الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حُبّ تحت المطر

ضيا اسكندر

2017 / 4 / 27
سيرة ذاتية


كانت الرابعة فجراً عندما قُرِع جرس بيتنا. وبالكاد سمعته بسبب هزيم الرعد وزخّات المطر الربيعية. تلاحقت ضربات قلبي وأحسستُ بخطرٍ واخز. هرولتُ مذعوراً باتجاه الباب وقد نبحتْ في مخيّلتي مجموعة من الاحتمالات السوداويّة؛ إمّا أنّ «داعش» قد وصلت إلى اللاذقية. أو أنني سأتلقّى خبر وفاة لأحد أحبّائي. أو – وهذا أضعف الإيمان – أن أحد فروع الأجهزة الأمنيّة تودّ مقابلتي "على فنجان قهوة لمدة خمس دقائق" على سير عادتها..
عندما فتحتُ الباب، قفزت عيناي من محجريهما دهشةً ممتزجةً بالجذل السعيد. فقد كان قبالتي صديقي الشابّ يمسك بيد صبية حسناء وقد بلّلهما المطر. دخلا مبتسمين برشاقة عصفور يطارد أنثاه بمرح. سارعتُ بإحضار منشفتين لتجفيف رأسيهما. وبينما كنت أرقبهما كان وجهيهما يتضرّجان بسعادة غامرة وهما يساعدان بعضهما على تجفيف ما علق عليهما من أمطار. بادر صديقي بتعريفي على محبوبته، واعتذر عن قدومهما في مثل هذا الوقت. وشرح لي بأنهما تواعدا على لقاءٍ مسائي، إلا أنهما نسيا نفسيهما من شدّة الشوق، وتأخّر الوقت على الصبية ولم تستطع العودة إلى قريتها البعيدة بسبب قلّة السرافيس. ولم يكن أمامهما سوى التسكّع في شوارع اللاذقية إلى أن يطلع الصباح. لكن هطول المطر وصرخات السماء جعلتهما يركضان إلى أن أعياهما التعب، فاقترح على حبيبته أن يمضيا ما تبقّى من الوقت في ضيافة أكثر معارفه تقبّلاً لهذه الحالة الجنونية الغريبة..
رحّبتُ بهما مجدداً وأنا في حالة من الفرح لم تخترع اللغة له وصفاً بعد. واقترحتُ عليهما الجلوس على الشرفة للاستمتاع بهذا الجوّ الساحر. لا سيّما وأن الطقس دافئ بالرغم من هطول المطر. استجابا سريعاً وسبقاني إليها. كنت قد خبّأتُ منذ سنوات زجاجة نبيذ معتّقة كتبتُ عليها عبارة «تُفتح هذه الزجاجة بمناسبة عظيمة» وقد وجدتُ زيارة الحبيبين لي وفي هذا الوقت البهيج، أعظم مناسبة. فهرعتُ لإحضارها مع ثلاث كؤوس. ولكي تكتمل سعادتنا، أحضرتُ أيضاً آلة «العود». وقبل أن أبدأ العزف قلت لهما:
«السعادة تحيط بي من كلّ جانب، لأنكما اخترتما منزلي كاستراحة حبيبين ريثما تبدأ حركة الصباح.. التي أتمنى تأخّرها إلى الظهيرة. وأشكركما لأنكما بدّدتما مخاوفي؛ حيث لا «داعش»، ولا خبر وفاة، ولا زوّار فجر، ولا من ينغّصون. لقد عدتُ شابّاً بفضلكما، وأنا الكهل الذي بدأ يقترب من خريف العمر.»
وبدأتُ أغنّي لهما أغنيتي المفضّلة «يا فجر لمّ تطلّ، ملوّن بلون الفلّ، صحّي عيون الناس، محبوبي قبل الكلّ».. وأنا أسارق النظر بحنان إلى أجمل عاشقين في هذا الفجر الجميل..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مهاجمة وزير الأمن القومي الإسرائيلي بن غفير وانقاذه بأعجوبة


.. باريس سان جيرمان على بعد خطوة من إحرازه لقب الدوري الفرنسي ل




.. الدوري الإنكليزي: آمال ليفربول باللقب تصاب بنكسة بعد خسارته


.. شاهد رد مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكي عن مقتل أطفال




.. مظاهرة أمام شركة أسلحة في السويد تصدر معدات لإسرائيل