الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المقدمه والنتيجه

رفعت عوض الله

2017 / 4 / 16
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يقول علم المنطق أن لابد لمقدمة ماان ينتج عنها نتيجة معينة . وعلي هذا فما حدث بكنيسة ماري جرجس بطنطا نوالكنيسة المرقسية بالاسكندرية هي مجرد نتائج متوقعة ومنتظرة لمقدمات سمحنا لها بالوجود والفاعلية منذ زمن طويل ،وليس في الامر اي جديد ،وطالما ان تلك المقدمات موجودة ومنتشرة ،ومتحكمة بالواقع المعيش فسوف نري ونكتوي بنار نتائج مثل تلك التي حدثت بالكنيستين المذكورتين
الإرهاب الاسود الذي يقتل جنودنا البواسل في سيناء ،والذي يفجر الكنائس ويقتل اناسا ابرياء وهم يصلون انما هو محصلة ونتيجة منطقية لواقعنا ،ومهما تعاظمت الإجراءات الامنية فسوف يحدث الإرهاب ،وسوف يتفجر المزيد والمزيد من الكنائس وغيرها ،وسوف يقع المزيد من جنودنا ضحايا المواجهة في سيناء
الإرهاب الاسود القاتل ليس مجرد تفجير وقتل فقط ولكنه فكر وعقيدة وتربية في المحل الأول ،لذا تركيزنا علي البعد الامني والمواجهة المسلحة فقط علي اهميته لن يجدي ،ولن يقضي علي الإرهاب
فقبل مواجهة الإرهابي وتصفيته جسديا علينا بمواجهة عمليات خلق الإرهابي المكفر للدولة والمجتمع ،والذي يعتقدإعتقادا جازما بان المسيحيين واليهود والبهائيين بل والشيعة كفار عليه ان يجاهد في سبيل الله والدين بقتلهم وتخليص المسلمين من شرهم وكفرهم وشركهم
ولكننا لا نفعل ويبدوللأسف اننا لن نفعل،فنحن لا نري إلا ما تحت أقدامنا ،بل لا نريد ان نري ونكتشف ما نحن فيه ،بل ننكر ونستنكر ونغض البصر والعقل عن اسباب ما نحن فيه من محنة ومأساة ،يدفع ثمنها جنودنا في سيناء ومواطنين ابرياء لا ذنب لهم سوي انهم ليسوا مسلمين
تعود محنتنا التي نعيشها لأيام إنقلاب 23 يوليو 1952 التي قام بها الضباط الأحرار الذين كان معظمهم علي صلة وثيقة بجماعة الإخوان المسلمين الأصولية ،والتي تعادي الحداثة والحضارة وقيم الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان،وتنظر لنفسها علي إنها مالكة لللحق المطلق مما يعني ان غيرها علي ضلال مطلق . وهي في سياق إمتلاكها للحق تري ان خلاص المسلمين أنما يكون بإحياء دولة الخلافة حيث السيادة والقوة للإسلام والمسلمين
كان هناك تنسيق بين تلك الجماعة والضباط الاحرار الذين استولوا علي الحكم وطردوا الملك وأقاموا الجمهورية ،وانقلبوا علي الميراث الحضاري المصري الذي بدأمن الحملة الفرنسية علي مصر ومرورا بمحمد علي وإسماعيل ووصولا لثورة المصريين المجيدة في 1919 وإقرا ر الدستوري الحداثي في 1923 وقيام مصر مملكة دستورية تعيش قيم الحضارة الحديثة من ليبرالية وعلمانية وديمقراطية وحريات سياسية تجسدت في الأحزاب السياسية
إنقلاب يوليو 52 قضي علي التجربة الحداثية القصيرة وكرس حكم الفرد الزعيم ،ونادي بالقومية العربية المؤسسة علي التاريخ واللغة والدين والزعم بالمصير المشترك ،ضاربا عرض الحائط بتاريخ مصر ما قبل الحقبة العربية اي التاريخ المصري القديم وحقبة اليونان والرومان والحقبة المسيحية
وإمعانا في بث الهوية الإسلامية أنشأ عبد الناصر إذاعة القرآن الكريم ،وحول الازهر من جامعة دينية إلي جامعة فيها يدرس الطلاب المسلمون العلوم الطبيعية إلي جانب علوم الدين فيتخرج فيها اطباء ومهندسون ومحاسبون مسلمون يجمعون بين علوم الدنيا والدين
وبعد هزيمة يونيو 1967 انكسر المشروع القومي الناصري وحل محله المشروع الإسلامي

مات عبد الناصر في 1970 وجاء السادات رئيسا خلفا له الذي أراد ان يكون له خطه الخاص فعمد إلي عقد صفقة من جماعة الإخوان التي نكل بها عبد الناصر رغم إسلاميته ،بمقتضاها أخرج رموزهم من السجون ،وترك لهم المدرسة والحامعة والمساجد والنقابات ليحتلوها ويثوا مفاهيهم عن الإسلام والحل ويغيروا الذهنية لعامة الناس ،ويشنوا هجوما ضاريا علي العلمانيين والناصريين واليساريين وأيضا المسيحيين نفهم يريدونها اي مصر غسلامية نوإسلامية فقط
ومن هنا بدأ ما يسمي بالاحداث الطائفية في عهد السادات منذ حرق كنيسة الخانكة في1972 ومرورا باحداث الزاوية الحمراء التي فيها ألقي المسلمون المتشنجون ببعض المسيحيين من الادوار العليا للشارع حيث صاروا أشلاء
كل هذا ولم تفعل الدولة شيئا لحماية المواطنين المصريين المسيحيين من إرهاب المصريين المسلمين لهم
في ظل السادات فُتحت مصر علي مصراعيها للغزو الوهابي الإسلامي الذي عمل علي وهبنة الدولة والمجتمع المصري . وكان من نتائجه أشتداد الكراهية للمصريين المسيحيين ،وأشتداد التحقير والتعريض بالعقيدة المسيحية ،فعمد خطباء المساجد للإعلان بجرأة بل بوقاحة عن كراهيتهم وإحتقارهم ،وتوجيه عامة المسلمين لإزدراء المسيحيين ووصمهم بالكفر والشرك ،والحض علي عدم مخالطتهم والنهي عن التعامل معهم
تبلور كل ها التفور والكراهية في المدرسة المصرية ،التي حفلت مقرراتها الدراسية بأيات من القرآن الكريم ،وفي مقررات التربية الدينية الإسلامية التي وجد بها ما يدعو لكراهية المسيحيين ،علي غن العامل الحاسم هو وجود المدرس الاصولي المعادي للعقل وللاديان الاخري فبث ما يعتقده في أذهان التلاميذ فشكلها علي رفض قبول التعدد والتنوع بل وإحتقار شركاء الفصل الدراسي من غير المسلمين
لما رأي الإسلام السياسي تقاعسا من السادات شريكهم في أسلمة مصر عن تأسيس الدولة الإسلامية قتلوه بدم بارد في 6أكتوبر 1981
جاء بعده حسني نبارك الذي وعي درس مقتل السادات فأبرم إتفاقا غير مكتوب مع الإسلام السياسي وفي القلب منه الإخوان والحماعات السلفية علي ترك الشارع لهم والناس والمرافق والهيئات مقابل ان يتركوه يحكم ،وينعم بالسلطة
زقد كان فتعمق وانتشر العمل علي أسلمة مصر دولة وشعبا ومؤسسات
في هذا السياق تعمق التهميش والتمييز بل الإضطهاد ضد المسيحيين المصريين الذي بدأمنذ عبد الناصر فلم نري عضوا واحدا في تنظيم الضباط الأحرا ر مسيحيا ،بل نظر رجال يوليو إلي المصريين المسيحيين نظرة ريبة وشك في الولاء والوطنية من منظور الهوية الدينية الأسلامية ،فلم يسمح حكام يوليو 52 من عبد الناصر وحتي الآن بان يتولي مصريون مسيحيون اية مناصب قيادية إلا في القليل النادر ،بل حُرم دخول المصريين المسيحيين المخابرات وامن الدولة والامن الوطني فضلا عن الخارجية ورئاسة الجامعات وعمادة الكليات والمحافظين بل رؤساء المدن الصغيرة والاحياء
وفي ظل مبارك تعددت وتنوعت الجرائم بحق المصريين المسيحيين وكنائسهم ولم تفعل الدولة شيئا يُذكر لحمايتهم او معاقبة المجرمين

سقط مبارك وتولي الحكم المجلس العسكري وبقي الحال علي ما هو عليه بل دهست مدرعات الجيش الوطني المصري المواطنين المصريين المسيحيين حين تظاهروا سلميا في ماسبيروا ،إستنكارا من قيادات المجلس العسكري الحاكم لجرأة بعض المسيحيين علي التظاهر "فمن انتم حتي تتظاهروا ؟"
سلم المجلس العسكري بتواطئ مع اوباما علي تسليم الحكم للإخوان ،فجاء محمد مرسي رئيسا لمصر
بقية مصر المدنية عرقلت مشروع مكتب الإرشاد في أخونة وأسلمة مصر ،تحاوب الجيش الوطني المصري مع جموع المصريين التي أتفقت علي غسقاط حكم الفاشية الدينية فعزلت مرسي في 3يوليو 2013
وبعد فترة مؤقتة أُنتخب وزير الدفاع الذي كان وقتذاك بطلا بنظر المصريين رئيسا للجمهورية
أشتبشر المصريون المسيحيون خيرا بالرجل ،خصوصا انه عمد لزيارة الكاتدرائية المرقسية في ليلة عيد الميلاد في سابقة لم تحدث من قبل . وتكلم الرجل كلاما جميلا ،وطلب إلي الأزهر تجديد الخطاب الديني
وعلي ارض الواقع المر لم يفعل الرجل شيئا يُذكر لمنع المظالم والتمييز ضد المسيحيين
ترك الرجل المعقود علي الامال المصريين المسيحيين في قري ومدن الصعيد وخصوصا المنيا نهبا للسلفيين واالعامة والغوغاء يروعونهم ويحرقون بيوتهم وينهبون ممتلكاتهم ويدمرون كنائسهم دون حماية ودون تطبيق القانون ودون اي رد فعل من كافة الاجهزة التي تمثل الدولة ،بل ترعي تلك الأجهزة المقصرة والنافية لذاتها ما يسمي بالجلسات العرفية التي فيها يجلس الضحية مع الجاني في إذلال وإذعان يصل احيانا لحد التهجير الفسري!
كل هذا البلاء يحدث ،ويصرح السيسي اثناء زيارته الأخيرة لامريكا بانه لا يوجد بمصر تمييز ضد المصريين المسيحيين ،كيف ؟ لا ادري !
الإرهاب هو النتيجة المنطقية لمجمل العوامل والتوجهات والسياسات وترك الإسلام السياسي يعبث بالدولة ومؤسساتها وبعقول ووجدان الناس علي مدي 6 عقود ،وخلط الدين السياسة ،ورفض قيم الحضارة من علمانية وليبرالية وديمقراطية وحقوق للإنسان لصالح مفاهيم إسلامية ماضوية تنتمي للعصور الوسطي
العلمانية هي الحل








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. #shorts - 80- Al-baqarah


.. #shorts -72- Al-baqarah




.. #shorts - 74- Al-baqarah


.. #shorts -75- Al-baqarah




.. #shorts -81- Al-baqarah