الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مأساة الإعلام..وذكريات البرنامج العام!

محمود عبد الله
أستاذ جامعي وكاتب مصري

(Dr Mahmoud Mohammad Sayed Abdallah)

2017 / 4 / 29
المجتمع المدني


مأساة الإعلام..وذكريات البرنامج العام!
بقلم: د. محمود محمد سيد عبدالله - أستاذ المناهج وطرق تدريس اللغة الإنجليزية المساعد (كلية التربية - جامعة أسيوط)

لم أخفي يوما حبي وشغفي بإذاعة البرنامج العام التي كنت (حتى وقت قريب) أعشقها ولا أستطيع أن أخلد إلى النوم دون أن أستأنس بها...وفي غربتي خارج الوطن كانت لي بمثابة التسلية والسلوان الذي كان يصبرني على الغربة ويربطني بمصر وكأني لم أخطو خارج حدودها! كان البرنامج العام هناك على مواقع الإنترنت بمثابة الخلفية السمعية الوحيدة على جهاز الكمبيوتر الذي أعمل عليه، وكنت أحاول جاهدا (رغم فروق التوقيت) أن أتابع برامجي الليلية المفضلة مثل "منوعات درامية" و "ذكريات من زمن فات" و "محطة إذاعة في أقل من ساعة"...الخ!

لم أكن أتصور في يوم من الأيام وبعد عودتي إلى بلدي في ثوبها الجديد (ثوب الثورة) أن يسقط الإعلام المصري سقوطا مدويا بهذا الشكل الفج! فبعد أن عاد إلى الشعب فترة قصيرة متبرئا من الحكومة والسلطة وبدأ سقف النقد يعلو حتى أنه طال من الحياة الخاصة للرجل الأول في البلاد ، عاد إلى أصله بسرعة البرق وكأن شيئا لم يكن! فطوال عام كامل قبل 30 يونيو 2013، كانت البرامج بما فيها من حوارات ومداخلات تنتقد شخص الرئيس وجماعة الإخوان على الملأ وتعرض الأخبار من وجهات نظر متعددة تجعلك لا تحتاج إلى الرجوع إلى الإذاعات والقنوات الإخبارية المحترفة العربية منها والأجنبية ...وكانت مذيعة البرنامج العام مثلا تقرأ كل البوستات والكومنتات على الموقع الرسمي للإذاعة أثناء الفواصل بين البرامج (بما تحمله من آراء صريحة وأحيانا سباب وتجاوزات) دون أي قطع أو اعادة صياغة أو..... وكنت أشعر أنني أحلم حلما جميلا أسمع فيه إذاعة بلدي لأول مرة في شكل محترم لا يقل احتراما عن الإذاعات الأوربية والعالمية التي كنت أتابعها أثناء سفري! كنت أسمع في البرنامج العام في تلك الفترة نفس الكلام الذي كنت أسمعه في الشارع المصري وكأن الإذاعة أضحت جزءا لا يتجزأ من واقعنا تعبر عن نبض الشارع وتنقل أحلام البسطاء!

وفجأة استيقظنا من هذا الحلم الجميل على إذاعة قديمة تعمل بنفس عقلية انقلاب يوليو 1952 ونكسة يونيو 1967...رجع الإعلام المنحاز والموجه الذي لا يظهر إلا بعض الحقيقة ووفقا لأجندة معينة...إعلام تسجيل الخطابات والمنتجة والفبركة وتشويه الحقائق بالتهوين من بعض الأحداث والتهويل من البعض الآخر! إعلام القطيع ووجهة النظر الواحدة...نفس الإعلام القديم وقد عاد في ثوب جديد يمجد في القيادات العسكرية ويضع مرة أخرى سقفا للنقد ويعيد أمجاد الدولة البوليسية وأمن الدولة التي لا تصلح إطلاقا في ظل هذا النظام العالمي المفتوح (والمكشوف)!

بعد هذه السقطة الإعلامية التي شهدت وفاة أحب إذاعة إلى قلبي "إذاعة البرامج العام" لم أجد بديلا عن إذاعة أخرى كنت أسمعها وأتابعها أيضا (ولكنها كانت في المرتبة الثانية بعد البرنامج العام) وهي إذاعة "القرآن الكريم" ...ففيها كلمة الحق (كلام الله) الذي لا يمكن لأي قوة على وجه الأرض أن تغيره أو تبدله...أصبحت أشعر بنشوة كبيرة عندما يقرأ القارئ آيات من الذكرالحكيم يلعن الله فيها المنافقين والقتلة ومن يمنع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه ومن يحارب الإسلام...وآيات أخرى يلعن الله فيها فرعون وملأه وكيف أن سيدنا موسى وقومه كانوا مستضعفين في الأرض فنصرهم الله على فرعون وأغرق الضاغيه ونجاه ببدنه كي يكون عبرة لكل الطغاة! أسمع هذه الآيات وغيرها من تلك التي تتناول العدل ومقاومة الظلم وعدم طاعة الفسدة والمخربين (ثم ألتفت حولي بخوف) وأقول في نفسي: والله لو يقدروا يتحكموا في الإذاعة دي ويذيعوا الآيات اللي على مزاجهم (استغفر الله) لكانوا عملوها! حقا إنه إعلام الذي سجل شهادة وفاه لحلم قصير عشناه على مدار بضعة أعوام بعد 2011! رحم الله إعلامنا الرسمي وتجاوز عن سيئاته!
خالص تحياتي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. منظمة -هيومن رايتس ووتش- توثق إعدام 223 مدنيا شمال بوركينا ف


.. بعد فض اعتصام تضامني مع غزة.. الطلاب يعيدون نصب خيامهم بجامع




.. بينهم نتنياهو و غالانت هاليفي.. مذكرات اعتقال دولية بحق قادة


.. بسبب خلاف ضريبي.. مساعدات الأمم المتحدة عالقة في جنوب السودا




.. نعمت شفيق.. رئيسة جامعة كولومبيا التي أبلغت الشرطة لاعتقال د