الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تونس : عمليّة سيدي بوزيد اليوم ... وبعد؟؟

الأسعد بنرحومة

2017 / 4 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


جدّت اليوم بعد منتصف النهار عملية مداهمة لمنزل في حيّ أولاد شلبي بمدينة سيدي بوزيد قامت بها قوّات من الجيش والحرس الوطني , وقد أسفرت العملية عن مقتل اثنين والقبض على ثلاثة آخرين حسب معلومات أوّلية الى جانب ايقاف صاحب المنزل . وقد تابع رئيس الحكومة يوسف الشاهد تفاصيل هذه العملية من ثكنة القوّات الخاصة للحرس الوطني ببئر بورقبة بولاية نابل .
وقد جاءت هذه العملية في وقت عرفت فيه السلطة فشلا ذريعا في معالجة الأوضاع ووقف الاحتجاجات وخاصة تلك التي اندلعت في منطقة الكامور من ولاية تطاوين ممّا عطّل نشاط 120شركة أجنبية هناك .
وقد ارتفعت وتيرة هذه الاضطرابات مع اقرار قانون المصالحة والمصادقة عليه من البرلمان رغم الرفض الشعبي له , وأصبحت عديد المناطق تهدّد بالدّخول في اضراب عام وعصيان مدني , وفي سياق ذلك تتواصل عمليات سحب الأموال من البنوك وخاصى في ولاية تطاوين.
ورغم زيارة رئيس الحكومة يوسف الشاهد الى ولاية تطاوين حاملا معه رزمة من الحلول الّا أنّ زيارته تلك لم تنه الاحتجاج بل زادت في وتيرتها كما زادت في تأزيم الوضع , وهو ما دفع رئيس الحكومة الى عزل الوالي والمعتمد ورئيس اقليم الحرس الوطني ..
لذلك فانّه يغلب على الظنّ أنّ عمليّة سيدي بوزيد الأخيرة كانت مدبّرة ومقصودة في هذا التوقيت بالذات , من أحلها اتخاذها غطاء في المستقبل القريب لقمع التحركات المتواصلة في تطاوين وعدّة مناطق أخرى وانهاء موجة الاضطرابات وفكّ العزلة عن الشركات الاستعمارية الكبرى المنتشرة في الصحراء تنهب ثروات البلاد ليلا نهارا بدون توقّف , وهي أيضا عنوانا يصلح للجم الأصوات المتصاعدة وتكميم الأفواه التي تطالب يوميا بحقوقها وكرامتها , وبالتالي قطع الطّريق ربّما على من يعمل على استغلال موجة الاحتجاج للمطالبة امّا بانتخابات مبكّرة أو حوار موسّع ثان على غرار ما سمي بالحوار الوطني .
فرئيس الحكومة يوسف الشاهد وبمجرّد عودته من زيارته الى تطاوين وبعد يوم واحد أي 28 أفريل 2017 قام بعقد اجتماع طارئ بحضور وزير الدّاخلية الهادي مجدوب , ووزير الدفاع فرحات الحرشاني وآمر الحرس الوطني لطفي براهم والمدير العام للأمن الوطني ورئيس أركان جيش البرّ , وكان موضوع الاجتماع دراسة الوضع الأمني في ولاية تطاوين والأحداث التي حصلت خلال تلك الزيارة وذلك حسب ما أفاد به مصدر خاص للصريح نقله موقع زوم تونيزيانا في نفس التّاريخ .
هذا الاجتماع تزامن مع تصريح المتحدّث باسم الحكومة ايّاد الدّهماني يوم الجمعة 28 أفريل 2017 مفاده أنّ الحكومة ستتعامل بكل صرامة مع الاحتجاجات التي لا تحترم القانون وتعطّل حركة التّنقل والعمل .وهو ما يكشف عن نوايا الحكومة المستقبلية في كيفية انهاء موجة الاحتجاجات ولو بالقمع والقوّة والعنف , وأفضل ذريعة تمكّنها من تحقيق ذلك هو عنوان محاربة الارهاب وحماية الوطن , فكانت عمليّة سيدي بوزيد الأخيرة .
وتحت هذا العنوان " محاربة الارهاب " يمكن للسلطة أن تدفع بقوّاة الأمن الدّاخلي للدخول في صراع عنيف ودموي مع الشعب لقمع الاحتجاجات , وخاصة بعد صدور بيان من نقابة الحرس الوطني نقلته " وات " السبت 29 أفريل 2017 قبل يوم واحد من عملية اليوم ,وتدعو فيه الأمنييين لعدم الانسياق وراء محاولات استدراجهم الى مستنقع العنف والاتّعاظ بتجربة 2011 .وطبعا تحت عنوان الحرب على الارهاب لا تجد النقابة مبرّرا للرفض والامتناع عن ممارسة القمع الذي تريده الحكومة .
لذلك ليس مستغربا أن يتوجّه رئيس الحكومة يوسف الشاهد الى ثكنة القوّات الخاصّة للحرس الوطني ببئر بورقبة لمتابعة العملية لما فيها من رسالة مضمونة الوصول الى قوّاة الحرس الوطني والى نقابة الحرس .
وليس مستغربا أيضا أن يولي رئيس الحكومة الوالي الجديد على ولاية تطاوين محمد علي البرهومي الذي عرف بموقفه العدائي للمحتجّين في انتفاضة الحوض المنجمي ...أو أن يستدعي للاجتماع الطارئ مع وزير الداخلية آمر الحرس الوطني لطفي براهم الذي تحوم حوله شبهات فبركة عديد الأفلام الارهابية على غرار عملية المنيهلة بحيّ الصنهاجة في 2016.
وليس مستغربا أن تأتي عملية سيدي بوزيد اليوم بعد خمسة أيام فقط من اعلان القبض عن خلية دوّار هيشر , ولا عن الحديث عن عودة مجموعة من العائدين من سوريا ومحاولتهم التسلّل عبر الحدود .
ان السلطة في تونس , لن يستقرّ لها المقام , ذلك أنّها سلطة غريبة مفروضة على النّاس ,منفصلة عنهم في الفكر والشعور معا , لا تقوم برعاية شؤونهم , ولا تعمل على معالجة مشاكلهم ,لأنّها موظّفة عند الغرب الأجنبي وعند شركاته الاستعمارية الكبرى , دورها حماية مصالحه وتنفيذ املاءاته فقط , وفي مقابل ذلك تستجدي هذا الأجنبي فتاتا يرمونه للشعب تحت عنوان " الدعم والمساعدات " .
فالبلاد تعيش حالة احتلال حقيقي واستعمار فضيع أبشع من الاستعمار الفرنسي أو غيره , وهي حال بقية البلاد الاسلامية برمّتها وليس في تونس فقط , والتّي أضحت تحت خديعة الربيع العربي مسرحا لسفك الدماء والقتل والتفقير والتدمير ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اضطرابات في الإمارات لليوم الثالث بسبب سوء الأحوال الجوية


.. -الرد على الرد-.. ماذا تجهز إسرائيل لطهران؟| #الظهيرة




.. بوتين..هل يراقب أم يساهم في صياغة مسارات التصعيد بين إسرائيل


.. سرايا القدس: رشقات صاروخية استهدفت المدن المحتلة ومستوطنات غ




.. أصوات من غزة| ظروف مأساوية يعيشها النازحون في العراء بقطاع غ