الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رأي في نظرية الإمامة المقاومة ....

عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)

2017 / 4 / 22
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


رأي في نظرية الإمامة المقاومة ....


الإمام المقاوم والمتسلح بإيمان لا يتزلزل بأن الإنسان أي إنسان كان هو عملة الرب النادرة والتي أراد لها أن تكون محور الحياة ومدار الدين، لا يمكن أن نقرأه ونؤمن به على أنه الضحية فقط، فمن ظلمه هو من أراد للشيطان أن ينتصر، ومن نصره بذات المنهج الإيماني المقاوم للشرور والطغيان والفساد هو ناصر حقيقي له من أي عنوان جاء وبأي تسمية، لذا قيل أن الأحرار على دين واحد، هنا نؤشر لحقيقة مرة وأسف واقعي عندما نحول القادة الرموز والذين خاضوا الحياة وأخضعوا منطق العمل والجهاد إلى مدار المصلحة الإنسانية الشاملة، لم يكونوا غافلين عن مراعاة الواقع والنظر ببعدية مناسبة متناسقة بين المقاومة وبين الحفاظ على الدين كأطار جامع، ولم ينطلقوا من فرعيات الأنتماء الخاص.
كانت فكرة مقاومة الظلم والظالمين والتصدي لهم بكل وسائل المواجهة واحدة من أستراتيجيات ومبادئ الأنبياء والرسل والمصلحين على أنها الجهاد الأكبر منطلقين من أنفسهم أولا ومقدمين النموذج الأنجع، فهم أساسا يشعرون أن القيادة والإمامة ريادة قبل أن تكون أقوال ساكنة أو نصائح تلقى للناس، لم يفكروا بالمهادنة والمداهنة على حقوق الناس تحت عناوين وتبريرات واهية ووهمية حفاظا على وجودهم الفردي، هكذا كانت مقاومة الإمام موسى بن جعفر ع مقاومة شاملة ومجسدة بالتضحية الشخصية أولا، فهو بادر بالعمل الإيجابي وأسس للفعل المقاوم ولو بعد حين ولم يكن سلبيا مع الواقع ولم يصمت أو يسلم للطغاة كما يفعل اليوم من كنا نعتقد أنهم أهلا للقيادة المجتمعية والدينية، فما قيمة أن تعيش سالما والناس الذي تتبعك وتؤمن بك ضحية لللا أبالية بحجة أن الظالم ينصر الدين والمذهب وهو يسئ لكل القيم والمقدسات، وصراخ المظلومين يصعد إلى أعنان السماء.
من يقرأ التأريخ بإنصاف ويفهم أن دور الأئمة والمصلحيين الحقيقين الذين يتطابق إيمانهم مع عناوينهم سيجد أنهم المثال الذي يلهم الشعوب حقها ويؤسس لما يمكن أن يكون خارطة حياة حقيقية، أما غيرهم الذين يهادنون ويستهدنون ويداهنون بالحق لا قيمة لهم في عين الحق، ومهما أدعوا أو قالوا أو أظهروا من عبادة زائفة فهي لا تساوي عند الله جنح بعوضة، ولا يمكن أن تكون غطاء مقبول لأي تبرير أو إدعاء تحت منطق من لا تستطيع مقاومته أتركه للزمن، الزمن بمفهومه عند الأحرار والمقاومين أن تحمل إرادتك وتستجيب لمشروعك وتمضي حتى لو كنت وحيدا، فالناس بحاجة إلى قدوة وليس بحاجة إلى تصبير وتصبر العاجز والمتكاسل، هنا يمكننا أن نفهم لماذا تعمدت السلطة الغاشمة على قتل وتشريد وسجن العشرات بل المئات من الرموز الحقيقية للدين مع سلميتها في خوض النضال، لأنها تعرف أن المقاومة المنهجية عندما يرفدها قوة الإيمان بالحق أقوى من كل الأسلحة وأمضى في حصد النتائج النهائية.
لقد مارست السلطة العباسية ومثلها كل السلطات التي جاءت بعناوين الدين والإيمان أعتى أنواع الظلم دفاعا عن وجودها المحض، وليس دفاعا لا عن الدين ولا عن الإنسان، إنها قضية الملك والسلطة والمنافع الدنيوية وبهرجة العرش، فكان ضحية هذا المنهج هم الأحرار فقط والمقاومين لخط الطغيان والبغي من خيرة المصلحين وأئمة الدين، وهذا ما يفسر الصراع داخل الفكر الديني والذي يصفه الجاهلون إنه صراع من أجل السلطة، ولم يشيروا إلى أن الصراع السلطوي عادة ما يدور أما في داخل أجنحة السلطة أو في دائرة المنافسة المتوازنة، فالإمام الكاظم مثلا والإمام أبي حنيفة النعمان شهداء هذه السلطة لم يكونوا لا من أجنحة السلطة ولم يكونوا أيضا منافسا ندا من حيث القوة والقدرة على أستخدام القوة في الصراع، ولكن كليهما ومثلهما العشرات بل المئات حملوا المبادئ وحافظوا على أمانة المسئولية لينقذوا الناس من الطغيان والأفتراء السلطوي.
لقد كانت حياة البعض من أئمة المسلمين الذين وضعوا الأمانة الإنسانية والأخلاقية في عنقهم وهم على توافق مع ما يؤمنون، مثالا حيا على أنتصار الإنسان لأخيه الإنسان ولو أدى ذلك إلى المزيد من الخسائر المؤقتة، وهذا لا يمنعهم من أن يكونوا في ذات الوقت عباد زاهدين ومؤمنين حقيقين بما يريد الله منهم، فلا يهم عندهم أن لاقوا الموت أو أن الموت يلقاهم عمدا، فهم يعرفون أن مقاومة الظالم مهما كان قريبا أو بعيدا يدع الإيمان أو ينكره لا يغير من أصل القضية، بل أن كل حسن من حسن أحسن وكل قبيح من قبيح أقبح، ودرجة المفاضة تون بالقرب من وشيجة الإيمان ووشيجة الإنسانية، ما نراه اليوم من ظلم عاتي من الأقربين والأبعدين سببه أننا نتذرع بما لا يجب أن يكون إلا دافعا للتشديد، فعندما يسكت المسلم عن ظلم المسلم الاخر فإنه يشارك بقوة في هذا الظلم وإن كان يرفضه داخلا، وسكوت الطائف عن ظلم طائفي منه ضد الأخرين تحت عنوان نصرة الطائفة أعلى درجات الإنحطاط وأبغض أنواع الظلم.
هكذا يجب أن نفهم معنى المقاومة في تصديها للظلم وتصديها للجور والطغيان، كان بمقدور الكثير من الآئمة الثائرين والمقاومين أن يدفعوا بالملايين لمحرقة الموت وتجيشهم تحت عنوان الدين والإسلام وهم على أرائكهم متكئون، ولكن النتيجة ستكون عارا وشنارا أن يذبح الناس بدعواهم والقائد نائم تحت ظل ظليل وفراش موثور، القيادة الحقيقية أن تكون القدوة والرائد والفاعل الأول للدعوة وأن تعط للوجود أكثر مما يعط غيرك من الناس حتى لو كان هؤلاء لا يمنعهم مانع من العطاء، ولكون القائد الإمام هو الجنة التي يستجن خلفه الناس، لا أن يكون خلف الناس يتصيد الاخبار ويمني النفس بأمنيات الكسالى والقاعدين، ينتظرون ولا ينظرون.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عرب ويهود ينددون بتصدير الأسلحة لإسرائيل في مظاهرات بلندن


.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص




.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح


.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة




.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا