الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حوارات التمدن: حواري مع عبد الصادقي بومدين حول اليسار والتيارات السياسية الإسلامية في الشرق الأوسط وشمال افريقيا: محاولة لمقاربة جديدة..

ماهر عدنان قنديل

2017 / 4 / 20
مقابلات و حوارات


الأستاذ عبد الصادقي بومدين ضيف سلسلة حوارات التمدن:

تعريف بالأستاذ عبد الصادقي بومدين: عضو اللجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية المغربي (المصدر: الحوار المتمدن).

البداية:

* ماهر عدنان قنديل: تحياتي الأستاذ عبد الصادقي بومدين، أعجبتني هذه المُقدمة الموفقة، أظن أن مشكلتنا الحقيقية في الوطن العربي (أو في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا كما سميته في المُقدمة) تُكمن في عدم التحاور بين مُختلف التيارات الدينية والسياسية.. كما أظن أن التنافر بين اليسار والتيارات السياسية الإسلامية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تسبب في عرقلة عمل الطرفين مع بعض وهو ما خدم السلطوية التي وجدت نفسها تشد الحبال من الوسط وتتلاعب بها كما تشاء فتؤلب كل طرف ضد الأخر..

* عبد الصادقي بومدين: فعلا استاذ ماهر.فقد استعملت انظمة الحكم في الماضي القريب الاسلاميين لضرب اليسار ومحاربته ، خاصة في الجامعات حيث كان لليسار تاثير كبير على الشباب عامة والطلبة بوجه خاص، كان ذلك يتم بتناغم تام مع الاستراتيجية الامريكية ، فقد تم استعمال الاسلاميين في الحرب ضد المعسكر الاشتراكي وقائده الاتحاد السوفييتي.واليوم يحدث العكس ،لكن بنفس الاهداف، اي محاولة ضرب الاسلاميين باليسار بشكل او باخر بوعي هذا الاخير او بدونه.
انه وضع نتج عنه اقصاء متبادل رغم ان كلا التوجهين يعانيان من الانظمة ومحاربان معا في المجمل ويواجهان معا الاشكالية السياسية لكنهما في الغالب لا يتحاوران لايجاد نقط التقاء مرحلية، وهذا في صالح الانظمة القائمة وبالتالي ففكرة الديموقراطية لا تتقدم كثيرا ليس فقط للاعتبار اعلاه بل ايضا لضعف التشبع بالفكر الديموقراطي الذي يفرض حق الاختلاف لدى اليسار، عموما، كما لدى اغلب التيارات السياسية الاسلامية، ومن جهة اخرى ضعف ادراك طبيعة العمل السياسي الناجع الذي يفرض الحوار والتوافق والاعتراف المتبادل.

* ماهر عدنان قنديل: ماهي الحلول لهذه الجدلية ما بين اليساريين والإسلاميين من الناحية التطبيقية في نظرك؟ أنا الصراحة مُعجب بالطريقة الائتلافية (أو اللبننة الايديولوجية وليس الطائفية كما في لبنان) التي تقوم عليها الحكومة المغربية (منذ زمن التناوب التوافقي وتوسع ذلك مؤخرًا ليشمل 6 أحزاب) حيث تضم وزراء من مجموعة متنوعة من الأحزاب منها حزب -التقدم والاشتراكية- وهي خطوة ممتازة في عصر تتضاءل به الفوارق والاهتمامات الأيديولوجية شيئًا فشيئًا وتعلو فيه الاهتمامات السوسيو-اقتصادية وهو نفس الاتجاه الذي تحاول أن تذهب إليه بعض الأطراف السياسية في فرنسا، على سبيل المثال، من خلال ترشيح ماكرون الذي تخلى عن حزبه الاشتراكي محاولًا تشكيل، في حال فوزه، حكومة متنوعة من الوزراء المنحدرين من تيارات سياسية عدة منهم -بايرو- اليميني وغيره.. أظن أن مثل هذه الخطوات السياسية سيكون لها انعكاسات اجتماعية ممتازة بحيث أن تنوع التيارات في السلطة التنفيذية مع تقوية السلطة التشريعية وتنوعها سيكون له عواقب محمودة على كافة التيارات الفكرية والمجتمعية.. وأظن أن تعميم مثل هذه الخطوة في المنطقة سيكون شئ جيد لإنقاص حدة التوترات بين مختلف التيارات السياسية (اليسارية والإسلامية على وجه التحديد) لإيجاد التفاهمات، رغم أنني أعلم أن ذلك وحده ليس كافيًا لكنه سيوفر مناخًا للتعايش بين مختلف الأطراف السياسية..

* عبد الصادقي بومدين: الوضعية في المغرب متميزة ولها خصوصية، فما يعرفه المغرب من تعايش بين التيارات السياسية اليوم داخل الجهاز التنفيذي هو نتاج مسار سياسي منذ عقود. المغرب عرف التعددية السياسية والثقافية والنقابية اضافة لتعدده الاثني المندمج في نفس الوقت،بل ان اول دستور بعد الاستقلال حرم الحزب الواحد .ومهما كان تقييمناللمسار السياسي الذي يعرف مدا وجزرا في محال الديموقراطية حسب موازين القوى في كل مرحلة فان الاكيد ان ذلك خلق مناخا بل وثقافة سياسية تساعد على الحوار وتفرض الاعتراف بالاخر مهما كانت حدة الهلاف معه، التيارات السياسية المختلفة والمتناقضة تجد فضاءات للقاء ( جمعيات، نقابات، منضمات مدنية مختلفة، فضاءات الاحتجاج في الشارع...) ومن تجليات التعايش كثقافة ان المؤتمرات الوطنية للاحزاب السياسية تحضر جلساتها الافتتاحية كل او جل الاطياف والحساسيات السياسية ، والتقارب الايديولوجي ليس معيارا لدعوة حزب ما لباقي الاحزاب في حظور الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الوطني بل ان تعدد وتنوع الحظور هو احد معايير النجاح السياسي لاي مؤتمر حزبي.
وجود حساسيات مختلفة داخل الحكومة مفيد من حيث تلاقح وحوار اطراف سياسية مختلفة وحتى متناقضة، واحيانا بمثابة تحصين للمكاسب...مثلا وجود حزب التقدم والاشتراكية في حكومة يراسها حزب العدالة والتنمية الاسلامي حصن القرار الحكومي من اي شطط او تراجع عن الحريات، فلم يصدر خلال خمس سنوات الماضية اي قانون او قرار يسجل تراجعا او يحمل صبغة دينية ويلائم التوجه الايديولوجي للحزب قائد الحكومةوكان لحزب التقدم والاشتراكية دور كبير في ذلك ، فمشاريع القوانين والقرارات تصدر بالتوافق بين مكونات الحكومة ويتم البحث عن نقط اللقاء وايجاد صيغ توافقية في نقط الخلاف، وعندما يعترض الحزب على مشروع قانون او قرار( زواج القاصرات مثلا) فانه لا يصدر. علاوة على ذلك فان هذا التعامل يخلق جوا للحوار والتفاعل وتطور المقاربات سواء من هذا الطرف او ذاك. وهذا الائتلاف ، وليس التحالف الاستراتيجي، لا يمنع الصراع الايديولوجي في مجالاته ويبقى كل تنظيم مدافع عن افكاره وقيمه وهويته في الحياة العامة.انها تجربة تستحق التتبع والتامل وحتى الاستئناس...

* ماهر عدنان قنديل: فعلًا التجربة المغربية تدعو للتأمل والتتبع والبحث لأنها استطاعت ضم كافة الأطياف في تشكيلة سياسية موحدة وهو الأمر الذي عجزت عنه نفس التيارات في دول أخرى، في الأخير الأستاذ عبد الصادقي بومدين، أود معرفة رؤيتك لمستقبل الحركات الشيوعية والاشتراكية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وفي العالم وفقًا للمعطيات السياسية والاجتماعية الحالية في المنطقة والمعطيات الدولية التي تشهد تراجع اليسار (خاصة في أماكن قوته المُعتادة: تركيا، أمريكا الجنوبية، روسيا والهند) كما أن فرنسا ستشهد بعد أيام انتخابات رئاسية أعتقد أنها ستكون تاريخية للحركة اليسارية في العالم بما أن اليسار سيلعب على إحدى أهم أوراقه المُتبقية على المستوى الدولي وفقدانها سيكون كارثيًا على الحركة اليسارية لأربعة أو خمسة سنوات مُقبلة.. هل في رأيك سيكون المستقبل مشرقًا لليسار أم سينتابه بعض التعقيدات في المنطقة والعالم..

* عبد الصادقي بومدين: في تقديري ان اليسار في كل المنطقة ،وبشكل خاص في الشرق الاوسط، وضعه الحالي لا يؤشر على ان يكون له تاثير حقيقي على مسار الاحداث او بتاثير محدود في احسن الحالات ما لم يراجع نفسه بشكل عميق ، يتصالح مع بيئته وتاريخ مجتمعه وقيمه وادماج كل القيم الايجابية في هذا التاريخ كما اشرت في المقال الافتتاحي،ما لم يراجع خطابه وانشغالاته وممارساته.هذا يتطلب وقتا ، يتطلب تكسير حواجز نفسية، وجراة ، ونقد ذاتي عملي وليس كتابي فقط...تبدو لي الصعوبة في كل ذلك.
على المستوى العالمي لابد من الانتباه الى بعض الحركات اليسارية الجديدة التي تمكنت من تقدم واضح، مثال اليونان، ظاهرة بوديموس باسبانيا الذي خلق المفاجاة في الانتخابات الاخيرة، واليوم نلاحظ التقدم الكبير في استطلاعات الراي لملونشون بفرنسا ...هي كركات مجددة وتحمل خطابا جديدا وتوجها للشباب بعقليته وانشغالاته، انه نوع من التجديد في اليسار مهما كان راي اليسار الكلاسيكي الذي يتوجس من هذه الظاهرة الجديدة، انا اعتقد ان اليسار بما هو فكر وقيم خو تعبير عن طموح البشرية في العدل والانصاف، لذلك قد يكون قدر البشرية واملها في الانعتاق من القهر والاستغلال،عرف مدا كبيرا ثم تراجعا، ثم جاءت احداث فرنسا الشبابية وانخراط مفكرين كبار فيها مثل سارتر واشهر مثقفي فرنسا فاعطت لليسار شحنة جديدة ودماء جديدة...اليوم تتبلور بالتدريج افكار جديدة وتعبيرات جديدة لليسار لكن يتطلب الامر زمنا لتترسخ وتتقوى وتنتصر...اومن، ربما لانني يساري وفي الامر ذاتية لايمكن نكرانها،ان المستقبل لليسار ،لان التاريخ تقدمي بطبعه ،والبشرية عبرت عن طموحها في العدل باشكال مختلفة عبر التاريخ، ومنها الديانات المختلفة ( هذا موضوع يحتاج لتفصيل قد اعود اليه على هذا المنبر) وتجد في كل مرحلة اشكالا تعبيرية جديدة.

(انتهى)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف تتطور الأعضاء الجنسية؟ | صحتك بين يديك


.. وزارة الدفاع الأميركية تنفي مسؤوليتها عن تفجير- قاعدة كالسو-




.. تقارير: احتمال انهيار محادثات وقف إطلاق النار في غزة بشكل كا


.. تركيا ومصر تدعوان لوقف إطلاق النار وتؤكدان على رفض تهجير الف




.. اشتباكات بين مقاومين وقوات الاحتلال في مخيم نور شمس بالضفة ا