الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تبّاً لزمن يضطرّ فيه جلال زنكَابادي إلى عرض مكتبته وداره للبيع !

صادق المولائي

2017 / 4 / 14
الصحافة والاعلام


تبّاً لزمن يضطرّ فيه جلال زنكَابادي إلى عرض مكتبته وداره للبيع !

بقلم/ صادق المولائي

أقل ما يُقال عن زنكَابادي : إنّه شاعر مبدع، باحث قدير في الأدب، ومترجم عن بضع لغات، ومعلّم وصحفي طوال عقود، ولنا في صفحته الفيسيّة الشبيهة بمجلّة ثقافيّة تنويريّة أقرب دليل، إضافة الى خلقه الرفيع بما فيه تواضعه الجم وزهده في المديح وأضواء الشهرة النجوميّة، و قلبه العليل الذي يسع ما لا تسع له قلوب الأصحاء! إنّه ينبوع ثقافي دفّاق باللغتين الكردية والعربية، ويعد من أبرز أعلام الكرد ذوي الجذور الفيلية، رفقته لا تُثمّن، حديثه لا يُمل، وأعماله ثروة ثقافيّة مشهودة، لكنّه برغم رصيده الثقافي الكبير البالغ قرابة 30 كتاباً، ومئات المقالات والدراسات والترجمات في اللغتين العربيّة والكرديّة، التي أثرى بها الثقافات: العربيّة والكرديّة والتركمانيّة والآشورية عبر أكثر من أربعة عقود، لم يحظ بأيّ اهتمام، بل لم يحصل حتى على وثائق المواطنة الإعتياديّة (هويّة الأحوال المدنيّة وشهادة الجنسيّة العراقيّة وجواز السفر) في إقليم كردستان، رغم إقامته في أربيل منذ سنة 1983 ناهيكم عن عدم تعويضه عن داره التي دمّرها العفالقة الفاشست أثناء الأنفال، حيث كان معلّماً في قرية سركاريز جنوبي أربيل ! وهكذا ظلّ الأديب جلال زنكابادي مهمّشاً تتقاذفه الظروف القاهرة؛ فقد قضى 17 سنة معلّماً مبعداً وشبه مبعد في القرى البعيدة والنائية في محافظتيّ كركوك وديالى. ومع ذلك لم يتخلَّ ولم يتوانَ عن نضاله الثقافي لإغناء ثقافة أمّتنا الكرديّة والدفاع عن هويّتنا القوميّة وحقنا المشروع في استقلال وطننا كردستان.

ومن سوء الأقدار إنهالت عليه بضع مصائب خلال العقدين الأخيرين: إصابته بالصمم أثناء الإحتراب الأخوي، حادث سير مريع لإحد أبنائه، إصابة أم أولاده بالسرطان ونجاتها بثلاث عمليّات، إصابته بجلطة قلبيّة ونجاته بعمليّة كبرى، إصابة إبن شاب له بالسرطان ووفاته، واضطرار ابنه الأكبر إلى الهجرة مع عائلته لإصابة زوجته بمرض عضال يتعذر علاجه هنا، وأخيراً وليس آخراً إصابة عينيه بخلل.

ومن البداهة أن تلازم الفاقة أديباً مستقلاً نزيهاً مثل جلال زنكَابادي في زمن سيادة المحاصصات السياسية والمحسوبية والمنسوبية، ولأن ظروفه القاهرة تفاقمت بسبب تداعيّات السياسة والحرب وإفرازاتهما الوخيمة، فقد أضطرّ إلى عرض دارهم وغالبيّة كتب مكتبته للبيع، لتدبير معيشة عائلته ولو إلى حين من الزمن.

وفي زيارتي الأخيرة له وجدته كئيباً كاسف البال في مكتبته العامرة التي إقتنى كتبها خلال أكثر من نصف قرن، وقلت له متألّماً : - حرام تبيع هذه الكتب النفيسة، فقال: "لولا عون المثقفين الطيّبين المحسنين لإنقرضنا منذ بضع سنوات! هذا قدري لأنني إخترت البقاء في وطني وعالم الثقافة، ولم أهاجر إلى أوربا رغم بضع فرص ذهبيّة متاحة". وأضاف " ليست حالتي إستثنائيّة، فثمّة حالات مثقفين كثيرين قد توجد بينها ما هي أسوأ من حالتي، بل هنا وهنا الآلاف ضحّوا ومازالوا يضحّون بأرواحهم الزكيّة في سبيل كردستان". تبّاً لهذا الزمن، فهذا حال الأدباء والكتاب والفنانين والعلماء في غياب رعاية المؤسسات الثقافية الحكومية. لقد طال الظُلم معظم المثقفين النزيهين الشرفاء في ظل الحكومات المتعاقبة في العراق؛ حيث كانت الفاقة تلازمهم مع التهميش والإقصاء والتغييب، إضافةً إلى الملاحقة والمطاردة الأمنية، والإعتقالات والسجن والإعدامات والإغتيالات. فإلى متى يسود الإهمال والتهميش العقول المبدعة النيرة، بينما ينال الفاسد المفسد المنصب والمال والجاه، ويعيش في رغد ونعيم، ويتسبب في خراب ودمار البلاد والعباد؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استقطاب طلابي في الجامعات الأمريكية بين مؤيد لغزة ومناهض لمع


.. العملية البرية الإسرائيلية في رفح قد تستغرق 6 أسابيع ومسؤولو




.. حزب الله اللبناني استهداف مبنى يتواجد فيه جنود إسرائيليون في


.. مجلس الجامعة العربية يبحث الانتهاكات الإسرائيلية في غزة والض




.. أوكرانيا.. انفراجة في الدعم الغربي | #الظهيرة