الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مأزق الخبير و معضلة الخبرة في العراق

عماد عبد اللطيف سالم

2017 / 4 / 23
الادارة و الاقتصاد


مأزق الخبير و معضلة الخبرة في العراق



لا قيمة ولا معنى لـ "الخبرة" في العراق.
فـ "الخبير" في نهاية المطاف يُقدمُ ما يُسمى بـ "خبرته" لمسؤولٍ حكوميٍ (تنفيذيٍّ) ، أو لمسؤولٍ سياسيٍّ (مؤثِّرٍ في صنع القرار، أو راسمٍ للسياسة) ، أو لشخصٍ " وسيط" يعملُ عند هذا ، أو ذاك .
والقاعدةُ الذهبية التي يعملُ بها "المسؤولون" التنفيذيّون وصُنّاع السياسة والقرار في العراق (منذ عقود ، وليس الآن فقط) هي : إجمَعْ أكبر عددٍ ممكنٍ من "الخبراء" في اختصاصات مختلفة ، و "أمسكهُم بمعروف" .. واطرَحْ عليهم ما تُريدُ طرحه ، ودعهم يتحاورون ، ويختلفون ، ويتخاصمون . بعدها "اصبِرْ على ما يقولونَ ، وأهجُرْهُم هجراً جميلا" .. ثم اذهَبْ قُدُماً بما تعتَقِد انّهُ صحيح ، وأترُك الجميع خلفك(بجعجعتهم الخشنة ، وطحينهم الناعم على حدٍّ سواء) .. وأخيراً "سرّحهم بإحسان" .. ودعهم يمضونَ بعد ذلك الى باب الربّ الرحيم ، ليحفظهم بعنايته ، ويرعاهم بحكمته.
إنّ هدف "الخبير هو غير هدف "السياسي" . ومهما قيل عن تصنيف مسؤولينا التنفيذيّين ، فهم جميعاً سياسيّون ، أو "تابعونَ" للسياسيّين بشكلٍ أو بآخر (ولا استثني منهم أحدا) . فاذا لم يعمل الخبير على خدمة الهدف السياسي للمسؤول التنفيذيّ ، سيُصبِحُ عائقاً . عندها يجبُ تحجيمهُ .. و يا الله .. ما أسهل ذلك لدينا .
ومن بين افضل طرق التحجيم العراقيّة لدور "الخبير" (وأفضل طرق توظيفهِ أيضاً)، هي تحويلهُ الى "ديكور" نائم في ديوان الوزارة ، أو في مكتب الهيأة ، أو في اقسام المديريّة العامة .. لا أكثرَ ، ولا اقلّ .
ومن أطرف قصص الخبراء لدينا ، هي تلك المتعلّقة بالطريقة التي يُقدّم بها الاقتصاديّون خبراتهم . فعندما يجتمع الاقتصاديون مع المسؤولين ، سيختلفون على الفور على اوّل حرفِ في السطر ، وآخر نقطة في نهاية السطر ، وأصغر فارزةٍ في الوسط . وعندما يطلب المسؤول من ثلاثة اقتصاديين رأياً واحداً بصدد موضوعٍ يطرحهُ عليهم ، فإنهم سيخرجون بأربعة آراء مختلفة ومتناقضة ، مما يجعل المسؤول قادراً على " تسريحهم" بسهولة ، مقارنةً بالخبراء في اختصاصاتٍ أخرى.
ويأخذ الاهتمامُ بالخبرةِ والخبراء لدينا طابعاً احتفاليّاً (في أكثر الأحيان) . وهذا الاهتمام لا صلةَ لهُ بالإيمان بقضيّة العقل ، ولا باحترامِ أيّة فكرةٍ مُعارضةٍ لفكر المسؤول يمكنُ أن يأتي بها هذا العقل. وفي "الاحتفالات" تطغى الزينةُ على الحقيقة .. ويضيعُ الكثيرُ من المال والجُهد دون جدوى .. ويأكلُ الجميعُ ويشربُ وينامُ ويسافرُ مجّانا من بلدٍ الى بلد ، ومن فندقِ الى فندق .. ويعيشُ الجميع عيشةً سعيدة .. ويعودُ الجميعُ الى قواعدهم سالمين .
أسوأ ما في الأمر ، أنّ ما يُسمّى بـ "المنظمّات الدوليّة" ، هي أوّلُ من يُجارينا في احتفالات "الخبرة" هذه . وبذلك فهي تُشاركنا في هدرنا للمال والجهد ، ولا تقدّم الينا إلاّ أقل ما يمكن تقديمه من قبلها بهذا الصدد ، وفي جميع المجالات.
الخاسرُ الوحيد من "احتفالات" الخبرة هذه ، هو "الخبير" الذي لا يُشاركُ فيها .. وأيضاً هذا البلدُ الذي يتمنى لو استفاد من خبرة ابنائهِ ، فعادَ من "مأدبةِ" مسؤوليهِ و"خبرائهِ" خائباً ، مثل يتيمٍ سيّء الحظّ .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أحد أبرز المباني التاريخية في كوبنهاغن.. اندلاع حريق كبير با


.. تضامنا مع غزة.. متظاهرون يغلقون جسر البوابة الذهبية بسان فرا




.. اندلاع حريق في مبنى البورصة التاريخي في الدنمارك


.. ا?سعار الذهب اليوم الثلاثاء 16 ا?بريل 2024




.. اندلاع حريق في مبنى البورصة التاريخي في كوبنهاغن وانهيار برج