الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقدمات وتداعيات استفتاء أردوغان الانقلابي

بدر الدين شنن

2017 / 4 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


وأخيراً بعد سنوات من الصراع مع قيادته الحزبية ، وانشقاقه عنها ، وتأسيسه حزب العدالة والتنمية اليميني ، ذي النزعة العثمانية . وبعد سنوات من التآمر المنهجي ، والقمع ، للمعارضة العلمانية ، والقومية ، واليسارية ، وتواصل الحرب العنصرية ضد الكرد . وبعد أن فتح حرب الإرهاب الدولي ، المجلوب معظم عديده الهمجي من مختلف دول العالم ، بالتعاون مع القوى الاستعمارية والرجعية العربية وإسرائيل .. على سوريا . التي أدت منذ 2011 إلى الآن ، إلى قتل متوحش لمئات الآلاف ، وتدمير الكثير .. الكثير من العمران ، وتهجير متعمد ونزوح للملايين ، والتجارة بهم ، وبعذاباتهم وإذلالهم . وبعد اعتقال وتسريح عشرات آلاف الأتراك ، من العسكريين ، والموظفين ن والصحفيين ، بذريعة محاولة إسقاطه بانقلاب عسكري ـ سياسي .

بعد هذه السلسلة من الغدر والتآمر ، والحرب ، والاعتقالات ، تمكن أردوغان ، من انتزاع الفوز التعسفي في استفتاء مريب انقلابي .
وتملك سلطة السلطان الظلامية المشتهاة ، المرفوضة شعبياً ، وإنسانياً ، وأخلاقياً ، وحضارياً .
وتوج رأسه بالتاج المصنوع من غضب ولعنة الكرد ، والمطرودين من وظائفهم .. وكذلك من غضب ولعنة عذابات وآلام ، ودماء السوريين .. ذاك التاج المرصع برموز أدوات القتل المتوحش ، والتمير الهمجي ، في سوريا والعراق .

وقد ضخم سيناريو الاستفتاء " الانقلاب " ونتائجه ، ضخم شخصية أردوغان في الداخل .. وزاد من استنكار واندهاش الكثيرين في الخارج . كما زاد من مخاطر استبداده على استقرار ووحدة الشعب التركي ، في مختلف الصراعات القائمة ، وأولها المسألة الكردية ، والمسائل الهامة الأخرى ، المتعلقة بالديمقراطية والعلمانية . والأخطر والأهم من تلك التداعيات ، بعد أن تصور نفسه متمكناً من عرش السلطان ، هي مطامعه التوسعية ، التي بدأ مسار بلوغها بحربه القذرة ضد الشعب السوري ، وسار خلال الحرب على خطى أجداده السلاطين .. بالذبح .. والتهجير .. وتغيير الواقع السكاني .. والاحتلال بالحديد والنار .. بذريعة إقامة مناطق آمنة للمهجرين ، وقواعد ثابتة لقواته المسلحة العدوانية .

وإذ يشعر أردوغان أنه بلغ مرتبة السلطان .. ومجاله الدولي صار مفتوحاً أمامه أكثر ، سيما في زمن صنوه الرئيس الأمريكي " ترامب " . فإن الإقليم ما عدا حليفته " إسرائيل " . صار تحت مرمى حروب ونيران أردوغان ، وأهدافًاً لنهبه وتوسعاته . إذ أن للسلطنة العثمانية ، تجلياتها الصارمة ، وعقليتها العنيدة الجامحة ، التي لا تعترف بحق الشعوب بتقرير مصيرها ، ولا بحدود السيادة للدول ، خاصة تلك الدول المجاورة ، التي لديها ثروات طبيعية .. ومجالات حيوية للاستغلال السياسي والاقتصادي .

ولعلها ليست مصادفة فقط ، أن تتزامن بعض الأنشطة الدولية المستنكرة لمذابح الأرمن في العهد العثماني قبل أفوله بقليل .. مع أنشطة أردوغان بحصار وقمع الآخر ، من أجل الوصول إلى العرش الإمبراطوري . وكأن هناك ربط عضوي ، بين نوعية الحكم السلطاني العثماني ، مع البطش ، والذبح ، والتخلف .. بدلالة أنه بعد الإعلان عن فوزه في الاستفتاء .. ارتفع منسوب الكراهية له والخوف منه .

ولعلها ليست مصادفة فقط أيضاً ، أن تتزامن أيام ذكرى الذبح والتهجير ، والتشريد اللئيم الظالم للشعب الأرمني ( 24 نيسان ) مع الحشد الأردوغاني ، لاستكمال انقلاب الاستفتاء .. ليصبح سلطاناً فخوراً بأجداده المضرجة أياديهم بدماء الشعوب .

ومن خلال البحث التاريخي للعقلية العثمانية الظلامية ، يمكن فهم مهازل وسيرورة السلطنة ، وتعاملها التعسفي مع الآخر ، المغاير لمفاهيمها الشاذة وممارساتها السوداء ، سيما باستخدام إثارة العصبيات الدينية ،والتحريض على المذابح تجاه الأقليات العرقية والدينية ، أو بالتواطؤ معها بالسكوت عنها ، وعدو تقديم المساعدة لإنقاذ ضحاياها . ولذا لم يكن بوارد لدى أردوغان ، المتفاخر بعثمانيته ، أي مسوغات إيجابية ، أو محفزات لطرح الاستفتاء بآفاق إيجابية تشجع وتطمئن الشعب للإقبال عليه . مثل لن :
* يعتذر للشعب الأرمني عن المذابح التي تعرض لها إبان ،، وبتشجيع من السلطات العثمانية ، وراح ضحيتها .. ملين ونصف ملين أرمني .. ووضع برنامج شامل سياسي ومادي وأخلاقي ، للتعويض عما جرى بحق الضحايا الأرمن .
* أن يوقف الحرب المجزرة التي يذبح فيها الكرد ، الذين يدقون أبواب التاريخ منذ سنين طويلة لانتزاع حقوقهم الإنسانية المشروعة العادلة .
* وأن يسهم بقوة وصدق بإنصاف السوريين ، الذين ، أطلق عليهم منذ ست سنوات ، بمشاركة منظومة الإرهاب الدولي ، أطلق جحيم الحرب القذرة لإعادة إخضاعهم للإمبراطورية العثمانية ، بعد أن طرد السوريون أجداده السلاطين قبل مئة عام من بلادهم .
وهكذا اتضحت لعبة الانقلاب الأردوغاني الطويل بغطاء الاستفتاء .

لا تهنئة للشعب التركي بإحياء الاستبداد العثماني .

بل طوبى لوحدتكم .. ولنضالكم لاستعادة جمهوريتكم الديمقراطي العلمانية .

لقد قالها أردوغان بنهاية الاستفتاء للشعب التركي .. كش جمهورية .. كش ديمقراطية وعلمانية .
لكن ليس غريباً في وقت قريب .. أن يقول الشعب التركي لأردوغان .. كش ملك .. السلطان مات .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل تضرب إسرائيل المنشآت النووية الإيرانية؟ • فرانس 24


.. إدانات دولية للهجوم الإيراني على إسرائيل ودعوات لضبط النفس




.. -إسرائيل تُحضر ردها والمنطقة تحبس أنفاسها- • فرانس 24 / FRAN


.. النيويورك تايمز: زمن الاعتقاد السائد في إسرائيل أن إيران لن




.. تجدد القصف الإسرائيلي على مخيم النصيرات وسط قطاع غزة