الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محنة الفكر الأنساني(10)

عزيز الخرزجي

2017 / 4 / 23
الادب والفن


مِحْنَةُ آلفكر ألأنسانيّ(10)
ألمٌكوّن ألرّابع للثقافة: ألمُعلم و ألمناهج التعليميّة
بعد تسع حلقات متواصلة عن محنة الفكر الأنساني, سنعرض لكم مُكوّناً آخر من المكونات الثقافية للفكر الأنسانيّ, بإسلوب علميّ رصين و سلس, مع أهداف و أساليب التربية و التعليم المتّبعة و التي سبّبتْ تدهوراً كبيرأً في وجود الأنسان المعاصر بحيث أبعدتهُ كثيراً عن الهدف الذي وجد لأجله في هذا الوجود, مع بيان سبل العلاج الكفيلة لأنقاذ الناس بوضعهم على جادة الصّواب لتحقيق رسالتهم الكونيّة.

تلعب ألمناهج التعليميّة و العملية التربوية و على رأسها المعلمون و المُدرّسون دوراً بارزاً لا تقلّ أهميّةً عن أدوار المكوّنات الثقافيّة ألسّابقة ألتي عرضناها لكم كدور الأمّ و آلأب في نشأة و تقويم سلوك و ثقافة و قيم آلفرد .. هذا إنْ لم تفوقها؛, فآلمتعلم منذ نعومة أضفاره و حتى بعد الجامعة, يصرف أكثر وقته في المدرسة و الجامعة من الصباح و حتى المساء مضحّياً بزهرة شبابه ليتعلّم من المعلمين و الأساتذة .. آلآداب و المعارف و القيم التي لم يتعلّمها من الأبوين و غيرهم ..

و بما أنّ المعلم أو المدرسّ ملتزم بمنهج تعليميّ مُقرّر من الحكومة و الوزارات المعنية ألتي تعمل ضمن النهج السياسي الحاكم؛ لذلك لا بُدّ من الأنتباه عند رسم و تخطيط المناهج ألأدبية و العلمية بإنتخاب الموضوعات و المتون و الدروس التي تخلق جيلاً إيجابياً مفيداً مسالماً صالحاً متواضعاً يُحبّ الأنسان و الوطن و يسعى لخدمة الناس بعد التخرج, و يحتاج هذا إلى التنسيق مع العلماء العرفاء لوضع مناهج التربية الروحية و الأدبية و الدّينية و الأجتماعية بما يتناسب و المراحل الدراسية و متطلبات العصر, لكنّ المشكلة و العقبة الكبرى هي أن الدول العربية تفتقد إلى الطاقات الفكرية العرفانية التي تمتلك المؤهلات العالية اللازمة لرسم و بيان مثل تلك المناهج.

و لو ألقينا نظرة سريعة إلى محتوى الدروس الأجتماعية و آلأدبية و الدّينية, لرأينا بوضوح الجفاف و السطحية في موضوعاتها و خلوها من الرّوح, و لذلك لم يتخرّج خلال الحقب الزمنية الماضية سوى أجيالاً تميل للعنف و القسوة و آلأنا و عبادة الذات بعيدأً عن حُبّ الوطن و الأنسان و بآلتالي فقدان الغاية و الهدف من مسيرة المتخرج الذي درس تلك العلوم من أجل درجة النجاح و آلحصول على شهادة علمية كي يبني بيته فقط!

إنّ مسألة المناهج التعليمية و لحساسيتها و إرتباطها بمصير المجتمع و الأمّة .. لا تُحلّ من خلال معالجاتٍ شكليّةٍ أو إصلاحاتٍ فوقيّة أو سرد قصص تأريخية عن الغزو و الفتوحات و الحضارات البالية و كما حاولت الوزارات المتعاقبة سابقا و لاحقاً بعد 2003م فعل ذلك؛ بل تحتاج إلى ثورة شاملة بدرجة كبيرة يقوم بها المفكرون, يتمّ خلالها تغيّر أسس المناهج المتراكمة السّابقة التي خرّجت أجيالاً من المخرّبين و النفعيين و الطفيليين و الأرهابيين و الأنتهازيين و الفاسدين و في مقدمتهم ؛ألسّياسيين و قادة الأحزاب و الأئتلافات الذين دمّروا العراق و الأمّة و نهبوا ما كان موجوداً فوق الأرض و تحته لفقدانهم إلى الفكر و آلضمير و الوجدان و خلو قلوبهم من الرحمة نتيجة المناهج و العقائد التي تلقوها في المدارس و في الأحزاب التي ضمّتهم و ربّتهم و التي لم تُعلّمهم سوى الخيانة و الظلم و كيفية بيع الوطن و التسلط على الناس من أجل المناصب و الأموال و الرواتب على حساب فقراء الوطن و هم الأكثرية الساحقة!

ربّما خرّجت المدارس و الكليات العراقية و العربية مهندسين و أطباء يتقنون إلى حدٍّ ما مِهنهم؛ لكن هذا لا يكفي ليكون هذا المتخرج مواطناَ صالحاً و مفيداً .. ما لم يُرافق تعليمه برامج أخلاقيّة و عقائديّة و فكريّة و دينية سليمة جنباً إلى جنب دراسته التخصصية ليؤديّ واجبه بآلشكل الأمثل و المطلوب لخدمة الوطن و المواطن و الأنسانية!

يقول المفكر (مورو)؛ [المدرسة التي من شأنها أنْ تُكوِّن مُغيري ألعالم هي مدرسة آلفكر ..
هي العلوم الانسانيّة ألتي هجرها الإسلاميّون فهجرها الكثيرون من الناس.
مشايخ يعتنون بنواقض آلوضوء .. و آخرون يُجيّرون لحكام ظلمة يطلبون منهم فتاوى فيفتون و آخرون قابعون على ساحة الحياة يتكلمون عن آلجن "أنثى هو أم ذكر"!
مَنْ للشعوب اذا كان علماؤها يقبعون في وادي عَبْقَرْ عند الجن؟
و اذا كان مثقفوها لا ينظرون الى الواقع نظر المخالط له .. أقول لكم أيها المثقفون يا صناع العقول؛ إصنعوا عقولاً في أمّة العرب، ألتّقدم لا يأتي بكثرة الأطباء و كثرة المُهندسين و إنّما يأتي بمن يدرك كيفية التغيير ثم البناء، لن تغيروا العالم بكتب فقهٍ ..
تُغيّرون العالم بعقول واعية مدركة تتبنّى القيم و تدرك إنّ القيم هي كرامة الإنسان].

و أضيف مسألة أخرى أهمّ و أكبر أثراً على التربية, و هي العناية و ألاهتمام بتنشئة و بناء الرّوح و تقويتها من خلال تغذيتها بآلأشعار و القصص العرفانية و الأنسانيّة و آلأدبيّة المفيدة و التي من شأنها إغناء الرّوح التي تشكل و الفكر أساس الوجود الأنسانيّ, ليعبر الطالب بعدها مدار العصبيات القبيلية و القومية و العنصرية و حتى الوطنية إلى مدار الأنسانيّة جمعاء وصولاً للمدار الكونيّ.

تصوّر إلى أين وصل الحال بآلأنسان المعاصر اليوم, بسبب تشوّه و أنحراف التربويون و آلعملية آلتربوية و التعليمة ليس في العراق وحده بل و في العالم, حين بات المدرس ليس فقط لا يهتم بآلجوانب الرّوحية و السلوكية و العرفانية .. بل لا يعطي حتى حقّ الدَّرس و الحُصة المقررة كما يستوجب .. لكي يضطر الطلاب أخذ دروس التقوية الخصوصيّة, و هذا لعمري هي الخيانة و الفساد بعينه, بل إنّ بعض التلاميذ حين يسألون المعلم أو المدّرس لإعادة شرح الموضوع, يمتنع عن ذلك مُتحججاً بآلقول: [الحكومة تعطيني راتبي مرّة واحدة, و أنا أعطي الدّرس مرة واحدة].

بعد هذا .. هل يمكن أنْ يتخرّج على أيدي هؤلاء؛ جيلاً إنسانياً سوّياً و وطنياً مسالماً يؤمن بآلعدالة و الأنصاف و بآلأنسانية و هو يرى و يتعلّم ألأجحاف و الخداع و التزوير و ربّما الألفاظ البذيئة عملياً من مُدّعىّ التربية و التعليم أنفسهم و بشكل مباشر!؟

هذا بآلنسبة لسلوك و تعامل روّاد و معلمي و أساتذة التربيّة و التّعليم في المدارس و الجامعات مع المتعلمين ..
أمّا (المناهج) التعليميّة .. فحقيقتها مُحزنة و مُبكية للغاية أيضاً!

فلو ألقينا نظرة سريعة على مُكوّنات و أسس المناهج التعليميّة في بلادنا بدءاً بآلرّوضة و إنتهاءاً بآلجّامعة, لرأينا أنّ هناك خصوصيّة مشينة مشتركة بينها, تهدف في النهاية إلى خلق مواطن يتّصف بآلأنانيّة و و آلعنف و الحدّيّة و القسوة و آلأنتهازية, بحيث تتجلّى في وجوده روح الأنتقام, لسببٍ واضح ينشعب لقسمين لم ينتبه لهما معظم .. إنْ لمْ أقل كلّ التربويون و السّاسة العراقيين و العرب, و هما:

أولاً: طبيعة المناهج ألأدبيّة و ألدّينية و التأريخية ألمُقرّرة, حيث يختارون على الأكثر عادّةً ما.. الجوانب البطولية و القتالية و الفروسية و الحروب و الغزوات و العنف و القتل و النهب و السلب و الحديّة التي إتّصف بها الحكام و القادة العرب على طول التأريخ, حيث يفتخرون و يُمجّدون بأسهم و صرامتهم,و قساوة القيادات التي تزعمت الممالك و الدول و يفتخرون بالحملات و الغزوات و قتل الناس بإعتبارها جوانب بطوليّة و حضاريّة و أنسانيّة مشرقة تفرّدوا بها على غيرهم من الأقوام و الأمم, و هكذا كان التعامل و التغني و التعاطي مع تأريخ الحضارات القديمة البالية التي نشأت على جماجم الفقراء و المعذبين, مُعتبرينها نماذج فريدة عُليا في نظام الحُكم و "العدالة" و "الحضارة", بينما كانت جميعها نماذج للفساد و التسلط و الظلم و الخيانة و إستعباد الناس لأجل شهواتهم و ملّذاتهم و بطونهم, و كما بيّنا ذلك في مباحث سابقة.

و لا يمكن الخلاص من هذه المحنة الكبرة, إلا بثورة عكسية بمقدار 360 درجة, و إستبدال المناهج الأدبية و الاجتماعية بقصص العرفاء و الادباء و الشعراء أمثال الحلاج و حافظ الشيرازي و عطار النيشابوري و المولوي و العراقي و جبران خليل جبران و إيليا أبو ماضي و أمثالهم من الذين سطروا ملاحم كبرى في تأريخ الأنسانيّة, بحيث إن مؤسسات دولية كبرى كهيئة الأمم المتحدة إتخذت من أدبهم و أشعارهم عناوين تتصدر قاعاتهم و صالاتهم.

ثانياً: إهمال القصص الأنسانيّة التربوية التعليمية و اهدافها الأخلاقية العديدة في بيان الصّدق و الوفاء والرّحمة والعدل و تشمل كلّ قيم و مكارم الأخلاق, لزرعها في نفوس الأطفال, فآلتركيز كان و لا يزال خلال الحياة الدراسيّة في الابتدائية و حتى المتوسطة ثمّ الأعدادية على كيفية و عدد الغزوات و الجيوش و أنواع الأسلحة المستخدمة و الخطط العسكرية و الحيلة و الغدر المستخدم و طبيعة الغزوات التي قام بها النبي(ص) أو الخلفاء(رض) أو من تبعهم خلال العصور المختلفة, بيد أن الواجب المطلوب في هذه المراحل الدّراسيّة؛ هي دراسة أخلاق و سلوك و تواضع نبي الرّحمة و الرأفة و المحبة التي كان يُبديها لجميع الناس خصوصاً غير المسلمين لكسبهم, و كذلك بيان؛ كيف و لماذا لُقبّ ألرّسول(ص) بالصّادق الأمين حتى قبل نزول الوحي عليه, و دوره و امانته في أموال و تجارة خديجة بنت خويلد ..او كيف كان يرفق بالحيوان و يؤدي حقّ الجار و يعطف على أهله و ذويه ويتعبد لله في الغار وحيداً ..

فآلأمانة و روح الأنسانيّة .. تُزرع في وجود الأنسان منذ الطفولة و تُحصد نتائجها عند الكبر .. و العلم في الصغر كآلنقش في الحجر, كما يقولون , حيث يترسخ في وجود الأنسان كما النقوش في الأحجار!

هذا بجانب عرض الدّروس الكبيرة التي تركها الأنبياء و الخلفاء و على رأسهم الأمام علي(ع) الذي تعلّم أسرار النبوة من أخيه رسول الله(ص), ذلك المعلم الكبير و الصّادق الأمين و المتواضع الحكيم .. الذي جسّد القيم و المعايير الأنسانيّة في سلوكهم و عملهم حين ساوى بين الغني و الفقير في العطاء, بل ساوى عليه السلام بين نفسه و هو خليفة المسلمين و رئيس إحدى عشرة دولة في ذلك الزمان و بين أفقر الناس في الرّعية, يعني كان راتبه بقدر راتب الفقير.. حتى لم يظلم في حكمه أنساناً و من كل الطوائف و الأديان .. بما فيهم الكفار و المنافقين المُسالمين, فقد تعامل مع الجّميع بآلتساوى, رافعاً شعاره الكونيّ:
[ألنّاس صنفان؛ إمّا أخٌ لكَ في الدِّين أو نظيرٌ لك َفي الخلق].
و هكذا أسس سلام الله عليه لدولة العدل و النظام الأنساني المطلوب لكل الشعوب و في كل الأزمان و الأكوانّ

لقد أثبت الحقّ و العدالة عملياً من خلال سلوكه و وقوفه في المحكمة أمام القاضي شريح الذي كان الأمام(ع) قد عيّنه بنفسه كقاضي للقضاة, حيث تجلّى عظمته حين أراد(ع) أن يُقاضي يهودياً سرق درع طلحة (غلولاً)(1) بعد معركة الجّمل, و حين حكمت المحكمة ضدّهُ – أي ضدّ عليّ - و بآلباطل .. قَبِلَ آلحكم على مضضٍ لجهل القاضي بتفاصيل الحكم الشرعي ألصحيح و العادل في تلك القضية الواضحة, لأنّ المأخوذ (غلولاً)(1) في النظام الأسلاميّ لا يحتاج إلى شهود و كما طلب شريح من الأمام ذلك جهلاً!

بآلأضافة إلى أن الأمام علي(ع) كان خليفة المسلمين, و ألمُؤَمّنْ على أموال و مصير كلّ البلاد و آلعباد بجانب أنه لم يكن يطلب الدّرع لنفسهِ .. بل لأعادته إلى بيت المال, و غيرها من القضايا الكبيرة و الكثيرة المعروفة التي تُبيّن حقيقة هذه الشخصيّات الكونيّة الفريدة التي تواضعت أمام الحقّ بأحلى صور التواضع و البساطة .. و كأنه مسلم عادي كباقي المسلمين, رغم أنه كان رئيساً يحكم 11 دولة ضمن الأمبراطورية الأسلامية.

إن ترك هذه القدوات و الدّروس الأخلاقيّة و الأدبيّة و العلميّة و السّياسيّة و الأداريّة العظيمة كشخصيات كونيّة خالدة في مناهجنا .. و إستبدالها بقصص و دروس السّلاطين و الملوك و الحكام و الرؤوساء الذين أفسدوا في الأرض من أمثال حمورابي و نبوخذنصر و سرجون و فرعون و هامان و من بعدهم سلاطين الأمويين و آل مروان و آل عباس و آل عثمان و أخيراً خليفتهم صدام و أشباهه من الحكام الظالمين ألذين عفلقوا عن كلّ جرم و ظلم و فساد و إرهاب باسم القانون و آلمدنيّة؛ قد سبّب هذا الخيار الأسود .. تشوهاً كبيراً و إنحرافاَ في ذهنية العراقيّ و العربي و أفقدته بآلتالي معرفة الحقّ و الباطل و بآلتالي النموذج الأمثل و القدوة التي يمكن الأقتداء بها, و لذلك تخرّجَتْ الأجيال العديدة التي تعتقد بأنّ أؤلئك الحكام و الملوك عبر التأريخ -على ظلمهم المبين و أنحرافهم الواضح - هم العظماء و آلنماذج ألأنسانيّة التي يجب الأعتزار بهم و الأقتداء بنهجهم في الحكم و الحياة .. و لذلك كثرت الخيانات و الأنقلابات و المظالم و القسوة و الظلم بحقّ الناس خصوصا المرأة و العائلة و تربية الأبناء, و تشعبتْ المفاسد و الخيانات في أوساطهم .. حتى أصبح المنكر معروفاً و المعروف منكراً .. بل بات الظلم و جهاً من أوجه العدالة!
و لذلك فإنّ ما نراهُ اليوم من أنحراف في سلوك المربين و المدرسين و آلموظفين و آلمسؤولين و آلرؤوساء و الحكام في العالم و حتى رجال الفكر و آلدِّين؛ إنّما هو بسبب تلك التعاليم و الدّروس و المناهج التربوية الفاسدة التي تلقاها خلال المراحل ألدّراسية الأبتدائية و حتى الجامعة؟

و لذلك وصل السيل الزبى كما يقولون, بعد ما استشرى الفساد و تغلغل في كلّ مناحي الحياة, بل أصبحت بمثابة قوانين عامّة يعمل بها الرئيس و الوزير و المسؤول و النائب كما كان يعمل و يفعل حمورابي و نبوخذنصر و فرعون و صدام و الناس على دين ملوكهم مبهوتين .. يَتَحَيّنون الفرصة تلو الأخرى ليحلوا بَدَلَ ألرئيس أو المسؤول ألسّابق ليكرّروا نفس المظالم و ذات النهج بفخرٍ و شوق و إعتزازٍ!
كما إن اهمال القيم و الأقوال المأثورة و الأشعار العرفانية من مناهج التربية و التعليم بجانب تطبيقاتها العملية من قبل المعلمين و المدرسين و أساتذة الجامعة كنماذج حيّة أمام ألطلاب و المتعلمين؛ كان له الأثر السلبي البالغ في نشأة الأجيال المنحرفة و الحاقدة التي إنقلبتْ لديها موازين الحياة و قيم العدالة بحيث أصبح الفساد إصلاحاً و الظلم عدلاً للأسف و كما نراه اليوم على سلوك و تعامل ألرّؤساء و الوزراء و المسؤوليين خصوصاً فيما يتعلق بالجانب و الحقوقي و المالي, للدّرجة التي باتت معها مسألة عادية لدى الناس .. حين يرون رئيس الجّمهورية أو رئيس الوزراء أو البرلمان و توابعهم مثلاً يتقاضون رواتب شهرية مقدارها أضعاف أضعاف راتب الموظف أو المقاتل المضحي بدمه للوطن بمئات المرات!

هذه الثقافة المنحطة .. إنّما نشأتْ بسبب التعليم الخاطئ مع مبادئ و أسس العدالة الأسلامية - الأنسانية, التي تلقّاها خلال دراسته و تعليمه الأبتدائيّ و الجامعيّ أيضا, حيث إستنتج من خلالها بأنّ الهدف من الرئاسة و الحكم هو لبناء بيته على حساب الحقّ و الوطن, و (الغاية تبرر الوسيلة)!
و هكذا مُحِقَتْ الأمانة و الصّدق و آلأخلاص و الأيثار و الرّحمة و آلتواضع .. من وجود الناس, وهي _ أي تلك المبادئ - تشكل الأسس الأخلاقيّة و الثقافية التي تفرضها الشرائع الإنسانيّة الأرضيّة و السّماويّة معاً, بل لا فائدة للعلم بدون الأخلاق, و بما أن [الدِّين و العِلم تؤأمان إن إفترقا إحترقا], و أنّ الدِّين يعني (المعاملة) بآلحسنى و الأخلاق الطيبة؛ فأنّ الصحيح أيضاً, هو؛
[العلم و الأخلاق تؤأمان إن إفترقا إحترقا], و هذا ما يحدث في عالم اليوم للأسف, لتشكل أحدى أعمدة المحنة الأنسانية المعاصرة, التي تعيش الشقاء و العذاب و الحروب و النزاع و الخصام بسبب أطماع الحكام و المستكبرين في العالم و على رأسهم المستكبر الأمريكي!

فأين محلّ السعادة في نفوس الناس .. كلّ النّاس في العالم؟

و اين أصبح اليوم موقع القيم و الأخلاق في مجتمعنا الذي أنهكه الفساد و الظلم و القتل و التفرقة الطائفية و الحزبية و العنصرية بسبب التربية و التعليم الخاطئ بشقيه (العلمي و الأخلاقي) من سلم الفساد في العالم!؟

وأين التمهيد لظهور المنقذ الكبير .. و وضع العالم و العراق بهذا الشكل؟
لقد أصبح العراق في أدنى مرتبة من سلم الفساد ضمن أسوء و أفسد عشرة بلدان .. هي آلأكثر فساداً في العالم!

نختم كلامنا بخبرٍ عظيم .. لم يعد غريباً أنبأنا به الرّسول الكريم محمد(ص) و هو يُؤشر لأحداث آخر الزمان و ظهور المنقذ الكبير إن شاء الله, حين قال(ص):
[كيف بكم إذا فسد نساؤكم ، و فسق شبّانكم ، و لم تأمروا بالمعروف و لم تنهوا عن المنكر ؟ .. فقيل له : أ وَ يكون ذلك يا رسول الله ؟!.. قال: نعم، و شرٌّ من ذلك، كيف بكم إذا أمرتُم بالمنكر، و نهيتم عن المعروف ؟.. قيل يا رسول الله؛ أ وَ يَكون ذلك ؟ .. قال : نعم، و شرٌّ من ذلك، كيف بكم إذا رأيتُم المعروف مُنكراً و المُنكر معروفاً؟], و آلأشارة الأخيرة هذه .. تُدلّل على دمار الأنسانية؛ أي دمار الوجدان و الفكر الأنساني!

و آلنّتيجة؛ هي تداعي الأمم علينا كما نشهد ذلك من خلال الجيوش و الأحزاب العميلة المحتلة لبلادنا, و كما حدّثنا(ص) عن ذلك بقوله:
عن عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي, حدثنا بشر بن بكر, حدثنا ابن جابر حدثني أبو عبد السلام, عن ثوبان, قال:
[قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تتداعى(2) الأكلة إلى قصعتها, فقال قائل؛ أ و من قلّة نحن يومئذ, قال: بل أنتم يومئذ كثير و لكنكم غثاء كغثاء السيل, و لينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم و ليقذفن الله في قلوبكم الوهن, فقال قائل؛ يا رسول الله: و ما الوهن؟ قال؛ (حُبّ الدُّنيا و كراهية الموت)].

و إنا لله و إنا إليه راجعون .. و لا حول ولا قوة إلا بآلله العلي العظيم
عزيز الخزرجي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) معنى (الغلول), هو ما يؤخذ أو يُسرق من بيت مال المسلمين بغير حقّ.
(2) التداعي؛ الأجتماع و دعاء البعض بعضا، و المراد من الأمم فرق الكفر و الضلالة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفيلم اللبنانى المصرى أرزة يشارك فى مهرجان ترايبيكا السينما


.. حلقة #زمن لهذا الأسبوع مليئة بالحكايات والمواضيع المهمة مع ا




.. الذكاء الاصطناعي يهدد صناعة السينما


.. الفنانة السودانية هند الطاهر: -قلبي مع كل أم سودانية وطفل في




.. من الكويت بروفسور بالهندسة الكيميائية والبيئية يقف لأول مرة