الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحجاب والتحضر وقمع الغرائز والدولة (العليمانية)

جعفر المظفر

2017 / 4 / 28
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



أحد التعريفات الأساسية للتحضر أنه القدرة على قمع أو تسكين أو تهدئة أو تلطيف الغرائز, ويعطينا هذا التعريف مساحة واسعة لفهم الفرق بين الإنسان وبين الحيوان.
قبل ايام كتبت مقالة تتحدث عن إشكالية الفكر الديني مع بناء الدولة الوطنية الحديثة عرجت فيها على حركة التغيير التي قادها السيسي في مصر وأدت إلى إسقاط حكم الإخوان المسلمين, وفيها ذكرت أن ما نحتاجه حقا ليس الإنتصار على صعيد حسم شكل السلطة وإنما على صعيد حسم الخطاب الإجتماعي وإنتصار سلطة العقل ضمن مشروع لبناء دولة علمانية حقيقية وليس دولة نصف علمانية أو ما أسميته الدولة (العليمانية)
قبل يومين دعى أحد مستشاري شيخ الأزهر إلى إعتبار المرأة غير المحجبة خارجة على الدين والتعامل معها بالطريقة التي تؤكد على كونها عاقة ومرتدة ومنحرفة.
المتخلفون الإسلاميون لم يتنظروا طويلا بل شرعوا في تنفيذ حملة إضطهاد لإجهاض حتى المظاهر الشكلية لحق المراة كمخلوق بذات إنسانية علينا واجب إحترامها والتعامل معها بعيدا عن إسقاطات الغرائز المفلتة والمتسلطة للتخلف الذكوري, وذلك ما أكد على أن الدولة المصرية, حتى بعد إنتصارها على سلطة الإخوان المسلمين إلا أنها لم تزل تتحرك في مساحة الدولة التي تحكمها سلطة برأسين, واحد مقره قصر القبة والثاني مقره قصر الأزهر, واحد يحكم الدولة والثاني يتحكم في المجتمع, وهذا ما أسميته بالدولة العليمانية والتي هي النسخة المشوهة من الدولة العلمانية.
إن المعركة التاريخية هي هنا, في هذه المساحة بالذات.. أي في المساحة التي يتم فيها بناء دولة علمانية حقيقية وليست دولة برأسين, وربما سيكون أحد أفضل الحلول التي علينا التفكير بنجاعتها هو منح المرجعيات الدينية الرئيسة قطع أراضي مستقلة لتقيم عليها دولها الخاصة على غرار دولة الفاتيكان وتترك بقية المسأحات لقيام دول برأس واحد لا رأسين.
إن إقتراحي هذا هو إقتراح مجازي وهو أقرب للإفتراضي منه إلى العملي, لكنه يلخص بمستويات معينة أصل المشكلة ووعورة الطرق التي نسير عليها, وهو لا شك, إن أتى, فسيأتي نتيجة لصراع محتدم قد يجد حلا له من خلال فك الإشتباك, وهذه طريقة إتبعتها أوروبا, وليست بالضرورة صالحة وميسرة في مجتمعنا, لكنها تبقى في النهاية تلخص إلى حد كبير صعوبة الطريق للبحث عن حلول ناجعة, والحل سيبقى ناقصا ما لم ترافقه ثورة إجتماعية تتأسس على حتمية صراع لا بد من حسمه. وأجزم أن كل صراعاتنا السابقة ضد كل اشكال الهيمنة, وفي المقدمة منها الصراع ضد الإستعمار هي صراعات ناقصة ما لم تكن بمضامين هدفها التحرر من أمراض الذات, فالإستعمار هو أولا فينا قبل أن يأتي مع الجيوش المحتلة.
أما الحجاب القسري والقمعي, وهو موضوعتنا الأساسية هنا, فهو في حقيقته ليست مشكلة تنال من حرية المرأة وحدها وإنما هي في الأساس ملخص لعجز الرجل نفسه عن السيطرة على الغرائز التي تميزه عن الحيوان, فهو بالتالي دليل على عجز رجولي أكثر من كونه دليلا على تخلف نسائي.
وأما رجولة الرجل فيجب ان يكون مكانها العقل لا بين الفخذين, فإذا ما نظر للمرأة بعقله فإن كثيرا من الأمور ستتغير وسوف يتضح له بداية ان المرأة ليست عورة, إذ كيف يمكن لمؤمن أن يعتقد ان ربه خلق نصف ناسه على شكل عورات, ثم يؤكد بعدها أن الله هو أحسن الخالقين.
ومع كل ذلك فإن علينا الإعتراف أن الرجل يتحمل نصف المسؤولية بينما تتحمل المراة نصفها الآخر, فهي قبل الرجل مطالبة أن تناضل من أجل الحصول على حقوقها كإنسانة يحق تقديرها وإحترامها ودون أن تنتظر حتى تحصل عليها على شكل هبة يوزعها الرجل القادر على تشكيلها كما يريد وإيقافها في الوقت الذي يريد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص


.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح




.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة


.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا




.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: مش عاوزين إجابة تليفزيونية على س