الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مسار الثّورة السّوريّة

نادية خلوف
(Nadia Khaloof)

2017 / 4 / 24
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


ربما لم تكن الثّورة السّورية عفويّة، فقد سبقتها ثورات الربيع العربي التي نجحت في لحظة البدء، وفشلت في النتيجة لأسباب كثيرة أهمها عدم وضوح هويّة الثورة.
الثورة عادة بعيدة عن الأسماء فلا هي دينيّة ولا علمانيّة. كلّ الثورات التي قامت كانت ضد الاضطهاد بغض النظر عن الديانة، وحتى القومية، وكان لها شعارات معيّنة، فقد كان شعار الثورة الرّوسية: "الخبز والسلام" ، وكان شعار الثورة السوريّة" الحريّة والكرامة" وشعار "الشّعب السّوري واحد".
كلمة ثورة تعبير مرعب للدول المستبدة التي عملت على إسقاط شعارات الثورة تحت حجّة دعمها، فزادت الشّعارات الإسلاميّة، والقوميّة، وانتهى كلّ شيء إلى حرب شعارات. الكثير من السّوريين وجد فرصة لمغادرة سورية إلى الغرب لأنّه بكل بساطة لا يرغب في الموت، وأغلب من رحل إلى الغرب كان مقتدراً مادياً، وبما أن أغلب الشعب السوري غير مقتدر، ويعيش تحت خطّ الفقر فهو إما أن بقي في أماكنه، أو رحل إلى دور الجوار، وبعض من بقوا في أماكنهم لا يريدون مغادرتها.
في دول الجوار-عدا تركيا- يتعرّض السّوري للإذلال أكثر من إذلال الأسد ، أما في تركيا ، ورغم الحوادث العديدة القاتلة ربما، لكن بشكل عام فتحت أبوابها للمال سواء ما يأتيها من الأمم المتحدة، أو اتفاقها مع الاتحاد الأوروبي حول اللاجئين، أو من رأسمال السّوريين المنشقين عن الأسد والذين يبيّضون أموالهم في دبي وتركيا، وقد حصل أغلب هؤلاء على الجنسية التركيّة، وحصل الشّباب على عمل بمقابل كاف لاستمرار الحياة، ونحن هنا لا نتحدّث عن مجازر سيفو، أو حقوق الإنسان . نتحدّث عن وضع السّوري فقط، أمّا في الدول العربيّة فهم يقدمون لنا الفصائل، والسلاح والمال القاتل.
الجنود السّوريون الذين انشقوا عن الجيش كي لا يقتلوا أهلهم قتلوا، والذين انشقوا عن طريق الدّول" الرّاعية" للثورة مثل قطر كوفئوا، فكانت مكافأة السّفير المنشق مليون دولار، وكلما علا منصبه علا سعره. وهناك دول راعيّة أخرى لكن قطر كانت أبرزها.
انتهت الثورة بعد الأشهر السّتة الأولى ، وحوّلتها الدّول المستبدّة إلى ثورة إسلاميّة كي تطمس ما جرى للمسلمين في حمص ودرعا، ودير الزور من أعمال تطهير وبطش واعتداء، وتم تحويل الثورة الإسلاميّة إلى إرهابية بعد أن أعطوها للفصائل، وكلّ فصيل له راع من دول قريبة أو بعيدة، أمّا النّاطقين باسم الثورة فقد أصبحوا أنفسهم الذين كانوا ينطقون باسم النّظام، وكلّ منهم له لقب ومشروع ثوري، وموقع يدر عليه الأرباح، وجميع هؤلاء يقتلون السّوريين مشاركين النّظام في القتل.
إن لم نضع إصبعنا على الجرح لن نستطيع علاجه، حتى الآن نحن لم نتوصل إلى وضع اليد على الجرح. الثورة الآن كما نسمع بها هي مطالبة الأقليات الدينية بالعلمانيّة كنوع من الهروب من المشكلة الرئيسيّة وهي مشروعيّة النّظام ، و لا يوجد حالياً من نتوجه له بهذا الحديث رغم أهميّة وجود دولة علمانيّة في سوريّة المستقبل.
الدّول الرّاعية استطاعت أن تخرق شرخاً بين العرب، والأكراد، وبقيّة المكونات السّورية فالجميع يحارب الجميع بالشّائعة، وليس أسهل من أن تجد نفسك على صفحات التواصل الكرديّة ينهالون عليك بالمديح رغم أنّك ربيت أولادك على فكر الأسد، لايحتاجون سوى لمقال أو تصريح حتى يضيفونك إلى قائمة العظماء، وتجد على صفحات العرب حيث يسمون الأكراد -"بالقرباط" وهي عار على المسميّ وليس على المسمى- فالغجر شعب هجّر وظلم. تعابير عنصريّة من العيار الثقيل، والأكراد هم جزء كبير وهام من الشعب السّوري فسجون الأسد لم تفرق بين العربي، والأرمني والكردي والسرياني أو الآشوري إضافة إلى أنّ بعض " العرب الثوريين" يطالب بترحيل الأكراد وطردهم دون أن نعرف إلى أين، وهم الذين عاشوا أباً عن جد في تلك الأماكن.
بينما يقوم الغرب بالاحتجاج على اليمين، واليمين الغربي لا يغير القوانين إلا بطريقة دستورية. نجد الكثير من السّوريين يمجدّون باليمين العنصري، ويبثون لايف على الفيس بوك مهدّدين المسلمين بترامب أو لوبين. علماً أنهم مسلمون متشدّدون أيضاً، كما أنّ بعضهم في الغرب رافد أساسي للأحزاب العنصريّة.
سورية اليوم هي سوريا الطّائفية حيث صراع الطوائف، وصراع القوميات. نجح رأس المال العربي في تغيير مسار الثورة، وكل التجمعات بدءاً من الائتلاف إلى الهيئة العليا للمفاوضات. لهم رعاة مستبدون أخر همهم هو الحرّية. يتاجرون بالسلاح، والبشر.
يحتاج السّوري اليوم لمن يبثّ في داخله الأمل. في أنّ ذلك القهر لن يستمر، كما يحتاج لتجمّع عريض حرّ يستطيع الضّغط بواسطته على الحكومات المقبلة يكون مكوّنه الأساسي من الشّباب، لأنّ أيّ حكومة سوريّة مقبلة سوف تتشكّل برعاية الاستبداد العربي، والدعم الأمريكي. هذا هو منطق الأمور، لكن إن وجدت تلك الحركة قد يمكنها التأثير بطريقة ما بالضّغط على الحكومة.
لو نظرنا إلى أنفسنا في المرآة لرأينا الواقع. نحن أمام خيارات جميعها ليست جيّدة، والرهان هو : هل يمكننا التأثير في نظام الحكم المقبل الممول عربياً، والمدعوم غربياً؟
لو استطعنا التأثير يمكننا القول أنّنا على الطّريق الصحيح.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الأميركية تعتقل عدة متظاهرين في جامعة تكساس


.. ماهر الأحدب: عمليات التجميل لم تكن معروفة وكانت حكرا على الم




.. ما هي غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب؟


.. شرطة نيويورك تعتقل متظاهرين يطالبون بوقف إطلاق النار في غزة




.. الشرطة الأرمينية تطرد المتظاهرين وسياراتهم من الطريق بعد حصا