الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حوار الأمس واليوم - قراءة في كتاب -محاورات برتراند راسل-

كلكامش نبيل

2017 / 4 / 15
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


كنتُ أقرأ كتاباً آخر في ساعة متأخرة من الليل، شعرتُ بالملل ولكنني لم أكن قد شعرتُ بالنعاس بعد، فتناولت كتاباً لا على التعيين لأقرأه في الساعة الخامسة والنصف صباحاً، وكان هذا الكتاب هو "محاورات برتراند راسل"، ترجمة محمد عبد الله الشفقي، والذي يمثل افراغاً لمحتوى حوارات إذاعية مع الفيلسوف وعالم الرياضيات البريطاني برتراند راسل. يضم الكتاب، الذي لن تشعر بالملل عند قراءته ولن يأخذ منك الكثير من الوقت، أفكاراً قيمة ومهمة في شتى مجالات الحياة مطروحة على شكل خمس محاورات مهمة بصيغة سؤال وجواب.

قبل أيام، قرأت جملة قصيرة صرح بها عضو في احدى المجموعات الخاصة بالنقاشات على موقع فيسبوك مفادها أن "الفلسفة قد ماتت، وأن العلم هو الذي قتلها". طبعاً، الجملة محاكاة عن رأي فريدريك نيتشه في الرب، وأنه قد مات وأننا من قتله. لم ترق لي فكرة موت الفلسفة، الكيان الذي انبثقت منه كل العلوم، ولكنني اعترفت في حينها بأن مجالاتها تتضاءل بشكل كبير مع تقدم العلوم، أو لنقل تمايزها إلى علوم مستقلة ذات أسس قائمة على التجريب بدلاً من النقاشات المبنية على الفكر والمنطق، لتنتهي بانفصالها التام عن مجالات بحث الفلسفة. لكن أموراً كثيرة أخرى تبقى خارج نطاق العلوم، في الوقت الحالي على الأقل، ولن نجد لها أجوبة إلا من خلال النقاشات الفلسفية، لأننا ببساطة لا نمتلك الأجوبة القطعية لها بعد، ولن نمتلك مثل تلك الأجوبة في بعض المجالات في أي وقتٍ قريب على أقل تقدير. ذكرني هذا بنقاش خضته مع أحد المسلمين قبل فترة والذي كان يصرّ على أن الدين يقدم أجوبة لأمور يعجز العلم عن الإجابة عليها، واقترحت في حينها الفلسفة والمنطق كمعين للإجابة على تلك الأسئلة الوجودية من دون الحاجة للدين وعالم الماورائيات. ببساطة، لا أعتقد أن الفلسفة ستموت في المستقبل المتوسط حتى، ونحتاج لطفرات كبيرة في العلم قبل أن يأتي أحدهم ليصرح بموت الفلسفة.

في المحاورة الأولى من هذا الكتاب، "ما الفلسفة؟"، جاء راسل ليجيب عن ذلك النقاش بالتحديد، حيث عرّف الفلسفة بما يلي، "الفلسفة ما هي إلا تأملات في موضوعات لم نصل فيها بعد إلى معرفة يقينية." وأضاف، "العلم يدور حول ما نعرفه، أما الفلسفة فتدور حول ما لا نعرفه. إنه تعريف بسيط ولذا تجد أن المسائل تنتقل على الدوام من مجال الفلسفة إلى مجال العلم كلما تقدمت المعرفة." وبذلك نرى بأنه يقر بتراجع الفلسفة مع تقدم العلوم لكنه يطرح رأياً مماثلاً لرأيي في أنها لا تزال مهمة للإجابة على الكثير من الأسئلة. ويتكلم راسل في هذه المحاورة القيمة عن دور الفلسفة في طرح أفكار مهمة أثبت العلم بعد مرور أكثر من ألف سنة صحتها، لاسيما فكرة دوران الأرض حول الشمس والنظرية الذرية لديمقريطس، وأن ما يعدّ اليوم افتراضاً منطقياً قد يصبح بمرور الزمن حقيقة مثبتة علمياً. كما يتكلم راسل أيضاً عن نظرته السلبية للمدرسة الفلسفية الإنجليزية التي أسقطت إيجاد الأجوبة من مهام الفلسفة لتقصرها على ممارسة التفكير المنطقي فحسب بغض النظر عن العثور على أجوبة من عدمه.

قبل أيام، كنتُ أقرأ لدوكينز، وتكلم عن ضعف اللا أدرية، ولاسيما اللا أدرية القطعية النهائية، وخصوصاً في موضوع وجود الإله، وكانت صدفة جميلة أن أجد اجابة راسل على سؤال يخص فلسفته اللا أدرية، لا سيما أن الكثير من الأشخاص يدينون موقف الحياد التام، ويعتبرونه موقفاً سلبياً لا يقدم شيء. يقول راسل، "لا أعتقد أن من واجب المرء أن يكون موقناً من أي شيء. إذا كنت موقناً من شيء فتأكد من أنك مخطئ، فليس هناك شيء يستحق اليقين، ولذا يجب على المرء أن يعتنق كافة معتقداته بشيء من الشك، ويجب أن تكون لديه القدرة على التصرف بحيوية بالرغم من هذا الشك." ربما يكون هذا الموقف سليماً، وكنت أتبناه لوقتٍ طويل، لكن المغامرة من دون التأكد من شيء ليست بالأمر اليسير. مع ذلك يعتقد راسل أن الظروف تجبرنا على ذلك، ويقارن ذلك بالعسكري الذي يضع خطة حربية يغامر بها على الرغم من عدم تيقنه من جدواها. مع ذلك، أعتقد حقاً بأن "لا أدري" تعتبر الاجابة الأكثر صدقاً في كثير من الأمور.

لطالما تعرضتُ لاتهامات بالتناقض بخصوص موقفي المعارض للحروب ومساندتي المعنوية لبعض الأطراف المحاربة ضد الظلام. قد يعتبر البعض ذلك تناقضاً وازدواجية، لكن المحاورة الثانية في هذا الكتاب، والتي تدور حول "الحرب والدعوة للسلام"، توضح موقفاً مشابهاً لموقفي تماماً. حيث أن راسل، الذي تعرض للسجن بسبب معارضته للحرب العالمية الأولى، وتحمل فقدان حريته بسبب موقفه على الرغم من أنه القائل بأنه غير مستعد للموت من أجل فكرة لأنه غير متيقن من كونها صائبة. ذاته راسل، داعية السلام، ساند الحرب ضد النازية لأنه يدرك أن بعض الحروب عادلة ومشروعة. الموقف هنا ليس من الحرب كمبدأ لكن من شرعية الحروب وبالطبع هناك واقع يمكن أن نحكم من خلاله.

يفصل راسل بين شرعية الحروب وما يترتب عليها من نتائج، حيث يعتقد أن حروب الإسكندر وقيصر قد أدت لنتائج جيدة، وربما بصورة غير مقصودة، لكنه لا يجازف بإضفاء الشرعية عليها. يمكن أن يصح ذات القول على الحروب الاستعمارية في القرن الماضي، والتي أرى بأنها ساهمت في خلق دول عصرية حديثة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لكنني لن أنفي عنها صفة الاستعمار. هذه النقطة بالذات يستغلها المسلمون في إضفاء "شرعية" على الحروب الاستيطانية التي شنوها على ذات المنطقة في القرن السابع الميلادي، وذريعتهم في ذلك بناء "حضارة إسلامية" من دون أن يدركوا أنهم قد استفادوا من تراث منطقة متحضرة بالأساس ولم يأتوا هم بحضارة لمناطق غير متحضرة. نقرأ عن رأي راسل في حروب الإسكندر وقيصر، "لنرجع إلى التاريخ القديم، خذ مثلاً الإسكندر وقيصر. كانا من كبار الفاتحين، ولقد خاضا حروباً تفتقر إلى التبرير الشرعي، ولكني أعتقد أن فتوحاتهما أسفرت عن نتائج حميدة. ففتوحات الاسكندر أرست دعائم الهيلينية في جميع أنحاء الشرق الأدنى، كما نشرت اللغة اليونانية، وحفظت لنا تراث اليونان الثقافي. ولا أستبعد أننا – جميعاً – كنا سنجهل إلى اليوم فضل الإغريق على المدنية، لولا الإسكندر." و"فتح قيصر بلاد الغال، وجعل الغال جزءً من العالم المتمدين وقدم اللغة الفرنسية التي نعجب بها جميعاً الاعجاب كله – ولم تكن هذه اللغة لتظهر لولا قيصر." إنه يتحدث هنا عن انجازات عرضية برأيي ولم يمنح هذه الحروب التبرير والشرعية.

ساند راسل الحرب ضد النازية، وهو رأي سليم، كما أن مساندتنا للحرب ضد الجماعات الإرهابية لا يعنني أننا تخلينا عن دعواتنا للسلام، لكن الواقعية تحتم عليك مجابهة أفكار متوحشة بوجودها يستحيل تحقيق أي سلام، وما أشبه النازية بالإرهاب الديني الذي يجتاح العالم الإسلامي اليوم. يقول راسل، "رأيت أن هتلر غير محتمل على الاطلاق. كان الاتجاه النازي، برمته، مرعباً، واعتقدت أنه إذا غزا النازي العالم – ومن الواضح أنهم كانوا ينوون ذلك إذا استطاعوا – فإن العالم سيصبح مكاناً تستحيل فيه الحياة إلى جحيم، وآمنت بأن من واجبنا أن نضع حداً لهذا آمنت بأن من واجبنا أن نفعل ذلك." لكنه يعتقد أن الحرب العالمية الأولى ما كانت لتطول لولا دخول بريطانيا فيها، ويعتقد أن ألمانيا القيصرية لم تكن ببشاعة النازية، بل إنه يعتقد أن الدمار في ألمانيا ولّد ردة فعل بشعة تتجسد في صعود النازية، وأن انهيار الجيش الروسي القيصري ساعد في صعود الشيوعية، ويرى في ذلك إثباتاً لسلامة موقفه المناوئ للحرب العالمية الأولى.

يعتقد راسل أن هناك نزعة بشرية للحروب، ويذكر سعادة الجماهير عشية اعلان الحرب العالمية الأولى، لكن من اكتوى بنارها لم يسعد بها عشية اعلان الحرب العالمية الثانية. نقرأ، "الكثرة الغالبة من الناس تستمتع بالحرب طالما أنها لا تنشب في أرضها أو في مكانٍ مجاور لها، وطالما أنها ليست شريرة جداً، أما حين تصل الحرب إلى إقليمك فإنها لا تسبب هذه المتعة." لكنه يرجح أن بالإمكان تقليل هذه الوحشية البشرية من خلال اتاحة فرص المغامرة للشباب المفعم بروح المغامرة، من خلال توفير وسائل منخفضة التكاليف لزيارة القطبين المنجمدين وتسلق الجبال. أعتقد أن الرياضة أيضاً جزء من الحاجة لامتصاص هذه النزعة العدائية لدى البشر وتفريغها في صور أخرى.

يتكلم راسل أيضاً عن دور الصحافة، والتعليم بشكل غير مباشر، في زيادة الاحتقان الشعبي ونزعات الخلاف والعنف. حيث نقرأ، "أعتقد أن التعليم، الذي يمكن الناس من القراءة، قد ضاعف من هستيريا الجماهير، عن طريق الصحافة. غير أن هناك ميلاً مضاداً في الطريق إلينا الآن، واعتقد أنه صادر من التلفزيون، فالناس يحصلون على أنباء العالم وهم جالسون في بيوتهم، لا في قاعات محمومة تغص بجموع غفيرة من الناس الذين يبدأون في الصياح." وأضاف، "أعتقد أن التجمعات الضخمة التي تجدها في الاجتماعات العامة الكبرى هي السبب الرئيسي في ظهور هستيريا الجماهير. وكلما تضاءلت أهمية الاجتماعات انحسرت الهستيريا." لكنني سأضيف بأن وسائل التواصل الاجتماعي تساهم اليوم في المزيد من الاحتقان ذو الطابع العالمي أو القومي على أقل حد أكثر مما يمكن أن تساهم به الصحف أو الاجتماعات العامة الكبرى، هذا الفضاء يوفر مكاناً يصرح به الجميع بأبشع ما لديهم وهم في منازلهم من دون الخوف من العقاب أو ردات الفعل المباشرة لو كانوا على أرض الواقع، وكل هذا يساهم في زيادة الهستيريا الجماهيرية على مستوى أكبر من أي زمنٍ قد مضى.

في المحاورة الثالثة، "ما السعادة؟"، يتكلم راسل عن عناصر السعادة في رأيه، ويقول، "اعتقد أن هناك أربعة عناصر تعتبر أهم العناصر جميعاً. ربما كان أول هذه العناصر: الصحة، والثاني: الإمكانيات التي تكفي لإعفائك من الحاجة، الثالث: علاقات شخصية سابقة، الرابع: العمل الناجح." لكن نقاش كل هذه النقاط في المحاورة ستثبت أن العنصر الأهم هو القناعة بمقدار ما تمتلكه من كل هذه العوامل، لا العناصر، كما أفضل تسميتها. أما عن عوامل التعاسة، فيركز راسل على القلق والحسد، أي ان تقارن نفسك بما يمتلكه غيرك من مواهب أو انجازات أو إمكانات، ونقرأ، "القلق ينجم عن عدم مواجهة الاحتمالات السيئة" مركزاً على أهمية مواجهة القلق لا سيما بالنسبة لكبار السن.

في المحاورة الرابعة، "دور الفرد"، يتكلم راسل عن انجازات الأفراد في العصور السابقة، وكيف أن الفرد الآن أكثر عجزاً عن القيام بالإنجاز بمفرده لأنه لا يمتلك الوسائل اللازمة لذلك من دون توافر دعم من الدولة أو المنظمات أو الأثرياء. يحتاج العلماء اليوم للعلاقات للعمل في مراكز بحث كبرى ولا يمكنهم إنجاز شيء بتوفير مستلزماته لوحدهم، بينما كان ذلك ممكناً في العصور السابقة. وعن الحرية الفكرية يقول، "لا أعتقد أنها وجدت في يوم من الأيام. الواقع أن كافة الأشخاص الذين يحققون تقدماً هاماً في أي اتجاه كانوا يثيرون معارضة هائلة من جانب الرأي العام." ويؤكد بأن المفكرين كانوا يجابهون المؤسسة الدينية سابقاً، وأنهم الآن، وإن كانوا في أمان من مواجهة الموت، إلا أن مواقفهم السياسية قد تكون عائقاً أمام عملهم في مؤسسات كبرى، وبذلك لا يرى فرقاً في مجال الحرية الفكرية حسب وجهة نظره. تكلم راسل عمّا أفكر فيه تماماً حول ضرورة وجود قوانين تحافظ على الكيان الاجتماعي، لكنها يجب أن تكون مرنة، وغالباً ما أقول بأنها يجب أن تتناول الأطر العامة فقط، وكل ما عداها يمكن أن يتغير بمرور الزمن، المهم أن نمنع القتل والسرقة، وهذا تماماً ما يراه راسل، "إنني أؤمن بأن المحافظة على النظام الاجتماعي أمر أساسي يجب أن تخلق، ان استطعت، عالماً لا يسرق فيه الناس، ولا يتقاتلون، وهكذا وأنت تحقق هذا داخلياً – وإلى حدٍ ما – عن طريق الشرطة. أعتقد أن مثل هذه القيود المفروضة على الحرية أمر ضروري تماماً، وبخاصة في المجتمع المزدحم." ولا يدعو راسل للحرية بشكل عام، بل بشكل منطقي، حيث يقول، "الحريات في حاجة إلى التوسع في المجال الذهني، وفي حاجة إلى الإنكماش في مجال التملك." ولستُ أدري إن كان هذا يحمل فكرة اشتراكية نوعاً ما. يعتقد راسل ايضاً أن الفن يواجه متاعب أكثر من العلم في الوقت الحالي.

في المحاورة الأخيرة، "مستقبل الجنس البشري"، يعتقد راسل أن أكبر خطر يواجه مستقبل البشرية هو التنميط والقولبة، وان لم يعبر عن ذلك باستخدام هذه التعابير بالاسم. لكنه يعتقد أن التعليم، وأضيف أنا الضخ الإعلامي، قد يساهم في جعل البشر نسخ من شيء واحد، لكني أرى ذلك مستحيلاً في الواقع بل العالم يتجه نحو خلق قطبين متضادين في المستقبل المتوسط على الأقل. نقرأ، "أريد أن أقول إن طراز الناس الذين أنتمي إليهم تربوا في عالم قديم. تربوا في عالم أقل تنظيماً من العالم الذي أتصوره في المستقبل. كان هذا العالم يفوقه عالم اليوم في التحرر والتفرد، ولم يكن الناس يصاغون فيه في قالب واحد، وهو أمر سيحدث في المستقبل على ما أعتقد." وكان هذا رداً على سؤال المحاور له في أنه يأمل في وجود أذكياء يشقون مثل هذه القولبة مثل راسل، ليقول راسل بأنه غير متفائل بوجود الكثير منهم.

يعتقد راسل بأن الحرية ضرورية للإزدهار ويعتقد أن الأدب والفن في روسيا في العصر القيصري أفضل ممّا هو عليه الحال في العهد السوفييتي، لكن له رأياً محزناً في الباليه، الفن الذي أعشقه، حيث يقول، "الباليه أثر من آثار العصر القيصري، وعندما رأيت الباليه عام 1920 بدا أنه يحدث في نفسك ما تحدثه زهور مقطوفة وموضوعة في مزهريات. أحسست أنه جميل جداً وممتع جداً، غير أنه محروم من الحيوية والنضارة اللتين تنبعان من التربة. وأعتقد أنه أصبح الآن أشبه بالتحف التي تعرض في المتاحف." لكن راسل قد يكون محقاً في هذا وأن بعض الفنون بحاجة لأن ننعشها بإدخال عناصر جديدة تبعث فيها الحيوية وتمدها بعناصر الديمومة.

ختاماً، الكتاب قيم جداً ويمكن قراءته بسرعة وفيه الكثير من الأفكار القيمة للنقاش والتأمل تتجاوز بكثير ما حاولت إيجازه هنا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد هجوم إيران على إسرائيل..مقاطع فيديو مزيفة تحصد ملايين ال


.. إسرائيل تتوعد بالردّ على هجوم إيران وطهران تحذّر




.. هل تستطيع إسرائيل استهداف منشآت إيران النووية؟


.. هل تجر #إسرائيل#أميركا إلى #حرب_نووية؟ الخبير العسكري إلياس




.. المستشار | تفاصيل قرار الحج للسوريين بموسم 2024