الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


افول الماركسية - الايديولوجيات : من 1968 حتى اليوم (2)

موسى راكان موسى

2017 / 4 / 14
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية




الذات الثورية الجديدة (ص 15 ـ 18 ) :


كان نص لين بياو هذا و كتابات ماو التي ارتكز إليها ، المصدر الذي استقى منه هيوبرمان و سويزي الخطوط الكبرى لتحليلهما . و من الجهتين ، كانت تجري عملية قراءة و تفسير جريئة و جذرية تماما (راديكالية) للماركسية . لم تعد الطبقة العاملة ، بروليتاريا المصنع هي (( الذات الثورية )) الفاعل الثوري الواعي . لقد انتقل مركز الثورة من البلدان الصناعية إلى البلدان المتخلفة و هو قد ولّد بانتقاله هذا (( ذاتا ثورية جديدة )) : الفلاحون ، العوام الريفيون : و هي ذات لم تكن فقط غريبة عن تراث الماركسية و إنما أيضا و أكثر من ذلك فإن الماركسية (الكلاسيكية) غالبا ما وقفت منها موقف العداء .


إن الأفكار القديمة قد بدأت تظهر بمظهر التخلف و التأخر عن الزمن ... إن تاريخ التقدم الإنساني و هو الذي كان يقدم على الدوام على أساس أنه يتمحور حول المدن ، قد جرى لي عنقه بعنف شديد ، إلى حد تغيير و قلب معناه و مجراه . و أصبح من البداهة القول بأنه كان على التطور و التقدم العالميين أن يتأسسا و ينطلقا من المناطق الفلاحية المتخلفة .


هذا الكلام الجديد ، أو العنصر الجديد في التحليل ، كان يبرز فجأة ، و يتكرر بقوة ، و لو عبر أشكال متحفظة و صياغات منضبطة ، و أحيانا بشاعرية رقيقة ، من بين أسطر و صفحات لين بياو . لقد كان لين بياو لا يشبع من إعادة التذكير بأن (( المشكلة الفلاحية هي مشكلة شديدة الأهمية في كل المناطق المتخلفة )) . بل كان يذهب أبعد من ذلك بكثير حين يقول بأن (( الريف هو العالم بدون حدود ، حيث تستطيع الثورات أن تؤثر بحرية مطلقة . وحده الريف هو القاعدة الثورية التي يستطيع الثوريون أنطلاقا منها قيادة خطواتهم نحو النصر النهائي )) .


إن هذا التوجه كان محاولة لقراءة (أو التفكير في) الماركسية بطريقة مختلفة جذريا ، و بإجراء تحويل أو تغيير عميق فيها يتمحور حول تغيير (( الذات الثورية )) . و ليس من قبيل الصدفة أن يجري التطرق إلى هذه الموضوعة من قبل سويزي في العدد الخاص من مجلة مونتلي ريفيو المكرّس لمئوية رأس المال . إن المقال يبدأ بالتذكير في كيف أنه بالنسبة للكثيرين (و من ضمنهم الماركسيين) كانت نظرية ماركس القائلة بأن البروليتاريا الصناعية هي (( العامل الثوري )) ، تبدو على أنها النقطة الأضعف في مجمل النظام (الفكري السياسي الماركسي) . و يعيد سويزي التذكير بأن النقاد قد أشاروا إلى أن البروليتاريا الانكليزية و الأوروبية الغربية و هي التي كان ماركس يعتبرها طليعة الحركة الثورية العالمية ، قد أصبحت في الحقيقة قوة إصلاحية تساهم ، في الواقع ، بتقوية الرأسمالية حيث أنها تقبل فرضياتها و أسسها . و كان النقاد لاحظوا عن حق ، بأن بروليتاريا البلد الأكثر تقدما و قوة و عظمة ، الولايات المتحدة الأمريكية ، لم تنتج أبدا حركات أو مجموعات ثورية قائدة ذات أهمية ما .


لم يكن سويزي ليظن أن من واجبه استخلاص النتيجة المنطقية و هي أن تحليل ماركس كان خاطئا . بل على العكس فإنه كان يعتقد بأنه ينبغي تحديد الخصوصية التاريخية لنظرية (( الذات الثورية )) من ضمن إطار التحليل نفسه .


و قد لاحظ سويزي بأن ماركس كان يعتقد بأن البروليتاريا لم تكن قوة ثورية (( بحد ذاتها )) ، أو منذ ولادتها ، (أي (( ذاتا ثورية )) منذ نشوئها) . فهي قد اكتسبت هذه الصفة في لحظة معينة من التطور الرأسمالي . و خلال مرحلة (( المانيفكتورة )) ، حين كانت الرأسمالية (( محافظة )) في التكنولوجيا ، فإن الطبقة العاملة ، لم تقدم أي دليل على ديناميتها و حركيتها .


إن اتجاهاتها الثورية قد تطورت لاحقا ، في مرحلة المكننة حين بدأ رأس المال في إحداث انقلاب و تغيير جذريين (بفضل اختراعاته و تجديداته التكنولوجية المتواصلة) في قواعد الانتاج نفسه . إن التماهي الماركسي بين الطبقة العاملة و (( الذات الثورية )) يعود إلى سمات هذه المرحلة بالذات .


غير أنه ، و في مرحلة لاحقة ، أي في مرحلة المشاريع و المؤسسات الضخمة ، مرحلة الاتمتة (التألية : أي إحلال الآلة محل الإنسان) ، تغيّر الوضع مجددا . و نحن نشهد حاليا انخفاضا قويا في نسبة (( الياقات الزرق )) إضافة إلى الانخفاض الواضح في وزنهم النسبي ضمن مجمل قوى العمل . و بالمقابل فإن فئات العمال في قطاعات التوزيع و الخدمات تتكاثر و تنتشر . و إذا أضفنا إلى ذلك كله الزيادات الفعلية في الأجور (و هي هامة إلى حد ما) و التي حصل عليها العمال خلال نفس الفترة ، نستطيع أن نفسر (( الاندماج )) شبه التام نوعا ما ، للطبقة العاملة في البلدان الصناعية الغربية .


إن المخرج النظري الذي اقترحه سويزي تمثل في توسيع أو تعميم التحليل الماركسي ليشمل الوضع العالمي برمته بحيث يظهر التقدم و التخلف على أنهما الوجهان المتعارضان و لكن المتكاملان لنفس العملة . و هذا المخرج يقوم على اعتبار أن الاستغلال الامبريالي يأتي بالثروة إلى البلدان الصناعية و يسمح لها بزيادة و تحسين مستوى معيشة طبقاتها الكادحة . و لكنه ، و في الوقت نفسه ، و للسبب ذاته ، يُحدث فقرا و بؤسا متزايدين للأغلبية الساحقة من العمال في البلدان التابعة . و حينذاك تصبح جماهير هذه البلدان ذاتا أو أداة للتغيير الثوري ، أي بالتحديد وفق نفس المعنى الذي أعطاه ماركس للبروليتاريا الصناعية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - يبدو ان الكاتب لا يعرف ماركس ولنين
زينة محمد ( 2017 / 4 / 14 - 15:31 )
تشعر وانت تقرا لهذا الكاتب رغبته في التركيز على ذاته من خلال طرح أفكار متناقضة وصادمة مثل -افول الماركسية- وغيرها من طروحات متسرعة و لاتنم عن فهم للماركسية اللينينة! لينين ركز على دور الشعوب في البلدان المستعمرة في الثورة على الامبريالية وعلى دور الفلاحين في العبور للشيوعية ولكن لم يلغي الدورالقيادي للبروليتاريا المنتج الرئيسي للقيمة في النظام الرأسمالي، فالثروات الطبيعية ليس لها قيمة بدون قوى عمل البروليتاريا! والبروليتاريا هي الطبقة الثورية ليست لانها الاكثر فقراً وبؤساً!


2 - البروليتاريا الإنجليزية
فاخر فاخر ( 2017 / 4 / 14 - 17:21 )
البروليتاريا الإنجليزية لم توكل أحدا ليعلن قبولها بالنظام الرأسمالي وكانت أكبر معاركهاحوالي نصف مليون عامل بقيادة النقابي آرثر سكارجل في الثمانينيات ضد النظام الرأسمالي تقوده
الحاقدة الحمقاء مرغريت ثاتشر يساعدها البوليس السري والمخابرات والحكومة السوفياتية آنذاك وقد نزل بطبقة البروليتاريت البريطانية أكبر هزيمة ما زالت تعاني منها حنى اليوم
الماركسية إن هي إلا قراءة التاريخ قراءة علمية وموضوعية والقول بأفول الماركسية وفشلها لا يعني سوى قراءة التاريخ قراءة منحازة وشخصية
ثمة خطاب متلفز لماوتسي تونغ ولعله في بداية الخمسينيات يقول فيه أن الثورة في الصين هي الإبنة الشرعية لستالين وهذا أمر لا يعتوره أدنى شك
الذين يمنون أنفسهم بفشل وبأفول الماركسية سيعبرهم قطار التاريخ دون أن يلتفت إليهم من في القطار

اخر الافلام

.. Triangle of Love - To Your Left: Palestine | مثلث الحب: حكام


.. لطخوا وجوههم بالأحمر.. وقفة احتجاجية لعائلات الرهائن الإسرائ




.. الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا


.. الشرطة الأميركية تعتقل عدة متظاهرين في جامعة تكساس




.. ماهر الأحدب: عمليات التجميل لم تكن معروفة وكانت حكرا على الم