الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شيد قصورك ، لم تُغير الوضع في مصر

كمال آيت بن يوبا
كاتب

(Kamal Ait Ben Yuba)

2017 / 5 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


شعارنا : حرية – مساواة – أخوة
كان عبد الناصر رئيس مصر السابق يقول :العبيد لا يصنعون الحرية Slaves don’t make freedom
الآن مر بعده خمسة رؤساء أربعة منهم من الجيش ..
كثيرون يقولون أن القصور المقصودة في أغنية شيد قصورك عالمزارع للشيخ إمام هي الفيللات الفاخرة و القصور التي كان يشيدها العسكر المصري الذي إنقلب على الملكية هناك و سمى إنقلابه ثورة 23 يوليوز ثم أنشأ على ارض الواقع ملكية عسكرية وراثية أسوأ تتوارث حكم مصر تحت إسم جمهوري دون تحقيق الحرية والكرامة للمواطن المصري أو دولة المؤسسات لا الأشخاص ودولة سيادة القانون التي يتساوى فيها الجميع.
آخرون يقولون أن مقارنة الإنقلاب العسكري على الملكية بثورة الفرنسيين على الملكية في فرنسا يبين الفرق الشاسع بين الحدثين و ما أفرزه كل منهما منذ أول لحظة .فلو قام بالثورة هناك منذ الخمسينات العمال والفلاحون و الطلبة و الاخرين ربما لكان لها شأن آخر.
الحرية و الديموقراطية يا إما أن يكونا أولا يكونا منذ أول لحظة.ليس هناك من وسط أو ما يسمى فترة إنتقالية .
تقول كلمات الأغنية:
شيد قصورك عالمزارع من كدنا و عمل ايدينا
في إشارة لسرقة جهود الفلاحين والعمال و اعطائهم الفتات ليعيشوا به فقط حتى يبقوا على قيد الحياة يخدمون اسيادهم اصحاب الرأسمال و الاراضي الفلاحية والمصانع ..الخ
و لكن في دولة العسكر و الغيستابو السياسي حيث كل شيء مرتبط عندهم بالامن القومي حتى لو طارت المعزة ، قد يبني الفاسدون قصورهم و فيلاتهم من نهب المال العام والثروات المعدنية و الطبيعية للبلد و من سرقة أراضي الفلاحين الصغار عن طريق التحايل القانوني و استغلال النفوذ و الشطط في استعمال السلطة أو من كل هذا ..حيث لا تمثل جهود الفلاحين والعمال سوى الشيء القليل امام كل هذا ..
البعض ممن يتذكرون الملكية المصرية و أجواءها و مدنيتها و على علاتها كانوا يفضلوا في كتاباتهم تلك الأجواء على أجواء الحكم العسكري الذي تلاها رغم كل الشعارات التي أطلقها الضباط الذين سموا انفسهم احرارالجمهورية و لم يحققوا منها شيئا خاصة بعد ما سمي هزيمة يونيو 1967 أمام الماكنة العسكرية لجيش الدفاع الاسرائيلي في تلك الفترة .
في هذه الاجواء (بداية السبعينات) يطلق أحمد فؤاد نجم الشاعر والرفيق للشيخ إمام صرخته ضد الإعتقال و هي قصيدة "شيد قصورك عالمزارع" يعني على حساب المزارع المنتجة التي يشتغل فيها الفلاحون .فيغنيها مع الشيخ إمام .
في بداية الثمانينات بمقر الإتحاد الوطني لطلبة المغرب سمعت هذه الاغنية لأول مرة .
و لكن بعض ما جاء فيها من كلمات ذات نبرة دينية تتماهى مع خطاب الاخوان المسملين الرجعي المعادي لشعوب المنطقة كانت تجعلني أتساءل هل الشاعر واعي بالوضع السياسي المصري في علاقته بالواقع الدولي آنذاك خصوصا قبل انهيار الاتحاد السوفياتي الذي في الواقع لم يصنع شيئا للعرب الذين كانوا ينخدعون بشعاراته و منهم جمال عبد الناصر .
لكن حين تقول كلمات الأغنية "عرفنا مَن سبب جراحنا" هنا تحدد أن النظام السياسي العسكري هو السبب في أمراض المجتمع المصري و هو المشكلة حيث يكمن الخلل و ليس هو المنقد الذي سيأتي بالحلول كما خدع الجماهير.
و تقول أيضا :
"عمال و فلاحين و طلبة دقت ساعتنا و إبتدينا ، نسلك طريق مالهوش راجع ، والنصر قرَّب من عينينا"
في إشارة لموضة تلك الفترة و هي إنتشار الأفكار الشيوعية الماركسية اللينينية التي كانت تُنعت بالإلحاد من طرف المستغلين للدين في السياسة .
و لكن حينما يقول "الخمارات جنب المصانع" نحس بنبرة دينية تُناقض الخطاب الماركسي (المُلحد حسب تعبير التيارت السياسية الدينية) تدل على تشويه في الوعي حول السياسة و حول ما ينبغي عمله .
فالشحنة الثورية العاطفية للأغنية ظاهرة للعيان لا غبار عليها . و لكنها تحجب الرؤية الصحيحة للفعل الثوري الذي لم يقرأ الداعون اليه الأحداث قراءة واقعية تنفذ للب الموضوع .هي فقط نظرة سطحية للأمور عاجزة عن إحداث التغيير.تقف عند المظاهر و لا تصل للحقائق التاريخية المصرية التي منها أن مصر في الواقع ليست دولة عربية و إنما قبطية تم فرض العربية والدين المزور الذي يخدم الفاشية و الاستبداد عليها و التي كان من الممكن الوصول لها عن طريق رصد سلوك الفرد المقموع بما تم فرضه عليه من مفاهيم دينية و طابوهات تجعل مناطق كثيرة ممنوع عليه الاقتراب منها او تفكيكها تفكيكا عقلانيا فكريا يصل لاثبات العلاقة بين السلوك المفروض على الفرد دينيا و العوائق الفكرية التي يسببها هذا الاخيرليفرمل الفعل الثوري الذي من مهامه تحقيق التغيير ونوال الحرية والعدالة الاجتماعية على ارض الواقع كنتيجة أكيدة.
اغفال نقد البعد الديني الذي يضبط سلوك الفرد الجاهل الذي يشكل الاغلبية المسحوقة و يُمَنيه بالجنة كتعويض وهمي غير حقيقي عن الدنيا ، في خطاب الشيخ إمام الممثل لشريحة واسعة من الشعب المصري يجعله متناقضا مع زمنه و مع رغباته في الحرية و السعادة كباقي الشعوب و يشل حركة قيادة التغيير فكريا و على صعيد الوعي في مصر و كل شمال افريقيا و الشرق الاوسط لحدود الساعة .
مات الشيخ إمام ثم تبعه الشاعر احمد فؤاد نجم كما سيموت الجميع طبعا .لكن أين " النصر قرَّب من عينينا" التي غناها؟
لقد ساهم الشاعر احمد فؤاد نجم في حركة كفاية المصرية التي كانت تطالب بالتغيير في مصر.وماذا كانت النتيجة ؟
تغيير لحظي جاء بالذين كان لا يجب أن يكونوا في الحكم وفقا للمنطق التاريخي وهم الاخوان المسلمون .
ثم تمت إزاحتهم من المشهد السياسي عن طريق قادة الجيش الذين لا يزالون ممسكين بلعبة السياسة في مصرإلى اليوم دون تحقيق التغيير الذي رأى الشاعر أنه "قرب من عينيه" نظرا للاسباب التي ذكرنا أعلاه .
و هل العسكري متخصص في السلاح والحرب أم في الديموقراطية والفلسفة ؟
لذلك قلنا أن اغنية "شيد قصورك" لم تحقق التغيير المنشود في مصر.
ربما لو بقيت الملكية هناك إلى اليوم لكان التغيير أسهل والوضع أفضل .
تحياتي للجميع
رابط الفيديو :
https://www.youtube.com/watch?v=NcRfl1SN5oE








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأرمن في لبنان يحافظون على تراثهم وتاريخهم ولغتهم


.. انزعاج أميركي من -مقابر جماعية- في غزة..




.. أوكرانيا تستقبل أول دفعة من المساعدات العسكرية الأميركية


.. انتقادات واسعة ضد رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شفيق لاستدعائها




.. -أحارب بريشتي-.. جدارية على ركام مبنى مدمر في غزة