الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاحتواء

صيقع سيف الإسلام

2017 / 5 / 4
الادب والفن


— لماذا انت بارد الاعصاب لهذه الدرجة ... لقد قال عنك جاهل و غبي... اووه ؛ انت حقا عجيب ؟
— ناولني تفاحتي و لا تصدع رأسي.. ما الذي لم تفهمه ؟ !!! ...
— لماذا لم تناقش ذلك الشخص رغم انك ذو كفاءة تفوق كفاءته.. تحدث عن التطور و انت متعمق في نظرية التطور بنسختها الحديثة بل و قرأت اصل الانواع عن عمر يناهز 15 سنة ؛ و لم تغفل عن ألفريد راسل والاس المؤسس الثاني... صانع الساعات الأعمى ؛ الجين الاناني ؛ لماذا التطور حقيقة ... و اكثر ما غاظني سكوتك عنه حينما زعم المعرفة التامة بالامواج الثقالية ؛ ألم تدرس فيزياء العقل البشرية لبنروز ؛ و التصميم العظيم لهوكنغ ؛ كون من لاشيء للورنس كراوس ؛ ألف باء النسبية لبرتراند راسل ... بل اني اذكر انك حدثتني عن كامل مؤلفات كارل ساغان.. نعم.. نعم.. لازلت اتذكر العناوين : الكون - رومنسية العلم... ثم هناك عنوان لم اضبطه جيدا ؛ اظنه يحمل كلمتي : ملايين النجوم..
— ارجوك دعني اكل تفاحتي بسلام يا صديقي...!!!!
— تبا لك.. لا تقاطعني.. اليس فيك ذرة محبة لنصرة الفكر القويم ؛ كيف لا و لازالت ذكريات الجامعة تلوح في الافق أمام عيني و انت سيد المتمرسين في الفلسفة... اذكر تماما و انت تشرح الضمير لكانط و الكمال عند ديكارت و السببية بعد هيوم... ثم هناك الوجودية عند سارتر التي اثرت فيا كثيرا حينما قرنتها بمعضلة ابيقور.. نعم.. كنت قويا في تلك اللحظات ؛ و كيف انسى صديقنا زاك و تعثره عليك و انت تشرح الفرق بين الارادة عند نيتشه و شوبنهاور.. او ربما الجدل عند زينون و المثل الافلاطونية.. آه تدهورت ذاكرتي يا صديقي ... ساعتها كنت اريد مناقشتك لكن خفت ان تجعل مني اضحوكة امام الجميع... خصوصا بالحس التاريخي الذي تمتلكه من قصة الحضارة لول ديورانت و ارنولد توينبي... حتى الان اجهل كيفية صبرك على قراءة تلك الكتب الطويلة .. قصة الحضارة ازيد من 30 مجلدا ... ليس التاريخ وحده الذي رأيتك تقرأ فيه الكتب المطولة... نعم اذكر انه كان هناك تفسير محمد ابن عمر الرازي للقرآن الذي يقع تقريبا كقصة الحضارة ؛ هناك نسخة الملك جيمس ايضا. .. اووف كم قراءة الكتب المقدسة متعبة ؛ هلا اطلعتني السر على صبرك و شوقك ... انتظر... دعني اكمل.. فلقد عادت لي ذاكرتي قليلا... نعم لقد كان يوم خميس حينما شرحت لنا نظريات فرويد اقتباسا من كتابه ثلاث رسائل في الجنس و ايضا تفسير الاحلام.. كان هناك كتاب آخر نسيت اسمه ذكرته قبل ان تحدثنا عن سليجمان وستاندال و داكو الفرنسي تلميذ فرويد و جوزيف بيرور و لو سالومي التي لا انساها فهي عشيقة نيتشه... شعرت يومها كانك تسرد لنا قصصا حيث تضاحكنا خلفك انك كنت شبيها بعالم في الاجتماع ؛ فقد لقبناك بابن خلدون خصوصا حينما اخبرتهم انك درست مقدمته الشهيرة و التعقيب عليها من طه حسين و علي الوردي الذي كان من الكاظمية ؛ السبب الذي من اجله ضايقنا كاظم صديقنا... كم كانت تلك الايام جميلة... انتظر بل اذكر كذلك انك شرحت لنا في مناظرة مع استاذ المادة التخييل و التجهيل عند ابن سينا و ابن رشد ؛ ثم التأويل عند ابو حامد الغزالي و ابن ملكا البغدادي ؛ لكني لم افهم الا تبسيطك لنا لنقد ابن تيمية للمنطق الارسطي و كيف انه مشابه لنقد هيجل لكن اعمق....
— لقد انتهت التفاحة.. هيا لنغادر!!
— لن نغادر حتى تجيبني.. لماذا التزمت السكوت و لم تناقش ذاك الشخص ؟ .. في البداية اعتقدت انك تسير على نسق رواية في انتظار اللحظة حتى تجيب.. آه تبا.. نسيت انك ضليع في الادب الانجليزي و الروسي ؛ كيف لا و انت تحدثنا عن متعة القراءة لارثر كونان دويل على شخصيته شارلوك هولمز ؛ بل ايضا اغاثا كريستي و اوسكار وايلد ؛ اما الشيء الذي انعسني فهو الادب الكلاسيكي كهاملت شكسبير و تاجر البندقية ؛ اظنني نمت قليلا و انت تحكي لنا عنهما ؛ اما الشطر الذي ابدعت فيه فهو تلخيصك الفلسفي لمقاطع من روايات دستويفسكي كالابله و المراهق ؛ و لا انسى التي ابكتني الانسان الصرصار... نعم كانت قصيرة و قرأتها لنا في يوم كان مخصصا لاحدى قصص انطون تشيخوف .. آه لازلت اذكر ذلك المجلد الرث الذي كتبت فيه جميع قصص تشيخوف و جعلتنا نستمع اليك بلذة تحت ضوء الشموع الخافتة .. نعيش المعاني باحاسيس سامية شابهت تلك الاحاسيس و انت تقرأ لنا قصائد بوشكين.. آه خدعتني يا ماكر.. تحاول ان تنسيني سؤالي.. هيا اجب.. لماذا لم تناقشه.. هيا ؟
— الانسان طيب عموما.. فلا نحاسبه على حماسته الزائدة بل نقوم باحتوائه.. هل تعرف يا صديقي ان كل الاسماء التي ذكرتها و غيرها ممن لم تذكر علمتني شيئا عظيما.. هو احتواء الاخر..
— احتواء الاخر اذن.. !
— نعم هو ذاك ..احتواء الاخر ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شراكة أميركية جزائرية في اللغة الانكليزية


.. نهال عنبر ترد على شائعة اعتزالها الفن: سأظل فى التمثيل لآخر




.. أول ظهور للفنان أحمد عبد العزيز مع شاب ذوى الهمم صاحب واقعة


.. منهم رانيا يوسف وناهد السباعي.. أفلام من قلب غزة تُبــ ــكي




.. اومرحبا يعيد إحياء الموروث الموسيقي الصحراوي بحلة معاصرة