الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القبر الفارغ في أسطورة قيامة المسيح/ هل مات المسيح فعلا لكي نقول انه قام؟!

جعفر الحكيم

2017 / 4 / 30
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


حوارات في اللاهوت المسيحي 18

تشغل عقيدة قيامة يسوع المسيح من الموت, بعد أن افتدى خطايا البشر على الصليب, الحيز الأعظم من فضاء الايمان المسيحي وتحتل مكانة محورية فيه, بحيث صار مصير البشر الأبدي متوقف على قبول أو رفض هذه الحكاية !

وكما مر علينا في المقال السابق, فإن التسويق التاريخي لصدقية هذا الخبر, يرتكز على ركيزتين أساسيتين, اعتمدهما اللاهوتيون المسيحيون, وهما القبر الفارغ ,ومشاهدة التلاميذ للمسيح ولقائهم به بعد حادثة الصلب

وفي إطار بحثنا لقصة القبر الفارغ في هذا المقال, نحتاج الى إعادة التذكير بنقطة جوهرية, تطرقنا اليها في المقال السابق وهي ,ان اولى الاشارات الى قيامة المسيح في النصوص التي وصلت إلينا, كانت ضمن رسائل (شاؤول/بولس) وذكرنا في ذلك المقال, منهجية شاؤول في الكرازة, وكذلك التأصيل الإيماني البراغماتي الذي اعتقده وعمل على نشره بين الناس

في هذا المقال, سنبحث قصة القبر الفارغ الذي كان جسد يسوع الناصري قد وضع فيه, ومدلولات هذه القصة والاحتمالات التي تفرض نفسها ضمن سياق مجرى الحدث, خارج إطار السيناريو الدوغمائي الذي يحاول اللاهوتيون المسيحيون حصر المسألة فيه, وسنستمر في اعتماد الأناجيل القانونية الأربعة مع رسائل بولس, كمصادر خبرية تاريخية مع إهمال المصادر الأخرى نظرا لعدم وثوقية نسبة تلك الرسائل إلى أصحابها والتشكيك في أصالتها حتى من قبل العديد من اللاهوتيين المسيحيين في القرون المتقدمة

قبل الولوج إلى تفاصيل قصة القبر الفارغ, نحتاج الى وضع أمرين هامين في بالنا ونحن نمضي في سياق البحث
الأمر الأول : هو التأكيد على أن مهمة يسوع المسيح التي كلفه بها الله قد اكتملت, وان العمل الموكل به قد أتمه وأداه, قبل القبض عليه ومحاكمته وتعليقه على الصليب, وهذا ما أكده يسوع بنفسه في الليلة التي قضاها في بستان (جيشماني) قبل إلقاء القبض عليه

(أَنَا مَجَّدْتُكَ عَلَى الأَرْضِ. الْعَمَلَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي لأَعْمَلَ قَدْ أَكْمَلْتُهُ) يوحنا 4/17

وهذا يعني أن القواعد و الاسس الايمانية الأساسية في رسالة يسوع الناصري و المضامين العقدية التي تقوم عليها مهمته كلها قد قام يسوع بابلاغها وايصالها الى مجتمعه على أكمل وجه ولم يبق هناك أساس إيماني يحتاج إلى تحديث أو تدرج

الأمر الثاني : في تأصيل مفهوم قيامة يسوع المسيح من الموت, نحتاج اولا الى دليل جازم ومؤكد ولا يقبل الشك او الاحتمال على موت يسوع, لكي نستطيع لاحقا القول انه قام من الموت!

ولذلك نحتاج إلى قراءة مسار الأحداث وتتابعها وتفاصيلها, لكي نرى هل ان يسوع المسيح قد مات فعلا بعد ان تم تعليقه على الصليب, ام ان الحكاية كلها تحتمل سيناريوهات أخرى قد تفرض نفسها على اتساقية منطق الحدث ؟

عند البحث بشكل متأني ودقيق في النصوص التي ذكرت موضوع الصلب والقبر الفارغ ومن ثم القيامة, ومع الأخذ بنظر الاعتبار التسلسل الزمني والأقدمية التاريخية لتلك النصوص سنكتشف أمرا مهما جدا وهو
ان فكرة قيامة يسوع الناصري بدأت مع بولس ,كفكرة مستندة لعقيدة, استنبطها من نصوص العهد القديم, ثم لاحقا تم الترويج لها واختلاق أو تطويع الأخبار التي تعطي لهذه العقيدة مصداقية تاريخية وإظهارها كأنها حدث قد وقع بالفعل, لذلك سنرى ونحن نتابع تسلسل النصوص, ان التفاصيل تبدأ بالازدياد مع مرور الزمن !
و سنلحظ ظاهرة مهمة جدا ,وهي, اضطرار كل كاتب من كتبة الاناجيل الى إضافة تفصيل جديد في القصة, من أجل سد الثغرات في القصة وزيادة حبكة السيناريو وجعل الأحداث تميل إلى الاتجاه الذي يجعلها مطابقة للشكل الذي رسمته العقيدة الجديدة!
وهنا يكمن الفرق بين الحقيقة التاريخية وبين الاشاعة او الفكرة الأيدلوجية التي تأخذ بمرور الزمن شكل الحقيقة!
فالأولى تبدأ كبيرة ثم قد يتم إخفاء أو طمس بعض معالمها, بينما الاشاعة تبدأ صغيرة مقتضبة, ومع تقادم الأيام تكبر تدريجيا, ويتم اضافة تفاصيل لاحقة عليها, ليتم صبغها بصبغة الحقائق التاريخية.

في المصدر الأقدم الذي وصل الينا (رسائل بولس) ورغم حماسة هذا الرجل لفكرة قيامة المسيح إلى الحد الذي اعتبره أساس الإيمان, نلاحظ أمرا لافتا وهو ان (بولس) لم يتطرق ابدا الى موضوع القبر الفارغ ,ولم يذكره او يستدل به وانه اعتمد على تأكيد مصداقية حدوث القيامة على مشاهدة التلاميذ وآخرين وبعدها مشاهدته هو ايضا ليسوع المسيح!
كما انه اعتمد ايضا على ورود نبوءات في الكتب تخبر عن هذه القيامة المزعومة!
علما ان الباحث في نصوص العهد القديم لايجد أي نبوءة واضحة وصريحة حول القيامة بعد الصلب, وان كل ما اعتمده بولس ,ومن بعده جميع اللاهوتيين المسيحيين ,هو مجرد استنتاجات او تأويلات لعبارات او جمل تم اجتزاءها من سياقها واظهارها بشكل متنطع ساذج على أنها نبوءات على القيامة من قبيل:

(لأَنَّكَ لَنْ تَتْرُكَ نَفْسِي فِي الْهَاوِيَةِ. لَنْ تَدَعَ تَقِيَّكَ يَرَى فَسَادًا) مزمور 10/16

وغيرها من العبارات المقتطعة من سياقها مثل عبارات( سفر هوشع 6) التي تتحدث عن اسرائيل, او اعتماد تأويلات طريفة وساذجة, مثل جعل عصفور التطهير او عصا هارون او سفينة نوح وغيرها ترمز لقيامة يسوع من الموت!

وهذا الأسلوب التمحكي في التأويل يشتهر به اللاهوتيون المسيحيون ,حيث يمتازون بجرأة انتقائية غريبة ,تقلب الصورة تماما, فيستدلون بالشيء على عكسه ! كما سنرى حين نبحث موضوع (نبوءات المزامير) حول قصة الصلب ونرى كيف تم قلب النبوءات و تأويلها بطريقة معاكسة من خلال السطو الاقتباسي الانتقائي و المجتزأ للعبارات لغرض تحريف الحقيقة!

بعد رسائل (بولس) يأتي انجيل (مرقس) من حيث الاقدمية الزمنية ,وفي هذا الانجيل نلاحظ أمرا هاما جدا, وهو ان كاتب هذا الانجيل, وبعد سرده قصة الصلب وإيداع جسد يسوع في قبر يوسف الرامي ,ينهي إنجيله بخبر ذهاب ثلاث نسوة للقبر حيث وجدن القبر مفتوح ولم يجدن الجسد, وإنما رأين (شاب) طلب منهن ان يذهبن ويخبرن التلاميذ!

(فخرجن سريعا و هربن من القبر لان الرعدة و الحيرة اخذتاهن و لم يقلن لاحد شيئا لانهن كن خائفات) مرقص 8/16

وبهذه العبارة ينتهي الإنجيل ,حسب اقدم المخطوطات الموثوقة, ومايلي هذه العبارة هو اضافات تمت في زمن لاحق!

في الاناجيل التي تأتي زمنيا بعد إنجيل (مرقس) سنرى ان الذين كتبوها يعمدون الى اضافة تفاصيل جديدة لم يذكرها المصدر المتقدم , ربما لغرض اعطاء واقعية أكثر وجعل الخبر عن القيامة أكثر قبولا وتصديقا, وإعطاء القصة بعدا أسطوريا ,واحيانا خرافيا, كما سنرى حين يضيف كتبة انجيل (متى) قصة تشقق القبور في أورشليم وقيام بعض الموتى من قبورهم ودخولهم الى المدينة بعد حادثة الصلب !!
( والقبور تفتحت وقام كثير من اجسادالقديسين الراقدين
و خرجوا من القبوربعد قيامته ودخلوا المدينة المقدسة وظهروا لكثيرين!!) متى 52/27

وتصور عزيزي القارئ ...حدث رهيب كهذا, لم يتطرق إليه او يذكره أي مصدر, بل حتى بقية كتبة الاناجيل الاخرى لم يشيروا اليه اطلاقا, ربما استشعارا للحرج الذي أوقعهم فيه زميلهم كاتب إنجيل (متى) الذي جعلها ( واسعة!!!)

بالإضافة إلى هذه التشويقة الخرافية التي تفتقت بها ذهنية كاتب (متى) نجده ايضا, انتبه الى موضوع آخر مهم فاخترع له توليفة مناسبة انفرد بها ايضا ,وهذا الموضوع هو قصة (حراسة) قبر يسوع !
حيث انفرد صاحبنا بذكر خبر ذهاب رؤساء اليهود للحاكم الروماني, والطلب منه أن يضع حراسة على القبر, ليقول لنا لاحقا ,ان القبر قد تم ختمه بالختم الحكومي! وان الحراس صعقهم الملاك حين فتح القبر فكانوا كالاموات !
وان اليهود ,لاحقا, قد رشوا الحراس بالفضة ليخترعوا حكاية ان التلاميذ سرقوا الجسد !
ولم يخبرنا كاتب إنجيل (متى) عن كيفية علمه بمثل هكذا اتفاق بين الحراس وكهنة اليهود, والذي من المفروض ان يكون سريا ولا يعلم به أحد خارج طرفي الاتفاق!

ان الاضافات التي انفرد بها إنجيل (متى) جاءت لسد الفجوات في القصة التي سردها إنجيل (مرقس) المتقدم زمنيا, وربما جاءت تلبية لتساؤلات بدأت تنبثق مع مرور الأيام عن حقيقة الحكاية ومدى واقعية تفاصيلها

وسنرى لاحقا ان انجيل (يوحنا) آخر الأناجيل كتابة من حيث التسلسل الزمني, سينفرد أيضا باضافة تفاصيل جديدة للحكاية للخروج بسيناريو أكثر حبكة درامية ,مع اضافة بهارات تشويقية, تضفي أبعادا أسطورية وهالة قداسوية للمشهد !

ولو تجاوزنا (الاضطراب) و(عدم الدقة) في سرد تفاصيل اخبار اكتشاف القبر الفارغ مثل تحديد عدد وأسماء النسوة اللاتي ذهبن للقبر وهل وجدن القبر مفتوحا حسب (مرقس) ام ان الملاك قام بفتح القبر امامهن بمشهد اسطوري حسب (متى)!
ولو أهملنا تساؤل مهم جدا حول سبب ذهاب النسوة للقبر؟!
وهل كان من عادة اليهود أخذ حنوط ونبش قبور موتاهم المدفونين لتحنيطهم من جديد كما فعلت النسوة؟!

يبقى هناك تساؤل مهم جدا وهو كيف لنا ان نتيقن ان يسوع المعلق على الصليب قد مات بالفعل؟

فالتعليق على الصليب لايعني بالضرورة ان الشخص المصلوب قد مات حسب التعريف العلمي والدقيق للموت, وخصوصا اذا كان الصلب لفترة قصيرة لم تتجاوز ساعات محدودة
ولن نحتاج الى استشارة رأي الطب في هذا الموضوع, بل نكتفي بما أشارت إليه الأناجيل نفسها, حيث ذكرت أن اللصين الاخرين المعلقان الى جنب يسوع, لم يكونا ميتين, لذلك عمد الحراس إلى تكسير أرجلهما !

اما بالنسبة ليسوع فبعد ان تم تعليقه على الصليب, بدأت الأمور تأخذ مجرى غير طبيعي... حيث أظلمت السماء!

(و لما كانت الساعة السادسة كانت ظلمة على الارض كلها الى الساعة التاسعة) مرقس 15
(وأظلمت الشمس و انشق حجاب الهيكل من وسطه) لوقا 23

ان هذه الأحداث الغير طبيعية والمرعبة, جعلت القائد الروماني المسؤول عن فرقة الصلب(قائد المائة) يتردد ويندم لشعوره ان هذا الشاب المصلوب هو إنسان بار وصالح
كذلك يجب ان لانهمل وجود شخصية مهمة جدا في مشهد الحدث, وهو (يوسف الرامي) هذا الثري اليهودي, والذي هو من علية القوم ,وبنفس الوقت مؤمن بيسوع المسيح, لكنه يخفي إيمانه ويكتمه عن بقية أعضاء السنهدرين اليهودي
هذا الرجل الذي قدر له ان يقوم بعمل أدى الى تغيير مجرى التاريخ كله !
كان حاضرا في مشهد الصلب, ولا اعتقد ان شخصا مثله, سيكتفي فقط بمشاهدة معلمه وسيده يتعذب ويتألم ,من غير ان يحاول مساعدته بكل طريقة ممكنة وامنة!
يسوع الناصري المعلق على الصليب والذي يعاني من الألم الرهيب و الإعياء والعطش وربما النزف ...يستجمع قواه ويصرخ صرخة عظيمة ...ثم يدخل في حالة إغماء...وربما يكون قد مات...لكنه لازال معلقا على الصليب

يوسف الرامي التلميذ اليهودي الثري, يسرع الى الحاكم بيلاطس ,مصطحبا معه القائد الروماني, الذي انتابه الشعور بالندم والشفقة على ذلك الشاب البار المصلوب
يطلب يوسف من الحاكم ان يسلمه جثة المصلوب ...يتعجب الحاكم من سرعة موت يسوع!!!
فهو لم يصلب الا لبضع ساعات معدودات…..هنا يتدخل الضابط الروماني الحزين النادم, فيؤكد للحاكم موت المصلوب!
يسرع يوسف الى مكان الصلب, ويقوم بانزال المصلوب بسرعة

(و انزله و لفه بكتان و وضعه في قبر منحوت حيث لم يكن احد وضع قط ) لوقا 23/53

الى هنا والقصة واضحة ...حيث لايوجد جزم او تأكد من موت المصلوب, وخصوصا اننا نتكلم عن حدث يجري والدنيا دخلت في ظلام دامس والموقف مربك مثير للرهبة والخوف
واجزم ان الضابط والجنود الرومان كانوا يريدون التخلص من هذه الورطة المخيفة باسرع وقت !

وينفرد انجيل (يوحنا) بذكر تفصيلة, تم اضافتها لاحقا, لزيادة الحبكة الدرامية, وهي ان أحد الجنود قام بطعن يسوع بالحربة في جنبه ...فخرج منه دم وماء!!!
والتلفيق هنا واضح وساذج جدا!! لان السيد الكاتب لم يخبرنا لماذا خرج ماء مع الدم من جرح رجل مطعون بحربة؟!
وكيف استطاع الذي شاهد المنظر ( من بعيد) ان يميز الدم من الماء في جو يسوده الظلام الدامس ؟!

ان عدم تطرق جميع الأناجيل ,السابقة زمنيا لانجيل يوحنا, لهذه المعلومة يؤكد لنا أنها تمت اضافتها لاحق, لغرض تمتين الحبكة الدرامية, وخصوصا اننا نجد كاتب انجيل يوحنا ,وهو اخر الاناجيل زمنيا, ينفرد بإضافات مهمة لم تتطرق لها بقية الاناجيل رغم أهميتها!! من قبيل حضور والدة السيد المسيح مشهد صلب ابنها!
وهذه المعلومة لايمكن ان يهملها بقية كتبة الاناجيل المتقدمة لو كانت حقيقية!
لكن ايضا نلاحظ ان الغرض من حشر هذه المعلومة المفبركة, هو لاعطاء التلميذ (يوحنا) صفة ومكانة خاصة مميزة, حيث ان القصة الملفقة تشير الى ان يسوع,وهو ينازع الموت على الصليب, استجمع انفاسه وأوصى التلميذ(الحبيب) بأن يرعى امه, ولا ندري ماهو الداعي لهذه الوصية في ذلك الظرف مادام يسوع يعلم انه سيقوم من الموت بعد ثلاث أيام, ويلتقي بتلميذه مجددا ,حيث يكون بإمكانه ان يوصيه بوالدته أمام البقية من تلاميذه؟!!

نعود الى مشهد الصلب, وبعد ان قام يوسف الرامي بإنزال المصلوب من الصليب, والاسراع باخذه الى بستانه القريب من موقع الصلب, حيث كان هناك قبر, هو عبارة عن كهف محفور بين الصخور, وادخل المصلوب في ذلك الكهف وانفرد إنجيل يوحنا بإضافة شخص آخر قام بمساعدة يوسف الرامي اسمه (نقيوديموس) وجلبا معهما حنوط وعطور وكفن

وهنا تختلف الاناجيل من جديد!, إنجيل يوحنا لم يذكر ان احدا تبعهما, و أما بقية الأناجيل فذكرت ان بعض النسوة تبعنهم ليعلمن موضع القبر في البستان ,ثم عدن لنفس المكان بعد ثلاث ايام
الى هنا وتتفق الاناجيل, ان القبر بقي بلا حراسة او مراقبة طيلة الليلة الأولى ,بينما انفرد إنجيل(متى) بذكر خبر ان اليهود ذهبوا في صباح اليوم التالي وطلبوا وضع حراسة على القبر ,مما يعني انه لو كان هناك احتمال سرقة الجسد المدفون سواء, من قبل أعداء يسوع, او من قبل بعض تلاميذه ,فان ذلك ممكن جدا وغير مستبعد حدوثه في الليلة الأولى!

وهنا يقفز احتمال مهم وضروري ومتسق مع مجرى الأحداث!
ماذا لو ان يسوع لم يكن وقتها قد مات فعلا؟
وأنه كان في حالة اغماء
ان هذا الاحتمال وارد جدا,بل هو أكثر ترجيحا من احتمال موته على الصليب, والذي لم يشخصه أحد الا عن طريق المشاهدة والنظر, وسط جو ساده الظلام الدامس والاضطراب الذي يدعو للتشتت والرهبة وفقدان التركيز

فلو تصورنا ان يوسف الرامي, اكتشف ان سيده ومعلمه ,لازال قلبه ينبض بضعف, فهل سيتركه ينزف او يلفظ انفاسه الاخيرة, ام انه سيهرع لانقاذه واسعافه, مع كتمان شديد حرصا على حياة يسوع الناجي من الصلب, وكذلك خوفا على نفسه من انتقام اليهود منه ,ومعاقبة الرومان القساة له في حال انكشاف الأمر.

الامور التي جرت فيما بعد, في اليوم الثالث, والتي تم اكتشاف فراغ القبر فيها لم تشر الأخبار التي تطرقت لتفاصيلها ابدا
- ولا حتى بخبر واحد- ان هناك شخص شاهد يسوع المسيح ,وهو يقوم من الموت وإنما تكتفي بذكر مشاهدته حيا فيما بعد

فنحن الآن, أمام حادثة صلب الشاب يسوع, الذي تم تعليقه على الصليب لساعات قليلة, وسط ظروف طبيعية مخيفة مثل حلول الظلام وانشقاق الهيكل, ومن ثم إنزاله على وجه السرعة ,بعد ان ظن الجميع انه مات, او هكذا أرادوا ان يظنوا لكي يتخلصوا وبسرعة من رهبة الموقف واجوائه المقلقة والمخيفة
بعد ذلك تم اخذ الجسد الى مكان قريب بواسطة تلميذ محب له ومؤمن به...بعد ثلاث ايام تم اكتشاف ان القبر فارغ والجسد غير موجود ...ثم ظهر الشاب يسوع من جديد ...ولكن بشكل وطابع يغلب عليه التكتم والسرية حيث التقى مع تلاميذه فقط!
وهذا ما سنبحثه في المقال القادم وبكل تفاصيله
وخلاصة الامر ان احدا لايستطيع علميا وبحثيا الجزم بموت يسوع بعد تعليقه على الصليب, لان احتمال دخوله في حالة إغماء, هو أكثر ترجيحا وعقلانية ,وكذلك عدم وجود ولو شاهد واحد على قيام المسيح من حالة(الموت) وعودته للحياة
يوصلنا الى نتيجة منطقية ستؤكدها دلائل أخرى نذكرها في المقال القادم وهي
انه لم يكن هناك موت(مؤكد) ليسوع المسيح على الصليب ...ولم يكن هناك (قيامة) اصلا من حالة موت متوهمة!

وللحديث صلة

د.جعفر الحكيم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مداخلة - 1
شاكر شكور ( 2017 / 5 / 1 - 06:25 )
يا سيد جعفر النقطة الأساسية التي أسقطت كل ما بنيتَ عليه من افتراضات هو قولك انه لم يكن اي إنجيل قد كتب قبل رسائل بولس ، فأنت تصرح بدون دليل بقولك أن بعد رسائل (بولس) يأتي انجيل (مرقس) ثم تقول عبارة الاناجيل التي تأتي زمنيا بعد إنجيل (مرقس) ، واضح من هذا الأدعاء بأن هدفك هو جعل بولس هو الذي اختلق قصة الصلب والقيامة وان كتبة الأناجيل شهدوا بذلك بعد كتابة رسائل بولس ، وهذا الأدعاء يبرهن بأنك تنقل دون ان تبحث لأنك لم تطلع على الرسالة الثانية لبولس الرسول لأهل كورنثوس التي يقول فيها بشكل متفرق 1: 13 فاننا لا نكتب اليكم بشيء اخر سوى ما تقرأون ، 2: 21 ولكن لما جئت الى ترواس لاجل انجيل المسيح ، 4:3 ولكن ان كان انجيلنا مكتوما ، 9 :13 اذ هم باختبار هذه الخدمة يمجدون الله على طاعة اعترافكم لانجيل المسيح ....الخ ، هذا يكفي كدليل ان الأنجيل كان موجود قبل رسائل بولس وبولس يستشهد به وهذا يثبت بأن بولس لم يكن اول من شهد على صلب وقيامة السيد المسيح كما يريد الكاتب تحريف الحقيقة لأن الإنجيل كان منتشر قبل كتابة بولس لرسائله .... يتبع رجاء


2 - مداخلة - 2
شاكر شكور ( 2017 / 5 / 1 - 06:28 )
السيد الكاتب بنى كثير من افتراضاته على حجة عدم ذكر كتبة الأناجيل كل تفاصيل الأحداث عن الصلب والقيامة التي ذكرها زملائهم الآخرين من كتبة الأناجيل ، والحقيقة التي يجهلها السيد كاتب المقال هي ان الأناجيل وجهت خطاباتها لمختلف الشعوب ، فالإنجيلي متى مثلا كتب إنجيله يخاطب اليهود ، ومرقس ولوقا كتبوا ليخاطبوا اليونانيين والأمم ، ويوحنا كتب ليخاطب المؤمنين من المسيحيين ، وقد اعترف يوحنا الإنجيلي في نهاية انجيله بأنه لم يسجل كل احداث سيرة السيد المسيح لأن غايته كانت تسجيل الأحداث الرئيسية كالتجسد والفداء وليس الدخول في التفاصيل . أتعجب من السيد الكاتب كيف يقبل منطق مقتضب من عدة كلمات كالقول (ما صلبوه وما قتلوه) دون ذكر اي تفصيل آخر في حين عندما يأتي الى موت يسوع يقول نحتاج اولا الى دليل جازم ومؤكد ولا يقبل الشك او الاحتمال على موت يسوع, لكي نستطيع لاحقا القول انه قام من الموت! فماذا تريد يا سيد جعفر من دليل اكثر من شهادة عديد من مؤرخي الرومان على وقوع الصلب عدا شهادة كتبة الأناجيل وأعمال الرسل ؟ .... يتبع رجاء


3 - مداخلة – 3
شاكر شكور ( 2017 / 5 / 1 - 06:37 )
يقول السيد كاتب المقال ، الأمر الأول : هو التأكيد على أن مهمة يسوع المسيح التي كلفه بها الله قد اكتملت.... قبل القبض عليه ومحاكمته وتعليقه على الصليب, واستند الكاتب على قول السيد المسيح (أَنَا مَجَّدْتُكَ عَلَى الأَرْضِ. الْعَمَلَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي لأَعْمَلَ قَدْ أَكْمَلْتُهُ) يوحنا 17/4 ، لو راجعنا الأصحاح 12 السابق الذي يتنبأ المسيح عن موته وقيامته بقوله في يوحنا 12- 23 جاءت الساعة التي فيها يتمجد ابن الأنسان، وشبه يسوع موته وقيامته بحبة الحنطة التي تموت لكي تخرج حبا كثيرا ، فعبارة (الْعَمَلَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي لأَعْمَلَ قَدْ أَكْمَلْتُهُ) لا يعني فقط تنفيذ المخطط الألهي الذي يخص المضامين العقدية التي تقوم عليها مهمته من ابلاغ وايصال الى مجتمعه على أكمل وجه ، بل يعني ايضا قبول بمهمة الفداء وما يؤكد ذلك ما جاء في الأصحاح الذي يليه (يوحنا 19: 30) حيث كرر يسوع عبارة (قَد أُكْمِلَ) وهو على الصليب بعدها نَكَّسَ رَأْسَهُ وَأَسْلَمَ الرُّوحَ ، وهذا يعني ان الأساس الإيماني احتاج الى موت يسوع لكي يصل المخطط الى ذروة الكمال المطلق. .... يتبع رجاء


4 - مداخلة – 4
شاكر شكور ( 2017 / 5 / 1 - 06:43 )
لمح السيد كاتب المقال الى ان ما حدث للسيد المسيح وهو على الصليب كان مجرد اغماء وليس موت ، كما لمح بأن قائد الحرس تعاطف ولم يدقق بموت يسوع ... لقد ورد في (يوحنا 19-32) ما يلي : فجاء الجنود وكسروا ساقي الأول والآخر المصلوبين مع يسوع ولما وصلوا الى يسوع وجدوه ميتا ، اذن مجموعة من الجنود شهدوا اولا بموت يسوع ولهذا لم تعد الحاجة لكسر ساقه ثم شهد بعد ذلك قائد الحرس في حضرة الحاكم الروماني بيلاطس بموت يسوع ، افنحن اذن امام عدة شهود وليس فقط قائد الحرس ، كما ان يوسف الرامي لم يصطحب قائد الحرس الروماني معه كما لفق الكاتب ، بل بيلاطس هو الذي استدعى قائد الحرس لكي يعطي التقرير عن موت يسوع ، علما بأن اي شهادة كاذبة من رئيس الحرس تعتبر بنظر القوانين الرومانية خيانة تؤدي الى قتل العسكري الخائن ومن السذاجة ان يفترض الكاتب بأن رئيس الحرس خاطر بحياته لأجل شخص مصلوب لا يهمه بشيئ ليقول انه قد مات وهو مغمى عليه خاصة وان ظهر لاحقا ان يسوع لم يمت لكان ذلك برهان على ادانة قائد الحرس وقتله .... يتبع رجاء


5 - مداخلة – 5
شاكر شكور ( 2017 / 5 / 1 - 06:50 )
مما تقدم اعلاه نلاحظ بأن كتبة الأناجيل وبولس الرسول وبقية المبشرين من تلاميذ السيد المسيح لم يحصلوا على اية منفعة شخصية او غنيمة او منصب لكي يتهموا بأنهم اختلقوا قصة الصلب والقيامة بهدف نفعي شخصي ، فمعظمهم قتلوا لأجل نشر ما عايشوه او سمعوه عن السيد المسيح ، وبعد ستة قرون جاء رجل من صحراء الجزيرة مدعيا نزول الوحي عليه ورمى كلمتين (ما صلبوه وما قتلوه ) سبب بذلك حرمان المسلمين من نعمة الخلاص بفداء الله عن طريق تجسده لمغفرة خطايا البشر ، كما حرمهم ايضا من اعظم عمل انساني وهو التبني ولا يزال المؤمنون به يدافعون ويبررون اعماله ويرقعون هنا وهناك لكي تظهر سيرته بالمستوى الأخلاقي لعصرنا هذا ولكن كلما رقعوا مكان يظهر لهم مكان آخر اكبر ولم يبقى امامهم غير الطعن بسيرة السيد المسيح لخلط الأوراق لكي يحققوا مقولة عليّ وعلى اعدائي ، هذا ولم ارد على كل ما اورده السيد الكاتب لأن ما ادعاه كان مبني على فرضيات لا تستند على حجة ولم تكن تستحق الرد ، تحياتي للجميع

اخر الافلام

.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص


.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح




.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة


.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا




.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: مش عاوزين إجابة تليفزيونية على س