الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العفيفي ومبادرة جمعية إصلاح الخارجين من السجون....

رولا حسينات
(Rula Hessinat)

2017 / 4 / 20
المجتمع المدني


استيقظ متأخرة لأنسل من خيوط الشمس ما يرمي جديلة على صفحة الكون، فأجدني مجرد نقطة صغيرة في صحراء تعثرت فيها كثبانها، وأعيد تشكيلها بدل المرة مرات في اليوم الواحد، ووجدتني مجرد سمكة تائهة في بحر لجي قد تغشاه موج من فوقه موج، فلم أجد نفعا من التوثب خارجه لأرمي نفسي على صخور شطآنه، آملة بنهار أكثر إشراقا.
وأدركت متأخرة أن لا سبيل للمحاولة في عالم أصمَّ أذنيه واستسلم لمفهوم المصلحة الخاصة دون أن يرى الآخرين من وراء عدسات نظارته السوداء، وأيقنت أن لا سبيل للسير وحيدة لأصلب وتحرق أفكاري كجان دارك يوما...
لكني رغم ذلك سأبقي على ما تنازل عنه البشر، سأبقي على إنسانيتي التي سأباري فيها من مدّ سلطانه إلى ما وراء الأفق، ذلك الأفق الذي لا أراه فهو ليس أفقي وليس ما أبحث عنه...
ولا ينقص مني شيء اعترافي أني ضعيفة أمام الطفولة المنهوبة، أمام دموع المساكين، أمام المحرومين، أمام قوافل الجائعين...
لا بل وأعترف أني لا أستطيع أن أكمل حوارا عن المستضعفين دون أن تخونني دموعي لتملأ صفحة وجهي العتيقة، التي أهزلتها المآسي والفواجع على طول البسيطة وعرضها.
الدموع التي تغسلنا هي التي تسقينا وتجعلنا قادرين على الاستمرار، على الحديث مع كل الطرائق بعيدا عن منطق المحاججة إلى منطق التفاهم.
أعترف أني ما كرهته شيئا أكثر من الجدل الجوف ومناطحة الثيران المجنحة التي لا ترى غير هوجها وتغفل طول قرونها...
ما أدركته متأخرة أني مهما فعلت فلن أكون إلى جانب ما فعله علي العفيفي شيئا...ذلك الشاب الذي وجد نفسه مبكرا قبل أن يفوته قطار العمر، والذي وصل إلى النقطة المساواة في التصالح مع الذات، فاستطاع أن يكون إنسانا صاحب المبادرة.
جعلني هذا الشاب أن أعيد صياغة الواقع، أنه لا يهم من أنت؟ وماذا تسعى لأن تكون؟
لا يهم ماذا فعلت، المهم ما الذي ستفعله...
وجعلني أعيد صياغة نفسي من جديد، بأن المرء مهما تعبت قدماه وسالت منها الدماء سيترك أثرا، المهم هو ذلك الأثر وتلك البصمة التي سيذكرها أحد ما في زمن ما بأنني يوما قد حاولت.
ما فعله علي العفيفي ببساطة أنه عرف نفسه، وعرف أنها في ضلالة، ولم يقف عند هذه الحقيقة بل سعى من أجل تغيرها بشكل ايجابي...ولكنه اصطدم بالواقع الذي لعنه وجعله موصدا بين قضبان الخطيئة، لم يجد من يمد إليه يده ولم يجد من يربت على كتفه ولم يجد تلك الشعرة التي قد تغرق وقد تنقذ...
فأعلنها لنفسه أن عليه أن يخطو خطوته مهما كلفه الأمر، مهما كان مكبلا بمخاوفه، فعليه أن يمضي للأمام، عليه أن يجلد ذاته، جلدا لن يندم عليه...فهي توبته ويجب أن تكون توبة نصوحا...
قام جازما بقطع يديه تحت عجلات قطار ليشهد على توبته الكثيرون ممن سولت له نفسه بالخيانة بخيانة الأمانة والمسؤولية تحت مسمى ضغط الحياة.
لم يكتف علي العفيفي بذلك وحسب بل أرادها قضية رأي عام...أراد أن يمسك زمام المبادرة ..أراد أن ينقذ الكثيرين من الخطيئة..وأراد أن يكون تلك اليد التي يمدها لمن لم يجد من يساعده...أراد أن يكون المنارة التي تهدي بنورها من لم يجد من يهديه...
من الصفر أراد أن يبدأ دعوته إلى الإنسانية العالمية لإنشاء جمعية لإصلاح الخارجين من السجون...هؤلاء الذين تبقى التسمية سوطا يلهب جلودهم ، سواء إن تابوا أم لم يتوبوا...
بقوا ببساطة دون كرامة...دون مصدر شريف ليعيشوا منه...ودون قدرة على الانخراط في مجتمعاتهم لمن جديد...
أما علي العفيفي ومبادرته وإحساسه بالضعفاء الذين أتقن معهم للغة الحرمان التي لا يفهمها سوى من ذاق مرارتها..
إنها الدعوة التي أشد على يده فيها...الدعوة للإنسانية بأن يشاركوه همه وحلمه...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تاريخ من المطالبات بالاعتراف بفلسطين دولة كاملة العضوية في ا


.. فيتو أمريكي ضد منح العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم الم




.. هاجمه كلب بوليسي.. اعتقال فلسطيني في الضفة الغربية


.. تغطية خاصة | الفيتو الأميركي يُسقط مشروع قرار لمنح فلسطين ال




.. مشاهد لاقتحام قوات الاحتلال نابلس وتنفيذها حملة اعتقالات بال