الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البعض يفضّلها علمانيّة

نادية خلوف
(Nadia Khaloof)

2017 / 5 / 2
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


تقول الرّاوية: في بلاد لم يكن يعرفها العالم على الخارطة. كان أبناء البلاد يعتقدون أنّهم العالم كلّه، يتحدّثون عن أنفسهم كبشر لهم قدرات تفوق البشر.
عرّف أحدهم بنفسه بأنّه من بلد الحضارات. سأله المتلقي: لم أفهم. ماذا تقصد؟
قال: أنا من سورية. أراد الرجل بمودّة أن يعرف أين تقع سورية، ولما شاهدها على الخارطة قال. ها! إنّها قرب إسرائيل. غضب الرجل صاحب الحضارة، وضرب الرّجل الآخر معتقداً أنّه يقلل من شأن وطنه. هذه القصة حقيقيّة. لكن لم تصل إلى المحاكم لأنّ المضروب لم يبلّغ فقد اكتفى بالجواب: أفهم يا عزيزي أنّ الحرب جعلتكم أناساً غاضبين.
سورية اليوم معروفة بكل موبقاتها، حيث غسل التهديم آثار الحضارة، وبدأت تظهر فيها وحوش بشريّة تستطيع اغتيال الحجر والشّجر والبشر. سورية اليوم أرض الدكتاتورية، الإسلام المتشدّد، التّطرف القومي، القتل، ولا زال السوريين يمجدون أنفسهم كشعب متفوّق.
تتابع الرّاوية حكايتها: كان هناك أربعة أصدقاء منذ الطفولة، تعلّموا في مدرسة واحدة، وفي جلسة ودّية على عشاء في مركز اللجوء في دولة بعيدة. سأل أحدهم: كيف ترغب أن تكون سوريّة المستقبل؟ ثم أضاف: بالنسبة لي أريدها عربية، قال الثاني: وأنا أريدها فيدراليّة، قال الثالث: أريدها إسلاميّة ، وقال الرّابع أريدها علمانيّة.
علا صوت الأصدقاء، ومن ثم بدأت الكراسي تتناثر في الصّالة، خرج الجميع من صالة الطعام، وأتت الشّرطة. استمعت الشرطة للجميع وقالت لكلّ واحد على حدة: أنت على صواب، وهم لديهم تعليمات أن يتعاملوا مع مراكز اللجوء بهدوء كون اللاجئون ضحايا حرب، ولهم سلوك الضحيّة. انتهى الموضوع، تصالح الأصدقاء أمام الشرطة، ثم بدأ كلّ شخص منهم يحشد مجموعة.
في يوم من الأيّام قرّرت ثلاثة مجموعات أنّ العلمانية لا تتناسب مع وضع المجتمع، أتوا إلى العلماني، وطلبوا منه بالحسنى أن يتخلى عن رأيه لأنه يدعم الدكتاتوريّة. ظن العلماني أنّه يعيش في دولة فيها قانون يحميه، وفي يوم من الأيام استيقظ سكان المركز ، وإذ بالرجل قد شنق نفسه، وقامت المجموعات الثلاثة تطالب بالتّحقيق في الحادث، وبعد أخذ ورد ، وخبراء، وشهود، وتقارير خبراء بصمة قرّرت المحكمة أن طريقة القتل هذه سوريّة، فلا أحد يشنق نفسه بهذه الطريقة، ولن يستطيع القانون الوقوف على جريمة من هذا النوع إلا وفق تقارير تسرد مواقف المتّهمين.
الرّاويّة رافقت المجموعات الثلاثة المتبقي زعماءها على قيد الحياة. أحدى المجموعات قدمت للبوليس فيديو كيف يعذب أنصار الدكتاتور الناس، ويقتلونهم في السجون، فقدّمت المجموعة الثانية فيديو يظهر زعيمها، وهو ينفّذ حكم الإعدام بقطع الرأس كونه قائداً ميدانيّاً.
القاضي محتار بماذا يحكم، فهذه الحوادث سوابق لا يجد مشابهاً لها مهما بحث في كتب القانون، والقضيّة قيد الحكم. لكنّ الرّاوية سجنت لأنّها كانت على علم بالأحداث منذ البدايّة ، ولم تبلّغ الشرطة عن عقليّة القتلة. حكمت عليها المحكمة بقضاء عام واحد في سجن إصلاحي كي تتعلّم كيف تمنع الجريمة لو علمت بدوافعها عن طريق الإبلاغ عنها، وفي دفاعها عن نفسها أمام القضاء قالت: أحبّ الحياة، ولا أرغب بالموت على الطريقة السوريّة. أرغب أن أموت بشكل طبيعي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قصف مستمر على مناطق عدة في قطاع غزة وسط تلويح إسرائيلي بعملي


.. عقب نشر القسام فيديو لمحتجز إسرائيلي.. غضب ومظاهرات أمام منز




.. الخارجية الأمريكية: اطلعنا على التقارير بشأن اكتشاف مقبرة جم


.. مكافأة قدرها 10 ملايين دولار عرضتها واشنطن على رأس 4 هاكرز إ




.. لمنع وقوع -حوادث مأساوية-.. ولاية أميركية تقرّ تسليح المعلمي