الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأديان صناعة بشرية قلباً وقالباً !

زاهر زمان

2017 / 4 / 27
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


اسمحوا لى أن أضرب مثالاً رأى مثله بعضنا وتابعه على الفضائيات فى بعض البرامج المهتمة بالشأن الانسانى للمجتمع . امرأة عاقر لاتنجب . . قامت بخطف رضيع من جوار أمه التى استغرقت فى النوم ، وذلك بالاستعانة ببعض من لا ضمير لهم ، مقابل مبلغ من المال . هربت المرأة بالرضيع واختفت من المحافظة بأكملها . استأجرت شقة فى محافظة أخرى غير المحافظة التى اختطفت الرضيع من إحدى مستشفياتها . سنفترض أن الأبوين الحقيقيين للرضيع من أصول أجنبية . . هنود مثلاً . . ولا يتحدثون العربية ولا يدينون بدين المرأة التى اختطفت الرضيع . . فى المحافظة الجديدة التى هربت اليها الخاطفة واستقرت فى احدى الشقق بإحدى مدنها ، سينظر جيران تلك المرأة للرضيع على أنه ابنها ، ولن يشك أحد فى نسبته اليها والى زوجها . . ستمضى الأيام ويكبر الرضيع ويبدأ فى التقاط اللغة التى تتحدث بها تلك المرأة وجيرانها وكل من فى البيئة من حوله . . مع الوقت ستغرس البيئة فى وجدان الطفل كل مافى تلك البيئة التى نشأ فيها من عادات وتقاليد وسلوكيات وعقائد وطقوس دينية . . وكلما كبر واشتد عوده ، كلما ترسخ فى عقله ووجدانه أن تلك المرأة هى أمه التى أنجبته من رحمها ، ولن يتطرق الى ذهنه أدنى ذرة من الشك أن تلك المرأة ارتكبت بحقه جريمة بشعة لا تغتفر ، عندما أقدمت على خطفه واقتلاعه من جذوره الأصلية بالكامل . . سأفترض أن والديه الحقيقيين ، استطاعا بطريقة أو بأخرى التوصل الى مكان الخاطفة بعدما شب الرضيع عن الطوق ، واستطاعا عن طريق الحمض النووى اثبات بنوته لهما وليس للمرأة المجرمة التى اختطفته وفرضت - عليه بحكم البيئة - النشأة والتربية والعادات والتقاليد والسلوكيات واللغة وأسلوب التفكير منذ كان رضيعاً لا يدرى من أمر نفسه شيئاً وحتى صار شاباً يافعا ً! ترى كيف سيكون رد فعل ذلك الشاب الذى تم اختطافه واقتلاعه من جذوره وهويته الحقيقية نحو والديه الحقيقيين من جهة ، ونحو المرأة التى اختطفته واقتلعته من جذوره وطمست جميع معالم هويته الحقيقية التى كان سينشأ عليها لو أن الأمور سارت سيراً طبيعياً ونشأ وتربى وكبر بين أحضان والديه الحقيقيين وفق الهوية الحقيقية لهما من جهة أخرى ؟! وهل المجرمة التى اختطفته ستفرط فيه بسهولة وتتخلى عنه لوالديه وهويته الحقيقية ؟ وهل سيستطيع هو التتنصل من الهوية التى فرضتها عليه المجرمة المغتصبة التى اختطفته وهو مازال رضيعاً لا يدرى من أمر نفسه شيئاً ؟ وهل سيستطيع اقتلاع عواطف البنوة التى كرستها فى وجدانه طوال سنين عمره التى قضاها تحت جناح تلك المرأة التى اعتقدها طوال الوقت أمه الحقيقية ؟ هل سيستطيع التسليم أن هذين الشخصين ، اللذان ظهرا فى حياته بعدما كبر وتشرب كل مافى البيئة التى نشأ فيها ؛ هل سيتطيع التسليم بحقيقة أن هذين الشخصين هما أمه وأبوه الحقيقيين ؟! وهل لو سلم بذلك ، سيفلح فى التخلص من هويته التى صبغته بها البيئة التى فتح عينيه ووعيه عليها وكبر وترعرع فيها وتشرب كل مافيها من لغة وعادات وتقاليد وتربية وتعليم وطقوس ورموز تعاليم وتشريعات دينية ، ويفلح فى استبدال تلك الهوية المكتسبة بحكم البيئة بهويته الأصلية التى هى هوية والديه الحقيقيين ؟
ذلك بالضبط هو مافعله محمد بن عبدالله ورفاقه الذين ابتدعوا منظومة دينية حياتية متكاملة ، هى فى حقيقتها تشكل نظام حكم وأسلوب حياة متكامل ، استخلصوه من الديانات السابقة على الدين المحمدى ، فجاء متطابقاً مع اليهودية ومع المسيحية فى نواحى ومتعارضاً معهما فى نواحى أخرى ، ولكنه فى المجمل هو تقليد ومحاكاة لصلب مافى الديانتين كنظام حكم وأسلوب حياة . كنظام حكم تشكل أساسياته تشريعات وتعاليم تم استقاء أغلبها من الديانتين السابقتين وبعض هرطقاتهما التى لم يكن محمد ورفاقه يعرفون أنها هرطقات وليست من صلب الديانتين ، اللتين كان محمد ورفاقه يعتقدون بانهما نزلتا من الإله السماوى ، الذى كان العرب وغير العرب يؤمنون بوجوده ، حتى من قبل هاتين الديانتين ، واعادة صياغة تلك التعاليم والتشريعات باللغة العربية القرشية ، فى قرءآن وأحاديث محمد ، ، والتى أعتقد أن أغلبها تم نسبتها اليه بواسطة ورثته وورثة ورثته ممن كان يطلق عليهم علماء الاسلام وذلك بايعاز وموافقة وتحفيز من الخلفاء الأمويين والعباسيين ، طوال القرنين التاليين لوفاته ، وفى غفلة عن سمع وبصر العوام ، وذلك بإسنادها زوراً وبهتاناً الى مؤسس الاسلام ورفاقه ، من أجل تحقيق غايات سياسية خاصة بالحكم والسلطان . أما كنظام حياة ، فلا أدل من التحكم فى وقت المسلم وتأكيد تبعيته وولائه للاسلام ومؤسسه ورموزه ، من فرض وتقديس صلوات خمس تبدأ من قبل شروق الشمس بصلاة الصبح وتنتهى بعد غروب الشمس بصلاة العشاء . وكذلك فرض كافة أنواع الزكاة لتأكيد الولاء والتبعية المالية للاسلام ومؤسسيه . وفرض الحج على القادر مالياً ، وفرض الولاء والبراء ،والترغيب فى حفظ وتلاوة قرءآن محمد حتى أنهم زعموا أن لغته ( العربية ) هى لغة أهل الجنة المزعومة بالطبع ! نظام حياة يتحكم حتى فى كيفية دخول الحمام وكيفية الجماع وكيفية الزواج والطلاق وكيفية التعامل مع غير المسلم . نسيت صيام شهر رمضان بشكل جماعى على عموم المسلمين فى مشارق الأرض ومغاربها ومايجب على المسلم أن يقوله وأن يفعله خلال ذلك الشهر وعقب انتهائه . أليس ذلك كله يشكل بيئة حياتية كاملة ؟! تماماً كما هو عليه الحال فى الديانتين السابقتين على الديانة المحمدية ؟! نعم . لكنها للأسف كانت طوال القرون الأولى من عمر الاسلام ، يتم فرضها قسراً على الشعوب التى غزتها الجيوش المحمدية فى بدايات تكوين الامبراطورية العربية المسماة ( الخلافة الاسلامية ) ! نعم تم فرضها بقوة السلطان لخلق البيئة الحياتية المحمدية التى لم يكن لها من هدف منذ بدايتها كفكرة فى رأس محمد وأفكاره ، غير طمس الهويات الأصلية للقبائل فى جزيرة العرب فى بداية تكوين دولة الرسول فى يثرب ، وفرض الهوية المحمدية القرشية !!! ثم توسعت عملية طمس الهويات الأصلية للشعوب والقبائل وخلق هوية محمدية بدلاً منها ، حتى شملت جميع الشعوب التى غزتها الجيوش المحمدية فى الشام والعراق واليمن وغرب وجنوب الهند والشمال الافريقى ، ولا يمكن أن يحدث ذلك الا بقوة السلطان وفرض الدين بكل تشريعاته وكل طقوسه على الناس فرضاً ! وعلى الرغم من خضوع بقعة كبيرة من العالم فى ذلك الزمان للبيئة المحمدية ومحو دياناتها ولغاتها وعاداتها وتقاليدها وأسلوب حياتها وطريقة ملبسها ومأكلها وحدود تفكيرها وتكفيرها ، واحلال ديانة وعادات ولغة الغاصب المحمدى المحتل ، حتى خرجت أجيال لا تعرف عن حقيقة هوياتها ولغاتها شيئاً ، الا أن هناك شعوباً نجت من تعريب لسانها كفارس والهند وقرغيستان وتركمانستان وغيرها من الشعوب التى طالتها السيوف المحمدية ، ووقعت فى براثن الديانة المحمدية ، لأنها كانت شعوباً وثنية فى الأساس . وماعداء النظام الوهابى المنافق للغرب وثقافته ونعت الشعوب الغربية بأبشع الصفات ، وذلك عن طريق مايبثه دعاة الاسلام الوهابيين فى عقول ووجدان المسلمين الخانعين ، ومايلفقونه لها زوراً وكذباً وافتراءً من صفات بشعة وأخلاق لا انسانية ، الا وسيلة من وسائل المكر والتدليس وحيلة من الحيل السياسية لتنفير القطيع الاسلامى من حضارات وثقافات تلك الشعوب المتحضرة من أجل الحفاظ على ذلك القطيع داخل الحظيرة المحمدية ، التى لا يكلون ولا يملون من الترويج لها ولرموزها والترغيب فيها - على غير الحقيقة - بكل الوسائل وكل الأساليب الشريفة والغير شريفة ! وما تسفيههم وتحقيرهم للمنجزات الحضارية التى حققتها الشعوب التى احتلوها ، ونعتها بأنها حضارات صنعها الكفار قبل الاسلام ، الا حيلة سياسية لاعلاء شأن هويتهم العربية التى فرضتها الديانة المحمدية على الشعوب المغلوبة على أمرها على حساب الهويات الأصلية لتلك الشعوب ، كاقتباسهم لعن فراعنة مصر العظام وحضارتهم من توراة اليهود الحاقدين على فراعنة مصر وشعبها ، وتضمين ذلك اللعن والسب والتحقير لفراعنة مصر فى قرءآن محمد وفى أحاديثه التى رووها عنه أو التى تم نسبتها اليه ! ولكم فى ماتفعله داعش والامارات التى أنشأتها التنظيمات الارهابية الاسلامية فى المناطق التى سيطرت عليها بقوة السلاح ، خير دليل على مافعله محمد ورفاقه وخلفاؤه طوال القرون التى كانت لهم فيها الغلبة على غيرهم ، من طمس ومحو البيئة الحياتية السائدة التى كان عليها الناس وفرض البيئة الحياتية المحمدية بخيرها وشرها وحلوها ومرها على البشر الذين يقعون تحت سطوتهم ، والا ماتفسيركم لما تقوم به داعش بحق من يتقاعسون عن آداء الصلوات مع الجماعة بغير عذر شرعى من وجهة نظرهم وطبقا لتعاليمهم المحمدية ؟ وماتفسيركم وتبريركم لما تقوم به طالبان من تحريم الغناء وقطع يد السارق ورجم الزانى المحصن ونهب أموال العوام والبسطاء تحت بند الزكاة وجلد المفطرين المجاهرين فى شهر رمضان ؟ أليس ذلك فرضاً لمعالم وطريقة ومنهج حياة طبقاً للديانة المحمدية ! الأديان صناعة بشرية قلباً وقالباً !
وتحياتى
زاهر زمان








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - من هم الجاهلون والمغيبة عقولهم؟؟؟
فهد لعنزي ــ السعودية ( 2017 / 4 / 28 - 06:42 )
هل حقا ان اجدادنا الذين يسمهم المسلمون بالجاهلية هم جهال ومغيبة عقولهم وهم من طلب الدليل على صدق النبوة ام الباكستانيين والافغان والبنغال والفرس الذي دخلوا الاسلام بحد السيف وهم يعرفون جيدا ان لا دليل مقنع لديهم على ما يعتقدون الا التلقين من الآباء وانا اتسآءل لماذا هذا التعصب والارهاب يا افغان؟؟. الا تعترفون بانكم مستعمرين فكريا .وماديا من قبل العرب وما ترجمات القرآن الذين تعتمودن عليها الا ترجمات سعودية مزيفة. ان قلتم انكم تعلمتم اللغة العربية وعرفتم معانيها فاقول نحن العرب وبعد 1400 سنة نحتاج الى مترجمين وللاسف كل له ترجماته الخاصة بسبب مطاطية اللغة وما سبب الاقتتال بين المسلمين انفسهم الا نتيجة لهذا الابهام. حسنا كونوا مسلمين ولكن لا تكونوا ارهابيين اكثر من الارهابيين العرب المسلمين.هل يعقل ان الله القادر على كل شيء يريد من طالبان ان تدافع عنه؟؟. يا لسخرية القدر!!. هل ياتي اليوم الذي تراجعون فيه انفسكم وتضعون الدبن برمته على طاولة النقاش بعيد ا عن التقديس لترتاحوا وتريحوا.الا تعلمون ان لغة اهل الجنة هي العربية وهل سالتم انفسكم لماذا هي العربية؟؟. الا يعني انكم فكريا عبيدا للعرب؟


2 - هناك مشهد إضافى أن الإبن لعن وبصق على أمه الحقيقية
سامى لبيب ( 2017 / 4 / 28 - 14:28 )
تحياتى حبيبنا زاهر
عرض رائع يفسر كيف تم إختطاف مجتمعاتنا وشعوبنا لصالح ثقافة الغازى ,ولكن هناك مشهد إضافى فى هذه القصة فهناك من أشاروا لهذا الإبن أن الأم والأب الكائنان معه ليسا أبويه الحقيقيين فأبواه ماتا تاركين له مجتمع راقى متحضر متمدين وإرثا عظيما من الحضارة والتقدم والآثار العظيمة فماذا فعل هذا الإبن ؟
إنه لم يبحث ولم يدقق بل سارع تحت تأثير الثقافة التى أرضعته أمه المنتحلة إلى سب ولعن وتكفير أمه الحقيقية والتنكر لها بل المطالبة بهدم كل الإرث التى تركته.
قصة مؤلمة .. قلبت علينا المواجع يا عم زاهر ههههه.


3 - لاقياس مع وجود الفارق
ممنوع من التعليق ( 2017 / 4 / 29 - 00:07 )

المثل الذي ضربته وافترضته
انشائي ولايصح قياسه على الدعوة الاسلامية
اذ هناك فوارق جوهرية بين الأديان وبين النصوث وبين مراحل تاريخية
حتى الاسلام ناقش واعترف باليهودية والمسيحية الصافيتين وغير المحرفتين
وناقش اليهود والنصارى ومعتقداتهما