الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
سؤال أفتراضي..... أين أنت من الحقيقة؟
عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني
(Abbas Ali Al Ali)
2017 / 5 / 6
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الخلل الأفتراضي الذي يستشعره كل صاحب عقيدة أو أيديولوجية فكرية في أن فكر الأخر المعارض أو المختلف وحتى أحيانا الموافق يكمن في أن هذا الأخر بحاجة إلى إعادة ضبط عقلي وفقا لمقاسات العقيدة أو الأيديلوجية التي يؤمن بها المستشعر، هذا يعني بصورة أخرى أن الأخر مسكين ومخطيء وبحاجة إلى مد العون له لأنه لم يسلك الطريق الصحيح الذي سلكه المؤمن العقائدي أو المؤمن الأيديولوجي، وهنا المفرقة الحقيقية حين تضع من نفسك ومن فكرتك الخاصة معيارا عاما وضابطا قياسيا لفكر الأخر، والتعليل لا يمكن لأحد أن يقول به ولا حتى كبار العقلاء والفلاسفة والمفكرين، التبرير أنه رأى الحق موافقا لرأيه وبالتالي أستنتاجا سيكون الباطل خارجه، هذا التمحور المركزي حول الذات نجده واضحا دائما في العقل الإسلامي والعربي بشكل عام.
العقل الغربي فيه ميزه تنافسية أنه يتعامل برغماتيا مع الواقع بما فيه موضوع الدين والمبادئ لا يؤمن بالمقدس ولا يعترف بالثوابت، هذا المنهج وإن كان البعض يرى فيه نقصا في الخلفية الاخلاقية ولكنه جنب هذه المجتمعات بعد التجربة أن الحياة تحكمها وقائع التحول والتطور وتبدلات الحاجة، فهم صريحون وصادقون وحديون تماما بما يعتقدون، نحن أيضا نرى بنفس المنظار ونصل لنفس النتائج، لكننا نخاف أن نصرح عنها أو حتى الإقرار بها لأنها ستمس بنا وتكشف هزالة ما عندنا من قواعد ومقدمات نعلم أنها عقيمة ولا تنتج شيئا، إذا العيب في عقلنا وليس في الدين أو المعرفة، عقلنا جبان ومتردد وخائف فقط من المواجهة لذا نمضي بالعناد خلافا ليقينا الأكيد بأننا مخطئون.
مثلا أثبتت الوقائع أن بعض المتدينين الذين يقولون أنهم معتدلون يرون الواقع من منظار الأنحياز للتمركز الذاتي حول العقيدة وما خلاف ذلك يعتبرونه مجرد مؤامرة، هم لا ينكرون أن داعش حقيقة إسلامية سواء أمنوا بها أو أستنكروها على مضض، البعض يصر على أنها وجه من وجوه الإسلام التقليدي وليست بضاعة مصنعة من الخارج أو وافدة لأن التاريخ الرسمي للإسلام كمجتمع وليس كرسلة هو داعش من أول يوم تنازعوا فيه على الخلافة وسلت السيوف في وجه بعض، فالكل لديه أستعداد لأن يتحول في لحظة إلى داعشي محترف سواء من ما يعرف باليسار الإسلامي في مدرسته المحافظة ولا وسطية بينهما، فقط ما ينقص البعض كم قليل من الشجاعة في إعلان ذلك للناس، فمن يصف من يخالفه بأنه من أتباع الشيطان وأن محرف ومنحرف ولاشيء عنده من الحق دون دليل أو معرفة حقيقية داعشي وإن لم يصرح لأنه ينكر على الله أنه قال (لكم دينكم ولي دين).
لذا أقول دائما أن أشد وقعا على الناس من كيد الشيطان هم فراعنة الدين الذين يقولون لهم {مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ}، هذا التمحور المركزي حول الذات المؤدلجة والعقائدي يقودنا دوما لنتيجة واحدة، فمن أمن بهم وصدقهم هلك لأن بنيانه مبني على التوهم ولي عن برهان وتجربة ونقد، ومن كذبهم أو حاول أن يفهم ويعلم ويدرك بمنطق العلم والمعرفة صار في عين الناس كافر أو مرتد، وبين هذا وذاك أستمرت بنا إشكالية الكفر والإلحاد والتيه والصراع في منطقة الفراغ الخالية من محسوس عقلي، ولا أحد فينا متأكد من حقيقة حكم الله الذي قال (أعملوا فسيرى الله عملكم) ،فالكل لا تريد أن تنتظر وترى وتقيس وتفهم وتتأكد وتستنتج النهايات العملية كما هو في العقيدة التي يؤمنون بها، والكل تتبرع بتوزيع النتائج الظنية والخيالية الأعتباطية وقبل صدورها الحق، ظنا من أنفسهم بأن الله قد ترك الأمر لهم ولم يعد يسأل عما في صدوركم ولا عما في العقول والقلوب.
من إشكاليات العقل العربي والمسلم الكبيرة هي الدقة في فهم وأستخدام المصطلح والمرموز المعرفي على وجه التحديد وعدم الخلط بين المسميات، مثلا إن مصطلح ومفهوم الدين عند البعض كفكر يراد به التجريد والعموم والتركيز على الماهية في الإطلاق والدلالة، توسع خارج حدوده المرسومه طبيعيا وتداخل مع أصل مفهوم الحياة والوجود المجرد، حتى لم نعد نفرق بين ماهية الحدود والفواصل بين الأمر الدين والدنيا كوعاء زمني لفهم الدين، وهذا ليس كنتيجة مؤمدة في صالح الإنسان المتدين وغير المتدين معا، ولا في صالح الدين ووظيفته ووجوده ومن خلفه صورة الديان وطرقه الواصله أبدا، فالله جعل لكل شيء شرعة ومنهاجا وخطوط وإطارات ومديات وألتزامات وبين الحدود الفاصلة بين الجميع، فمن يخلط بينهما إنما هو في الحقيقة يضع قدم على الحافة والأخرى في الهواء معلقة، ويظن أنه يعمل الصالح ويدعو الناس للخلاص، فدعوا الخلق للخالق وأهتموا بنجاتكم قبل أن تصحوا من نومة الغفلة.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. صحيفة هآرتس: صفعة من المستشارة القضائية لنتنياهو بشأن قانون
.. عالم الجن والسحر بين الحقيقة والكذب وعالم أزهري يوضح اذا ك
.. واحدة من أبرز العادات الدينية لديهم... لماذا يزور المسيحيون
.. مشاهد لاقتحام مستوطنين باحات المسجد الأقصى تحت حماية قوات ال
.. تجنيد اليهود المتشددين قضية -شائكة- تهدد حكومة نتانياهو