فعش للحب تسكن بالحنايا
.............. بعمق القلب تسكن بالشغاف








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تكريم إلهام شاهين في مهرجان هوليود للفيلم العربي


.. رسميًا.. طرح فيلم السرب فى دور العرض يوم 1 مايو المقبل




.. كل الزوايا - -شرق 12- فيلم مصري يشارك في مسابقة أسبوع المخرج


.. الفيلم اللبنانى المصرى أرزة يشارك فى مهرجان ترايبيكا السينما




.. حلقة #زمن لهذا الأسبوع مليئة بالحكايات والمواضيع المهمة مع ا