الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حاجتنا للمرأة في -طاغية- عصام الديك

رائد الحواري

2017 / 4 / 16
الادب والفن


حاجتنا للمرأة في
"طاغية"
عصام الديك
التعاطي مع فكرة الخليقة التي جاءت به الكتب السماوية في النصوص الأدبية شيء جميل، الشاعر "عصام الديك" يقدم لنا تلك الفكرة بشكل جديد، يخدم الفكرة الدينية، لكن شكل/طريقة تقديمه يحمل جمالية خاصة، فهو يعيدنا إلى زمن النشأة الأولى، قبل أن نتشكل كبشر، إلى المادة الأولية، الطين:
"نصف الكلام ونص عمري الهوى....طين الكمال وانت روحي الباقية"
الشاعر يرفض فكرة الانفصال التي حدثت بين آدم وحواء، ويصر على حالة الجمع/التوحد بينهما، وكأنه عندما قال "نصف الكلام" أراد التنويه إلى قبوله/موافقته على جزء مما جاء في فكرة الخلق والانفصال الذي تم بين الرجل والمرأة، هو يوافق على فكرة الخلق، التشكيل من طين واحد، بمعنى أنهما شيء واحد، يجمعهما ويوحدهما المادة التي تشكلا منها، أما عملية الانفصال فهي مرفوضة من الشاعر، لهذا قال:
"طين الكمال وانت روحي الباقية"
فالعودة إلى المادة الأولى، مادة التشكيل، الطين، وربطها بالروح، روح الشاعر، يؤكد ما قلنا.
الشاعر يعيدنا إلى زمن ومكان التشكيل الأول للإنسان، فيقول:
"فلتشغلي في الزمان والمكان مقيمة.... والتبقي لي ظل الكؤوس الساقية"
الشاعر يسبر أغوار الماضي، ويغوص في مكان التشكيل الأول للخلق الإنسان، وكأنه يقول بأن علاقته بالمرأة تعود إلى ذاك الزمن، وذاك المكان المجهول، فهل يمكنه التخلي عنها؟
يجيبنا الشاعر على هذا السؤال قائلا:
" يا غربة الراحات في وصل الجوى... والشوق يقفز من جفوني الخاوية"
إذن العلاقة بينه وبين المرأة لا يمكنها أن تنتهي، ولا يمكنه الحياة بدونها، فهي الروح/الراحة/الاستقرار له.
لهذا نجده يريدها أن تعود إلى الحالة الأولى، حالة ما قبل التشكيل، حالة الطين:
" كوني كما كنا التحام العجينة... في الكنة مني ورفعيني ثانية"
جمالية هذا التعبير تكمن في المزج بين فكرة الخليقة، والفكرة/الطريقة التي يردها الشاعر لامرأته/لمحبوبته، فهو يريد/ها للعودة إلى الحالة ما قبل التشكيل الأولى، حالة الطين/العجينة، لكنه في ذات الوقت يريد أن تكون هذه العودة غير ما كانت عليه قبل التشكيل، يريد تشكيل موحد جسديا وروحيا، لكن لكلا منهما استقلاليته وكيانية، فهو جمع غير قبل للفصل أو العزل، وفي ذات الوقت يريد أن يشعر وهو وهي بأنهما كيانين منفصلين، جسدا وروحا، وهنا تكمن فكرة الكاتب العابرة للعقل، الفكرة المجنونة.
يعيدنا الشاعر إلى فكرة الغواية التي أخرجت آدم وحواء من الجنة، ويقدمها لنا بهذا الشكل:
" ما لي وشأنك أن تكوني في الهوى... فرح الوجود وتكوني الغاوية
أو أن تكوني لبس يومي تارة... أو أن تكوني في جفوني الصافية
الله لي أن مر يومك مدبرا... وتركت خلفك في ثيابي الهاوية"
هنا أيضا الشاعر يستخدم شكل/طريقة جديدة لما حدث في الجنة من غواية، فنجد اكتشافه للعري وحاجته للباس أخذت شكل آخر:
" أو أن تكوني لبس يومي تارة... أو أن تكوني في جفوني الصافية"
المرأة هنا هي لباس، ساتر عورة، وليس الثياب، وهو هنا يؤكد ما طرح في السابق عندما قال :
"طين الكمال وانت روحي الباقية
كوني كما كنا التحام العجينة"
فهو يريدها بشكل جديد، مغاير لما هو مألوف، وكأن الشاعر مكتشف/مخترع لحاجتنا للمرأة، لهذا نجده يبتكر طرق و أشكال للعلاقة معها لا تخطر على بال أحد.
ينهي الشاعر نصه بهذا الشكل:
" ومشيت فيهم لا تؤتني فاقتي... بغنى حضورك وانفتاح الرازية
لا شيء غيرك في الهوى أبدا أهوى...لا شيء غيرك في ثيابي طاغية" حالة من التماهي والتوحد من الصعب فصلها، لكنها في ذات الوقت تشكل دعوة للبقاء على عنصرين/شيئين، لكلنا منهما وضعه المستقل والخاص.

طاغية
نصف الكلام ونص عمري الهوى....طين الكمال وانت روحي الباقية
فلتشغلي في الزمان والمكان مقيمة.... والتبقي لي ظل الكؤوس الساقية
يا غربة الراحات في وصل الجوى... والشوق يقفز من جفوني الخاوية
كوني كما كنا التحام العجينة... في الكنة مني ورفعيني ثانية
ما لي وشأنك أن تكوني في الهوى... فرح الوجود وتكوني الغاوية
أو أن تكوني لبس يومي تارة... أو أن تكوني في جفوني الصافية
الله لي أن مر يومك مدبرا... وتركت خلفك في ثيابي الهاوية
ومشيت فيهم لا تؤتني فاقتي... بغنى حضورك وانفتاح الرازية
لا شيء غيرك في الهوى أبدا أهوى...لا شيء غيرك في ثيابي طاغية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المخرج الاردني أمجد الرشيد من مهرجان مالمو فيلم إن شاء الله


.. الفنان الجزائري محمد بورويسة يعرض أعماله في قصر طوكيو بباريس




.. الاخوة الغيلان في ضيافة برنامج كافيه شو بمناسبة جولتهم الفني


.. مهندس معماري واستاذ مادة الفيزياء يحترف الغناء




.. صباح العربية | منها اللغة العربية.. تعرف على أصعب اللغات في