الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أسرى الحرية بين النصر والشهادة

تميم منصور

2017 / 4 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


اسرى الحرية بين النصر والشهادة
تميم منصور

عندما كان يمثل أي يهودي من عملاء الصهيونية للتحقيق بشبهة ما داخل الاتحاد السوفيتي ، كانت إسرائيل مدعومة من منظمة الصهيونية العالمية ، ومدعومة من قوى امبريالية تقيم الدنيا ولا تقعدها ، تعمل على تجنيد وسائل أعلام عالمية للدفاع عن أي متهم يهودي ، حتى لو كان متشرداً قاتلاً منحرفاً ، يكفي أنه يهودي واذا تم اعتقال هذا المتهم ينال أوسمة البطولة والصمود ، ويمنح لقب " أسير صهيون " .
أما اذا طالب أسرى الحرية الفلسطينيون في سجون الاحتلال ، بتحسين ظروف حياتهم للتخفيف من ظلمات هذه السجون ، فهذا يعني أنهم تجاوزوا كل الخطوط الحمراء ، وانهم يستحقون الإعدام ، كما طالب أكثر من وزير واحد في حكومة الكوارث برئاسة نتنياهو.
عندما أصيبوا أسرى الحرية باليأس بأن مطالبهم خارج اهتمام سجانيهم ، لجأوا الى أصعب طريقة وأشدها نضالاً وكفاحاً لتلبية هذه المطالب ، لم يبق أمامهم سوى اللجوء الى معركة الأمعاء الخاوية ، وهي معركة تعني أما النصر أو الشهادة ، والكل يعرف أن وعورة الطريق للوصول الى قمم النصر ، لا تختلف عن وعورة طريق ودروب خيار الشهادة .
أن سياسة سلطات الاحتلال معروفة ، وهي أنها تحاول دائماً كسر صلابة وصمود وثبات أسرى الحرية ، وقد فشلت حتى الآن ، رغم أنها اعتقلت حسب الإحصاءات منذ عام 1967 ، حتى اليوم ، ما يقارب الأربعة ملايين فلسطيني ، لقد عجزت عن كسر شوكة صمودهم ، والسبب أن طبيعة كل فلسطيني يخلق من رحم المعاناة ، والمطاردة والمداهمات وظلمة السجون ، الاحتلال منع الأطفال الفلسطيني من ممارسة وعيش عمرهم الطفولي ، فالطفل الفلسطيني يخلق ليجد والده أو والدته أو أشقائه أو عمه أو خاله او جاره في سجون الاحتلال ، أنه يعيش منذ نعومة أظفاره في مناخ نضالي وبطولي ، فالسجن بالنسبة لهذا الطفل جزءاً لا يتجزأ من ممارساته الحياتية .
اليوم يخوض أسرى الحرية في سجون الاحتلال معركة فاصلة ، لا تراجع فيها ، يستمرون في هذه المعركة ، رغم أن سلطات الاحتلال تحاول أن تتجاهل مطالبهم وحقهم الطبيعي في تحسين ظروفهم ، وما أن بدأت انتفاضة الأسرى التي نأمل أن تكون شاملة ، جماعية ، حتى تصدت لها قوات الاحتلال بكل وسائل العنف ، من أجل افشالها ، لكن كلما زادت هذه السلطات من ممارساتها القمعية ضد المضربين ، فأن انتفاضتهم تزداد عنفاً ، وتتسع دائرة الداعمين لها .
من بين الممارسات القمعية التي أقدمت عليها هذه السلطات ، الإسراع في تفريق المضربين عن بعضهم البعض ، لأنها تؤمن أن تشتيتهم يضعف عزيمتهم ويساعد على اختراقهم وكسر ارادتهم ، وقد كان في مقدمة من تم تفريقهم ، المناضل الكبير مروان البرغوتي ، فقد نقل الى مكان مجهول ، كما أن حكومة الأبرتهايد أصدرت أمراً يمنع ذويهم من زيارتهم ، كي تزيد من عزلهم ، على أمل تحطيم معنوياتهم ، وسارعت سلطة السجون من مصادرة كل أدوات الكتابة وأدوات الاتصال والكتب وجميع حاجياتهم الشخصية .
لكن جميع هذه الممارسات القمعية والتنكيل بهم وبأسرهم ، لم تكسر ارادتهم بل زادت من اصرارهم على المضي في معركتهم ومطالبتهم بأدنى الحقوق التي يجب أن يحصل عليها كل مقاوم وكل سجين سياسي ، من بين مطالبهم العادلة ، مثلاً : تحسين المعاملة كي تصبح فيها روح الإنسانية ، انهم يطالبون بحقهم في توفير هواتف عامة بالقرب من غرف سجنهم ، لأن هذه الهواتف متوفرة للسجناء غير الأمنيين ، حتى أصحاب سجلات الاجرام والعنف والمخدرات ، كما انهم يطالبون بزيادة مدة اللقاء بينهم وبين أسرهم ، أثناء قيام أسرهم بزيارتهم ، لأن المدة المقررة حالياً ، لا تبل ريق تعطشهم وشوقهم لرؤية أطفالهم وذويهم .
يطالبون من سلطات السجون أن يسمح لهم بأخذ الصور المشتركة مع أبناء عائلاتهم ، إضافة الى مطالبتهم بتحسين أسلوب وخدمات العلاج الصحي ، حيث يكون العلاج استخفافاً بصحة الأسير ولا يقدم له العلاج اللازم والعناية والرعاية .
يطالبون بتوفير مكيفات للتخفيف من شدة الحر أيام الصيف الحار ، يطالبون أيضاً بمنحهم حق تكملة تحصيلهم العلمي ، ويصرون على وقف الاعتقال الإداري ، ومما هو جدير بالذكر أن إسرائيل هي الدولة الوحيدة بين دول العالم التي ترتكب حتى اليوم هذه الجريمة اللا انسانية .
ان جميع هذه المطالب ليست سياسية ، بل هي مطالب اجتماعية ، إنسانية لا تشكل خطراً على أحد ، لكن حكومة الابرتهايد براسة نتنياهو وليبرمان واردان وغيرهم ، معروفة بساديتها ونزعتها اللاانسانية ، انها تحاول منع الاوكسجين من الوصول الى القصبات الهوائية لهؤلاء المناضلين ، لا تؤمن بأنه من حقهم الطبيعي مقاومة الاحتلال ، بكافة الطرق والأساليب ، انها لا تقرأ التاريخ ، ولو قرأته لوجدت أن انتفاضة أسرى الحرية الفلسطينية ، ليست الأولى من نوعها على مر العصور ، لقد سبق هذا النوع من انتزاع حقوق سجناء الحرية انتفاضات كثيرة ، تخللها العنف الجسدي والتمرد والاضراب عن الطعام ، نذكر من هذه الصور النضالية المميزة ، أضراب العبيد الذين تواجدوا على متن السفن البريطانية ، فأثناء نقل شحنات من هؤلاء العبيد ، بعد اصطيادهم من غابات أفريقيا ، كانوا يحشرون في حاويات ضيقة كالحيوانات داخل السفن ، وقد أضطر هؤلاء العبيد للإضراب عن الطعام ، لإجبار جلاديهم على تحسين ظروف شحنهم المهينة المأساوية ، حدث ذلك في النصف الأول من القرن الثامن عشر ، وقد ارتكب التجار البريطانيون جرائم بحق هؤلاء العبيد ، عندما استخدموا الكماشات والمفكات لفتح أفواه هؤلاء المضربين ، لإرغامهم على تناول الطعام ، هذا ما تفعله اليوم سلطات السجون في إسرائيل ، عندما تجبر السجناء المضربين على تناول الطعام.
استخدم أيضاً سلاح الأمعاء الخاوية لنيل الحقوق ، السجناء من منظمة – آي – آر –أيه الارلندية ، أما في الهند ، فقد تحول اضراب غاندي الزعيم الهندي المعروف الى مدرسة مميزة من مدارس النضال والكفاح ضد الاستعمار البريطاني ، وعندما كان غاندي يضرب عن الطعام ، كان غالبية أبناء الشعب في الهند يتضامناً معه ، فيهتز العرش البريطاني داخل الهند .
وحتى يهتز عرش حكومة نتنياهو ، يجب أن يكون التضامن مع معركة اسرى الحرية شاملاً في جميع العواصم العربية والإسلامية ، وعواصم كثيرة في العالم ، يجب وضع برامج إعلامية من قبل السفارات الفلسطينية والأحزاب والفصائل والنقابات والجمعيات ، لتعرية إسرائيل أمام شعبها وأمام العالم ، ومن واجب السلطة الفلسطينية حث الجامعة العربية على اتخاذ خطوة بهذا الشأن ، وأيضاً منظمة المؤتمر الإسلامي ، العمل على تدويل نضال وكفاح ومعركة اسرى الحرية .
هناك بعض التحركات البطيئة ، لكن مقاس هذه التحركات لا تزال دون قيمة الحدث ، دون قيمة تفاؤل أسير ينتظر الحصول على بعض الحقوق ليحيا وراء القضبان بأمل .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس تواصلت مع دولتين على الأقل بالمنطقة حول انتقال قادتها ا


.. وسائل إعلام أميركية ترجح قيام إسرائيل بقصف -قاعدة كالسو- الت




.. من يقف خلف انفجار قاعدة كالسو العسكرية في بابل؟


.. إسرائيل والولايات المتحدة تنفيان أي علاقة لهما بانفجار بابل




.. مراسل العربية: غارة إسرائيلية على عيتا الشعب جنوبي لبنان