الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سؤال عن الحق...

غسان صابور

2017 / 5 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


ســــؤال عـن الـــحـــق...
طرح صديق جامعي سوري, ممن تبقى من الأنتليجنسيا (المهجرية الحيادية) بهذا البلد.. السؤال التالي على صفحته الفيسبوكية :
" هل الحق مفهوم نسبي؟... ولماذا؟... "
تواردت عشرات الأجوبة القصيرة.. وعشرات أخرى من معلقة واحدة فقط.. احتلت صفحات من موقع الجامعي صاحب السؤال, منسوخة من كتاب.. من الصعب قراءتها, نظرا لضآلة حجمها وصعوبة قراءتها.. بعيني متعب مثلي...حتى مع نظارات مكبرة.. ولكنني فهمت أنها بالإجمال.. تنسب الحق للتعاليم الدينية.. مستبعدة كل القوانين المدنية التي طورت الحق والحقوق خلال المائتي سنة, لخدمة الإنسان والإنسانية والحفاظ على المساواة ــ قدر المستطاع ــ بين البشر...
القوانين المدنية تتغير وتتطور من دولة إلى دولة.. فيما إن كانت قوانينها مستقاة من ديانة غالبية سكانها.. أو أنها مدنية علمانية.. تؤمن هذه المساواة بغض النظر عن ديانات سكانها المختلفة... وبحيث أنها علمانية.. وعلمانية فقط.. تؤمن المساواة بالحقوق والواجبات للجميع.. لأنها تطبق حق المواطنة.. والذي يبقى ـ ابدا ــ أفضل الضمانات الإنسانية للفرد وللجماعة..
ولكن مع الأسـف بالبلاد العربية.. نظرا لأن هناك غالبية إسلامية نسبية.. تستقى القوانين من الشريعة الإسلامية, والتي بقيت بلا أي تغيير أو تطوير.. من خمسة عشر قرن حتى هذه الساعة.. بينما تفاسير الحريات الفردية تغيرت وتطورت.. ولا تتطابق مع تفسيرات الشرائع الدينية التي بقيت جامدة.. لا يمكن تطبيقها ــ اليوم ــ بأي زمان أو مكان.. حتى أن تطبيقاتها ــ أحيانا ــ توازي جرائم ضد الإنسانية.. كالرجم وأحكام الإعدام التعسفية ضد النساء اللواتي توجه لهن بعض التهم (الأخلاقية) بلا أية إمكانية دفاع أو تبرئة قانونية...
لهذا فإني أستغرب عشرات الأجوبة التي وردت من عشرات من المعلقات والمعلقين, والتي كان جوابها دوما أن "الحق هو الله"... ولا أي شـيء آخر... كأنها تغلق الباب أبدا, بوجه كل التفاسير المدنية والعلمانية للحق والحقوق والقوانين التي تعدل بين البشر.. وخاصة التي تؤمن المساواة بين المرأة والرجل.. كــإنــســان!!!....
لهذا السبب.. أشكك دوما بإمكانيات مواطنينا (المثقفين) الجامعيين, وغير الجامعيين, المستوردين من بلدان المشرق والعالم الإسلامي.. وبعد سنوات من دراساتهم ووجودهم واحتكاكاتهم اليومية, بحضارات واسعة أخرى متطورة.. يبقون حفاظا على علاقاتهم وارتباطاتهم المجنزرة (من جنازير) بالقبيلة والعشيرة والعائلة.. وغالبا بحلقات الجالية وجمعياتها ببلاد الاغتراب.. ورغم أنـه لم يعد بلد اغتراب.. بل وطنا يؤمن لهم حرية التعليم والعلم وحرية الفكر والتعبير والتحليل العلماني المنطقي... رغم هذا يبقون ــ معربشين ــ بعادات وتقاليد وشرائع جامدة.. لا تتطور منذ خمسة عشر قرن على الأقل... وجوابهم الروتيني الميكانيكي والغريزي والمضمون الأبدي.. والذي يبقى حياديا بلا أية مسؤولية... أن "الـــحـــق هـو الله"!!!..........
وعلى جميع الأسئلة القانونية الحقوقية.. يعيدونك إلى شريعتهم الدينية.. ولا إلى أي قانون من قوانين البلد الذي يعيشون بـه, بكل طمأنينة وأمان.. مستفيدين من جميع القوانين المدنية والاجتماعية والاقتصادية والمادية التي تخدم مصالحهم المفروزة المنتقاة.. ولا أي شــيء آخر....
لهذا السبب لا تراهم غالبا.. أيام الانتخابات المحلية والنيابية والرئاسية.. والتي تسعى لتطوير القوانين والحقوق... انطلاقا من عادات الحذر وعدم الالتزام.. عادات جيناتية موروثة محمولة من أيام ولاداتهم وفتوتهم وشبابهم ودراساتهم الجامعية.. بدمشق وحلب واللاذقية.. أو غيرها من المدن الجامعية السورية ... لأن الحياد كان أهم بوليصة تأمين.. لإثبات عدم التدخل بالسياسة... والذي كان وما زال من أول أيام (استقلال) ذاك البلد.. أهم وثيقة ثبوتية للحصول على وظيفة.. أو على منحة دراسية جامعية... لأن " الحق " كان دوما هو إطاعة الله وأولي الأمر منا"...
ولهذا السبب من بداية فتوتي وشبابي... اكتملت كل قناعات إلــحـــادي... والحق والدفاع عن الحق والكلمة الحرة والفكر الحر.. يبقى معتقدي الوحيد... مهما كانت متطلبات هذا الدفاع, محملة بضرورة مقابلة صعوبات الحروب ضـدهـا.. بأي زمان.. وأيـة مناسبة سياسية.. أو تـجـاه أية تجمعات .. وخــاصــة بأي مــكــان.....
*************

عــلــى الــهــامـــش :
ــ الــحــق... والــحــيــاد...
صديقي الجامعي, صاحب التساؤل عن الحق, والذي أحترم نعومة كتاباته الشاعرية, وتربيته لأولاده, ونجاحه ونجاحهم بالمجتمع الفرنسي.. وما يؤدي من خدمات إنسانية... ولكن... ولكنني لا أتفق مع صمته على كل التعليقات العديدة التي وردت على تساؤله.. دون إعطاء جواب تحليلي منطقي عليها.. وهو الجامعي العلمي المثقف.. مكتفيا بالشكر المهذب على مرورهم... على مرورهم؟؟؟... علما أنها كانت كلها آراء غيبية لا علاقة لها بأي تحليل منطقي... إنما تعربشا بالآلهة.. وهربا من أي التزام بالحقيقة الحقيقية المسؤولة...
ورد منه جواب مختصر واحد على تعليقاتي الثلاثة على تساؤله.. وهو مقارنة " بحق المرأة الأوروبية بالتعري " مع حق المرأة الأفغانية بارتداء البوركا الكاملة... مع كل ما تغلف وتبدي كلمة "التعري" من سلبية التهجم والاحتقار... بالإضافة أن البوركا والحجاب والنقاب.. ليسوا على الاطلاق اختيارا.. وأن غالب من اختارتهن من الجاليات الإسلامية بالمدن الأوروبية, حيث تتكاثر هذه الجاليات متمتعة بكل الحقوق الشرعية المحلية.. أصبحت علما انعزاليا إثنيا طائفيا عن المجتمع الذي تعيش فيه بكل طمأنينة.. ونرى حاليا جميع التحديات التي تخترق القوانين التي تطالب بسهولات وتنازلات عديدة.. ضد منع هذه الأزياء المستوردة لأسباب أمنية بالمؤسسات الحكومية والرسمية.. ببلد علماني... حفنة أورويات وهمية بسيطة.. لا تطبق ولا تنفذ... بينما إذا أظهرت المرأة الأفغانية رأس أصبعها عاريا بلا قفاز... تـــرجـــم!!!....... مما تناساه صديقي الجامعي.. ولم يــنــوه عــنــه.
وفي البلاد المتطورة الحضارية العلمانية الديمقراطية... الرجم جريمة ضد الإنسانية... بدون أي استثناء!!!.............
بـــالانـــتـــظـــار...
للقارئات والقراء الأحبة الأكارم... هـــنـــاك و هـــنـــا.. وبكل مكان بالعالم... وخاصة للنادر القليل المتبقى من الأحرار الشجعان الذين يدافعون ويناضلون ــ على حساب حياتهم وأمنهم ورزقهم ــ من أجل الدفاع عن "الـــحـــق" والحقيقة الحقيقية والكلمة الحرة وحرية التفكير والتعبير والمعتقد والتآخي والسلام بين البشر... لـهــن ولــهــم كل مودتي وصداقتي ومحبتي وتأييدي واحترامي ووفائي وولائي... وأصدق وأطيب تحية الرفاق المهذبة...
غـسـان صــابــور ـــ لـيـون فــرنــســا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اضطرابات في حركة الطيران بفرنسا مع إلغاء نحو 60 بالمئة من ال


.. -قصة غريبة-.. مدمن يشتكي للشرطة في الكويت، ما السبب؟




.. الذكرى 109 للإبادة الأرمينية: أرمن لبنان.. بين الحفاظ على ال


.. ماذا حدث مع طالبة لبنانية شاركت في مظاهرات بجامعة كولومبيا ا




.. الاتحاد الأوروبي يطالب بتحقيق بشأن المقابر الجماعية في مستشف