الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الايديولوجيات الكونية الكبرى

بودريس درهمان

2017 / 5 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


الأيديولوجيات الكونية الكبرى هي الأيديولوجيات المتناحرة في ما بينها و المؤثثة للصراعات بداخل الأوطان أما الجماعات البشرية فهي ليست الا وقود لرفع مستوى لهيب هذه الأيدولوجيات و مدها بالحطب  و المؤونة اللازمتين.
يمكن تلمس الحضور القوي لهذه الأيديولوجيات خلال  مراحل الصراعات الحاسمة كمرحلة  الصراع الحاسم حول منصب الرئاسة و مرحلة الصراع الحاسم حول انتخاب ممثلي الامة في البرلمان و غيرها من الصراعات الحاسمة الأخرى المبنية أساسا على  الانتخابات .
في الدول التي تتوفر على نظام انتخابي سليم  تمر عملية التناحرات السياسية بشكل سلمي لكن في الدول التي لا زالت لم تتوفر على نظام انتخابي سليم  العمليات الانتخابية الحاسمة تتم بالتناحرات الفعلية المكلفة للأوطان و للوجود البشري على الأرض.
الأيديولوجيات الكونية الكبرى المؤثثة للصراعات السياسية هي حاضرة في جميع الأوطان  و هي على شكل أعمدة اجتماعية متراصة و متداخلة. هذه الاعمدة هي كالتالي:
العماد الأول هو العماد التاريخي الوطني الانغلاقي الغير مؤمن بمؤثرات التحولات الدولية و التكنولوجية و غيرها من المؤثرات الحاسمة في تشكيل الهندسات الداخلية للأوطان.
العماد الثاني هو العماد الأممي الاشتراكي الذي يقوم على المطالبة بالعدالة الاجتماعية و على مناهضة الظلم التاريخي الذي يمس بالخصوص بعض الفئات الاجتماعية التي لم تنل حظها من التعليم و من الثقافة الإنسانية المشتركة على المستوى الكوني.
و العماد الثالث هو العماد الأطلسي الفدرالي الذي يؤمن بقيم النظام السياسي الفدرالي و يؤمن بممارسة الديمقراطية على المستوى المحلي بالخصوص. أما العماد الإسلاموي المتشدد المنتشر في المناطق الإسلامية فهو ليس الا أداة إجرائية لخدمة اهداف الأيديولوجية الأطلسية الكبرى و هو تيار هجين بدون مقومات فكرية و حضارية.
انني  لست هنا بصدد اصدار أحكام قيمة على هذه الأيديولوجيات، أنا أحاول فقط تقديم هذه الأيديولوجيات بدون التدقيق في جوانبها الإيجابية و جوانبها السلبية لأن الأنظمة السياسية الذكية هي الأنظمة التي تعرف كيف توظف الجوانب الإيجابية و تقوم بتفادي الجوانب السلبية. 

ثلاث ايديولوجيات عملاقة تؤثث المشهد السياسي على المستوى الكوني و المشهد السياسي الفرنسي يعتبر نموذج لتوضيح هذه الأيديولوجيات العملاقة الثلاثة  و هي على الشكل التالي:
عماد التيار الأيديولوجي الوطني الانغلاقي يمثله حزب الجبهة الوطنية الفرنسية تحت قيادة ماري لوبين.
عماد الأممية الاشتراكية  يلتف تحت زعامة  جان لوك ميلانشون و فيليب هامون
أما العماد الثالث فهو العماد الأطلسي الفدرالي الذي يسعى الى تجاوز الدول الوطنية عبر  بناء فدراليات تحت راية الدولة الكونية الموحدة و الواحدة. أنصار هذه الدولة الكونية العادلة و الراعية تعتبر الحكم الذاتي المحلي المصادق عليه من طرف مؤسسات الاتحاد الأوروبي  القاعدة الأساسية لنمط الحكم الديمقراطي. هذا العماد يجد صعوبات جمة للتعبير عن نفسه على المستوى الاجتماعي الشعبي الفرنسي خصوصا و أن المجتمع الفرنسي صوت بلا على الانضمام الى الاتحاد الأوروبي. هذا العماد وجد في  ايمانويل ماكرون القدرة على تمرير بعض من أهدافه.
حينما قالت ماري لوبين لماكرون خلال مواجهتها له أثناء مقابلة تقديم البرنامج الرئاسي: "على كل حال فرنسا ستحكمها امرأة و هذه المرأة  اذا لم أكن أنا فبالتأكيد ستكون أنجيلا ميركل"
قالت هذا الكلام لأن أنجيلا ميركل هي ممثلة العماد الأطلسي الفدرالي على المستوى الأوروبي و ميلانشون الى جانب فيليب هامون اللذان أقصيا في الانتخابات التمهيدية هم ممثلو التيار الاممي الاشتراكي أما ماكرون فهو  يمثل  التيار الأطلسي بداخل فرنسا  الذي يدير كل القضايا المالية و الاستراتيجية الحاسمة. أما برنامج  ميلونشون و برنامج فيليب هامون المقدمان خلال المرحلة التمهيدية للانتخابات الفرنسية فهما برنامجان  لاستمالة التوجه الاممي للناخبين الفرنسيين في اتجاه التوجه الأطلسي لأن لديهم نقاط كثيرة مشتركة. مع العلم أن الرئيس الفرنسي الحالي فرانسوا هولاند هو أطلسي التوجه و سبق  أن تم اختياره سنة 2004 من طرف المؤسسة الأطلسية الفرنسية الأمريكية المعروفة FAF  كواحد من الزعماء الشباب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد -الإساءة لدورها-.. هل يتم استبدال دور قطر بتركيا في الوس


.. «مستعدون لإطلاق الصواريخ».. إيران تهدد إسرائيل بـ«النووي» إل




.. مساعد وزير الخارجية الفلسطيني لسكاي نيوز عربية: الاعتراف بفل


.. ما هي السيناريوهات في حال ردت إسرائيل وهل ستشمل ضرب مفاعلات




.. شبكات | بالفيديو.. سيول جارفة في اليمن غمرت الشوارع وسحبت مر