الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عصام العلي : شاعر بذاكرة سمكة

مقداد مسعود

2017 / 4 / 15
الادب والفن





عصام العلي : شاعر بذاكرة سمكة ..
مقداد مسعود
الورقة المشاركة في أمسية أقامها منتدى أديبات البصرة للشاعر عصام العلى في مبنى اتحاد الأدباء
12/ 4/ 2017

نماذج من قصائد عصام العلي

( سياط )
من سيموت اولاً
الناسُ هنا .. شرطُ السكين
فالحلم ضياع
والكرامة بين كومة الذل استيقاظ
نسينا اسم الطاغية المعتاد
ولم نتذكر شعب الطاغية المتكرر
فبقينا...
بين السياط بظهورِنا الملونة !

********
( وطن غائم )
هو ..
وطنٌ غائم - على طول امتداد الخليقة
لم يمطرْ يوماً - سوى - بذلة عسكرية
وعباءة لأمي / تشبه -غراباً
ناهز عمرها - الآن -
ضياعاً ( قبل الميلاد ) !

****^^^^^^^
( مرآة )


و أنت تكسرُ ( المرآة )
لتُخفيَ تجاعيدك
لا تخبرها
عن ندمك ..
و ادفنْ ..
شظاياها
فهي تحفظُ ملامحك جيداً !

***********

( حفلة القصب )

أيها الحالمون بالهذيان
المتسولة .. المُشرَّدة
تناقصتْ أصابعها مِن طرق الباب
المتأخر بالرغيف
فهي
لا تأبهُ لحفلةِ القصبِ الاخضر
فمازالتْ تنامُ على رصيفٍ
قد .. مرّ سيلُ النفطِ بجانبه
ولم يغسل جوعها يوماً !!

**********
( المثل السائد )

لا ترمِ عصفورَينِ
بحجر !
بل
( بالحجر ) إبنِ بيتاً يأوينا

او عُشاً يأوي ( العصفورَينِ

*******
( ذاكرة السمك )

ليتني أفقدُ
ذاكرتي
بعد كلِّ ألم ..
فأمشي
بذاكرةِ سمكةٍ
ساذجة
تحيا
وتنسى أسماء
الصيادين
الذين
اصطادوا أخواتها !

---------------

‎شرف سياسي )

من الاجوبة مندهشاً
كان سؤاله هذه المرة
كم تساوي بذلة حاكمنا الرحيم
براءة
كانت تبحث عن وجبة غداء
بين سلات النفايات
قائلةً وهي تصرخ :
تساوي
‎مئة الف طفلٍ جائع

******************

( ضياعان )


اضعتك‏ بحثت عنك
جمعتك
ضعتِ كالماء خانته ثقوب الاصابع


( وجعٌ .. مكرر )

أنا ..الآن .. في اليوم الثالث من القبر
كبرتُ - مُذْ أن قالوا ( البقاء لله )
صار عمري وقتها - مئة وعشرين
عاماً
أصبحتُ أكبر منكِ سناً.. اُماه
حمامة - أنتِ كإبنتي
على صدري - ننتشلُ أوجاعنا بالشوق ..
اما الآن - ظَهركِ بلا سرير
أيها اللحد - إتسع
وعرِّج على خصرها الشفيف
لامسه - بأطرافك
إنتظرْ .. ( فالحيرة تختزلُ العُمر )
هل سيأكلُ الدود ..فمها
ويقصُّ أظافرها - التي اُقلِّمها
آهٍ .. من الظلمة تُحاوطُ - الكفن الأبيض
كفى حيرة ..!
لن أبنيَ القبر
فالتراب يكفي
سأنتظر المطر .. ليغسل
وجهك الجميل
اِذن .. تهيئي للزفاف ..
لأظلَّ .. هنا
تائهاً
بين جدران .. العزاء !!
*************^
...( الوقاحةُ ..) أن تُهيلَ التراب ( بيدك ) على
( اُمٍ )
ترفعُ ( يدها ) لأجلك
في الصلاة !!
********************
( حماقة )
الاستمرار في القلق
صراع مؤجل في الذاكرة ..
واسقاط الحجر من منصة الحظ
يحرك مياه الهدوء .
أبي لم يُعَلِمني الكسل
علمني النوم مبكراً دون- تفكير !
ان استمع للناس من وراء حجاب
وأرسُمَ الشوارع مُجانباً.. السجائر
رغم انه كان - دخاناً في ليل -
يبتسم كثيراً .. حين انحني
لأُسلِّمَ على الجالسين
الكُثُر ..
نسي أن القوس المنحني - يشعل الحروب
في ذواتنا قلق مفاجىء.. للثورة ..
فالآخرون -- يحسنون ارتداء الكرامة --
رغم احترام ( الخديعة )
يظلُّ القلق يعيش في - قلق
مع سبق الاصرار وحماقة الترصد !
*******************
( وطنٌ يدعى عوَّاد )

فرح الكومبارس عوَّاد
كي يعطى دوراً
في فيلمْ

فالامنيةُ باتت حُلمْ
..

رأى حوله النص يدور.

كلُّ الحدث يدور باسمهْ.
مبتسماً بملامحِ .. رسمهْ

حالماً أتى .. يتحرى القصة.
فهناك رأى مخرجَ .. فيلمهْ

رحّب بفنانٍ .. واعد

ماذا عن دوري استاذ؟

كل الدور ليَّ
ولكن .. لم اقرأ
نصاً وحواراً !!

قال:
انت الدورُ الاكبر
فيه

قلت:
ولكن !!
اين حواري ..

ايُّ حوار
يا عواد !!

قد اعطيناك
دور الجثة !!

****************
( جاري البحث )

وأنتَ تبحثُ عن أشلاءِ - صبِيتك
خذ دُميتها الشَّقراء
واِمسح خدَّيْها بالعطر
كأجنحة الطير - - ستأتي إليك
و قاوم يومئذٍ اللقاء ..

**************

( دموع التماثيل )

رصاصة آمنة في العنق
و غبارٌ على سترتهِ - و - مطر
و بويب الصغير يبكي - كالصبي دون جدوى
فالصغار - مذنبون دائماً -
لم تأت - أزقتُنا اللاهية ..
وابنك - المغترب لم يأتِ ..
كأبيك التمثال - و ( أبيك )
هو ، يشعرُ بالبرد الآن ، كما كان يشعرُ في منفاه !
مرتجفاً من الليل -
- فالبردُ اهونُ من حرقة البارود !
أيها السائقُ للرصاص .. أرحْ أصابعَك
فالتمثال - سيحتضر منتبهاً - ليموتَ للمرة الاولى على يد مدينة مصابة بالزكام !
-1-
حَنجرةُ السماء - رعد
والبرقُ - شريان مجنون
و الغيمةُ -- بكتْ / على أرضٍ
تُخبُّىء المناديل !

الضوء الشديد
أعتى - من الظلمة
فالظلام سكون ..
- يحدق الى - ضجيج .. يسترعي الإنتباه !










( وداعاً)
أيها العطر تنفَّسْ .. مِنْهَا - ثم .. رُشَّ _ رذَاذَك ..
فأنا - شجرة عجوز تحتضنُ غصناً اخضرَ
أنا حبّةُ لوزٍ أتكسّرُ بين أضراسِكِ..!!
أنا أُطحَنُ - أين أجدُني ؟
وانا التائه في ضياع- ماسحاً -على حبل الشوق - برفق ..
لم أعقدْ عمقه يوماً..لأصنع .. مشنقة !
وانا الراسمُ-حين تُسافرين قبلةً على حافة فنجانك
ألِفتُ أن أشربَ منه بعد بصمة فمك ..
وداعاً
في ليل كنا نلعبُ فيه لعبةَ الحب و وردة تقطفينها .. تحبني .. لا تحبني
( تحبني ) ويقف البوح عند آخر ورقة !
وفي الضياع تقّبلين يدك وتنفثينها
لاردها عليكِ بشغفٍ محتفلاً
كان كل ذلك ضرباً من خيال
فشيبتي اليوم احترقتْ سأهملُها
لافتحَ أصابعي وأرقصَ معي- رقصة الباليه
فاليوم وحدي -
فقد
كبرتُ
- حين -
مسحتُ - مرآتي !
**********^^^^^******
النوارسُ
قلائدُ السماء
تقبل المراكبَ بلا شفاه
تحلق مع العاشقين
بأجنحة الفضّة
تضمخهم بالسلام
لا تحبُ الزواجل
في سيقانها : رسائل الحرب
************************

وأنت تداعبُ خصرَ ( نخلة )
لا تسألها ..
عن رائحة الطين
ولا تُذكِّرها ..
برقصة البلابل
فقلبها ..
لا يقوى على الحنين
********^^^^^^*******
( حلم عشوائي )
مُرْ -- وأنت تحلمُ
على زهرةٍ تولدُ بلا مُقدِّمات
و نايٍ يُغنِّي
دون أصابع ...
على نشيجه فاختةٌ سمراء
تنوحُ في مزارها .
! ثم استيقظ
















عصام العلي : شاعر بذاكرة سمكة
مقداد مسعود
وأنا أقرأ نصوصه الجميلة أصطادتني ذاكرة سمكة بمؤثرية جماليتها الشعرية أحدثت القصيدة تراسلا مرآويا لدي ، فالذاكرة التي تشتغل على التثبيت هي ذاكرة عمياء ، أما الذين جلودهم مدبوغة دباغة جيدة ، فينشطون ذاكرتهم بالمحو ليزدادوا بصيرة ثاقبة ولهؤلاء إنتسابي المطلق ..
(ذاكرة السمك
ليتني أفقد ُ
ذاكرتي
بعد كلّ ألم
فأمشي
بذاكرة ِ سمكة ٍ
ساذجة
تحيا
وتنسى أسماء
الصيادين
الذين أصطادوا أخواتها !)..
هذا الشاعر يفترض أن أتكلّم عن شجاعته الشعرية بلا مقدمات ، فجمالياته تنتسب لعشوائية الأحلام :
(مُر ْ وأنت تحلم ُ
على زهرة ٍ تولد ُ بلا مُقدّمات
وناي ٍ يُغنّي دون أصابع
على نشيجه ِ فاختة ٌ سمراء
تنوح في مزارها
ثم استيقظ )..
قصائده القصيرة بعمق أحلامنا نحن الذين نتناول الحياة شعريا لنبلغ الرضا ..
فأخلاقنا تستنكف أستعمال اليد لغير المصابيح ، لذا ننتخب سركون بولص
ونقول : أيها الجلاد لاأحد يحتاجك عد لقريتك وأنتظر موتك ...
ثم نتأمل الشمس وهي للتو أستيقظت ، ونرشح عصام العلي ليؤذن فينا :
(لاترم ِ عصفورين
بحجر!
بل (بالحجر) إبن ِ بيتاً يأوينا
أوعُشا يأوي العصفورين )..
والشرف السياسي يكون على مقياس طرفة إبن العبد (وكل قرين ٍ بالمقارن يقتدي).. والمقياس هنا بإنزياح دلالي شرس :
(كم تساوي بذلة حاكمنا الرحيم ) هكذا تبدأ قراءتي للقصيدة
وهكذا تنتهي :
(تساوي
مئة ألف طفل ٍ جائع ) !!
والشراسة الثانية أمض وجعا
(الوقاحة ُ أن تهيل التراب بيدك
على أم ٍ
ترفع يدها لأجلك
في الصلاة )
هذي قصيدة مكتملة الشروط ليس ومضة ، هذه من أجمل القصائد يتخفى فيها شاعر، ستكون له منزلة كبرى في الشعر العراقي في السنوات القادمة تشتغل هذي القصيدة على التضاد المثنوي والجهوي بين يدين : يد حركتها من الأعلى إلى الإسفل يد ترابية المحمول ومكرهة على هذا الواجب القسري الأقسى . ويدان مفتوحتان إلى الأعلى تنتظران الإمتلاء السماوي من الرحمتين : الرحمة الرحمانية والرحمة الرحيمة ..يدان مفتوحان لاتريدان شيئا لها بل لولدها ..وثمة مسافة بين اليدين الترابيتين واليدين النورانتين ، هذه المسافة وجيز عمر الولد حتى لحظة إنطفاء الشمعة الأم ..
قراءتي ..ترى وقاحة الحياة وبشهادة لويس آراغون
(العيش بعدك وقاحة : ياإلزا ) ..
(*)
في قصيدة (حماقة ) الكثير من الآواني المستطرقة التي جعلت القصيدة لاتسرف ولاتقتر ..وهنا جمالية النص وعلى هذا الحجم من القصائد أرى طريقا يرحّب بالشاعر عصام العلي .. وكذلك قصيدة (وطنٌ يدعى عواد) من القصائد التي تستحق إعادة قراءة ..وهي في تقنيتها تتجاور مع قصيدة (حلم من أربع لقطات ) للشاعر العراقي الكبير بلند الحيدري في ديوانه (أغاني الحارس المتعب )..والقصيدة الثالثة هي (وداعا) .. من هنا سيتقدم صوبنا في السنوات القادمة شاعرٌ متفرد ٌ في بصمة ٍ شعرية خاصة ٍ به








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اللحظات الأخيرة قبل وفاة الفنان صلاح السعدني من أمام منزله..


.. وفاة الفنان المصري القدير صلاح السعدني عن 81 عاما




.. سماع دوي انفجارات في أصفهان وتبريز.. ما الرواية الإيرانية؟


.. عاجل.. وفاة الفنان الكبير صلاح السعدنى عن عمر يناهز 81 عاما




.. وداعا العمدة.. رحيل الفنان القدير صلاح السعدنى