الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحرب على التطرف وفق آلية الإقناع

رولا حسينات
(Rula Hessinat)

2017 / 4 / 17
مواضيع وابحاث سياسية




عندما تريد أن تبدأ حربا - عليك أن تحدد عناصر النجاح لخوض هذه المعركة واحتسابها انتصارا، والتي ترتبط بقدرتك على إنجازها في الوقت والتعبئة المحددة لها، ولا يمكننا الجزم بأن المعركة ناجحة، إن لم تع مقدار الخسارة ولم تأخذ بعوامل النجاح هذه العقلية القتالية هي في واقع الأمر ضمن أي منظومة كانت سواء اقتصادية أم سياسية أم اجتماعية ولم تكن حكرا على المنظومة العسكرية، لأنها جميعا تشترك بوجود الهدف الذي تقوم من أجله باستخدام الاستراتيجيات وتحديد السياسات اللازمة لتحقيقه .
وعندما يكون الخطر واحدا فإنها جميعا تشترك في الهدف العام وهو الأمن القومي، باعتبار أن سيناريوهات الحرب المحتملة واقع لا خلاف عليه.
إن أصعب أنواع الحروب هي الحروب التي تحتاج إلى مواجهة على خط النار بينما تعتبر الحرب الفكرية أسهل أنواع الحروب لزيادة القدرة على مواجهتها وإدارتها باعتبارها أزمة يمكن تخطيها ضمن آلية محددة ومدروسة وممنهجة، تستطيع من خلالها قلب الموازيين وترجيح الكفة
وإن كانت التنظيمات الإرهابية التي تدعي قدرتها على الاختراق من خلالها للمنظومة الأمنية من خلال قدرتها على التجنيد للخلايا، وذلك بالالتفاف وخلق خلايا قادرة على اختراق التنظيم وضربه بضربات استباقية في عقر داره، هذه هي فكرة الحرب خدعة وهي حرب الفكر كيف نستطيع القضاء على الإرهاب في خمس خطوات..
أولا: ما تستند إليه التنظيمات الإرهابية في عملها هو استغلال الوضع الداخلي وبخاصة التركيبة الاجتماعية، وما يعانيه أفرادها من الضعف الاقتصادي والتهميش والفراغ وبخاصة الشباب
إن حقيقة ما يقوم به التنظيم الإرهابي هو تجنيد الشباب الذين يتمتعون بقوة جسدية لا يمكن تقديرها و ملئه بالأفكار المسمومة، التي هي في الواقع نابعة من مفهوم الرغبة والحاجة بعيدا عن مفهوم الدين والأصولية والتكفير،والتي تضمن تحقيقه ببساطة دون تعقيدات، لأن الشباب بحاجة إلى دور بطولي لا يرتبط بالتزام روحاني بالضرورة وهذا أساس الحرب الفكرية- أي أن الفراغ الفكري- الذي يعيشه الجيل والذي ساهم المشرع بتفعيله، بقصم الرادع الأخلاقي والقيمي المتوافرة بالدين، ومال إلى اتخاذ نمط الحياة الأسهل الذي يعنى بالإطار المادي دون التزام عقائدي حيث أن الغاية تبرر الوسيلة، هذا ما يقوم عليه في الواقع الإرهاب وهذا ما يجب أن نملؤه إن أردنا أن نبدأ حربا عكسية .
الشباب بحاجة إلى عقيدة.. والعقيدة الأكثر نجاحا هي العقيدة الدينية التي تعني مفهوم التنمية الفكرية والوعي الذي يقود إلى الالتزام بعيدا عن التطرف والغلو وهذا يعني تجديد دور الدعاة وأئمة المساجد وأساتذة الشريعة
المضمون الذي يجب أن تتضمنه رسالتهم هو إعادة بناء الفرد وبناء الأسرة وله الصلاحية الكاملة في إصلاح الفرد وتوجيهه بعيدا عن الشعارات الرنانة والوقوف على ما يعانيه الشباب من حرمانه من فرص الزواج، التي زادت من فرص الشذوذ والاغتصاب والقضايا الاجتماعية وما يسمى بقضايا الشرف وذلك بتزويجهم وفق برنامج وطني مع تقديم المساكن والقروض الميسرة..
ثانيا: بناء شخصيات قيادية بعيدا عن الوجوه المتآكلة ذات شبهة فساد بأخرى لها قدرة إقناعيه وأهم هذه الشخصيات هي التي تحظى بأسهم مرتفعة اكتسبتها من غضب الحكومات والأجهزة الأمنية وتفعيل دورها باعتبارها الأقدر على قيادة الموقف وإدارة الأزمة وبخاصة المتعلق بالسلوك..
ثالثا: إقناع الشباب بالأداء الحكومي بنتائج يستطيع لمسها على أرض الواقع دون الحاجة إلى وعود كاذبة ما يستطيع المشرع الاستراتيجي تقديمه في فترة الخمس سنوات المقبلة هو خلق بيئة أداء حكومي نظيفة باجتثاث بؤر الفساد المتلاعبة بالمال العام
تكمن الحاجة في هذه المرحلة إلى الضرب بيد من حديد على الفاسدين ومحاسبتهم العلنية في محاكمات مفتوحة مع بيان عريضة من الأسماء ومصادرة أموالهم والزج بهم في السجون دون محاولة فاشلة لتهريبهم خارج البلاد، وتنفيذ المشاريع العالقة بسبب الفساد الحلول العملية هي أقصر الطرق الإقناعية لا يمكننا المساومة على هذا الأمر المرحلة لا تحتمل خسارة وطن بل تعني تطهيره من الفساد..
رابعا: زيادة الحس الوطني لدى الشباب بتفعيل برنامج خدمة العلم والتجنيد الإلزامي وإعادة بناء شخصية الشباب الواعية القادرة على تحمل المسؤولية، والتي عليها أن تعرف معنى أن تراب الوطن غالي دون استثناء، أيا كان من هذا التجنيد واستبداله بمال أو واسطة ويمكن إدراج كل ما يدعم ذلك من قرارات سواء في إيقاع العقوبات الصارمة على كل من يقوم بأي عمل مثير للشغب في الجامعات، أو في أي صرح تعليمي من قبل المشرع ومحاربة الواسطة والمحسوبية من قبل المواطن والمشرع معا، حتى يحظى الشباب بتوزيع عادل مكتسب للمشاركة في مناصب الدولة سواء في التوظيف أو التدريب مع أهمية إخضاعهم لبرامج تدريبية تأهيلية تضمن تنمية وتطوير وإصلاح دولة المؤسسات بعيدا عن مفاهيم البيروقراطية و الروتينية في بيئة العمل وتفعيل مشاريع التشغيل الوطني الإجباري والذي يلزم كل شاب وصل إلى سن 14 عاما ولم يكن قادرا على إكمال المراحل الدراسية الأساسية المتوسطة، وتنفيذ عقوبات رادعة بحق المخالفين منها السجن أو برامج رعاية الأحداث مع تقديم البرامج الترويجية لهم من رواتب وخبرة وفرصة عمل مع تنمية الحس الوطني بتفعيل الأناشيد التي تعزز مشاعر الحماسة الوطنية كنشيد بلادي بلادي وبلاد العرب أوطاني وموطني لأن الغاية تكمن في إذابة الجليد عن القلوب وفك الحصار النفسي بين الوطن والمواطن..
خامسا: القضاء النهائي على دخول المخدرات والأسلحة ومحاسبتهم العادلة أمام الناس وتغليظ العقوبات على التجار والمروجين، والتي قد تصل إلى الإعدام مع وجود برامج إصلاحية إجبارية للمدمنين...
بهذه الخطوات الخمس نستطيع القول أننا قطعنا نصف الشوط الأول من المباراة التي لا يمكن ضمان نجاحها إلا بالتزام الطرفين المشرع والمواطن و لا يمكن تحديد نجاحها ضمن فترة زمنية قصيرة
يمكننا الجزم أن ما يزيد عن النصف تمكنا بالخطوات الخمس،ننجح باستمالة فكره ويبقى نصف الشوط الثاني الذي يتفوق فيه الإرهاب بقدرته على التجنيد الالكتروني للشباب وهو ما يمكن تسميته النصف الآخر وهو الأعند الذي لم نستطع استمالته وتوجيه سلوكياته تحت أي مسمى سواء كان قيميا أو أخلاقيا أو دينيا وقد تمرد على مفهوم العادات والتقاليد وسقطت حجج الإقناع عند أذنيه فلم يع منها شيئا،هؤلاء نستطيع تجنيدهم بما يسمى التغذية العكسية وهم يحتاجون إلى برامج وتكتيك آخر من العلاج النفسي والاجتماعي لينخرطوا بشكل إيجابي في مجتمعاتهم..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الكونغرس الأمريكي يقر مشروع قانون مساعدات لإسرائيل وأوكرانيا


.. لازاريني: آمل أن تحصل المجموعة الأخيرة من المانحين على الثقة




.. المبعوث الأمريكي للقضايا الإنسانية في الشرق الأوسط: على إسرا


.. آرسنال يطارد لقب الدوري الإنجليزي الممتاز الذي غاب عن خزائنه




.. استمرار أعمال الإنقاذ والإجلاء في -غوانغدونغ- الصينية