الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التصريح الحكومي :تسويف وتخريف .

سعيد الكحل

2017 / 4 / 25
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


قدم السيد العثماني مشروع برنامجه الحكومي الذي فاجأ عموم المواطنين من حيث كونه امتدادا لبرنامج سلفه السيد بنكيران فيما يخص تنفيذ وعوده بمواصلة الإجهاز على المكتسبات الاجتماعية عبر سلسلة من الإجراءات ، ضمنها رفع الدعم عما تبقى من المواد الأساسية التي تهم مباشرة المعيش اليومي لأوسع فئات الشعب المغربي والإبقاء على نفس الإجراءات التي اتخذتها الحكومة السابقة . ولعل المفاجئ في البرنامج إياه هو نجاح السيد العثماني في ضم مؤيدين جدد للمخطط البنكيراني في كل أبعاده ونتائجه رغم كونهم عارضوه بشدة . فباستثناء حزب البام الذي قرر ممارسة المعارضة منذ ظهور نتائج الانتخابات التشريعية ، فإن السيد العثماني هو أول رئيس حكومة نجح في تفكيك المعارضة عبر"شفْط" الأحزاب التاريخية وإلحاقها بالصف الداعم من داخل الحكومة كما من خارجها . غير أن توسيع القاعدة الحزبية للحكومة (6 أحزاب مشاركة + حزب الاستقلال الداعم ) لم ينعكس إيجابا على برنامجها رغم تعدد المشارب الفكرية والبرامج الانتخابية . لهذا ظلت التوجهات الرئيسية للبرنامج هي نفسها التي حددها من قبل السيد بنكيران . من هنا يمكن القول بأن بنكيران أزيح من رئاسة الحكومة بينما ظل برنامجه بكل التراجعات والمعوقات . ويمكن التشديد على التالي :
1 ــ غياب أي مخطط واضح لمعالجة المديونية العمومية التي باتت تشكل 83% من الناتج الداخلي الخام . الأمر الذي سيفرض على الحكومة تخصيص نسبة مهمة من قوت الشعب وعلاجه وتعليم أبنائه لتغطية خدمة الدين العمومي (أصل الدين + الفوائد )والتي بلغت 69 مليار درهم سنة 2016. ويمثل هذا المبلغ 17% من النفقات العمومية للدولة .وبعملية بسيطة يساوي مرة ونصف ميزانية التعليم و 5 مرات ميزانية وزارة الصحة . والأمر لا يحتاج أن يكون المرء خبيرا في المجال ليدرك أن تسديد مبالغ الدين الخارجي سيقتطع من أجور المواطنين وعلى حساب الخدمات الاجتماعية التي من المفروض أن توفرها الدولة للشعب.وبسبب ارتفاع المديونية ، فإن كل مواطن مغربي ملزم بتحمل 10 آلاف درهم من نفقات هذا الدين . لقد أصبح المغرب في وضعية العاجز عن تسديد ديونه ، لهذا سيكون رئيس الحكومة ملزما بتطبيق تعليمات صندوق النقد الدولي وإتباع إملاءاته كما فعل بنكيران من قبل.
2 ــ ضعف الموارد المالية الذي يجعل وعود البرنامج الحكومي جوفاء . وسيزيد من تقليص هذه الموارد عوامل عديدة أهمها : أــ الديون العمومية التي هي في ارتفاع ، وقد ازدادت وتيرتها مع حكومة بنكيران . ب ــ ارتفاع خدمة الدين العمومي الذي سينعكس سلبا على حجم الاستثمارات العمومية ، ومن ثم ارتفاع نسبة البطالة واتساع قاعدة الفقر وتسريح العمال وانخفاض عائدات الضرائب وانحصار فرص الشغل وتراجع الخدمات الاجتماعية في مجال الصحة والتعليم والتشغيل والسكن اللائق ومحاربة الفقر والهشاشة والأمية ...
إذن كيف لهذه الحكومة التي تستهدف القدرة الشرائية للمواطنين وتستنزف موارد الوطن لخدمة الديون أن تعمل ( على تحقيق نمو قوي ومستديم لضمان اللحاق بركب البلدان الصاعدة، وإلى رفع تنافسية الاقتصاد الوطني والنهوض بالتشغيل وتدعيم التنمية المستدامة)؟ إن الإجراءات المتبعة ستؤدي حتما إلى بطء النمو الاقتصادي وضعف الاستثمارات العمومية وتجميدها في قطاعات واسعة . وكما راهن السيد بنكيران على تحويل الاعتمادات المالية التي ترصد لدعم المواد الأساسية إلى الدوائر المالية العالمية كفوائد للديون ، يراهن السيد العثماني على إلغاء الدعم على ما تبقى من المواد الأساسية وعلى رأسها السكر والدقيق وغاز البوطان ؛ وبهذا يلغى الدور الوظيفي للدولة المغربية ويقلص النفقات إلى الحدود الدنيا . فالإجراءات التي تضمنها البرنامج الحكومي والالتزامات المالية تجاه الدائنين ستكبل عمل الحكومة وتفرغ وعودها التنموية من كل مصداقية لانعدام موارد التمويل . وذا ما يجعل البرنامج الحكومي لا يختلف عن البرنامج الانتخابي من حيث كونه وعودا ونوايا وليس برامج مدققة .
3 ــ تكريس الظلم الاجتماعي الذي أسست له حكومة بنكيران في حق الموظفين والأجراء بسبب قانون التقاعد الذي استبد به رئيس الحكومة وفرضه على الجميع . وجاء البرنامج الحكومي للسيد العثماني خاليا من أية إشارة لإمكانية مراجعة القانون امتثالا لتوصيات لجنة التقصي التي شكلها مجلس المستشارين . ومعنى هذا أن الحكومة الحالية ستواصل الإجهاز على المكتسبات الاجتماعية للطبقة العاملة وعموم الموظفين . وهذا الظلم الاجتماعي لا ينحصر فقط في بعده الاجتماعي بل أيضا في بعده الإداري والمادي ، حيث خلا البرنامج من أية وعود أو إعلان نوايا الزيادة في الأجور وتحريك السلالم لمواجهة تكاليف المعيشة وارتفاعها المتواصل بسبب سلسلة الإجراءات التي اتخذتها الحكومة وستتخذها .
4 ــ تجاهل مطالب الحركة النسائية والحقوقية ، سواء بتشكيلة هيئة المناصفة أو باختصاصاتها التي هي محط انتقاد واسع ، وكذا وضع قانون إطار ضد العنف الممارسة في حق النساء والتراجع عن مشروع القانون الجنائي الذي وضعه الرميد ضدا على الالتزامات الدولية للمغرب في مجال حقوق الإنسان ؛ الأمر الذي يجعل وعود البرنامج الحكومي جوفاء .
5 ــ تكريس البرنامج الحكومي لقرار الإجهاز على الوظيفة العمومية باعتماد التوظيف بالعقدة واقتصار الدولة على التكوين .وهذا هو المخطط الذي وضعه بنكيران والمتمثل في فصل التكوين عن التشغيل.
ستتعمق أزمة المغاربة وسيزداد الاحتقان الاجتماعي إذا رهنت الحكومة قراراتها ومستقبل الوطن بيد الدوائر المالية العالمية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس.. ا?لغاء الاحتفالات السنوية في كنيس الغريبة اليهودي بجز


.. اليهود الا?يرانيون في ا?سراي?يل.. بين الحنين والغضب




.. مزارع يتسلق سور المسجد ليتمايل مع المديح في احتفال مولد شبل


.. بين الحنين والغضب...اليهود الإيرانيون في إسرائيل يشعرون بالت




.. #shorts - Baqarah-53