الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القضية الفلسطينية.. والانتفاضة الثالثة

طيب تيزيني

2017 / 4 / 25
القضية الفلسطينية



تعود القضية الفلسطينية إلى مقدمة الأحداث في العالم، إلى جانب الحدث السوري. وقد برزت القضية الفلسطينية الآن مجدداً، وسجلت أحداثاً مأساوية للشعب الفلسطيني، خصوصاً مع عهد بلفور ومعاهدة سايكس- بيكو، وغيرها، وفي سياق ذلك جاءت الانتفاضة الأولى والأخرى الثانية، وتبرز الآن مؤشرات الانتفاضة الثالثة. ويلاحظ أن معالجة المسألة هذه من قبل إسرائيل تحمل الكثير من التجييش والاستفزاز. وهذا تأكيد على الأيديولوجيا الصهيونية الاستعمارية، التي تتنكر لمطالب الشعوب في الحرية والاستقلال.



ولندقق هنا في بعض نقاط تلك الأيديولوجيا ضمن هذا السياق، بحيث نضع يدنا على ما يربط بين فكر الصهيونية وبين أسوأ أشكال الإجرام الفكري الراهن، ونعني هنا ما تمثله «القاعدة»، و«داعش».

ويظهر ذلك مثلاً فيما لوح به رئيس الوزراء الإسرائيلي من احتلال قطاع غزة. وقد أعلن 1500 أسير فلسطيني بدأوا إضراباً عن الطعام، بغاية تحسين أوضاعهم. فقد زادت معاناتهم ومنعت زياراتهم في سجونهم، كما فرضت عليهم حالات من العزل الانفرادي، وخصوصاً على المضربين منهم عن الطعام، إضافة إلى الاحتجاج على إهمال الحالات المرضية، وعزل المضربين بعضهم عن بعض. وقبل ذلك اعتقال الفلسطينيين بدون توجيه أية تهم إليهم، مع فرض عقوبات عليهم... إلخ، وكانت قد نشبت اشتباكات بين قوى الاحتلال والفلسطينيين أمام سجن «عوفر».

إن ذلك الموقف المعادي للإنسانية بأدنى حدودها، كان توماس فريدمان وأمثاله قد أسسوا له من موقع الدفاع عن الحضارة البشرية مقابل «الشعوب الهمجية البربرية»، معتبراً أن الفلسطينيين إن هم إلا عيِّنة من هذه الشعوب. حيث كتب في جريدة «نيويورك تايمز» في عام 2002 قائلاً: «إن الفلسطينيين اعتمدوا القنابل البشرية كخيار استراتيجي وليس بدافع اليأس! وهذا يهدد جميع الحضارات، لأنه إذا ما تركنا هذه الظاهرة تأتي بنتائج في إسرائيل، فسيعتمدها الآخرون. وقد تقود إلى رجل يثبّت على نفسه سلاحاً نووياً ويهدد دولاً بأسرها»!

إن توماس فريدمان إذ كتب ذلك، فإنه لم يسائل نفسه فيما إذا أتيح للفلسطينيين أن يحصلوا على حقوقهم بطرق سلمية، ويحققوا أهدافهم في التحرر، أليس ذلك هو أفضل الحلول؟ لقد كانت إسرائيل دائماً حريصة على محاصرة الفلسطينيين، كي تشل إمكاناتهم الكفاحية «البربرية»، وهم، من ثم، لم يلجأوا إلى «القنابل البشرية، كخيار استراتيجي» بحسب زعمه، إلا بعد أن يئسوا من الحصول على حقوقهم الشرعية بوسائل مقبولة. ومن هنا جاء ما جاء من صراعات دامية مفتوحة.

أما العودة المحتملة إلى أسلوب «الانتفاضة» السلمية، فهي يمكن أن تمثل أحد الخيارات في رأيهم للدفاع عن الحقوق المهضومة، بل المقاومة السلمية. وهذا هو واقع الحال في مرحلة عربية ودولية في غاية التعقيد والصعوبة، ولكن بهذه الطريقة التقى الخط السوري بالخط الفلسطيني، فالمأساة هنا وهناك هي هي، وإن تغيرت الأدوار والممارسات، بل إن أحد رؤساء الولايات المتحدة السابقين هو «ويلسون» يقدم رأيه في غاية الوضوح والصراحة، فقد كتب مدافعاً عن حقوقه وحقوق الآخرين في «العالم الحر الغربي»: «انطلاقاً من حقيقة أن التجارة ليست لها حدود قومية، وانطلاقاً من أن العالم الصناعي يريد امتلاك العالم من أجل الأسواق، فإن على راية بلاده أن تتبعه حيثما ذهب... وعلى الأبواب الأخرى المغلقة للأمم أن تنخلع، وعلى وزراء الولايات المتحدة أن يحموا امتيازات أصحاب رؤوس الأموال، حتى لو أدى ذلك إلى انتهاك سيادة الأمم المتمردة الأخرى. يجب خلق المستعمرات أو الحصول عليها، بحيث لا نهمل أو نتغاضى حتى عن أصغر زاوية في هذا العالم». «أنظر: روجيه غارودي - الولايات المتحدة طليعة الانحطاط، ص 4».

وإذا كان لنا أن نشير إلى ما يحدد طبيعة ذلك «العالم»، فلا سبيل إلى تجاوز ما أعلنه مفكرون غربيون بأنه، إذا ما عرّفنا العولمة، فإننا سنواجه تلك الفكرة الممثلة بالصفر في عالمنا الراهن، أي كونه بمثابة «السوق المطلقة»، ومن شأنه هنا أن يعلن عن العولمة متجسدة في ذلك السوق: فلا أوطاناً، ولا قيماً إنسانية أخلاقية، ولا كرامة إنسانية، وهكذا، تكون المسألة قد وجدت تعبيرها المعاصر، بوضع اليد على مفاهيم الكرامة والحرية والوطن والإنسانية بمثابة قيم سوقية بامتياز. وحيث يكون الأمر على هذا النحو، فإن فلسطين، وكذلك سوريا والوطن العربي ليست إلا إشارات إلى مواضع في السوق المعاصر، وبناء على هذه القاعدة تتحدد الروابط بين سوريا وفلسطين وبينهما وبين السوق بمثابة قاعدة تشمل تهجير السوريين والفلسطينيين عن بلديهم!

كنا نقول: إن قضية العرب المركزية هي فلسطين وتحريرها من مغتصبيها، وإن سوريا واحدة موحدة أرضاً وشعباً، وأصبح علينا أن نعتبر البلدين إياهما زاويتين من زوايا السوق العولمية الكونية، ولكن، هل تمشي الأمور على هذا النحو؟ يجيب أهل البلدين: التاريخ يعلمنا أنه لا يصح إلا الصحيح!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بلينكن في الصين يحمل تحذيرات لبكين؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. زيارة سابعة مرتقبة لوزير الخارجية الأميركي إلى الشرق الأوسط




.. حرب حزب الله وإسرائيل.. اغتيالات وتوسيع جبهات | #ملف_اليوم


.. الاستخبارات الأوكرانية تعلن استهداف حقلي نفط روسيين بطائرات




.. تزايد المؤشرات السياسية والعسكرية على اقتراب عملية عسكرية إس