الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حوار مع كائن فضائي: صليبٌ وسيف

فاطمة ناعوت

2017 / 4 / 22
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني




اندهش المجتمعُ المصري من ظاهرة غفران أسر الشهداء المسيحيين ومسامحتهم للإرهابيين قتلة أبنائهم في مذبحة البطرسية بالعباسية ديسمبر الماضي، ثم كنيسة مارجرجس بطنطا، والمرقسية بالأسكندرية، الأسبوع الماضي. ولتفسير ذلك أذكركم بواقعة موجعة حدثت قبل ثلاثة سنوات، ومرّت كما يمرُّ غيرها دون ان نتعلّم أو نتغير أو نرتقي.
ظهيرة السبت 29مارس 2014. تكاثر قطيعٌ من بلطجية الإخوان الإرهابيين، في مظاهرة بمنطقة عين شمس، على سيارة تقودها فتاةٌ عزلاء اسمها "ماري سامح جورج". هشّموا السيارة بالحجارة والعصيّ، ثم أخرجوا الفتاة من حطام السيارة وأوسعوها ضربًا وركلا وسحلا وتعرية وتمزيقًا بالمطاوي، حتى فارقت الحياة. حدث ذلك في عهد الإخوان الساقط، على مرأى من الناس ومسمع. لم يحّرك الناسُ ساكنًا، وتركوا الفتاة الضعيفة تتمزّق بين أنياب الوحوش، ومخالبهم.
***
س: ماذا فعلت تلك الفتاة؟ ما جريمتُها؟
ج: كانت تعلّق في سيارتها صليبًا!
س: لا أفهم! تلك جريمتها؟!
ج: نعم.
س: “لو كان على زجاج سيارتها الخلفي ملصقٌ به سيفٌ والشهادتان، كالمنتشرة في مجتمعكم، هل يعترضها أحدٌ؟
ج: مستحيل.
س: لماذا؟
ج: السيفُ يحميها!
س: أيُّ سيف؟ إنها صورة سيف، وليس سيفًا حقيقيًّا!
ج: في مجتمعنا فقط، يحدث هذا.
س: كيف تحمي "صورةٌ مرسومة"إنسانًا أعزل؟ السيف على الورقة لا في يدها، فكيف يحميها؟!
ج: “صورةُ السيف تحمي كأنها سيفٌ حقيقي؛ لأننا في مجتمع شكلاني أجوف. لا أحد بوسعه الاقتراب من سيارة تحمل صورة سيف خارجٍ من غمده.”
س: هل في مجتمعكم يخافُ الناسُ من الصور والرمز، ولا يخافون من خطايا هتك القيم وإهانة امرأة وهدر الدماء؟
ج: نعم. فنحن نعيش في زمنٍ أغبر وفي مجتمعات تعسة وبين قوم لا يعقلون!
***
هذا حوارٌ دار بيني وبين كائن فضائي لا يعرف طبائع المجتمعات العربية الشكلانية.
***
صليبٌ يُعلّقُ في مرآة السيارة الأماميّ؛ نعرف منه أن صاحبها مسيحيٌّ! سيفٌ ضخم مُلصق على زجاج السيارة الخلفيّ، فنعرف أن صاحبها مسلم! لكنه ليس مسلمًا مثلي ومثلك. بل متطرف يريد أن "يُرهبك" في الطريق "بصورة" تقول: “احترس، فأنا لحمي مسموم!” وربما الصليب هو رمزُ المسيحية. ولكن منذ متى صار السيفُ رمزًا للإسلام؟ كنتُ أظنّ أن رمز ديني هو "المصحف" مثلا، أو حتى "هلال" فولكلوريًّا، ولكن ما معنى السيف؟! لنتأمل هذا.
الصليبُ رمزٌ. السيفُ رمزٌ. لكن شتّان ما بين الرمزين. دعوني أطرح سؤالين:
** إن علّقت صليبًا، في مجتمع رجعي، فهل أنت في نظر ذلك المجتمع مهيضُ الجناح، تمثّل أقليةً مُستضعَفةً في بلادك، فتكون بهذا عُرضَة لتطاول متطرف يرميك بكلمة نابية، أو إرهابي يرميك بخنجر؛ أو قنبلة؟
** إن رفعت مصلقًا به سيفٌ، في نفس المجتمع الرجعي السابق، فهل أنت محميٌّ بنصل ذلك السيف، فيرهبُ الناسُ جانبك ولا يقوى أحدٌ عليك؛ وإلا فإنه يعتدي على الله شخصّيًّا؟
إن كانت الإجابتان بـ"نعم"، فياللهول! ياللصاعقة!
الصليبُ والسيفُ رمزان. الإسلامي المتطرف يرى السيفَ رمزًا للجبروت ونحر المخالف، ويرى في الصليب رمزًا للضعف والاستكانة. والمسيحي يرى الصليب رمزًا للقوة الروحية الجبارة، ويرى السيفَ رمزًا لضعف الحُجّة والاستقواء الزائف على الأعزل.
علام يدلُّ الرمزان؟
الصليبُ رمزٌ لأداة قديمة استخدمها الحاكمُ لتعذيب المحكوم. يُعلَق الشخصُ على الصليب وتُدقُّ المساميرُ في يديه وقدميه ويُترك حتى تتصفّى دماؤه ويموت. واستُخدم الصليبُ إما لمعاقبة مذنب خارج على القانون، أو لإسكات شريف عارض الحاكم الفاشي. فالسيد المسيح عليه السلام رُفع على الصليب لأنه أتى برسالة سلام ومحبة في مجتمع دمويّ، وقال قولة حقٍّ في وجه سلطان جائر، فحُكم عليه بالموت. وكان إلى جواره لصّان عن يمينه وعن يساره، رُفعا أيضًا على صليبين. الفكرة هنا أن الصليب رمزٌ "لاستقبال" العذاب والموت.
أما السيفُ فهو رمزٌ "لإرسال" العذاب والموت. ينحرُ حاملُه عنقَ من يختلف معه.
حاملُ "رمز" الصليب كأنما يُعلن استعداده للقتل على يد سواه. وحاملُ "رمز" السيف كأنما يُعلن استعداده لقتل سواه. فإن اجتمع الرمزان في مجتمع واحد، دون وعي وعدل واحترام للمدنية والقانون، شاعت الطائفيةُ وعمّت الفوضى. لأن أحد الرمزين يقول: "اقتلني"، بينما يقول الآخرُ: "إني قاتلُك".
لكن الشاهد أن المسيحي يرى في الصليب كلَّ القوة والبأس؛ لأنه يؤمن أن الغفران والتسامح منتهى القوة، تمامًا كما طلب السيد المسيح الغفران لمن رفعوه على الصليب، وفق الإيمان المسيحي. ذلك هو السر في أن أهالي الشهداء المسيحيين يسامحون قتلاهم ويدعون لهم بالهداية. فهل يخجل من نفسه من يحمل السيف؟ اللهم اهدنا جميعًا واعصمْ دماءَ العُزّل من المرضى حملة السيوف.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ماري سامح جورج
كنعان شماس ( 2017 / 4 / 22 - 16:06 )
رحم الله هذه المظلومة ورحم كل من قال او كتب كلمة رثـــــاء في حق هذه المظلومة وســـــــود الله وجوه من شارك في تلك الجريمة النكراء او سكت عنها ووقف متفرجا يسلم قلم الاخت فاطمة ناعوت وكلماتها التي توخــز هذا التوحش والانحطاط البشري تحية


2 - الصليب هو قوة الله فكيف لايخاف منه الشياطين
مروان سعيد ( 2017 / 4 / 22 - 16:20 )
تحية للاستاذة فاطمة ناعوت المحترمة وتحيتي للجميع
قال الرسول بولس عن الصليب

18 فان كلمة الصليب عند الهالكين جهالة واما عندنا نحن المخلصين فهي قوة الله. 19
وهذه القصة التي حدثت مع هذه السيدة القبطية هو الدليل على قوة الصليب وبالصليب نقدر ان نحب اعدائنا ونباركهم ونغفر لهم لاانهم ممسوكين من عقولهم ومتحكم بهم من قوة الشر قوة السيف واياته الشيطانية
واتحدى اي مسلم متعصب ان ينظر للصليب نصف دقيقة فانه سيموت فورا
الصليب هو رمز المصالحة الاهية وغفران الخطايا لقد صالحنا الله مع نفسه بيسوع المسيح الانسان الذي بدون خطيئة تحمل هذا العزاب العظيم ليرفع خطايا العالم
ويقول الناس كيف هذا ولماذا
هي خطة الاب السماوي الذي ابنائه تاهوا وضاعوا ويريد استرجاعهم وليدفع دينهم المتراكم منذ البدئ ارسل كلمته وروحه الينا وتجسد هذا الكلمة وصار انسان وتواضع كافقر انسان لاانه يمثل الفقير والغني والعالم والجاهل هو سفيرنا على الارض فصلب ومات وقام وصعد الى السماء
اذا الصليب كان في فكر الله منذ البدء وهو قوة الانتصار على الخطيئة ودليلي في اشعيا 53 يشرح بالتفصيل عملية الفداء وهو قيل مئات السنين
يتبع


3 - الصليب هو قوة الله فكيف لايخاف منه الشياطين 2
مروان سعيد ( 2017 / 4 / 22 - 16:27 )
اشعيا 53
من صدق خبرنا ولمن استعلنت ذراع الرب. 2 نبت قدامه كفرخ وكعرق من ارض يابسة لا صورة له ولا جمال فننظر اليه ولا منظر فنشتهيه. 3 محتقر ومخذول من الناس رجل اوجاع ومختبر الحزن وكمستر عنه وجوهنا محتقر فلم نعتد به 4 لكن احزاننا حملها واوجاعنا تحملها ونحن حسبناه مصابا مضروبا من الله ومذلولا. 5 وهو مجروح لاجل معاصينا مسحوق لاجل اثامنا تاديب سلامنا عليه وبحبره شفينا. 6 كلنا كغنم ضللنا ملنا كل واحد الى طريقه والرب وضع عليه اثم جميعنا. 7 ظلم اما هو فتذلل ولم يفتح فاه كشاة تساق الى الذبح وكنعجة صامتة امام جازيها فلم يفتح فاه. 8 من الضغطة ومن الدينونة اخذ.وفي جيله من كان يظن انه قطع من ارض الاحياء انه ضرب من اجل ذنب شعبي. 9 وجعل مع الاشرار قبره ومع غني عند موته.على انه لم يعمل ظلما ولم يكن في فمه غش 10 اما الرب فسر بان يسحقه بالحزن.ان جعل نفسه ذبيحة اثم يرى نسلا تطول ايامه ومسرة الرب بيده تنجح. 11 من تعب نفسه يرى ويشبع.وعبدي البار بمعرفته يبرر كثيرين واثامهم هو يحملها. 12 لذلك اقسم له بين الاعزاء ومع العظماء يقسم غنيمة من اجل انه سكب للموت نفسه واحصي مع اثمة وهو حمل خطية كثيرين
ومودتي


4 - يسلم قلم الاخت فاطمة ناعوت وكلماتها التي توخــز
أمين Amin ( 2017 / 4 / 22 - 19:32 )
توخــز هذا التوحش الشَّبيه بحرق محاكم التفتيش الكنسيَّة للكفّار والانحطاط البشري القرونأوسطي وسخام الشَّمامسة

تحية


5 - المجرمين الاخوان تجد من يتستر عليهم
عبد الحكيم عثمان ( 2017 / 4 / 23 - 07:51 )
رغم ان شاهد عيان اكد تعرض الشهيدة ماري سامح جورج الى عملية قتلا بشعة بتعرضها لعدة طعنات اضافة الى السحل والركل والتعرية من قبل المجرمين الاخوان المسلمين الا انهم يجدون من يبرأهم فورد في تقرير الطب الشرعي بعد تشريح جسد المغدورة انها لم تقتل طعنا بل سبب وفاتها اطلاقة رصاص اخترقت يسار الصدر أحدث تهتك بالقلب والرئة اليسري والحجاز الحاجز والطحال وخرج من الظهر.
هذا ماقاله الطبيب الشرعي
الدكتور هشام عبدالحميد،
حيث اكد ان المغدورة الشهيدة ماري لم تتعرض للطعن ولم تتعرض للخنق


6 - أنا ضد قتل أخت مسيحية فمارأيك فيمن قتلوا في رابعة؟
عبد الله اغونان ( 2017 / 4 / 23 - 19:57 )

لوكنت حاكما قاضا لحاكمت من قتلوا هذه الأخت المسيحية كائنا من كانوا ول اقتضى الأمر قتلهم

ولاعبرة هنا بتوزيع التهم فالملثمون يمكن أن يكونوا مخبرين ومن العسكر التحقيق والضبط

ساعة وقوع الجريمة هو الحكم وليس توزيع الاتهامات جزافا

لكن مارأيك وموقفك من مجزرة رابعة والنهضة وغيرها؟

لانحتاج الى حوار مع كائن فضائي بل نحتاج الى حوار بيننا نحن

مالم تجيبي سأعتبر موقفك مجرد مناورة وتغطية على اجرام عاينته وسكت عنه

والساكت / الساكتة عن الحق شيطان أخرس


7 - سيد مروان سعيد مع احترامي
احمد الجندي ( 2017 / 10 / 10 - 10:01 )
من الانتقادات التي وجهت للاسلام تكفيره للاديان الاخرى
طيب بتقدر تشرحلي من هم الهالكين هنا وما معنى هالك
8 فان كلمة الصليب عند الهالكين جهالة واما عندنا نحن المخلصين فهي قوة الله
بعيدا عن ذلك من الغريب ان اخلافكم اعظم من اخلاق انبيائكم خاصة النبي الذي لعن 42 طفل فقتلهم الله

اخر الافلام

.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص


.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح




.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة


.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا




.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: مش عاوزين إجابة تليفزيونية على س