الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عبودية الفوضى

مالوم ابو رغيف

2017 / 4 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


ما الفرق بين الديمقراطية الغربية وبين الديمقراطية المستحدثة في البلدان الشرقية اذا كانت مظاهر الاجراءات واحدة الانتخابات وصناديق الاقتراع وفصل السلطات ؟
الله الحاكم والوطن، هي قاعدة الولاءات التي استندت عليها جميع الانظمة في البلدان العربية والاسلامية لفرض الطاعة والهيمنة على الشعب على اختلاف نوع الحكم فيها، جمهوري او ملكي، مدني او عسكري، ديمقراطي او شمولي.
فالرئيس يجب ان يطاع مثلما يجب ان يطاع الملك والامير. كان جوهر حكم جميع الانظمة العربية واحد، فرض الطاعة بقوة التسلط. لذلك لم يلاحظ المواطن فرقا يذكر ( في خضوعه القسري) بين الانظمة الملكية والانظمة الجمهورية فعادة ما يبقى الرئيس ملتصقا بكرسيه مثلما يلتصق القراد على الجلد ويفرض بقاءه بالقوة.
واذا كان جوهر الحكم واحدا، فان جوهر الخضوع هو واحد ايضا، استعباد مفروض بقوة التسلط اوجد نوع من وحدة الارتباط بين الناس لعل ابلغ تعبيرعنه هو الناس متساوون بخضوعهم للحاكم.
في البلدان التي أُسقطت فيها الانظمة السياسة بقوة التدخل العسكري المباشر( كما في العراق وليبيا)، او بعد حراك سياسي جماهيري مدعوم من الخارج مثل اليمن ومصر او هبة جماهيرية قوية مثل تونس، او تلك التي تشهد تأمرا اجنبيا واسلاميا وارهابيا لاسقاطها مثل سوريا، في هذه البلدان انتعشت الاحزاب الاسلامية والمنظمات الارهابية واصبح حاضرها ومستقبلها مرهونا بمخططات للدول الاجنبية حتى غدت هي صاحبة الكلمة الفصل في تحديد نوع ومستقبل السياسة والاقتصاد والاستقرار، تأزم الوضع السياسي والاجتماعي فيها وتمزق النسيج الشعبي والشعور الموحد للانتماء الى وطن واحد وحل مكانه شعور الانتماء الى الطائفة والعشيرة والدين والمذهب.
لقد تغيرت قاعدة الولاءات (الله الحاكم الوطن) فلم يعد الله اله الدولة بل تعددت اوجهه حسب تعريفات المذاهب له، اما الوطن فقد تقسم الى مناطق نفوذ بين الاحزاب والقبائل والطوائف، وضعفت سلطة الحكم بضعف امكانية تطبيق القانون. اما الرابط الموحد الذي فرضته قاعدة الولاءات القديمة فقد تقطع وحلت محله عبودية جديدة هي عبودية الفوضى..
عبودية الفوضى هي ان يخضع المواطن للامعقول ويقنع نفسه بتصديقه، ان يتساير معه ويصبح جزء منه، هي ان يلازمه الخوف والتوجس الدائم ويخش التغيير، هي ان لا يأمن الحاضر ولا المستقبل، هي ان تضاعف قوة المليشيات والمنظمات الدينية العنفية فتفرض الفوضى كحل للخلاص.
في العراق اصبحت حتى العشائر تتحاور بالاسلحة الرشاشة والثقيلة، بل انها تعقد مؤتمراتها السنوية وترفع شعاراتها وراياتها. اما الفساد المستشري في دوائر القرار والتشريع والحكم فانه يطيح بالقانون ويصيره حبر على ورق.
عبودية الفوضى تمزق كل حبائل الارتباط بين الناس وتجرفهم الى تيارات التمزق والتشرذم والتبعثر والاحتراب.
في الدول المتقدمة حضاريا، تلك التي، ومهما كان رأينا في نظامها السياسي، عندما يفوز الحزب الحاكم او الرئيس او عضو البرلمان بالانتخابات ، فان اول واجباته هي الالتزام والمحافظة على القانون لا على المنصب، فان حدث وحنث بيمينه او خرق القانون ولم يتلزم به، عندها لن يجد احدا بما فيهم اعضاء حزبه، يدافع عنه او يسعى الى تبرئته اذا ما شعروا ان الدلائل تشير الى تورطه.
في الدول العربية والاسلامية فان مهمة الحاكم، ومهمة اعضاء حزبه ومؤازريه، الحفاظ على المنصب على العرش على الكرسي على التسلط، وان كان ذلك بخرق القانون او الاحتيال او النصب او الحنث باليمين.
اي حزب او شخص فاز بالانتخابات في البلدان العربية والاسلامية ستكون مهمته الاساسية هي اعادة قاعدة الولاءات القديمة.. الله ..الحاكم.. الوطن
اما الله فان اله الطائفة التي ينتمي اليها، اما الحاكم فهو هو وعائلتة واقاربه .. اما الوطن فهو مساحات الخضوع..
في الغرب قاعدة الولاء هي:
الدستور القانون النظام
اننا نضع التساؤل التالي امام القراء الاعزاء
ما هي افضلية الحكم الديمقراطي على الدكتاتوري في بلدان الشرق الاوسط اذا كانت الديمقراطية تهبط بالمجتمع الى حضيض الطوائف وتقود الى تفتت المجتمع وتجذر الفساد وتمكن رجال الدين من ان تكون كلمتهم هي العليا سلطويا وثقافيا؟
ما افضلية الديمقراطية اذا كانت تقود الى عبودية الفوضى؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الفوضى
كامل حرب ( 2017 / 4 / 18 - 01:57 )
سلامى استاذ مالوم ابو رغيف , نعم انها الفوضى و الفوضى تعم العالم بشكل متسارع وغريب , لاشك انك تعلم عن المعضله الكارثيه فى كوريا الشماليه وجيرانها والولايات المتحده التى تحدث الان هناك , اكيد العالم يحبس انفاسه عن ماسوف تتمخض عن هذه السيناريوهات والتى اطلت بوجهها القبيح فى الاسبوع الاخير , احداث من الممكن ان تخرج وتتمدد وتتدحرج على مستوى العالم مهدده بفناء البشريه


2 - الاستاذ مالوم ابو رغيف
nasha ( 2017 / 4 / 18 - 02:36 )
اقتباس (اصبح حاضرها ومستقبلها مرهونا بمخططات للدول الاجنبية حتى غدت هي صاحبة الكلمة الفصل في تحديد نوع ومستقبل السياسة والاقتصاد والاستقرار) لماذا؟؟؟؟
المجتمعات الاسلامية على مستوى القاعدة الشعبية منفصلة ثقافيا عن العالم ولا تفهم ماذا يجري حولها ولذلك تشرذمت وعمت فيها الفوضى بعد سقوط الانظمة. القاعدة الشعبية بحاجة الى تشكيل جديد وتاهيل حقيقي للدخول الى النادي العالمي .
الشرذمة والفوضى هي ضعف وتفكك وفقدان الثقة والامل وحالة طارئة لا طبيعية .
لقد اختفت (المادة اللاصقة) التي كانت تشكل هذه المجتمعات فتفككت الى مجموعات متناحرة.
اسرع مادة لاصقة ممكن ان تؤدي الى التماسك المجتمعي من جديد هي القوة القادرة على فرض ودعم التماسك .
هذه القوة ليست متوفرة داخليا ولذك هذه المجتمعات مرغمة للقبول بالتدخل الخارجي لوقف الفوضى واعادة هيكل الدولة.
تحياتي


3 - زمن بائس
مالوم ابو رغيف ( 2017 / 4 / 18 - 13:00 )
الزميل العزيز كامل حرب
تحياتي
مثلما تفضلت بان العالم يعيش في توجس وقلق وفزع، من الحرب المحتملة بين ترامب و أون ونتائجها الوخيمة على الشعوب خاصة وان الامر بين متهورين لا يحتكمان الى العقل في اتخاذ القرارات فترامب مثلا اصدر امرا بقصف سوريا وهو يأكل التورتة/ اما احتمالات احتمالات التصادم بين روسيا وبين الولايات المتحدة الامريكية في سوريا فانه ليس بعيدا عن الاذهان، وكذلك انتشار ايديلوجيا الارهاب في العالم وابتكار طرق بشعة للقتل مثل الدهس بالسيارات والطعن بالسكاكين، ولا احد يستطيع التنبأ اي طريقة بشعة للقتل سوفها يبتكرها الارهابيون المنتشرون في اغلب بلدان العالم.ـ
ان العالم يعيش في تعقيد وتخاصم وقلق دائم، فعندما تنظر الى اللاجئين والمهاجرين الذين يخاطرون بارواحهم للبحث عن حياة اخرى للتخلص من حياتهم المزرية تحس وكان شعوب بلدان الشرق وافريقيا يهربون من اوطانهم ويتركونها الى لا رجعة، بينما حكوماتهم تعيش في دعة ونغنغة وتشجعهم على الهجرة..ـ
انه زمن بائس جدا
تحياتي


4 - الديمقراطية والمجتمعات الاسلامية
مالوم ابو رغيف ( 2017 / 4 / 18 - 15:29 )
الزميل العزيز ناشا
تحياتي
تناقض كبير بين الديمقراطية كاسلوب للحكم واسلوب للحياة وبين الاعراف الدينية وثقافتها الغيبية، ان الغاية الاساسية من الانتخابات الديمقراطية هي انشاء مجتمع ديمقراطي قائم على ثقافة حقوق الانسان والتسامح والعدالة الاجتماعية والمساواة. الديمقراطية ستكون لا معنى لها اطلاقا اذا كانت غايتها بناء مجتمع اسلامي قائم على مباديء الامر بالمعروف والنهي عن المنكر.ـ
هذا التناقض الحاد الذي نراه في كل البلدان العربية التي شهدت تغييرات سياسية بعد احداث ما يسمى بالربيع العربي، بين الديمقراطية( انتخابات للوصول الى السلطة) وبين الحياة المتزمتة وانتشار الافكار المتطرفة وتفتت المجتمع، ينهي ان تكون الديمقراطية حلا صحيحا للاوضاع المزرية اكان ثقافيا او معيشيا.ـ
في الديمقراطية لا توجد قوة القسر، اذ ان القسر يتناقض جوهريا مع فحوى الديمقراطية وهو من ادوات الدكتاتورية، الديمقراطية لها قوة القانون والنظام والاقناع، الذي يحصل، هو ان المتربعين على السلطة ديمقراطيا، هم اول المنتهكين للنظام وللقانون، فيستخدم القسر لفرض واقع الفساد بعد ان يتشرذم المجتمع.ـ
هنا تفقد الديمقراطية معناها وتصبح فوضى


5 - الفوضى الخلاقة للادارة الامريكية
طلال الربيعي ( 2017 / 4 / 19 - 08:39 )
الاخ العزيز مالوم ابو رغيف
كل الشكر على مقالك وبودي ان اتسائل ما هو فرق الفوضى التي تشير اليها في مقالك عن سياسة الفوضى الخلاقة للادارة الامريكية, وكما عبرت عنه وزيرة الخارجية الأميركية السابقة, -كونداليزا رايس -, والهادفة الى استغلال واستعباد شعوب العالم؟
مع وافر تحياتي


6 - الفوضى الخلاقة
مالوم ابو رغيف ( 2017 / 4 / 19 - 09:31 )
الاخ العزيز طلال الربيعي
تحياتي
عندما تحدث الامريكيون عن الشرق الاوسط الجديد، فان اغلب الشعوب العربية، وقد ملت من القتامة والركود، ارتسمت في اذهانها صور العالم المتقدم الحديث المتجدد، فأعتقدت بان كلمة( جديد) تشير الى الرفاهية والحداثة والازدهار، لم يكن في مخيلتها بان الجديد الامريكي هو اعادة تشكيل الخارطة السياسة بواسطة الفوضى.
فالحروب لا تخلف الا الخراب والفوضى الاجتماعية والسياسية لا تخلف الا االهوس اكان قتلا او ارهابا او تدينيا او حقدا وعداء
للاسف لا زال البعص يتصور التصور ان الفوضى الامريكية خلاقة بناءة وان الجديد قادم رغم كل الخراب والدمار والاجرام والموت الذي اجتاح البلدان كما يجتاح الجراد الحقول الخضراء فلا يبقى فيها حياة فلا .ـ
كل البلدان التي مرت بالفوضى الامريكية الخلاقة بقيت على خرابها ولم يتغير واقعها نحو الاحسن، بل ان فوضى السياسة قادت الى فوضى الدين والاجرام والارهاب، ليس في الشرق الاوسط الجديد بل في كل العالم.ـ
المخابرات الامريكية تحدث الفوضى في العالم لتحكم السيطرة عليه
اكرر التحية


اخر الافلام

.. الرد الإسرئيلي على إيران .. النووي في دائرة التصعيد |#غرفة_ا


.. المملكة الأردنية تؤكد على عدم السماح بتحويلها إلى ساحة حرب ب




.. استغاثة لعلاج طفلة مهددة بالشلل لإصابتها بشظية برأسها في غزة


.. إحدى المتضررات من تدمير الأجنة بعد قصف مركز للإخصاب: -إسرائي




.. 10 أفراد من عائلة كينيدي يعلنون تأييدهم لبايدن في الانتخابات