الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سيمون دي بوفوار وجان بول سارتر في كوبا

هشام روحانا

2017 / 4 / 22
مواضيع وابحاث سياسية



**الصورة الأشهر
كوردا هو من التقط صورة "تشي" المعروفة التي تطبع عادة على القمصان والملصقات ويقال عنها انها الصورة الأشهر في العصر الحديث وبقيت معلقة في مكتبه سنة كاملة دون أن ينتبه لها أحدٌ، وحازت على شهرة عظيمة لاحقا حين اصبحت من ضمن شعارات "ثورة الطلاب" 1968.




"تبقى الماركسية فلسفة عصرنا ذلك لأننا لم نتجاوز بعد الظروف التي خلقتها"؛
(جان بول سارتر)
قَدِمت سيمون دي بوفوار الفيلسوفة النسوية الفرنسية بصحبة رفيقها لفترة طويلة من الزمن الفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر عام 1960 الى كوبا، بعد فترة وجيزة على انتصار الثورة. وكانت قد دُعيت مع عدد كبير من مثقفي اليسار العالمي للمشاركة في مهرجانات واجتماعات ثقافية جماهيرية في كوبا احتفالا بالثورة.
وقد وصلا كوبا في شهر شباط 1960 والتقيا تشي جيفارا وتحدثا معه لمدة 4 ساعات. وقام سارتر بعد هذه الزيارة بكتابة 16 مقالا للصحافة الفرنسية جُمعت لاحقا تحت عنوان "العاصفة فوق السُكَر". وكان جيفارا من جانبه مهتما بالفلسفة منذ الصغر، ويحكى أنه قد قام بكتابة معجمه الخاص بالفلسفة بعد ان قرأ فرويد، ماركس إنجلز، لينين وانتقل بعدها لكافكا، كامو سارتر وغيرهم.
وبدون شك فإن جيفارا كان شديد التأثر بمقابلة سارتر؛ الفيلسوف الذي ترعرع على قراءة كتاباته. أما سارتر فقد وقع اسيرا في حبال شخصية "تشي" الآسرة وعندما تم اغتيال جيفارا في بوليفيا كتب عنه سارتر قائلا: "لم يكن جيفارا مفكرا فحسب بل الانسان الاكثر كمالا في وقتنا المعاصر كله". كان البرتو كوردا (Alberto Korda) هو من التقط صور الثلاثة معا ويظهر توقيعه في أسفل الصورة على طرفها الأيمن، وكوردا هو من التقط ايضا صورة "تشي" المعروفة التي تطبع عادة على القمصان والملصقات ويقال عنها انها الصورة الأشهر في العصر الحديث وبقيت معلقة في مكتبه سنة كاملة دون أن ينتبه لها أحدٌ، وحازت على شهرة عظيمة لاحقا حين اصبحت من ضمن شعارات "ثورة الطلاب" 1968.
كانت هذه الصورة قد التقطت بعد انفجار باخرة فرنسية محملة بالأسلحة في ميناء هافانا-كوبا والتي أوقعت العديد من الضحايا ولقد هرع جيفارا وهو طبيب الى مكان الحادث وقد كان في مكان قريب من الميناء في اجتماع يرأس فيه "المؤسسة الوطنية للإصلاح الزراعي" لتقديم العناية الطبية للمصابين.
في اليوم التالي للانفجار شاركت دي بوفوار وسارتر الجماهير الاستماع لخطاب كاسترو الذي وضع مسؤولية الانفجار على "هؤلاء الذين لا يريدون ان نمتلك سلاحا للدفاع عن الثورة" واصفا اياه بالعمل التخريبي. تجولت دي بوفوار برفقة صديقها بين الجماهير المحتشدة في شوارع هافانا القديمة حيث شاهدت الفتيات في مقتبل العمر يبعن العصير للمارة في حملة لجمع الاموال دعما للدولة الثورية الفتية. وكتبت سيمون دي بوفوار لاحقا، وبتأثر شديد: "قام راقصون مشهورون بالرقص أو بالغناء في الساحات من أجل جمع أموال الدعم، والصبايا الجميلات بملابسهن الكرنفالية سرن في فرق يجمعن الاموال. "إنه شهر عسل الثورة" قال لي سارتر، بدون أجهزة الدولة ولا بيروقراطيتها بل هو تماس مباشر بين الشعب وقادته والجماهير تموج بها الآمال المرتبكة. لن يدوم الأمر الى الأبد، الا انه مشهد مليء بالمواساة. إنها المرة الأولى في حياتنا التي نشهد فيها سعادة تم الحصول عليها بالعنف".

لاحقا في نفس العام ، وفي تشرين الأول دعا فيديل سارتر ودي بوفوار لزيارة كوبا، الا أن الزيارة هذه المرة بالنسبة لهما لم تكن على ذلك القدر من البهجة، كما كتب جيفارا، أما سيمون دي بوفوار فكتبت: "لقد تغيرت هافانا، لا نواديَ ليلية ولا نواديَ للقمار، ولقد غادرها السياح الأمريكان ووقف الفندق القومي نصف فارغ وفي نصفه الآخر اقام فتية وفتيات اعضاء الجيش الشعبي مؤتمرهم الوطني". وواصلت في ملاحظاتها على هذه الزيارة فذكرت اعضاء الجيش الشعبي المنتشرين في الشوارع والشائعات عن تدخل عسكري وشيك وضايقها ما سمته التجانس القامع للحياة في كوبا الجديدة.
تعكرت الأجواء بين سارتر وكاسترو في فترة متأخرة أكثر. وقف سارتر في عام 1971 الى جانب الشاعر الكوبي هربرت باديلا (Herberto Padilla) الذي اعتقلته السلطات في كوبا، ووقع على عريضة تطالب بالعفو عنه، متهما كاسترو بالستالينية، أما كاسترو فلم يبق خالي الوفاض لقد صار سارتر بالنسبة له في عداد "السادة البرجوازيين الليبراليين ... خدمة الامبريالية". أما الشاعر هربرت باديلا فقد أطلق سراحه لاحقا وسمح له بعد سنوات بمغادرة الجزيرة المحاصرة على يد الامبريالية الامريكية فهاجر الى الولايات المتحدة ليستقبله رونالد ريغن رئيسها حينئذ استقبال الابطال.




//المصادر:
1) http://www.critical-theory.com
2) http://www.theguardian.com/news/2000/oct/14/guardianobituaries.cuba
(الكرمل- حيفا)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لماذا خصّ الرئيس السنغالي موريتانيا بأول زيارة خارجية له؟


.. الجزائر تقدم 15 مليون دولار مساهمة استثنائية للأونروا




.. تونس: كيف كان رد فعل الصحفي محمد بوغلاّب على الحكم بسجنه ؟


.. تونس: إفراج وشيك عن الموقوفين في قضية التآمر على أمن الدولة؟




.. ما هي العقوبات الأميركية المفروضة على إيران؟ وكيف يمكن فرض ا