الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القاتل الاقتصادي ينشط في استنزاف الخزينة

سعد السعيدي

2017 / 4 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


في الوقت الذي يتشدق العبادي باهتمامه بالاصلاح وبمتابعته له تظهر لنا بالتوازي حقائق مرعبة تنفي كل الادعاء الفارغ الذي يعلنه هذا القاتل الاقتصادي. لننظر الى هذه الحقائق.

التقشف يعني الحفاظ بكل الطرق المتوفرة على العملة اللازمة للصرف على الامور الضرورية بطريق الامتناع عن استيراد الكماليات غير المنتجة. والهدف من التقشف هو لتمكين الدولة من تمشية امورها مثل الرواتب وبناء المشاريع مع ميزانية قليلة الموارد دون ان تسقط في حبائل الديون لاحقا. لكن ما نراه يحدث هذه الايام هو العكس تماما على الرغم من ادعاءات حكومة هذا القاتل الاقتصادي. فكلمة التقشف صارت مرادف لإضاعة واستنزاف الميزانية لصالح تلك الطبقة وتلك القوى الدولية التي يخدمها هذا القاتل.

يذكر الاعلامي رافد صادق في صفحته تفاصيل عن حضوره مؤتمراً في وزارة التجارة عن (السياسة التجارية والإصلاح الاقتصادي) حاضر فيه الدكتور زهير الحسني وباسم جميل أنطوان. وقد قام بتلخيص المشاكل التي طرحت في المؤتمر وبالأرقام. سننتقي بضعة منها مما يتعلق بخزينة الدولة والبنك المركزي. بفضل هذه الاخبار توسع بشكل اكبر افق معلوماتنا عن الاستنزاف الذي يجري تعريض خزينة الدولة واقتصادها اليه بفضل ذلك القاتل. ويتوجب على هذا اتخاذ إجراءات مثل إقالته قبل فوات الاوان. الرابط اسفل المقالة.

للتوضيح لم نأت بتسميتنا للقاتل الاقتصادي اعتباطا. إنما هو توصيف لحال ذاك المناط اليه إدارة الدولة. وهو كما نرى ونستنتج يعمل ما بوسعه... لاستنزاف مواردها.

لقد قمنا بجمع جزء من توضيحات الاعلامي في الرابط للحصول على مجموعة حقائق كما يلي :

أخطر خطوات بريمر عام 2003 تكمن في إلغاء دائرة رقابة التحويل الخارجي في البنك المركزي... حجم الاستيرادات العراقية لسلع استهلاكية لم تكن فيها أية سلعة إنتاجية قد بلغ 410 مليار دولار حتى عام 2015... من الخطوات اللاحقة لفتح باب الاستيراد على مصراعيه هو إلغاء التعرفة الكمركية... الطاقة الاستيعابية لشوارع بغداد 200 ألف سيارة فيما يتواجد فيها مليون و200 ألف سيارة ويدخل لها يومياً من 600 ألف سيارة من المحافظات... عدا عن تضخم جهاز الدولة من اقل من مليون موظف الى اربع
اضعافه.. الموازنة الحالية والموازنات القادمة تشغيلية ولايوجد استثمار يحرك الاقتصاد.

من ترتيب الامور المطروحة اعلاه يتوضح لنا ما يجري في البلد او بعض منه. لهذا السبب لا يمكن ترك الامر يمر من دون بعض التوضيح.

دائرة رقابة التحويل الخارجي هي كما هو واضح من اسمها وظيفتها الرقابة على التحويلات الخارجية التي تجري بطريق البنك المركزي لغرض الحفاظ على العملة الصعبة. وهذه العملة الصعبة هي ما يجري بواسطتها تأمين المشتريات التي تقوم بها الدولة ودعم العملة الوطنية. وعمل هذه الدائرة مثبت بقانون خاص بها (موجود على الانترنت). طبعا بإلغاء الدائرة بجرة قلم (وهو عمل متعمد ولم يكن سهوا او "من اخطاء سلطة الائتلاف المؤقتة ") فتح الباب واسعا امام استنزاف احتياطي البلد من هذه العملة مما يسمى بمزاد العملة الحالي. بدل دائرة الرقابة هذه جرى إنشاء ما سمي بدائرة مراقبة غسيل الاموال التي نتساءل عن فائدتها في ظل استمرار الاستنزاف. قد يترآى للبعض بأن محافظ البنك المركزي الحالي هو وحده فقط المسؤول عن كل ما يجري من تطبيق لقرار الحاكم المدني الاسبق بريمر في فتح الباب امام استنزاف اموال البلد وعملته الصعبة. لكن... ماذا عن سلفه الهارب ؟ مما يراه الجميع هنا هو التزام كلي هذين المحافظين الصمت ازاء ما يجري في البنك المركزي من هدر واستنزاف ، ويستنكفان طبعا عن التوضيح عما يجري ويتركوننا نحن المتابعون في الظلام الكامل. هنا ايضا لا نظن بان في الموضوع سهوٍ ما. ولا يمكن عند ذكرنا للمحافظ الاسبق الهارب الا نذكر القاتل الاقتصادي الآخر السابق على الحالي. فكلاهما قام ويقوم بعمله في استنزاف الاقتصاد وتدميره بمعية هؤلاء. نستطيع إذن ان نقول بأن هذا البنك متواطيء في تشتيت واضاعة المال العام. هل هناك اجراءات لوقف النزيف ؟ لا نعرف إن وجدت مثل هذه الاجراءات. فكل العاملين في هذا المجال وممن له اطلاع عليه ممن يسمون انفسهم بالخبراء الماليين او الاقتصاديين يلتزمون هم ايضا الصمت. ولو وجه لهم السؤال في الاعلام مباشرة يلجأون الى اللف والدوران والجمل المبهمة للتملص من التوضيح ! كذلك فقد وصل الينا بان مزاد استنزاف العملة الذي يحدث من دون رقابة فاعلة قد ادى الى ظهور مصارف أهلية تقودها جهات سياسية وظيفتها الرئيسية فقط المشاركة في هذا المزاد من خلال البنك المركزي. وهذه النقطة هي من ضمن ما ذكره النائب رحيم الدراجي عن المالية النيابية في حديث لفقرة "في العمق" على السومرية (بتاريخ 4 كانون الاول 2016). وطبعا لا يمكن عدم الانتباه عن كون الموضوعان مترابطان. وقد ادى هذا الاستنزاف في العملة الصعبة الى انخفاض رصيد العراق منها كما ذكر في المؤتمر آنف الذكر.

من المعلومات الاخرى التي اتانا بها الاعلامي رافد صادق من ذلك المؤتمر هو مما يتعلق بالاستيراد. فذكر بانه حتى العام 2015 قد بلغ حجم الاستيراد لسلع استهلاكية غير إنتاجية 410 مليار دولار. وبعملية حسابية بسيطة نتوصل الى ان نسبة هذا المقدار تعادل حوالي ثلث الميزانية السنوية لكل الفترة حتى العام 2015. وهي نسبة كبيرة جدا تمثل نافذة هدر واستنزاف كبرى في بلد يعتمد على مصدر اوحد لرفد الخزينة ويحتاج الى تمويل ضخم لاعادة بنائه. من الخطوات التي نرى انها جرى تعمد اتخاذها لفتح باب الاستيراد على مصراعيه هو إلغاء التعرفة (او الضريبة) الكمركية. نسترعي الانتباه هنا الى نوع الحصار الجديد هذا لميزانية الدولة. ففي الوقت الذي يجري الصرف من ماليتها بلا حساب لا يجري إعادة رفد نفس هذه المالية وتعويضها بطريق الضريبة بأي شكل من الاشكال. وقد طرحنا اشكال من طرق خنق مالية الدولة في مقالات سابقة. أحدى نتائج هذا الاستنزاف هو تعريض الخزينة لخطر العجز المالي. وهو ما حصل بحيث بلغ الدين العام للدولة هذه السنة ال 110 مليار دولار كما ذكر ايضا في المؤتمر. كل هذا يجري ليس فقط بمعرفة القاتل الاقتصادي الحالي ، بل وايضا كل القتلة السابقين عليه منذ ما سمي بسلطة الائتلاف المؤقتة.

إحدى الامور التي خلقها الاستيراد المنفلت هذا هو ازدياد اعداد السيارات في بغداد. فمن خلال نفس المعلومات اعلاه من مؤتمر وزارة التجارة علمنا بأن الطاقة الاستيعابية لشوارع بغداد هي 200 ألف سيارة فيما يتواجد فيها مليون سيارة زيادة على هذا الرقم. ليس هذا مثال صارخ على سوء التخطيط ، بل هو الاستنزاف المتعمد. فالاعداد الهائلة من هذه المركبات تولد ضغطا على المصافي والموارد الطبيعية لتوفير الوقود لها على حساب توفير الوقود مثلا للمحطات الكهربائية. وتولد ضغطا آخر على الخزينة لتوفير قطع الغيار لها ، عدا عن تسببها اخيرا بتلوث مضاعف للهواء يؤدي بدوره الى ازدياد الامراض. وكان يتوجب النظر الى طاقة الشوارع اولا والتأثيرات على الصحة العامة قبل فتح باب الاستيراد اللا محدود هذا. بهذا يكون القاتل الاقتصادي قد افاد اصدقاؤه ممن اغتنوا من هذا الاستيراد (وهم كما يستنتج يكونون ممن يساهم في استنزاف الخزينة بطريق مزاد العملة). والاخطر فانه قد ساهم بشكل اكبر في القضاء على موارد الدولة وما يزال ، عدا عن خلق ازمات في تجهيز الوقود يراد لحلها إما استيراده من دول الجوار (في هدر واستنزاف جديد للمال) او في بناء مصافي جديدة. وفي هذا يجري توجيه الاموال في غير ما يحتاجه البلد من بنى تحتية مثل المدارس والمصانع والمستشفيات. لكن هل يمكن الاعتماد على قاتل اقتصادي لغرض خدمة البلد ؟ ان ما يجري هو عملية تدمير منظمة.

لماذا تكون إجازات الاستيراد مفتوحة يا ترى لكل ما هو غير منتج (الذي هو توصيف آخر للكماليات) ؟ هذا معناه إن اموال المواطنين الذين سيشترون هذه الكماليات ستذهب الى الخارج ثمنا لها بدلا من ان تبقى في البلد لتساهم في إنعاش وتحريك الاقتصاد. وتحريك هذا الاخير يساهم كما يعرف الجميع في توفير فرص عمل للعاطلين.

وبشأن تضخم جهاز الدولة الى اربع اضعافه من الموظفين. فرواتب هؤلاء التي يكسبونها (والتي تسمى الميزانية التشغيلية) لن تساعد في تحريك الاقتصاد كما سيتصور البعض. فهم على العكس سيستهلكون المواد الكمالية التي يقوم المستفيدين من هذا القاتل بشرائها من الخارج. اي ان اصدقاء القاتل هذا يكسبون بالمضاعف من إجراءات رئيسهم. ويتم إهدار كامل الميزانية التي تنتهي في جيوب هؤلاء.

كان يجب ان يشمل التقشف الذي يتشدق احدهم بتطبيقه كل هذه المواد المستوردة. اي ان يجري تحديد كمية ما يجري استيراده من كماليات إن لم يكن المنع المؤقت لحين انتهاء الحرب كونها تستنزف الخزينة. ففي الاوضاع الاستثنائية مثل هذه التي يمر بها بلدنا كان يتوجب دعم الميزانية وبالتالي المجهود الحربي الذي يستنزفها لوحده على الاقل بمنع هذا الاستيراد غير النافع المضيع للمال الثمين. ولو تمكنا من قطعه كليا لتمكنا بنفس الوقت من إغلاق باب كبير للهدر المرتبط به وبالتالي تقليل حالة العجز المالي التي تصيب الخزينة. ومن الواضح ان المستفيد الحقيقي هو تلك الجهات التي اتت بالقاتل الاقتصادي الى رئاسة الوزراء الذي يبدع بالضبط بالقيام بالمطلوب منه هنا.

لا يقوم هذا القاتل الاقتصادي بعمله عن جهل كما يرى. فعندما يستطيع الضغط على وزراء حكومته لاجبارهم على العمل وفق توجهاته هو ونقارن مع ما اوردناه اعلاه فلا يعني هذا إلا انه يقوم بعمله عن معرفة مسبقة. اي انه مكلف بالقيام بالعمل الذي نراه يقوم به. لذلك لا يقترب هذا القاتل الاقتصادي من المساس بالجهات التي تساعده في مهمته في تشتيت المال العام وانهيار احتياطي العملة. وحيث قد ادى هذا الى زيادة العجز وازدياد اللجوء الى الاستدانة. بالمقابل يتعمد الثرثرة بكلام من مثل خطة التقشف الحكومي وترشيد سياسة الإنفاق ومكافحة الفساد للتغطية على عمليات الاستنزاف المنظمة التي يقوم بها للاقتصاد.

من الواضح انه طالما بقي هذا القاتل الاقتصادي في مكانه الحالي فإن أي إصلاح حقيقي للاقتصاد لن يتجاوز مرتبة الاماني.

كيف وصلنا الى هذا الوضع ؟ سيقال بأن مفوضية الانتخابات الفاسدة هي السبب. قد يكون هذا هو الجواب الصحيح. لكن السؤال الذي سيأتي هو كيف قد وصل هذا القاتل الاقتصادي الى سدة رئاسة الوزراء وهو الذي كان يحتل مرتبة دون العتبة الانتخابية حسب مجموع الاصوات التي حصل عليها في الانتخابات النيابية الاخيرة ؟ كيف قد جرى السهو عن هذه النقطة حيث لم يتوفر له اي تاريخ سابق يعتد به بحيث تم قبول ترشيحه الى رئاسة الوزراء بلا برنامج انتخابي معلن ومعروف ومتفق عليه مع الناخبين ووسط صمت نيابي مريب ، وكان قبلها نائبا مغمورا قلما قد سمع به الناس ؟ كل هذه الكوارث التي يتسبب بها للبلد واصحاب الشأن ، اي الناخبين العراقيين ، لم ينتبهوا الى ما كان يدور ؟ الخطأ إذن ليس فقط في هذه المفوضية.

رابط المؤتمر :
https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=1288728687872084&id=901519743259649&substory_index=0&_fb_no-script-=1








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مدير الاستخبارات الأميركية: أوكرانيا قد تضطر للاستسلام أمام 


.. انفجارات وإصابات جراء هجوم مجهول على قاعدة للحشد الشعبي جنوب




.. مسعفون في طولكرم: جنود الاحتلال هاجمونا ومنعونا من مساعدة ال


.. القيادة الوسطى الأمريكية: لم تقم الولايات المتحدة اليوم بشن




.. اعتصام في مدينة يوتبوري السويدية ضد شركة صناعات عسكرية نصرة