الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بزوغ اليمين الأوروبي المتطرف, والنافذة الإسرائيلية, ما عليه وما علينا

هيثم الحلي الحسيني

2017 / 4 / 23
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


بزوغ اليمين الأوروبي المتطرف, والنافذة الإسرائيلية, ما عليه وما علينا
دهيثم الحلي الحسيني.. الباحث في الدراسات الإستراتيجية
تشير إستطلاعات الرأي, الى تقدم مرشحة اليمين المتطرف "ماريان لوبان", في جولة إنتخابات الرئاسة الفرنسية, والتوقعات في فرنسا ترجح وصولها الى الجولة الثانية, في سابقة خطيرة, إذ تعد أفضل نتيجة يحققها اليمين الأوربي المتطرف منذ نشوئه.
وقد تحركت ماكنتها الإنتخابية, وفق خطاب نوعي معاد للأجانب عموما, وتحديدا للإسلام وحضوره في فرنسا وأوروبا, ورافض للهجرة والتواجد الفرنسي في الإتحاد الأوربي, وإتفاقيات التنقل والتبادل الحر النافذة بين دوله, وسط معارضات شديدة تلاقيها تجمعاتها, من المناهضين لليمين المتطرف وتوجهاته, واصفين أفكار هذا التيار, بالعنصرية والمعادية للسامية وللأجانب, وبأنها خطر أخلاقي ومؤسساتي على فرنسا, فضلا عن ممثلي الجاليات الإسلامية, الذين يرون في هذا التيار, خطرا يهدد وجودهم في اوروبا.
"مارين لوبان" المولودة في العام 1968, هي سياسية فرنسية, وبرلمانية أوروبية عن فرنسا, ورئيسة حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف, منذ العام 2011, وهي ابنة مؤسسه, ورئيسه السابق منذ العام 1972, "جان ماري لوبان "الزعيم اليميني التقليدي, وقد نازعته زعامة الحزب, وخاضت ضده صراعا حزبيا، إنتهى بطرده من الحزب وتوليها رئاسته, وتمثيله في الإنتخابابت البرلمانية الفرنسية والأوروبية, فضلا عن الرئاسية الفرنسية.
وكانت لوبان قد قامت بزيارة رسمية إلى ألمانيا، عقب تنصيب ترامب رئيسا للولايات المتحدة، بالتنسيق مع زعيمة "حزب البديل من أجل ألمانيا" فراوكي بيتري, وزعماء أحزاب اليمين المتطرف, أو ما يعرفون بالشعبويين الأوروبيين، في مؤتمر سعت خلاله هذه الأحزاب, لتشكيل جبهة موحدة قبيل انتخابات نيابية ورئاسية عدة, تشهدها الساحة الأوربية, وهو يشكل سابقة أيضا, في تنسيق يميني أوربي, وسط تحركات شعبية جماهيرية مناهضة لليمين, ينظمها اليسار الأوربي.
وقالت لوبان "ذاهبة إلى ألمانيا لألتقي مستقبلها، حزب البديل من أجل ألمانيا، لا ماضيها الاتحاد المسيحي الديمقراطي, ووعد بريتسل زوج زعيمة الحزب البديل الألماني وأحد قادته, في خلال المؤتمر "بأوروبا جديدة"، مدينا الحضور الإسلامي في أوربا, كما أشاد بتنصيب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة, الذي يشكل نجاحه نموذجا لليمين الأوروبي المتطرف.
هذا الاجتماع الذي وصفه منظموه بأنه "قمة أوروبية مضادة"، جسد طموحات هذه الأحزاب السياسية قبل الانتخابات التشريعية في هولندا، والانتخابات الرئاسية في فرنسا، والانتخابات التشريعية في ألمانيا خلال هذا العام.
وتأمل أحزاب اليمين الأوربي المتطرف, أو ما يعرف بالأحزاب الشعبوية الأوربية, في تحقيق نتائج إنتخابية جيدة, ضمن خطاب نوعي مشترك بينها, في مقاربة قضايا الهجرة والأجانب والنظرة للإسلام والنخب السياسية, ومناهض للمؤسسات الأوربية التقليدية, معلنين إن "الهدف تحديدا هو رسم ملامح أوروبا الغد.
وقد نظمت المؤتمر "الكتلة الأوروبية للأمم والحريات" في البرلمان الأوروبي, التي تأسست في 2015 من قبل أحزاب تصنف بأنها تنتمي إلى اليمين المتطرف, ولوبان هي إحدى زعماء هذه الكتلة وأبرز ناشطيها.
وعليه فالساحة الأوربية تشهد تمددا لأحزاب اليمين المتطرف, ففي هولندا، يأتي حزب خيرت فيلدرز في طليعة استطلاعات الرأي، الذي صرح علنا بمعاداته للإسلام, وعبر في المؤتمر عن ترحيبه بقادة أوربا الجديدة, ويحصل حزب "البديل من أجل ألمانيا" على حوالي 15 بالمئة من أصوات الناخبين, وفي حال تأكدت هذه الأرقام، فسيدخل هذا الحزب إلى مجلس النواب, في سابقة في ألمانيا, لحزب بهذه التوجهات الأيديولوجية منذ 1945.
وقد سبق أن أثار أحد مسؤولي الحزب، "بيورن هوكه"، استياءً غير مسبوق في الأوساط السياسية, بعد وصفه نصب المحرقة في برلين "بـالعار"، وكسر بذلك أحد المحرمات, مما قد يوحي بأن هنالك تقاطعا أو قطيعة بين اليمين الأوروبي المتطرف, وبين اللوبي الصهيويني الإسرائلي, في أوروبا وامريكا, غير أن اللافت هو العكس, في ضوء التحالف الخفي بين المنظومة الصهيونية العالمية, وبين توجهات اليمين الأوربي المتطرف, وفق أهداف مشتركة, مع ما يبدياه من تعارض وتباعد.
النموذج الواضح لهذا التحالف, بدا جليا في الساحة السياسية الأوركرنية, من خلال نفوذ اليمين المتطرف, في أحداث ساحة الميدان في كييف, التي إنتهت الى إسقاط الرئيس والحكومة المنتخبين, وكان يقف وراء ذلك بقوة, بخفاء أحيانا, وعلانية أحيانا أخرى, اللوبي الصهيويني الأوروبي, وفرعه في الساحة الأوكراينية, وقد تبين ذلك في تأبين ضحايا الاحتجاجات في أوكرانيا، إذ ظهر العلم الإسرائيلي, في المكان الذي قتل فيه "ألكسندر شيرباتيوك"، وهو يهودي أوكراني وأحد المحاربين القدماء في حرب أفغانستان, وحاليا يشارك اليمين الأوكرايني المتطرف في الحكم, من خلال حزب "سفوبودا" أي الحرية, الذي أصبح لاعبا كبيرا على الساحة السياسية الأوكرانية.
فقد أراد اللوبي الصهيوني الأوروبي, متحالفا مع تيار اليمين المتطرف, أن يشعل كرة نارية في وجه الكرملين, وزعيمه الصلب "بوتين", فاستغل الصهيوني "برنار ليفي" الانقسام الطولي والعرضي, داخل المجتمع الأوكراني, لإشعال الفوضى فيه, فنفث في أحزاب المعارضة الثلاث "الوطن واودار وسفوبودا اليميني", فكانت أحداث الميدان الدامية, وما ألت اليه الساحة الأوكراينية بعدها.
وما يؤكد حقيقة التغلغل الإسرائيلي أو الصهيويني, في الأزمة الأوكرانية نموذجا, هو ما ذكرته صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية, من أن اليهود الشباب, كانوا في الخطوط الأمامية للاحتجاجات ضد الرئيس الأوكراني "المنتخب" "يانوكوفيتش"، وهو ما كشفت عنه صحيفة "هاآرتس" الإسرائيلية, حين أكدت ضلوع عسكري سابق في الجيش الإسرائيلي, بقيادة ميليشيات شاركت في أحداث الميدان, والاضطرابات الأوكرانية التي تبعتها، التي قادتها المعارضة، بهدف النيل من نفوذ روسيا، وفق مزاعمها المعلنة.
حتى أن الصهيونية لم تكتف بذلك، بل تعاملت بإيجابية مع النازيين الجدد، على الرغم من كونها ألد أعدائها التقليديين, وذلك لتحقق أهدافها المرسومة, وربما يكون السبب الإستراتيجي، هو جلب اليهود الأوكرانيين إلى فلسطين المحتلة، لدعم حلم يهودية الدولة، في ظل الفراغ الديموغرافي الذي تشهده إسرائيل، وتزايد معدلات هجرة اليهود العكسية من الداخل إلى الخارج. مع التكاثر التقليدي في الكتلة الفلسطينية, التي تطلق عليهم عرب 48, في وصف يبعد عنهم أحقيتهم كأصحاب للأرض.
وعليه فإن صعود نجم اليمين الأوربي المتطرف, في تحالفه القائم مع تيارات الصهيونية الأوروبية, أو ما يدعى بالمسيحيين اليهود, الممسكين بزعامة أمريكا, الذين يحاولون تقديم أيديولوجية مسيحية وفق رؤى يهودية متطرفة, على أسس تقارب سياسي, لا تمت الى أصل المسيحية, ومبادئها الإنسانية السمحاء, القائمة على الدعوة للسلام ونبذ العنف, بل وتتقاطع مع ثوابت المسيحية, ومدركاتها الفلسفية, وذلك بهدف تحقيق أهداف الصهيونية العالمية, وتطلعاتها لزعامة العالم, وتسييره وفق أهوائها, بعد أن وجدت ظالتها في ذلك, من خلال أفكار اليمين الأوروبي المتطرف.
إن هذه المقاربة التي تدل عليها وقائع الأحداث في الساحة السياسية الأوربية, تتطلب قراءة معمقة قائمة على تحليل الواقع, وبيان الأسباب والمسببات له, والعلل والمقدمات, التي تنذر بمخرجات ونتائج وخيمة, لن تهدد العالم العربي الإسلامي وحسب, كوجود وثقافة وقيم, وحقوق مشروعة, بل السلام والأمن العالميين بالمجمل, وهو ما تحاوله الصهيونية العالمية, بهدف خلق بيئة عالمية, تحكمها فوضى خلاقة وغير خلاقة, تمكنها من تحقيق أهدافها وغاياتها.
وذلك ما ستعرض اليه, الحلقة الثانية من هذه الورقة, بهدف تيسيرها على المتلقي, وعدم الإرباك في إطالة مادتها, وستوسم الحلقة الثانية من الورقة, بعنوان "بزوغ اليمين الأوروبي المتطرف, أسبابه واهدافه, واثره في السلام العالي".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أهلا بكم في أسعد -أتعس دولة في العالم-!| الأخبار


.. الهند في عهد مودي.. قوة يستهان بها؟ | بتوقيت برلين




.. الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين تزداد في الجامعات الأمريكية..


.. فرنسا.. إعاقات لا تراها العين • فرانس 24 / FRANCE 24




.. أميركا تستفز روسيا بإرسال صورايخ سراً إلى أوكراينا.. فكيف ير