الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
بيان مناضلين بجيش التحرير والمقاومة المغربية حول مغربية الصحراء
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
2017 / 4 / 27
مواضيع وابحاث سياسية
" تأتي أهمية هذا البيان ، ( يقول احد قادة جيش التحرير بالجنوب المغربي محمد بنسعيد ) ، الذي وقعه منتسبون للمقاومة ولجيش التحرير المغربي ، من أنهم شاركوا في تأسيس المقاومة المدينية ، وجيش التحرير بالبوادي والجبال ، ومنهم من ساهم مساهمة فعالة في الثورة الجزائرية ، ومنهم من وضعوا اللبنة الأولى لتأسيس حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية ، واغلبهم من الذين شنوا الكفاح المسلح عمليا ، ضد الاستعمار الفرنسي والاسباني ، وحُكِمَ على كثير منهم بالإعدام في فترة الاستعمار ، كما واصلوا مسيرة النضال ضد النظام الملكي في المغرب ، وحُكِمَ على بعضهم بالإعدام ابيضا في عهد الاستقلال . ان الموقعين على بيان مايو ، شكلوا ذاك الرعيل الأول من المواطنين الذين ربطوا في نضالهم بين المعركتين : المعركة الوطنية والمعركة الطبقية .
ان المواقف التي تم العبير عنها في بيان فاتح مايو 1976 ، هي المواقف الجذرية التي تجسد الوفاء ، والتزام حركة المقاومة وجيش التحرير، للأهداف التي استشهد من اجلها الآلاف من المناضلين ، والالتزام بقضية الجماهير الشعبية في التحرير الفعلي من الاستعمار وعملاءه .
وإذا كانت هناك محاولات جارية من طرف الحكم الرجعي لإظهار حركة المقاومة على غير وجهها الحقيقي ، وتوظيف سمعتها الوطنية في تبييض وجهه ، وتحويل خياناته الى انتصار وتحرير ، فإنني أوجه النداء صادقا لكل المقاومة وجيش التحرير ، بان يُغلبوا مصلحة الجماهير ، ويضعوها فوق كل اعتبار ، وان يعززوا كفاحها المستميت ضد كافة أشكال الاستعمار الجديد وتلوناته .
في الفاتح من مايو 1976 ، أصدرت مجموعة من مناضلي المقاومة وجيش التحرير المغربي ، بيانا حددوا فيه موقفهم من قضية الصحراء المغربية ، بحيث أدانوا كل محاولات إقامة دويلة مصطنعة في الصحراء ، ونددوا بالاتفاقية الثلاثية ، بين المغرب ، وموريتانيا ، واسبانيا ، وربطوا بين النضال الديمقراطي ، والنضال الوطني ، لتحرير كل الأراضي المغربية المحتلة . وتأتي أهمية هذا البيان ، من ان الموقعين عليه ، هم من المساهمين الأساسيين في الكفاح الوطني ضد الاستعمار الفرنسي والاسباني في إطار المقاومة وجيش التحرير ، كما تابعوا ، وما زالوا ، نضالهم ضد الحكم الرجعي القائم ، لإعطاء الاستقلال مضمونه الحقيقي ، وذلك في أطار الحركة التقدمية والثورية ، حيث كانوا من المؤسسين للجامعات الوطنية ، والاتحاد الوطني للقوات الشعبية فيما بعد ، مجسدين بذلك الاستمرارية النضالية لشعبنا ، لتحقيق مطامحه العميقة في التحرر ، والديمقراطية ، والاشتراكية . وقد خلف البيان ، صدى واسعا لدى المناضلين والجماهير، والرأي العام ، وذلك بالرغم من محاولات بعض الصحف الوطنية الصادرة في المغرب تشويه مضمونه . وفيما يلي نص البيان :
" نحن أعضاء جيش التحرير والمقاومة المغربية الموقعين على هذا البيان ، اعتبارا للمضاعفات التي آلت وتؤول إليها قضية الصحراء المغربية ، ونظرا لتطورات المشكل عبر مراحل وملابسات لا بد من التذكير بها ، لفضح مساعي النظام الملكي الإقطاعي ، العامل من اجل تطويق الكفاحات الجماهيرية ، وإجهاضها ، وتفتيت نضالات الكادحين على طريق الديمقراطية والاشتراكية . نصدر هذا البيان :
فغداة الاستقلال الشكلي ، وجدت فصائل جيش التحرير ، والمقاومة ، وجماهير الشعب المغربي الواعية ، نفسها أمام مناورات القصر الملكي ، ابتداء من قبول الاستقلال الناقص ، الذي لم يشمل كل الأراضي المغربية المستعمرة ، الى التّناوُرِ مع الاستعمار لتثبيت نظامه الفردي .
وكان البديل الثوري ، أنْ تعمل قوات الشعب الحية ، وفي طليعتها جيش التحرير المغربي في الجنوب ، على خوض المعارك المسلحة ، بهدف تتميم الاستقلال ، ووحدة التراب الوطني .
وقد تجلت في هذه الفترة التاريخية ، ومن خلال الكفاح المسلح ، النظرة الثورية والوحدوية على صعيد المغرب العربي ، الشيء الذي أثار حفيظة الاستعمارين الفرنسي والاسباني ، ودفع بهما إلى التحالف المسلح ، لقمع هذا التيار التحرري وتوقيفه .
وفي هذه الفترة أيضا ، برزت مناورات القصر ، لتشتيت صفوف المقاومة وجيش التحرير ، وحرمان القوات المقاتلة من الذخيرة ، واصطناع " المؤامرة ضد ولي العهد " ، لتبرير عمليات اعتقال قادة المقاومة ، والرمي بهم في السجون ، وحل جيش التحرير ، والاتصال بالقوات الاستعمارية المحتلة ، لتعطيل كل تنازل في موضوع الصحراء ، من شأنه ان يكون لحساب العناصر التقدمية آنذاك في أجهزة الدولة . ( حكومة عبدالله ابراهيم ) التشديد من عندي .
وقد ظل النظام الملكي طيلة العشرين سنة الماضية ، متواطئا مع الاستعمار الاسباني ، فيما يتعلق بالصحراء المغربية ، وبقية المدن المحتلة في الشمال . وقد تميزت هذه الفترة بتصفية جيش التحرير في الجنوب ( المكنسة او ايكوفيون ) – التشديد من عندي -- ، وتصفية ومطاردة العناصر الثورية داخل الحركة التقدمية المغربية ، وقمع كل التحركات الشعبية .
ثم كان أنْ قام النظام العميل ، بمبادرة تحريك موضوع الصحراء ، بهدف تجاوز مشاكله ، اعتمادا على استعداد الجماهير للتعبئة والتضحية من جهة ، والمتاجرة بالسيادة والخيرات الطبيعية مع الحلفاء الاستعماريين من جهة ثانية .
ان رجال المقاومة وجيش التحرير الموقعين أسفله ، في الوقت الذي يسجلون فيه تراجع الامبريالية عن مشروع تكوين دويلة مصطنعة في الصحراء ، نتيجة تناقضاتها الداخلية ، ونتيجة تدخل الجماهير المغربية في الصراع ، ينددون بالمساومة التي أقدم عليها النظام الرجعي من خلال اتفاقية مدريد ، والتي نتج عنها :
1 ) تكريس احتلال اسبانيا لمدينتي سبتة ومليلية والجزر الجعفرية .
2 ) تقسيم الصحراء المغربية وتفتيت الشعب المغربي .
3 ) اقتسام خيرات البلاد الطبيعية مع القوات الاستعمارية والرجعية .
4 ) استمرار وتثبيت القواعد العسكرية الأجنبية فوق تراب الوطن .
إننا إذ ندين سياسة الاستمرار في الارتماء بين أحضان الامبريالية ، ندين أيضا كل المساعي الرامية إلى إقامة دويلة مصطنعة في الصحراء ، لان ذلك يتنافى مع المصالح الحقيقية لمجموع شعوب المنطقة .
كما ندين كل حرب بين الشعبين الشقيقين المغربي والجزائري ، هذه الحرب التي من شأنها ، تحطيم آمال شعوب المغرب العربي في التحرر والوحدة .
إننا نتوجه بالنداء ، الى كافة التقدميين والوطنيين في المغرب ، للعمل على فضح المخطط الامبريالي الرجعي ، الساعي الى ضرب الأهداف النبيلة ، التي ناضلت من اجلها الحركة التقدمية المغربية منذ فترة الاستعمار حتى الآن ، والتمسك بالاختيارات الجذرية ، التي تَميّز بها النضال ضد الاستعمار والاستعمار الجديد ، ومضاعفة النضال في الظرف الراهن ، من اجل انتزاع الحقوق الديمقراطية ، الاجتماعية ، والسياسية ، للجماهير الشعبية ، وفرض إطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين ، من مدنيين وعسكريين .
ونوجه النداء أيضا ، لكافة الوطنيين والتقدميين في المغرب العربي ، لمساندة حق الشعب المغربي في تحرير كافة أجزاءه المحتلة ، ودعم نضاله ضد الحكم الرجعي القائم ، وليكن ذلك نقطة معاودة الانطلاق لتوحيد كل الجهود ، من اجل تحرير المغرب العربي واشتراكيته ووحدته . --- فاتح مايو 1976 -- .
الموقعون على البيان :
الفقيه محمد البصري . محمد بن سعيد آيت إيدر . عبدالفتاح سباطة . بوزاليم كجاج محمد . الحسين الخضار . باهي محمد . أومدة محمد . ناصر عمر صالح ( الفرشي ) . المالكي احمد ( جحا ) . محمد بن الحسين ( أزلماط ) . صابر عبدالحميد ( حمدون ) . رشيد سكيرج . مولاي عبدالله الفيلالي. احمد الفقيه الدكالي . ممحمد الجعواني بن محمد . نعيم محمد بن الاشقر . الدكالي عبدالله . ساهر العربي الفيكيكي . المنتصر حسن لعتابي . المعلم بوشعيب . الملازم مخلص محمد . رزقي محمد بن موحا ( المعلم احمد ) . الميداوي احمد . محمد عبروق . ناجي زايد بن موحا آيت مبارك . الداودي العربي . ساعة محمد عبدالحق . سعيد بن يخلف نايت الديح . مرزوق حسن . بورحيم محمد . بنسعيد الصغير . الناهري محمد الحداد . اويدير موح وعلي . العربي بن ناجم . ملحاوي عبدالرحمان . الطاهر محمد الورطاسي . عمرو العطاوي . تراغة الحسين ( الحسين الصغير ) ."
تعليق : يلاحظ ان البيان ، " بيان مايو 1976 " ، جاء سنة بعد انقلاب الصورة ، عند تأسيس جبهة البوليساريو سنة 1973 . فبعد ان كان هدف المؤسسين ، هو استرجاع الصحراء إلى أصلها المغرب ، سنجد انه بعد أن تدخلت الجزائر كطرف محرض ، ومعرقل ، وبتوجيه من الصهيوني هنري كيسينجر ، الذي أوحى للهواري بومدين ، بأخذ نصيبه من الصحراء يُمَكِّنُهُ من الصول الى المحيط الأطلسي ، وبسبب الأخطاء التي ارتكبها ما يسمى بزعماء الأحزاب ، الذين اعتبروا قضية الصحراء ، هي قضية القصر ، وليس قضيتهم ، ولا قضية الشعب ، أصبح الهدف ، هو الانفصال ، وتأسيس جمهورية وهمية ، أي كما سماها البيان " الدويلة " . وهذا يعني ، توسيع دائرة الصراع ، بدخول الجزائر كطرف رئيسي لم يتوانى من دخول امغالا لفرض الأمر الواقع ، كما أوحى لهم بذلك الصهيوني كيسنجر .
الجهاز الذي اصدر البيان ، " بيان مايو 1976 " ، كانوا يتمركزون في الجزائر ، وفي فرنسا ، وبلجيكا ، وبدمشق ، ومدريد ، كلاجئين سياسيين . فمنهم من غادر على اثر أحداث 16 يوليوز ،1963 ومنهم من غادر اثر أحداث 3 مارس 1973 . لذا فمشروعية البيان ، تأتي من انتماء بعضهم إلى المقاومة المدينية ، وانتماء البعض الأخر الى جيش التحرير ، وانتماء الجميع إلى الاتحاد الوطني للقوات الشعبية ، خاصة ذراعه المسلح .
عندما يصدر بيان من قبل المقاومة وجيش التحرير ، ومن قبل الحركة التقدمية المغربية ، التي كان تبحث عن توظيف إنشاء جبهة البوليساريو ، كقوة متعارضة مع النظام ، وربط النضال المسلح ضد الأسبان ، بالنضال المسلح في الداخل في 3 مارس 1973 ، تبطل كل دعاوى الانفصال ، كما تفند كل الشعارات التي تشكك لأسباب سياسية بمغربية الصحراء .
ومن خلال الشخصيات الموقعة على البيان ، وانتماءها الى جيش التحرير في الجنوب ، الذي واصل حربه التحريرية ضد الأسبان ، فان الانتماء القانوني ، والجغرافي ، والبشري للصحراء هو المغرب ، ومن ثم يكون الصراع المفتعل بالمنطقة ، هو صراع بين الجزائر وبين المغرب ، اي انه صراع نفوذ ، وصراع هيمنة ، وصراع جيو – استراتيجي ، و جيو – بوليتيكي . ومن ثم فان جميع دعوات الانفصال ، والدعوة إلى الاستفتاء ، تصبح لا غية ، وعديمة المشروعية .
بعد صدور هذا البيان القومي والوطني ، تحركت العسكرتارية الجزائرية ، وأجهزة المخابرات ، لتضغط على المناضلين الموجودين فوق ترابها ، وتعتدي على بعضهم بحرمانهم من الامتيازات التي كانوا يتوصلون بها ، كلاجئين سياسيين . كما انها لم تتوانى ، ولم تخجل في حربها العدوانية ، من طرد آلاف المغاربة من الجزائر ، ومصادرة ممتلكاتهم ، وتفريق عائلاتهم بشكل هستيري وجنوني ، ينم عن الحقد والكراهية التي تكنها الجزائر إلى المغرب . أمام هذا الهجوم الانتقامي اضطر المقاومون وأعضاء جيش التحرير المتمركزون بالجزائر الى مغادرتها صوب فرنسا باريس .
وبما ان المسألة الديمقراطية عند القوى الثورية كانت هي الحكم ، وليس اقتسامه او المشاركة في الحكومة ، فقد اعتبروا قضية الصحراء عاملا في فرز العدو الأساسي من العدو الثانوي . وبما ان كل السلالات التي حكمت المغرب جاءت من الصحراء وسقطت من الصحراء ، فإنهم آمنوا بالبؤرة الثورية ، اي اعتبار الصحراء بؤرة ثورية تنطلق منها الثورة لإسقاط الحكم ، فالمغرب في حاجة الى من سيحرره من النظام ، وليس النظام من سيحرر الصحراء من الأسبان . وهنا إضافة الى أطروحة الجناح المسلح لحزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية ، سارت منظمة الى الأمام ، في نفس الخط ، فاعتبرت الصحراء بدورها بؤرة ثورية لإسقاط النظام . وعندما أصبحت الجزائر طرفا رئيسيا في الصراع ، بادرت القوى الوطنية والتقدمية في الاتحاد الوطني للقوات الشعبية ، لتدارك الخطر المحدق بوحدة المغرب ، في حين استمرت منظمة الى الأمام تتبنى نفس الأطروحة من الصحراء ، اي الانفصال والاعتراف ب ( الشعب الصحراوي وبالجمهورية الصحراوية ) . وللإشارة ، فقط استعملت منظمة الى الأمام في وصف سكان الصحراء ، تعابير وأوصاف مختلفة ، بدءا بالجماهير المغربية في الصحراء ، الى الشعب العربي في الصحراء ، الى إيمانها إيمان العجائز بالشعب الصحراوي الذي اكتشفوه في أواخر سنة 1977 ، رغم ان الجبهة تم تأسيسها في سنة 1973 تزامنا مع أحداث 3 مارس 1973 ، وتم إنشاء جمهورية تندوف من قبل الهواري بومدين ومعمر القدافي في سنة 1976 ، وهي السنة التي صدر فيها بيان فاتح مايو 1976 .
يمكن لكل مغربي آن يعارض النظام ، ويمكنه ان يطالب بإسقاطه ( ملكية برلمانية ) ، كما يمكنه ان يطالب بإسقاط الدولة ( الجمهورية ) ، لكن ليس من حقه ان يطالب بفصل ترابه وشعبه . ان النظام إذا ذهب ، يمكن ان يعوضه نظام آخر ، والدولة إذا ذهبت ، يمكن تعويضها بدولة أخرى . لكن إذا ذهب الإقليم ، واي إقليم يستحيل له العودة . فلا تخلطوا بين النظام والصحراء ، وتتخذوا قرارات ستندمون عليها مستقبلا . الصحراء مغربية تارخيا وقانونيا وبشريا . والعديد من المناضلين الأوائل لجبهة البوليساريو يؤمنون بهذا ، لكن تدخل الجزائر اخلط الأوراق وعمق الأزمة المفتعلة .
قال احد قادة البوليستاريو وهو مصطفى بوهْ الملقب ب ( البرزاني ) ، أنه عندما التقى أول مرة عام 1973 في موريتانيا الوالي مصطفى السيد مؤسس الجبهة ، والذي قتل في الثامن والعشرين من العمر على أبواب نواكشوط ، لم تكن فكرة الاستقلال مطروحة في رؤيته ، وأن أدبيات البوليساريو حتى عام 1975 تخلو من أية إشارة الى كلمة الاستقلال او الانفصال ، مضيفا ان النزعة الانفصالية عند أعضاء جبهة البوليساريو ، لم تظهر إلاّ بعدما دخلت الجزائر على الخط عام 1976 .
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. مقتل عشرات العسكريين السوريين في غارات إسرائيلية على حلب
.. بوليتيكو: البنتاغون في -محادثات مبكرة- لتمويل قوة حفظ سلام ف
.. رغم استمرار خطر الهجمات.. النازحون الفلسطينيون يريدون العودة
.. رئيس الأركان الأميركي: إسرائيل لم تتسلم كل الأسلحة التي طلبت
.. بحضور أوباما وكلينتون.. بايدن يجمع 25 مليون دولار لحملته الا