الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حول -استفتاء- اردوغان!

فارس محمود

2017 / 4 / 30
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


ان "استفتاء" التحول من النظام البرلماني الى النظام الرئاسي في تركيا ماهو الا مهزلة بكل المقاييس. انما اعده وخطط له حزب اردوغان قد تم اضفاء "الشرعية" عليه بهذا الاستفتاء رغم المعارضة الواسعة له، ورغم تحققه بنسبة فوز ضئيلة (51%!).
لم تجري اي انتخابات واقعية في اي مكان من العالم. انها عصابات مافيوية، ناهبي ثروات المجتمع، قد هيمنوا على المجتمع باسم الدين والقومية والطائفية وغيرها، وبالتالي يصيغوا افكار المجتمع ويقولبوها ارتباطا بما يملكون من مال وثروات وسلطة وعنف. جلبت في امريكا اتفه الشخصيات المليارديرية من امثال ترامب، وفي مصر امثال مرسي والسيسي، وفي العراق وايران احط الشخصيات من الناحية الفكرية والاخلاقية واكثرهم تخلفا وانعدام صلة بمجتمع معاصر، الى سدة الحكم وسلمت مقاليد مجتمعات مليونية بايديهم! اتت باناس لاحكمة لهم سوى كونهم زعماء مافيات او مليشيات او مليارديريات ابناء طبقة برجوازية حاكمة.
فعلى ضوء هيمنتهم على مقادير السلطة والحكم، ثروات المجتمع والابواق الاعلامية والمساجد والجوامع ومراكز تمرير"حقائق" و"اهداف" السلطة، اشاعة رعب وخوف واعتقالات و"اسطورة العداء للوطن والامة وتقدمهما" واجمالاً خلق اجواء سياسية وفكرية وعامة قاتمة، يخلقوا افضل ارضية للدفع بمشاريعهم. اي لايمكن فصل الانتخابات عن الاجواء التي تجري فيها. دع جانبا اعمال التزوير والغش والخداع التي لاتمثل الا اصغر حلقة في صياغة نتائج "اللانتخابات". ان هذا ماحصل في تركيا. ورغم هذا لم يكسب اردوغان الاستفتاء سوى بفارق ضئيل جدا.
ان الفوز بالاستفتاء المذكور كان امراً حياتياً بالنسبة لاردوغان وحزبه (حزب العدالة والتنمية) الاسلامي بحيث سعيا لسنوات، باظافرهم واسنانهم عبر الحيل والمكائد والمؤامرات السياسية وحتى الدموية، حتى يحقق حزب اردوغان الاغلبية في انتخابات البرلمان في تشرين الثاني 2015، اغلبية توفر له امكانية اقامة مثل هذا الاستفتاء لاحقا. وخلال السنة المنصرمة، كان جل مسعاه، حتى وان كان باقذر السبل واكثرها شراسة ودموية، ان يقيم هذا الاستفتاء وينتصر فيه.
ان هذه الخطوة تستهدف اطلاق يد الحزب الحاكم في الاوضاع الشديدة التازم لتركيا والمنطقة. اعطاء الرئيس صلاحيات واسعة تكون له اليد الطولى عل السلطات الثلاثة (التنفيذية والتشريعية والقضائية)، البرلمان، المجلس القضائي، ميزانية الدولة، اعلان حالة الطواريء، حق تنصيب الوزراء وعزلهم، وان يكون الرئيس القائد العام للقوات المسلحة، والخ. اي ببساطة واختصار صلاحيات اي ديكتاتوري سافر بشكل رسمي وقانوني و"شعبي".
انها ببساطة خطوة تقتضيها المصلحة السياسية لحزب اردوغان الحاكم. لقد اتى حزب اردوغان للسلطة، بوصفه حزب برجوازي قومي - اسلامي، ردا على ازمة التيار القومي الحكومي (المدعوم من العسكر) في الرد على المعضلات الاقتصادية والسياسية للبرجوازية الحاكمة في تركيا. فشل بشكل ذريع في هذا وعجز عن توفير اي حل. من جهة اخرى، جاء هذا الحزب الى السلطة في اوضاع تصاعد الاسلام "المتشدد" على الصعيد العالمي (2003)، القاعدة وامثالها، وكذلك اسلام الجمهورية الاسلامية في ايران. طرح هذا الحزب نفسه بوصفه "انموذج" للاسلام المعتدل. تحدث الغرب الذي تلقف هذا التوجه في بلد مهم من ناحية الجغرافيا السياسية عن ان هذه المنطقة هي "اسلامية" ومن الافضل ان يحكمها الاسلام، وافضل انواع الاسلام التي تروق للغرب هو هذا الاسلام المعتدل، وغيره. ان تدخل حكومة اردوغان الدموي في سوريا والعراق ودعمها السافر لداعش بدد هذه الغمامة وبين للجميع ان الاسلام المعتدل لايختلف كثيرا عن المتشدد، اذ كلاهما ينبعان من الايديولوجيا ذاتها، اي من الاستبداد الاسلامي الدموي. واذا ما اخذنا بنظر الاعتبار مايسمى بانقلاب "عبد الله غولن" والاجراءات الوحشية والسريعة التي قام بها اوردغان، يمكن فهم تسليح حزب العدالة والتنمية الاسلامي لرئيسه بهذا الحد من الصلاحيات التي تطلق اياديه في قمع خصومه السياسيين، والاهم من هذا قمع سخط المجتمع على الفقر والبطالة وانعدام الحريات والحقوق، اي باختصار ديكتاتورية اسلامية سافرة.
من جهة اخرى، لقد فشل هذا "الانموذج" في التحول الى انموذج الطبقة البرجوازية الحاكمة لبلدان المنطقة. اذ فشلت تيارات الاخوان المسلمين التي كانت ترى في النموذج التركي الاخواني نموذجها المنشود للمجتمع، والتي سعت تركيا الى ان تكون قبلتها في الحكم فشلا ذريعا في مصر وتونس ابان ثورات مايسمى بـ"الربيع العربي"، ناهيك عن فشله في حل صراعه مع حزب العمال الكردستاني، وكذلك "غسل اليد" من قبول اوربا بانضمام تركيا الى الاتحاد الاوربي ولجوءه لـ"الجنوب"، "العالم الاسلامي" والشرق الاوسط والذي لم يحقق في هذا اللجوء نجاح يذكر! فشل في العراق وسوريا، وتحول اردوغان من طرف "لايقبل باقل من تنحية الاسد" ومدافع قح عن رحيل الاسد، الى اتخاذ الموقف الروسي بالدفاع عن الاسد، وباختصار طرف تائه بين باحضان روسيا من جهة وامريكا والغرب من جهة اخرى.
اي باختصار تحولت تركيا اردوغان من حملة راية انهاء ازمة السلطة الحاكمة في وقتها الى احد اركان هذه الازمة، من حزب ينشد ارساء "الديمقراطية الاسلامية" الى طراح "ترسيخ الديكتاتورية الاسلامية"، ومن حامل راية السلم ومشروع المفاوضات مع حزب العمال الكردستاني الى طراح حرب شاملة على هذا التيار، ومن بديل اقتصادي وسياسي وحكومي في المنطقة الى احد اركان الدمار والقتل والدموية في العراق وسوريا، ومن "ضامن" لانضمام تركيا الى الاتحاد الاوربي الى طرف في صراع سياسي حاد (لحد اتهامات بالفاشية والعنصرية وغيرها) مع الاتحاد الاوربي (!!). التحول الى النظام الرئاسي لايحل اي من هذه المعضلات، واولها واهمها واكثرها "خطراً" سخط وغضب الاغلبية الساحقة من العمال والتحررين والمساواتيين ذات التقاليد النضالية القوية ضد سلطة الراسمال والرجعية والتخلف الاسلامي.
ان انتصر اردوغان وحزبه في معركة النظام الرئاسي، فثمة معارك وحروب اكثر شراسة في ميادين حياة العمال والنساء والكادحين في تركيا باقية. معارك لن ينجو منها بسهولة اردوغان والطبقة الطفيلية التي يمثلها وحزبه الاسلامي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كاميرات مراقبة ترصد فيل سيرك هارب يتجول في الشوارع.. شاهد ما


.. عبر روسيا.. إيران تبلغ إسرائيل أنها لا تريد التصعيد




.. إيران..عمليات في عقر الدار | #غرفة_الأخبار


.. بعد تأكيد التزامِها بدعم التهدئة في المنطقة.. واشنطن تتنصل م




.. الدوحة تضيق بحماس .. هل يغادر قادة الحركة؟ | #غرفة_الأخبار