الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
أليست الأمثال الشعبية من إبداع الشخصية القومية
طلعت رضوان
2017 / 5 / 5العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
أعتقد أنّ الإبداع الشعبى مجهول المؤلف من أمثال ومواويل إلخ مدخل لاغنى عنه لفهم الشخصية القومية لأى شعب. وازداد يقينى بهذا الاعتقاد بعد قراءتى لكتاب د.عزة عزت (الشخصية المصرية فى الأمثال الشعبية) كتاب الهلال- سبتمبر97. فى محورلم يلتفتْ إليه كثيرون رصدتْ علاقة التشابه بين الأمثال فى مصرالقديمة والمعاصرة، كدليل على أنّ ثقافتنا القومية ثقافة إتصال لا إنقطاع، فالحكيم بتّاح/ حتب يقول ((إقض اليوم فى سعادة. إنّ أحدًا لم يأخذ متاعه معه فى رحلة الموت)) وبعد آلاف السنين يقول حفيده المعاصر(الكفن مالوش جيوب) ومن الأمثال القديمة (لاتجعل لنفسك صورتيْن) يقابله الآن (ماتبقاش بوشين) وفى مصرالقديمة نقرأ (إفعل الخيروإرمه للبحر) والحفيد المعاصريقول (إعمل الخيروإرميه فى البحر) ونقلتْ من العصرالوسيط الأمثال التى لها إمتداد فى الحاضرمثل الأمثال المرتبطة بالشهورالمصرية (توت- بابه إلخ) والتى يحفظها الفلاحون الأميون لعلاقتها بالزراعة. وترى د. عزة أنّ الأمثال المصرية فيها ((كناية بليغة)) مثل (قاعد زى قرد قاطع) و(شرابة خرج) وأحيانًا يكون الإعجازالبلاغى بكلمة واحدة مثل هلفوت. دُهُل. خرنج. لطخ. نتــّاش. مهياص. تماحيك. تلاكيك إلخ.
الأمثال الشعبية والنقد الاجتماعى
فى إبداع بلاغى صاغ الأميون رؤيتهم لواقعهم فقالوا (عمايم على روس بهايم) و(زى الطبل. صوت عالى وجوف خالى) و(مين دارى بيك يااللى فى الضلمه بتغمز) و(ضلالى وعامل إمام) و(يحجج الجمل والبردعه. يروح بذنب وييجى بأربعه) وأنّ تدين الأميين لم يمنعهم من إبداع المثل الشهير(اللى عاوزه البيت يحرم على الجامع) وأكمله بآخر(لقمه فى بطن جعان أحسن من بناية جامع) وعن الكرم المصرى (لقمه هنيه تكفى ميه) و(جحرديب يساع ميت حبيب) وبلاغة الصياغة تمتزج بالحس الإنسانى فى (حسدوا الغجرعلى ضل الشجر) والأمى عندما يعجب بالإبداع الإنسانى يقول (تفانينوعجب) ولم ينخدع بالتدين الشكلى فقال (بُق يسبّح وإيد بتدبح) وفى نقد الغرورقال (يادوده تتمطعى تتقطعى) وعن تعدد الزوجات صاغ الإبداع الشعبى رؤيته: (جوزالاتنين قفا بين كفين) و(عقربتين على الحيط ولاستتين فى البيت) وعن الأحمق- حسن النية- ((مستنى السمنه من.. (مؤخرة) النمله))
الثقافة القومية واختلاف الشعوب
امتلكت د. عزة شجاعة الاختلاف مع الثقافة السائدة التى ترى أننا نحن المصريين عرب فكتبتْ ((هناك صفات متميزة للشعب المصرى ينفرد بها دون غيره من الشعوب)) ونقلتْ عن د. سيد عويس أنّ المجتمع المصرى ((فريد متميزعمن حوله. وهوأصل حضارة الإنسان منذ وُجد. وهومجتمع لم يفن ولم تتغيرخريطته رغم الحكام وسنوات القهر. وهويُقدّس الأم وبيته))
ولأنّ الباحثة تحترم لغة العلم كتبتْ ((أنّ (الفتح) العربى لم يطمس الشخصية المصرية بل ظللها ببعض السمات الدخيلة عليها، وإلاّما استشعرنا اختلافًا وتباينًا واضحًا بين المصريين والعرب)) ومن خلال دراستها لعرب الخليج كتبتْ ((إتضح لى أنّ فارقــًا كبيرًا (يفصل) بين المصريين والعرب. وأنّ أسلوب الفخروالتباهى على الآخرين نمط سلوك عربى. وأنّ المصرى كان محبًا للعمل الجماعى ومبدعًا فيه، وإلاّ ماترك لنا آثارًا عظيمة. والمصرى بنّاء.
الفرق بين المثل المصرى والعربى
تـُعتبرالأمثال الشعبية من بين أدلة اختلاف الشعوب، حتى عندما يكون المعنى واحدًا، لأنّ (الشخصية القومية) لكل شعب تـُعبرعنها الصياغة والوجدان والبيئة لا الألفاظ، وهذا ما ميّزبحث د.عزة حيث ذكرتْ أمثلة لأمثال عربية وقارنتها بالأمثال الشعبية المصرية. يقول العربى (ترى الفتيان كالنخل ومايدريك ما الدخل) وهوهنا يقصد الداخل ولكنها عقدة القافية التى جعلتْ الكلمة لاتـُؤدى وظيفتها، بينما المصرى يرسم صورة مغايرة تمامًا فيقول: (من برا هلا هلا ومن جوا يعلم الله) ويقول العربى: (حسبك من الشرسماعه) إزاء هذا السكون، تجد الحركة فى المثل المصرى: (إبعد عن الشروغنى له) ويقول العربى: (من نام لايشعربشجوالأرق) أما المصرى فيرسم صورة ملموسة (اللى إيده فى الميه موش زى اللى إيده فى النار) ويقول العربى: (قَلَبَ له ظهرالمجن) وهومثل يستحيل على غالبية المصريين المتعلمين فهمه ناهيك عن الأميين، بينما المثل المصرى يدخل إلى العقل مباشرة: (ورّاه الوش التانى) ويقول العربى: (حسبه صيدًا فكان قيدًا) أما المصرى فيُصيغه فى حركة مجسدة: (تيجى تصيده يصيدك) ويقول العربى: (بشّرمال الشحيح بحادث أووارث) وهومثل يُعبرعن عجزالصياغة العربية لأنّ البشرى تكون للمناسبات السعيدة. كما أنها تـُوجّه للبشرلا للمادة. أما المثل المصرى فهوأكثردقة وبنصف كلمات العربى: (مال الكنزى للنزهى) ويقول العربى: (أنَمّ من زجاجة على ما فيها) هنا نجد استاتيكية بالاضافة إلى أنّ الزجاجة قد تكون معتمة وليست شفافة، بينما المثل المصرى أدق وأبسط: (اللى فى قلبه على لسانه) ويقول العربى (علىّ أنْ أسعى وليس علىّ إدراك النجاح) نفس المعنى صاغه الخيال المصرى فى صورة مجسدة ومختلفة: (هوّأنا مغسّل وضامن جنه) وذكرتْ د.عزة أنّ المثل الشائع (أنا ومن بعدى الطوفان) الذى يُصنّفه كثيرون ضمن الأمثال المصرية، هومثل عربى ونصه ((أنا ثم الطوفان)) ونقلتْ عن العالم الكبيرسليم حسن ((تدل نتيجة البحوث التى قام بها علماء الآثارفى تاريخ العالم القديم أنّ مصركان لها قصب السبق فى الانتاج الأدبى. وإنّ بابل وأشورلم تتركا شيئًا يستحق الذكرنسبيًا فى هذا المضمار))
وعن ظاهرة الشعورالعدوانى ترى أنها ((سمة عربية حيث لم يثبت من تحليل المثل المصرى أنها سمة مصرية. فالمصرى ميّال للتسامح. أما الميول العدوانية، فهى مؤقتة وعربية وليست مصرية، لأنّ الشعب المصرى كان يُعبرعن سخطه بالسخرية والنكتة اللاذعة وبالشجن، مثل التصوف أوالتدين المبالغ فيه أوبالمجون والتحامق وليس بالعنف. حتى إذا أحبّ حاكمًا مثل عبدالناصرفإنّ الأمرلم يخل من نكت (جمع نكتة وهى صحيحة لغويًا) ساخرة منه ومن عصره. وأنّ الارهاب والتطرف الدينى مظاهردخيلة على الشخصية المصرية. إنّ ما ذكرته الباحثة يتسق مع ما ذكره علماء علم المصريات عن الحضارة المصرية، وفى هذا السياق كتب العالم الألمانى أدولف إرمان ((لم يتعطش المصريون نحوالأخذ بالثأركما كانت الحال فى الشعوب الأخرى، ولذلك بقيت هذه العادة غريبة عنهم. ولم يكن لديهم كلمة صريحة يُعبّرون بها فى لغتهم عن هذا الشعوربالثأر. ومن أجل هذا بقيتْ ديانتهم خلوًا من الطقوس المخيفة التى تحيد بالديانات الأخرى عن الطريق المعتدل. ولم يكن فيها مكان لآلهة ظمأى نحوالدماء ولاطقوس تـُسرف فى الشرور والشراهة)) وكتبتْ المؤلفة ((إنّ شخصية مصركما ذكركثيرون لاتذوب فى الآخرين. ولكن الآخرين هم من يذوبون وينصهرون فى بوتقتها. فهى تـُؤثرأكثرمما تتأثر، وهذا سرها ولغزها)) (من 427- 446)
***
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. مسيرة حاشدة جابت ساحات المسجد الأقصى دعما لأهالي غزة
.. أعظم ليالى السنة.. فضل ليلة القدر مع الدكتور خالد عمران أمين
.. فلسطينيون ينتظرون على الحواجز الإسرائيلية للسماح لهم بالمرور
.. إجراءات أمنية مشددة في محيط البلدة القديمة وعند أبواب المسجد
.. مسلسل الحشاشين الحلقة 18.. سوزان نجم الدين تأمر بقتل إحدى حو