الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حماس بين الراديكلية والليبرالية

سامي الاخرس

2017 / 5 / 2
القضية الفلسطينية


لا يمكن تجاوز أن حماس استفادت من تجربة حكمها السابقة خلال العقد السابق، وإنها طرقت باب السياسة والعمل السياسي، ووجدت نفسها في صلب المشروع السياسي الإقليمي والدولي، عكس تجربتها السابقة التي كانت فيها أكثر تحرر ومرونة في طرح المواقف كونها لم تكن حزب سلطة، ولذلك كانت تشكل مؤسساتها بشكل راديكالي وفق هامش المرونة الذي هي عليه وتحررها من ضغوطات المشروع السياسي والإستجابة إليه، وللقوى الضاغطة اقليميًا ودوليًا، وعزز هذا الإندفاع لحركة حماس التي عُرفت بالراديكالية سابقًا خروجها من محور الممانعة الذي تمثل بسوريا ، وإيران، وحزب الله وإلتحاقها بعد حرّاكات الرّبيع العربي بمحور الإعتدال والإنجذاب صوب مشروع الأخوان المسلمين الذي حاول أن يقبض على مقاليد السلطة في بلدان الرّبيع العربي لكنه فشل نتيجة العديد من الظروف والمتغيرات منها المتعلق بجماعة الأخوان المسلمين داخليًا وعدم قدرتهم على الحكم نتيجة ضعف خبراتهم السياسية، ومنها نتاج مشاريع معاكسة اقليميًا ودوليًا، وإن كان نجاح حركة حماس في السيطرة والحكم لمدة عشرة أعوام في قطاع غزة، ولكن هذا النجاح ليس مقياس رضى شعبي بل هو نتاج ظروف فلسطينية خاصة وداخلية تتسم بها الساحة الفلسطينية بخصوصية مغايرة لكلِّ الساحات والبلدان الأخرى.
من هنا كانت حماس في حاجة لمراجعة نقدية لمجمل تجربتيها السابقتين، تجربة وجودها في محور المقاومة متحررة من الضغوطات السياسية وإملاءات الحالة السلطوية، وتشكيلها لقوة مقاومة على غرار تجربة حزب الله اللبناني الذي لم يزج بنفسه في دهاليز السلطة مباشرة وعليه تحرره من ضغوطات ومتطلبات السلطة، عكس ما انتهجته حركة حماس التي اندفعت للأمام خطوة تلو خطوة حتى وجدت نفسها في مواجهة الضغوطات التي تتطلب منها التساوق مع المشروع السياسي ومتطلبات السلطة السياسية، والضغوطات التي تطلبها بالعودة خطوات للخلف والعودة لصفوف المقاومة من جديد، ممّا تطلب من الحركة ومؤسساتها وأجهزتها الوقوف أمام مراجعة نقدية شمولية بعد مرحلة المراوغة والمواقف المتذبذبة والتلون وفق الحالة واللحظة، وهو ما خلصت إليه في عملية انتخاباتها الداخلية التي أفرزت قيادة داخلية راديكالية في قطاع غزة هذه القيادة تتمتع بكاريزما يمكن لها تمرير أيّ تحولات مستقبلية أمام عناصر الحركة وكذلك أمام الراديكاليين فيها بما إنهم محسوبون على التيار الرايكالي، وكذلك انتهاء ولاية رئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل الثانية وعليه لا يحق له الترشح لولاية ثالثة، وربما بل من المؤكد أن الشخصية التي ستتولى رئاسة المكتب السياسي تكون من التيار الليبرالي وهو ما يخلق حالة من التوازن والمزج بين التيارين. وهو ما أكد عليه نصوص ومعطيات الوثيقة السياسية للحركة التي تناولت كل الأوضاع الفكرية والأيديولوجية، والوطنية، والسياسية، وما خلصت إليه الحركة من خلال تجربتها مع الكيان الإسرائيلي كحزب سلطة، فخاطبت الأسرة الدولية باللغة التي يريدوها، وخاطبت شعبنا الفلسطيني باللغة التي يريدها، وهي اللغة التقليدية لمعظم قوى الفعل الفلسطيني ومنظمة التحرير الفلسطينية، سعيًا بالعمل قليلة مُسكر كثيره حرام، أي لا نعترف بالكيان ولكن نقبل به في حدود ما قبل 1967، وهي لغة خداعية تسوق للمرحلية ولبرنامج م ت ف المطروح بوثيقة الإستقلال عام 1988 في الجزائر.
إذن لا يمكن الوقوف أمام المشهد السياسي في حيرة وارتباك فقد قدمت حماس نصف الإجبات المستقبلية لمشروع حل الدولتين، واتفقت بذلك مع م ت ف وهو ما ادركته الحركة في وثيقتها الأخيرة بأنه لا يمكن مخاطبة الرأي العام العالمي بعيدًا عن حاضنة م ت ف ومشروعها السياسي وهو المفصل الأساس والأهم في كلّ بنود الوثيقة السياسية التي قدمتها حركة حماس في قطر.
من خلال ذلك فقد بدت ملامح المشروع الوطني المستقبلي عامة، وملامح المشروع السياسي الفلسطيني الداخلي خاصة وأن الطريق أصبح يسيرًا لإحداث حالة عودة من جديد بين قوى النظام السياسي الفلسطيني الرئيسية بعدما تلاقت البرامج السياسية بينهما. فالمستقبل القريب يحدث تغيرات على خارطة التقارب الفتحاوي - الحمساوي وانهاء حالة الفراق السلطوي بينهما وفق مفهوم الشراكة بينهما.
د. سامي محمد الأخرس








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هجوم إسرائيل -المحدود- داخل إيران.. هل يأتي مقابل سماح واشنط


.. الرد والرد المضاد.. كيف تلعب إيران وإسرائيل بأعصاب العالم؟ و




.. روايات متضاربة حول مصدر الضربة الإسرائيلية لإيران تتحول لماد


.. بودكاست تك كاست | تسريبات وشائعات المنتجات.. الشركات تجس الن




.. إسرائيل تستهدف إيران…فماذا يوجد في اصفهان؟ | #التاسعة