الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من تجاربى الشخصية مع الدين 4

زاهر زمان

2017 / 4 / 26
سيرة ذاتية


* التلقين فى الصغر كالنقش على الحجر !!!
كنت قد تجاوزت السادسة والنصف بقليل من عمرى ، وكانت إجازة العام الدراسى قد أوشكت على الإنتهاء ، عندما همست إحدى جاراتنا ؛ ’’ أم رومانى ‘‘ فى أذن أمى بأن تقدم أوراقى إلى مدرسة ’’ الناصرية الابتدائية ‘‘ ، بجانب انتظامى بعد العصر فى الذهاب إلى ’’ كتَّاب الشيخ مبروك ‘‘ . وبالفعل وجدتنى أذهب الى المدرسة صباحاً ، والى ’’ كتَّاب الشيخ مبروك ‘‘ بعد العصر . وظللت على هذا الحال حتى أتممت ختم القرءآن حفظاً وتسميعاً مع بدايات الصف اثالث الابتدائى . رغم صغر سنى فى تلك الأيام ، الا أننى كنت دائم المقارنة بين ماأعيشه وأعايشه فى مدرسة ’’ الناصرية الابتدائية ‘‘ وماأعيشه وأعايشه فى ’’ كتَّاب الشيخ مبروك ‘‘ . فى الكتَّاب . . كان الشيخ المتجهم الوجه دائماً ، يضفى على المكان ومن فيه جواً من الرهبة التى تخلق فى نفوسنا نزوعاً خفياً نحو التفلت من المكان وما فيه ومن فيه ، وانتظاراً لموعد الانصراف من حلقة التحفيظ على أحر من الجمر ، ناهيك عن ’’ الفلكة ‘‘ الرابضة على يسار الشيخ بجوار المنبر ، تنتظر أقدام أول ضحية يقصر فى تسميع ماكلفه به الشيخ من آيات . ورغم تفوقى وعدم تقصيرى فى الحفظ والتسميع ، بسبب ماحظيت به من ذاكرة حديدية ، الا أننى كنت لا آمن غدر ذلك الشيخ المتجهم بى ، لسبب أو لآخر ، فى أية لحظة من اللحظات . ومع ذلك لم يكن الأمر يخلو من بعض الأمور الطريفة كقيام بعض الأولاد الكبار بالضحك على النسوة اللاتى كن يذهبن كل خميس لزيارة موتاهم فى المقابر التى تقع خلف المسجد الذى به الكتَّاب ، وايهامهن بأنهم يقرأون آيات القرءآن ترحماً على الموتى ، وذلك للحصول على البلح والكعك ’’ الرحمة ‘‘ ، وهم فى حقيقة الأمر من أفشل الفاشلين فى الحفظ أو التسميع ! أما الوضع فى المدرسة فقد كان شيئاً مغايراً تماماً لما كان عليه فى ’’ كتَّاب الشيخ مبروك ‘‘ . فقد كان هناك طابور الصباح وما يجرى فيه من تمرينات الصباح الرياضية والنشيد الوطنى على أنغام الموسيقى . . ناهيك عن الاذاعة المدرسية وماكان يقدمه فيها الطلبة والطالبات . فى داخل الفصل ، كانت هناك المقاعد المصفوفة التى كنا نجلس عليها بنين وبنات . . لم يكن هناك بنات فى ’’ كتَّاب الشيخ مبروك ‘‘ . . لم يكن هناك الأبلة ’’ رقية ‘‘ فى ’’ كتَّاب الشيخ مبروك ‘‘ . . تلك الأبلة التى كنت أشعر أنها تختصنى باهتمامها وحنانها عن بقية الأولاد والبنات فى الفصل ، وماذلك إلا لإصغائى التام لكل ماكانت تتفوه به فى أثناء شرحها للدرس ، وسرعة استجابتى فى الرد على أى سؤال كانت تطرحه علينا . من الأشياء التى مازالت عالقة فى ذاكرتى حتى يومنا هذا ، رغم مرور مايزيد على الخمسة والخمسين عاماً عليها ، ذلك اليوم الذى احتضنت رأسى فيه بين ذراعيها ، وراحت تهدىء من روعى ، عندما رأت دموعى تنهال فى ذلك اليوم على وجنتى تأثراً بما كانت تقصه علينا من حالة اليتيم محمد بن عبدالله ، الذى مات أبوه من قبل أن يولد ، وماتت أمه آمنة وهو فى سن الثامنة ، وذلك وهم فى طريق عودتهم من يثرب الى مكة ! كان ذلك اليوم فى الصف الثالث الابتدائى هو بداية غرس تعاطفى ؛ بل قل تعلقى بشخص محمد بن عبدالله وتعاطفى معه ، وطبعاً اهتمامى وتقبلى لكل ماسوف أعرفه بعد ذلك عن محمد بن عبدالله ، وتصديقى كل ماسوف أسمعه من الدعاة أو ماسوف أقرأه عنه فى مؤلفات الكتاب المسلمين دون مناقشة ! عندما تكون فى سنوات بدايات التكوين المعرفى والوجدانى ، وتسمع عن أى شىء أو أى حدث أو رمز ، من شخص تشعر معه بالأمن والأمان وبأنه يحبك ويحنو عليك وأنك موضع اهتمامه ، فإن ذلك سوف يحدد ميولك واتجاهاتك واهتماماتك ، ربما لآخر يوم فى حياتك !
يتبع
زاهر زمان








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الدين بداية من معلمين ثم بحث واختيار
ممنوع من التعليق ( 2017 / 4 / 27 - 09:57 )

تلك هي افة التعلم فلو علموك منذ طفولتك الالحاد لبقيت معه دهرا الى أن تبدأ البحث بنفسك

كما وقع لكثيرين درجا على ايمان التقليد ثم كفروا واخرين درجوا على كفر التقليد ثم اهتدوا

والأمثلة على ذلك كثيرة باعترافات وبالصوت والصورة

فهاأنت تتلقى الدين بداية عن شيخ ومعلمة

وهما معا فيهما قصور ثم تكفل بتكوينك التيار العلماني الذي عرفناه كلناووقع بعضنا ضحيته

هذا التيار المعجب اطلااقا بالتغريب خيره وشره بينما فرق جلنا بين غطرسته وامبرياليته

وعدوانه زعنصريته وبين تقدمه العلمي المادي

الى الان لاأجد حتى هذه المقال4 مايمكن تسميته تجارب شخصية

اخر الافلام

.. عاجل.. شبكة -أي بي سي- عن مسؤول أميركي: إسرائيل أصابت موقعا


.. وزراءُ خارجية دول مجموعة السبع المجتمعون في إيطاليا يتفقون




.. النيران تستعر بين إسرائيل وحزب الله.. فهل يصبح لبنان ساحة ال


.. عاجل.. إغلاق المجال الجوي الإيراني أمام الجميع باستثناء القو




.. بينهم نساء ومسنون.. العثور جثامين نحو 30 شهيد مدفونين في مشف