الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دامداماران [11] اوثان واصنام..

وديع العبيدي

2017 / 5 / 6
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


رابعا: اوثان واصنام..
(يقولون للخشب أنت ابي، وللحجر أنت امي التي انجبتني)- (ارميا 2: 27)
(ولأنها استهانت بالزنى، فقد نجست الأرض، وارتكبت الفجور مع الحجر ومع الشجر/أي أي عبدت الاوثان)- (ارميا 3: 9)
(واذ قال ابراهيم ربّ اجعل هذا البلد امنا، واجنبني ان نعبد الاصنام)- (ابراهيم 35)

مدخل..
التبرك بالتراب من العقائد القديمة، فكان الرجل اذا ارتحل من مكانه، اخذ حفنة/(قبضة) تراب بيده، وحملها معه حيث يكون. فإذا حل واستقر، وضع (التربة) القديمة في زاوية من مسكنه، أو نثرها في ارضه.
ومغزى طريقة التبرك بالتراب، انها تذكرة بالعائلة والاباء والاجداد، وهي رائحة عظامهم المدفونة في تلك الارض. ومنه يلحظ وجود صلة سرّية/ ضمنية بجوهر فكرة (طوطم)، او احالة على التراب الوارد ان الانسان مخلوق منه/(تك2: 7)، بحسب المثولوجيا القديمة.
وتشترك معظم العقائد والادبيات الدينية على خليقة البشر من (تراب)، وخليقة الملائكة من (نور)، وخليقة الجن/ الشيطان من (نار)، وخليقة الطيور والحشرات من (هواء) وخليقة الدواب من (طين). ولكون الاشجار تخرج من (التراب) ظهرت فكرة –اخوة- [الانسان- الشجرة] في مذاهب الطبيعيين ومنهم مذهب وحدة الطبيعة(*) ووحدة الوجود(*)، ومن ابرز رموزهم المعاصرة جبران خليل جبران [1883- 1931م] النبي.
وحتى في ايامنا، حيث تطوح الغربة وبرامج التهجير والنفي بالملايين من البشر، نسمع احيانا من يقول انه حمل من موطنه (حفنة تراب)، نقلها معه في موطنه الجديد. أو أن احد المغتربين يتمنى ان يدفن في –تربة- بلده. أو أن اخرا زار بلده مؤخرا وجلب معه (حفنة تراب) من بلده، أو أوصى غيره ان يجلبها له، لتدفن معه في قبره المغترب.
وفي اللغة يقال، انه يشم التراب، أو يم رائحة اهله في التراب، تراب يحمل رائحة ذويه او وطنه. وقد يتحول التراب الى (هواء)، فيقال ان – النسيم/ هبوب الرياح- يحمل اليه رائحة ذويه او يذكره بمرابعهم.
من هاته التيمة الميثوولوجية القديمة، برزت فكرة (الاتجاه) الجغرافي في العبادات. فكان قدماء العراقيين يتجهون جنوبا في تضرعاتهم، وقدماء المصريين يضعون المذبح في جهة الغرب من معابدهم.
وعندما انتشرت اليهودية والمسيحية في مصر والشمال الافريقي، جعلوا (المذبح) في جهة (المشرق) من معابدهم. وعندما استقر معمار الكنيسة واستقرت على شكل (تابوت) أو (سفينة) كان رأس التابوت او السفينة يتجه شرقا، وفي زوايته المذبح او المصلى، حيث يقف الكاهن ويتوجه الناس بالصلوات والتضرعات.
وقد بلغت تلك الفكرة ذروتها، او استعادت –بالاحرى- اصولها، في عقيدة الشيعة، وتقديسها تراب (النجف وكربلاء) بالتحديد، على اعتبارها اضرحة كبار أئمتهم ورؤوس عقيدتهم [علي ابن ابي طالب (559- 661م) وابنه الحسين (626- 680م)].
وفي اصطلاحهم تسمى الارض بـ(الغرّي). وتصنع منها قطع صغيرة جدا، باشكال مستطيلة او مثمنة او دائرة، يضعها (الشيعي) تحت جبينه عند السجود، ويحملها معه في جيبه غالبا لهذا الغرض. وحسب اعتقادهم ان الارض كلها [نجسة، مغتصبة]، ولا يجوز فيها الصلاة بحسب قول منسوب الى علي ابن طالب.
لذلك يتخذون (التربة) اداة تفصل جباههم عن التراب المنجوس. وهي تؤخذ من تربة (الغري) التي فيها اضرحة (الحسين) أو (علي) والبعض اضاف اليها لاحقا تربة اضرحة الائمة الاثني عشر بالجملة. فيقال تربة (سامراء)، تربة (قم/ مشهد)، تربة (فاطمة). وحول عقيدة الترب تنسج افكار وقصص حول كيفية اختيارها ومغزى ذلك، وانها تربة من تراب الجنة. ولذلك يتجه اغلب شيعة العالم، لدفن موتاهم في تربة النجف التي تمثل اكبر مقبرة تاريخية ومعاصرة في العالم، كما وصفها جاك بيرك [1910- 1995م] في زياراته للعراق.
والواقع ان مثلث [نجف- كوفة- كربلاء] هي مركز (الحيرة) العاصمة العراقية لمملكة المناذرة المسيحية عند دخول اللمسلمين العراق في عام (634م)، وفيها مركز اسقفية الحيرة، ومقبرة النجف هي مقبرة (نصرانية) عمرها مئات السنين قبول ظهور الاسلام وتمركز الشيعة فيها.
وهي بالتالي، على اطراف بابل الكلدانيين المعروفة (باب ايل)= (باب السماء) وهي التسمية التي تخذها ملوك الحيرة (المنذور ابن ماء السماء)، كما نسب الفراعنة انفسهم الى اله السماء (رع).
ويلحظ من خلال هذا، دخول الارض والموقع الجغرافي في صلب الاعتقاد الديني، واستحالة انفصالهما بغير ضياع المذهب.
ومنه التصاق (الشيعة) بالتوطن النجفكربلائي الذي هو جنوبي بغداد، وتغليب الفكر الديني على عوامل المواطنة والسياسة والانتماء والاستقلال الوطني. وقد وجدت ايران من خلال ترسيخ هذا الاعتقاد موطن قدمها التاريخي في قلب العراق، ومبررا للتدخل والهيمنة منذ قرون، وبشكل يعيق – بنيويا- قيام فكرة المواطنة والانتماء والوطنية والاستقلال العراقي.
ولكن فكرة التوطن الشيعي ليست جديدة او نادرة، وانما سبقتها فكرة التوطن اليهودي والوطن الاسرائيلي التاريخي المنصوص عليه في اسفار الكتاب المقدس/(العهدين القديم والجديد). الارض التي منحها (يهوه) لشعبه المختار، وتخذتها الحركة الصهيونية ارضية المطالبة بامتلاك وطن في فلسطين تكون عاصمته القدس. رغم تأكيد زعماء الصهيونية وقادة اسرائيل الاوائل على علمانيتهم عدم اعتبارهم الدين، سواء كانوا من الجناج اللبرالي او الماركسي.
واخر تلك الصرعات هي مزاعم جماعة (المورمون)* المحدثة ان (المسيح) او (صحفه المقدسة) مدفونة في امريكا الشمالية، وان الملكوت سببدأ من هناك، وليس من (اوروشالوم اسرائيل) حسب سفر الرؤيا الانجيلي وبرامج المسيحية الصهيونية الرائجة في ايامنا.
فالاتجاه والتوجه والجهة والقبلة، والتبرك والتبريك وما يلحق بها من افكار وطقوس، هي دوال ورموز للصلة الروحية او العقيدية القديمة جدا بتراب الاصل، او (الطوطم) بحسب الانثروبولوجيين المعاصرين.
وليست فكرة [الحج/ pilgrimage]، غير طقوس محدث من طقوس عقيدة تقديس التراب وتزلف (طوطم). فاليهود والمسيحيون يحجون الى (اورشالوم) والمسلمون الى (مكة)، والشيعة الى (النجف وكربلاء). وكل جماعة لها نصوص وقصص حول قداسة تلك (التربة) او مياهها مثل (ماء زمزم).
والظاهرة الاخرى في الطقس الديني هي عادة (المسبحة) و(الخاتم/ المحبس) وما يشابهها من قلائد وخرز واحجار، توضع على الجسم وبعض المتعصبين يغرزها داخل الجسم. وقد نجح التاجر الرأسمالي في تنويع اشكالها والوانها واغراضها وطرق تداولها. وتعود فكرتها الاساسية الى كونها مقتلعة من (منطقة مريمة/ مقدسة).
وقد عرفتها التجارة العالمية منذ الالف الرابعة قبل الميلاد، وكان مناطق حضرموت جنوبي العرابيا من اشهر مصادرها الى جانب (ذهب اوفير) في اسفار العبرانيين. ومنها ان العرش السماوي والمدن والشوارع والبيوت وحتى ملائكة الفردوس تتكون من عاج وعقيق ولؤلؤ ومرجان واحجار وذهب وفضة، مما يتغنى به اثريا اهل الارض وتتزين به اجساد النساء.
والخرز تصنع اساسا من انواع معينة من الشجر الذي يتم ربطه او نسبته برمز مقدس، او حجر مقدس. ويشاع عنه اثره في جلب البركة او استخدامه في التسابيح، وهي لا يخرج في اساسه عن جوهر الرأسمالية الدينية التي لا تترك شيئا لا تستثمره لتكوين الثروة والتسلط من خلالها. كما تصنع في نفس الوقت لاغراض الزينة، ويتباهى بها ادعياء النعمة والثروة، سيما في الشرق.
في اطار هاته المنظومة الفكرية والعقيدة الترابية، اخذت فكرة [وثن، صنم، ايقونة] مركزيتها العارمة في الميثولوجيا والفكر الديني عبر الزمن. وقد يتم صنعه ونحته او رسمه او حفره على حجر او خشب نحاس او غيره من المواد المناسبة، وقد يكون قطعة طبيعية لها شكل عفوي لا تمتد له يد انسان، مما يحتل مكانة ومرموزية معينة عند البشر.
ويمكن العثور على هكذا احجار في المناطق البرية او الشواطئ واقتناؤها ووضعها في مكان معين، او تركها في مكانها اذا تعذر ذلك والحج اليها للزيارة والتبرك. والحجر او الوثن او الخشب له مغزيان او احدهما في هاته الحال: فكرة (الطوطم)= الأب الأكبر أو الام الاصلية كما في (أرميا 2: 27)، أو فكرة التزلف والتقرب للاله.
واصل فكرة الالوهة هو (الطوطم) ايضا او رمزه الاكبر، ابتدأ من (طوطم/ اله) : شخصي، ثم عائلي، وتحول الى قبلي/ قومي، ثم هزم بقية الطواطم، وابتلعها في جوفه، ليكون هو الطوطم الاعظم في الوجود. وهذا ما تمثل في وصف المسيح لله باسم (الاب السماوي)-(متى 6: 6، 9). واعتبار البشر المؤمنين به (ابناء الله).
ولعل السؤال في الظاهرة العربية او سكان شبه جزيرة العرب، هو سبب تعددية الاوثان والاصنام وكثرته بين الجماعة الواحدة والمكان الواحد، وبشكل يستعصي الوقوف له على جدول او عدد متفق عليه.
ومن وجهة نظري ثمة عاملان: احدهما ميل العربي للفردية والاستقلالية والمفاخرة بخصوصياته؛ والامر الاخر، تعددية الاصول العرقية والثقافية التي جاء منها الافراد والجماعات واستوطنوا شبه جزيرة العرب، فكما اختلفت لغاتهم وعقلياتهم وقناعاتهم وعصبياتهم، استمر اعتزازهم بعباداتهم القديمة ورموزهم الطوطمية وتربتهم الاصلية التي جلبوها معهم، او اعتبرها تذكرة لهم بالاسلاف والاباء. وهي من الاشارات القرآنية المتكررة، في اطار الاحالة على تعدد الديانات واعتزاز كل فئة بديانة الاباء والاسلاف.
ولكن المؤكد، ان الناس لا تعبد الصنم او الحجر، وانما يقال [تعبّد= مارس طقوسا عبادية] بما يبدو انه يعبدها، وانما هو يعبد ما ترمز اليه او يتصل بما وراءها، وليست غير (تذكرة) للمتقين. والدليل على ذلك هو عدم ثبات الجماعة على صنم او رمز واحد، وانما كان يجري تبديله من وقت لاخر، ولسباب غير بعيدة عن التجاذبات والتناحرات القبلية والشخصية.
وباسنثناء الرموز الخمسة المعبودة او المؤلهة كاللات والعزى ومناة والشعرى وعطارد، فكل ما سواها كان عرضة للتحول والاستبدالة من دماعة وقبيلة ومدينة لغيرها. والالهة الخمسة لم تكون مخصوصة تحديدا وانما موقرة ومعبودة من الجميع، بل انها معروفة ومؤلهة من الهند الى الاغريق، وان تخذت مسميات او صور متجددة احيانا.
ومثله اليوم، مثل (الصليب) او (الايقونة) لدى بعض المسيحيين، هي (تذكرة) و(مرموزية). وانما يساء القول فيها عمدا وقصدا لامتهان البعض بعضهم. وما من فئة او جماعة لا تفعل ذلك. اعني استخدام الرموز والايقونات والتشخيص والتصنيم.
والصورة الالهية في كل ديانات التوحيد، تعتمد (تصنيم لغوي ثقافي) لله. وكلها تقول انه يتكلم ويجلس ويغضب ويرحم وغيرها من الصفات الانسية، ثم تزعم انها لا تعبد صنما، ولا تشخص الاله، سواء نبع ذلك من جهل أو غسيل مخ أو مراوغة ودجل.
ومن بوسعه اليوم تغيير نصوص الكتب الدينية لنفي المشخصات والصفات والسمات البشرية المنسوبة لله!. وفي هؤلاء قال اليسوع : [لماذا تلاحظ القشة في عين أخيك، ولكنك لا تنتبه الى الخشبة الكبيرة في عينك. بل كيف تقول لأخيكك دعني اخرج القشة من عينك؟.. وها هي الخشبة في وسط عينيك انت!]- (متى 7: 3- 4)
*
كشاف الاصنام..(*)
كانت توجد عدة بيوت على هيأة كعبات في جزيرة العرب لعبادة الأصنام، تحج القبائل إليها وتطوف حولها، ومنها بيت كان ب "أحد" على رواية، أو على مقربة من شداد "سنداد" على رواية ابن دريد الازدي [837- 933م]، أو على شاطئ الفرات على رواية تنسب إلى هشام ابن الكلبي [737- 819م] عرف ب (السعيدة) كانت ربيعة تحجه في الجاهلية، وأظنهم يقصدون هذا البيت (بيت سنداد).
والظاهر ان قريشاً كانت تعدّ العزى حامية وشفيعة لها. وكان لحرم العزى شعب حمته قريش للصنم، يقال له سقام في وادي حراض.على طريقة قريش في اتخاذ حرم للكعبة. وقد صار هذا الحمى موضعاً آمناً لا يجوز التعدي فيه على أحد، ولا قطع شجره، ولا القيام بعمل يخل حرمة المكان.
وينسب ابن الكلبي بناء بيت العزى إلى ظالم بن أسعد، إذ يقول: (بس): بيت لغطفان بن سعد بن قيس عيلان كانت تعبده. بناه ظالم بن أسعد بن ربيعة بن مالك،بن مرة بن عوف، لما رأى قريشاً يطوفون بالكعبة ويسعون بين الصفا و المروة، فذرع البيت، ونص العباب: وأخذ حجراً من الصفا وحجراً من المروة، فرجع إلى قومه، وقال: يا معشر غطفان، لقريش بيت يطوفون حوله والصفا والمروة، وليس لكم شيء، نبنى بيتاً على قدر البيت، ووضع الحجرين. فقال: هذان الصفا والمروة فاجتزئوا به عن الحج. فأغار زهير بن جناب بن هبل بن عبد الله بن كنانة الكلبي، فقتل ظالماً، وهدم بناءه.
وجاء في رواية أخرى ان بني صداء قالوا: أما والله لنتخذن حرماً مثل حرم مكة، لا يقتل صيده، ولا يعضد شجره، ولا يهاج عائذه. فوليت ذلك بنو مرة بن عوف. ثم كان القائم على أمر الحرم وبناء حائطه رباح بن ظالم ففعلوا ذلك، وهم على ماء لهم يقال له (بس). فلما بلغ فعلهم هذا وما أجمعوا عليه زهير بن جناب، قال: والله لا يكون ذلك وأنا حي، ولا أخليّ غطفان تتخذ حرماً أبدا، ثم سار في قومه حتى غزا غطفان، وتمكن منها، واستولى على الحرم، وقطع رقبة أسير من غطفان به، وعطل الحرم وهدمه.

أصنام قوم نوح
وزعم ابن الكلبي أن خمسة أصنام من أصنام العرب، هي من زمن نوح(*)، وهي: ودّ، و سواع، و يغوث، ويعوق، ونسر. وقد ذكرت في (سورة نوح 23): [وقالوا: لا تذرون آلهتكم، ولا تذرن وداً ولا سواعاً ولا يغوث ولا يعوق ونسراً، وقد أضلوا كثيراً].
وزعم "ابن الكلبي" ان الأصنام المذكورة كانت في الأصل قوماً صالحين، ماتوا، في شهر، وذلك في أيام (قابيل)، فجزع عليهم بنو قابيل، و ذوو أقاربهم، وقام رجل من قومهم، فنحت لهم خمسة أصنام على صورهم ونصبها لهم، فصار الناس يعظمونها ويسعون حولها.
ثم جاء من بعدهم من عبدها، وعظم أمرها، ولم يزل أمرها يشتد، حتى أدرك (نوح) فدعاهم إلى الله، والى نبذ هذه الأصنام، فكذبوه، فكان الطوفان، فأهبط ماء الطوفان هذه الأصنام من جبل (نوذ) إلى الأرض، وجعل الماء يشتد جريه وعبابه من أرض إلى أرض حتى قذفها إلى أرض جدة، ثم نضب الماءْ وبقيت على الشط، فسفت الريح عليها حتى وارتها.
وبقيت مطمورة هناك أمداً، حتى جاء (رئي): عمرو ابن لحي، وكان يكنى (أبا ثمامة)، فقال له: عجل بالمسير والظعن من تهامة بالسعد والسلامة. قال عمر: جير ولا إقامة فقال الرئي ايت ضف جدة تجد فيها أصناماً معدة، فأوردها ولا تهاب، ثم ادع العرب إلى عبادتها تجاب.
فأتى شط جدة فاستثارها، ثم حملها حتى ورد تهامة. وحضر الحج، فدعا العرب إلى عبادتها قاطبة. فأجابه سادات القبائل، ووزع تلك الأصنام عليهم، وأشاعوا عبادتها بين الناس، ومن ثم عبد العرب هذه الأصنام.

كشاف الاصنام..
الاقيصر: موضعه على مشارف الشام: كان صنم لقضاعة ولخم وجذام وعاملة وغطفان، كانوا يطوفون حوله، وهم يلبون ويغنون، يحجون اليه ويحلقون رؤوسهم عنده، ويلقون مع الشعر قرة من دقيق. وهي عادة كانت متبعة عند بعض قبائل اليمن كذلك.
ذكر ابن الكلبي أن هوازن كانت تنتاب حجاج الأقيصر، فإن أدركت الموسم، قبل أن يلقي القرة، أي قبضات من دقيق، قال أحدهم لمن يلقي: أعطنيه!. فإني من هوازن ضارع، وإن فاته، أخذ ذلك الشعر بما فية من القمل والدقيق، فخبزه وأكله. وقد عُيرت هوازن في ذلك، فقال معاوية بن عبد العُزى بن ذراع الجرمي، في بني جعدة، وكانوا قد اختصموا مع بني جرم في ماء لهم يقال له العقيق، شعراً منه: ألم تر جرمـاً أبـحـدت وأبـوكـم.... مع القمل في جفر الأقيصر شارع
إذا قرة جاءت بقـول:أصـب بـهـا سوى القمل.... إني من هوازن ضارع
وقد ذكر اسمه في شعر لزهير بن أبي سلمى، ولربيع بن ضبع الفزاري، وللشنفرى الأزدي.
ويظهر من بيت شعر رواه ابن الأعرابي: وأنصاب الأقيصر حين أضحت تسيل على مناكبها الـدمـاء
ومن بيت لزهير بن أبي سلمى: حلفت بأنصاب الأقيصر جاهداً وما سحقت فيه المقاديم والقمل
انه كان عند الصنم الأقيصر (أنصاب) ينحر الناس عليها ذبائحهم، يتقربون بها إلى هذا الإلَه. وكانت أكثر من نصب واحد، وقد تلطخت بالدماء من كثرة ما ذبح عليها. وأشير إلى (أثواب) الأقيصر في بيت للشنفرى الأزدي.

اللات: (الهة انثى)، صخرة بنت عليها ثقيف بيتا في الطائف، سدنته من ال ابي العاص بن ابي يسار بن مالك بن ثقيف- عبدته ثقيف، وكان يدعى بيت الربّة. قال الطبري [838- 923م]: ان اللات (مؤنث) والمذكر منه (الله). نسب الى عمرو بن لحي قوله انها كانت رجلا من ثقيف فلما مات، فقال لهم انه لم يمت، وانما دخل في الصخرة. وكان صوت يكلمهم من الصخرة فبنوا فوقه بيتا للعبادة. وقيل انها صخرة مقدسة على غرار الحجر الاسود في مكة، فتخذتها ثقيف موضعا لعبادتها لما بينها وبين قريش من لمز. وكانت قريش تتعبد للات –الى جانب العزى- في موقع نخلة بسوق عكاظ. وموضعه اليوم تحت قبة مسجد الطائف. وقد أقسموا باللات، ونسب إلى أوس بن حجر قوله:
وباللات والعزى ومن دان دينها.... وباللهِ، ان اللهَ منهـن أكـبـر
وقد ذكر الرحالة والدبلوماسي الانكليزي جيمس هاملتون [1838- 1913م]: ان صخرة اللات كانت لا تزال في ايامه بالطائف. وقد شاهدها ووصفها بأنها: صخرة من الغرانيت ذات شكل خماسي، وان طولها زهاء اثنتي عشرة قدماً.
ويظهر انه كان للات -بيت وقبة- يحملها الناس معهم حين يخرجون إلى قتال، فينصبان في ساحة الجيش، لتشجيع المحاربين. وينادي المنادون بنداءات مثل: يا للات، وقد كانت لبقية الأصنام بيوت وقباب أيضاً. وقد ذكر الآشوريون أنهم أسروا أصنام (أريبي) في أثناء المعارك بينهم، وكانوا يثبتون عليها خبر الأسر.
اللات: كانت معبودة عند النبط أيضاً، ورد اسمها في نصوص [الحجر، وصلخد، وتدمر] من مواضع النبطْ. ويذكر الباحثون ان النبط كانوا يعتبرون اللات أماً للالهة. وهي لدى روبرتسن سمث [1846- 1894م]: الإلهة الأم لمدينة (بترا)، وتقابل الإلهة [Artemis] عند أهل قرطاجة.
وقد عبدت في أرض (مدين) عند اللحيانين. وقد وصف أفيفانيوس [Epiphanius] معبد الإلهة اللات في (بترا)، معبد [الأم العذراء/ Virgin mother]. كما كانت معبودة عند أهل [الوسة/الوس/ Elusa] كذلك. و يظهر ان عبادتها انتقلت من النبط ومن القبائل الشمالية إلى الحجاز. ويرد [اللات/ أليلات/ أللات/ Alilat=Alelat] في تاريخ هيرودوتس [484- 425ق. م.]، وهو اول صنم عربي يذكر لدى الاغريق.
واللات: هو [ه ل ت/ ه لت/ ها لت] في النصوص الفارسية، و منها (اللات)، لأن –الهاء- حرف تعريف في اللهجة الفارسية. وقد ورد أكثر من ستين مرة في كتاباتهم.

اساف (و) نائلة: هما في زعمهم إنسانان عملا عملاً قبيحاً في الكعبة، فمسخا حجرين، ووضعا عند الكعبة ليتعظ الناس بهما. فلما طال مكثهما، وعبدت الأصنام، عبدا معها. وكان أحدهما بلصق الكعبة، والآخر في موضع زمزم. فنقلت قريش الذي كان بلصق الكعبة إلى الآخر، فكانوا ينحرون ويذبحون عندهما.
وفي رواية أن اسافاً كان حيال الحجر الأسود. ونائلة، حيال الركن اليماني. وفي أخرى أنهما: أخرجا إلى الصفا والمروة فنصبا عليهما ليكونا عبرة وموعظة، فلما كان عمرو بن لحي، نقلهما إلى الكعبة ونصبهما على زمزم: فطاف الناس بالكعبة وبهما حتى عبداه. وضعوا به اساف ونائلة كل واحد منهما على ركن من اركان البيت. فكان الطائف إذا طاف بدأ بأساف فقبله وختم به. ونصبوا على الصفا صنماً يقال له مجاور الريح وعلى المروة صنماً.
يقال له (مطعم الطير). فاليعقوبي (ت 905م) ممن يرون إن اسافاً ونائلة كانا عند الكعبة، لا على الصفا والمروة. وكانا لقريش. وكان يذبح عليهما تجاه الكعبة. أو هما رجلان من جرهم، أساف بن عمرو ونائلة بنت سهل فجرا في الكعبة، وقيل أحدثا فيها، فمسخا حجرين، فعبدتهما قريش. وورد ان موضع أساف ونائلة عند الحطيم. وورد ان اسافاً رجل من جرهم، يقال له اساف بن يعلى، ونائلة امرأة من جرهم يقال لها نائلة بنت زيد، وكان اساف يتعشقها في أرض اليمن، فأقبلا حجاجاٌ، فدخلا الكعبة، فوجدا غفلة من الناس وخلوة في البيت، ففجر بها في الكعبة، فمسخا حجرين، فأصبحوا فوجدوهما ممسوخين،فوضعوهما موضعهما. فعبدتهما خزاعة وقريش، ومن حج البيت بعد من العرب. وكان تلبية قريش لأساف: [لبيلك اللهم لبيلك، لبيلك، لاشريك لك إلا شريك هو لك، تملكه وما ملك].
ويظهر أن مردّ هذا القصص الذي يقصه علينا أهل الأخبار عن الصنمين، إنما هو إلى شكل الصنمين. كان "اساف" تمثال رجل على ما يظهر من روايات الأخباريين، وكان "نائلة" تمثال إمرأة. يظهر أنهما استوردا من بلاد الشام، فنصبا في مكة، فتولد من كونهما صنمين لرجل وامرأة، هذا القصص المذكور من صنع القبائل الكارهة لقريش، التي لم تكن ترى حرمة للصنمين.
وكانت قريش خاصة تعظم ذينك الصنمين وتتقرب اليهما، وتذبح عندهما وتسعى بينهما. أما القبائل الأخرى، فلم تكن تقدسهما، لهذا لم تكن تتقرب اليهما، ومن هنا لم يكن الطواف بهما من مناسك حج تلك القبائل.
وكانت قريش تحلف عند هذين الصنمين. ولهما يقول "أبو طالب"، وهو يحلف بهما حين تحالفت قريش على بني هاشم: أحضرت عند البيت رهطي ومعشري وأمسكت من أثوابـه بـالـوصـائل
وحيث ينخ الأشعـرون ركـابـهـم بمغضي السيول من أسـاف ونـائل
وورد اسم اساف في بيت شعر ينسب إلى بشر بن أبي خازم الأسدي، هو: عليه الطير ما يدنون منـه مقامات العوارك من اساف

أوال: وهو: ايال: صنم بكر وتغلب.
أوراتاي: (باخوس عند اليونان): عبدته هذيل، وطقسه يتعلق بالبلوغ فاذا بلغ الصبي يقص شعره ويقى عنده.

باجر: صنم للازد ومن جاورهم من طيء وقضاعة.

تألب: وله معبد في (ريام)- عبدته همدان.

تيم: صنم لتميم، وبه تسمي رجال، مثل: (عبد تيم) و (تيم الله).

جلسد: عبارة صخرة بيضاء، كجثة رجل عظيم، لها كالرأس أسود، إذا تأمله الناظر رأى فيه كصورة وجه الإنسان. صنم لكندة تتعبد له، وأهل حضرموت. وكان سدنته بنو شكامة من السكون، وهم من كندة، كانوا يكلمون منه، وتخرج منه همهمة، ويقربون القرابين اليه، ويلطخون بدمه، ويكترون ثياب السدنة يلبسونها حينما يقربون قرباناً اليه ويريدون مكانه. ويلاحظ أن تغيير الملابس، وابدالها للتطهر، له مثيل عند العبرانيين. وكان للصنم حمى، ترعاه سوامه وغنمه، فإذا دخلته هوافي الغنم، حرمت على أربابها، وصارت ملكاً للصنم.

جهار: موقعه في عكاظ في سفح أطخل، أو في أسفل أفطح ، سدنته من ال عوف النصرين – عبدته : محارب وهوازن. وتلبيته: [لبيلك، اللهم لبيلك، لبيلك، اجعل ذنوبا جبار، وأهدنا لأوضح المنار. ومتعنا وملنا بجهار ].

حلال: صنم فزارة.
حمام: صنم بنو هند من بني عذرة.

الدار: صنم تسمي به: عبد الدار بن قصي بن كلاب.

الدوار: صنم كانت العرب تنصبه، يجعلون له موضعاً ، يدورون فيه حوله. واسم الصنم والموضع: (الدوار). ومنه قول امرىء القيس: فعنّ لنا سرب كأن نعـاجـه عذارى دوار في ملاءٍ مذيل
وقد ذكر ابن الكلبي: ان العرب تسمي (الطواف) حول الأصنام والأوثان (الدوار). وعرف بعض أهل الأخبار الدّوار بأنه: نسك للجاهلية يدورون فيه لصنم أو غيره!.
ويظهر من دراسة ما ورد في كتب أهل الأخبار وفي كتب اللغة عن "الدوار" ان الدوار لم يكن صنماً، وانما هو طواف حول صنم من الأصنام، أي عبادة من العبادات لا تختص بصنم معين. ويلحظ ان طقس الدوار والطواف شائع في عبادات الافارقة، يصاحبه الصياح او الغناء او التلبية، مع صفق الايادي وقرع الارض بالارجل.

ذات الودع: وهي أنثى. قيل انها: (وثن) بعينه، وقيل هي: (مكة) لأنه كان يعلق الودع في ستورها. وقيل: (سفينة نوح). كانت العرب تقسم بها، فتقول بذات الودع، قال عدي بن زيد العبادي:
كلا يميناً بذات الودع لو حدثت.... فيكم وقابل قبر الماجد الزارا

ذا اللبا: موضعه في المشقر، صنم لبني عبد القيس، سدنته بنو عمرو. وتلبيته: [ لبيك اللهم لبيك. لبيك، رب فاصرفن عنا مضر. وسلمن لنا هذا السفر. أن عما فيهم لمزدجر. واكفنا اللهم أرباب حجر].

ذو الخلصة: موضعه بتبالة بين مكة واليمن على مسيرة سبع ليال من مكة. وله بيت يحج إليه. وجعل بن حبيب موضع البيت في (العبلاء) على أربع مراحل من مكة. وهو صنم: خثعم وبجيلة ودوس وأزد السراة ومن قاربهم من بطون العرب من هوازن، ومن كان ببلادهم من العرب بتبالة، والحارث بن كعب وجرم وزبيد والغوث بن مر بن أد وبنو هلال بن عامر،.وكانوا سدنته.
وسدنته: بنو أمامة من باهلة بن أعصر. ويبدو ان (ذا الخلصة) كان صنماً أنثى، أي إلهة، ولذلك قيل له (الولية). وقالوا فيه: (المروة البيضاء). وصفته انه: كان مروة بيضاء منقوشة، عليها كهيأة التاج!.
وهناك روايات جعلت ذا الخلصة "الكعبة اليمانية" لخثعم، ومنهم من سماه كعبة اليمامة. وأظن ان هاتين الروايتين هما رواية واحدة في الأصل، صارت روايتين من تحريف النساخ. ومنهم من جعل ذا الخلصة بيتاً في ديار دوس. ويستنتج منه: ان ذا الخلصة بيت كان يدعى كعبة أيضاً، وكان فيه صنم يدعى الخلصة، لدوس وخثعم وبجيلة وغيرهم.
ويظهر من حديث: "لا تقوم الساعة حتى تضطرب أليات نساء دوس على ذي الخلصة، والمعنى انهم يرشدون ويعولون إلى جاهليتهم في عبادة الأوثان، فتسعى نساء بني دوس طائفات حول ذي الخلصة. ويستنتج منه ان بني دوس وغيرهم كانوا يطوفون حول كعبة ذي الخلصة التي في جوفها صنم الخلصة. وكان "بيت ذي الخلصة" من البيوت التي يقصدها الناس للاستقسام عندها بالأزلام. وكانت له ثلاثة أقدح: الآمر، والناهي، والمتربص.
وفي ذي الخلصة قال الرجّاز:
لو كنت يا ذا الخلصة الموتورا مثلي، وكان شيخك المقبورا لم تنه عن قتل العداة زورا وكان سبب قوله أنه قُتل أبوه، فأراد الطلب بثأره، فأتى ذا الخلصة، فاستقم عنه بالأزلام، فخرج السهم ينهاه عن ذلك، فقال تلك الأبيات. ومن الناس من ينحلها امرأ القيس. وذكر "ابن الكلبي" ايضاً أنه لما أقبل امرؤ القيس بن حجر، يريد الغارة على بني أسد، مرَ، بذي الخلصة، فاستقسم عنده ثلاث مرات. فخرج الناهي. فكسر القداح وضرب بها وجه الصنم، ثم غزا بني أسد، فظفر بهم. وموضع بيت (ذي الخلصة) عند عتبة باب مسجد تبالة أما أبن حبيب، فيذكر أنه صار بيت قصار في العبلاء. وذكر أن موضعه مسجد جامع لبلدة.يقال لها (العبلات) من أرض خثعم.

ذو الشرى: من شراة الحرم أي ما يحيط به. وكان لبني الحارث بن يشكر بن مبشر من الأزد ثم لدوس. وكان لدى النبط والفرس، وأثاره في بترا وبصرى.

ذو الكفين: كان من خشب. وهو صنم عمرو بن حممة الدوسي أحد حكام العرب.، ثم تركه وتخذ (ذا الشرى) وتخذه منهب

ذريح/ ذرح: صنم لكندة بالنجير من اليمن ناحية حضرموت، كانت تحج اليه، وله بيتاً يقصد، بدليل ورود تلبية له: [لبيك اللهم لبيك، لبيك، كلنا كنود، وكلنا لنعمة جحود. فأكفنا كل حية رصود]. ويظن ولهوزن [1844- 1918م] أنه: يمثل الشمس. (وذرح) اسم من أسماء الاعلام الجنوبية المركبة في اليمن، مثل: (ذرح ايل). وذهب نولدكه [1836- 1930م] إلى ان (ذرح) هو مثل: [الشارق، محرق] صنم يمثل الشمس. والظاهر ان عبادة هذا الصنم لم تكن منتشرة خارج حدود اليمن الجنوبية.

رضى: كان لبني ربيعة بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم، وهو عمرو بن ربيعة بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم. وتعبدت لهذا الصنم قبيلة تميم وطيء. وقد ورد اسم (عبد رضى) من اثاره. كان من الأصنام المعروفة عند قوم ثمود. ورد اسمه في كتابات ثمودية عديدة. وكانت عبادته منتشرة في بلاد الشام. وورد في نصوص تدمر وبين أسماء بني ارم، كما ورد في كتابات الفرس. وورد على هذا الشكل: [رضو/ رضى]، و [هر ضو/ ها – رضو]. ويظن انه يرمز إلى كوكب.

سعد: و كان صخرة طويلة بساحل جدة. وذكر ابن قتيبة [828- 889م]: أن سعداً صنم على ساحل البحر بتهامة، تعبده عك ومن يليها، ويقال كانت تعبده هذيل. وذكر اليعقوبي [ت 905م]: انه كان لبني بكر بن كنانة. وقد ورد اسم (سعد) في أسماء الأشخاص المركبة المضافة، مثل (عبد سعد)، وهو مما يدل على أن الناس كانوا يتبركون به بتسمية أبنائهم باسمه. وقد ورد اسم هذا الصنم في كتابات النبط، ويدعونه (سعدو). كما ورد في كتابات الفرس. ويظن انه يرمز إلى كوكب.

سعد العشيرة: اسم صنم من الأصنام القديمة. فقد كان الكنعانيون يضعون وثناً في محلات العبادة يسمونه (العشيرة)، كما كانوا يتعبدون له لأنه من آلهتهم القديمة. و(عشيرة) إلهة، هي (زوجة البعل) عند الكنعانيين. كما عبر بلفظة (العشيرة) عن (المذبح/ المزبح). واسم (عبد عشيرة) مرتبط بالطبع باسم هذا الإلَه. وكان (مذحج) يعرف بسعد العشيرة.

سعيدة: صنم أنثى وعلامة تأنيثه وجود تاء التأنيث بآخره، موضعه بأحد. وسدنته: بنو عجلان. ولها بيت كان يحجه بنو ربيعة. عبدته: سعد هذيم وسائر قضاعة إلا (بني وبرة)، كما عبدته الأزد أيضاً.

سعير: (السعير: النار واللهب)، ولا استبعد ان يكون هذا الصنم ممثلاً للشمس. عبدته عنزة، يحجون اليه ويطوفون حوله، ويعترون العتائر له. وبعض الناس تسموا باسم سعير. وقد ورد في شعر لجعفر بن خلاس الكلبي، وكان راكباً ناقة له، فمرت به، وقد عترت عنزة عنده، فنفرت ناقته منه، فأنشأ يقول؛ نفرت قلوصي من عتائر صرعا حول السعير تزوره ابنا يقـدم
وجموع يذكر مهطعين جنـابـه ما ان يحير اليهم بـتـكـلـم

سواع بِنغَمْان: موضعه برهاط، من بطن نخلة، من أرض ينبع. وينبع عرض من أعراض يثرب. ورهاط هي بلاد هذيل، على بعد ثلاثة أميال أو ثلاث ليال من مكة. ذكر انه كان ضخماً على صورة امرأة. وكانت سدنته بنو لحيان، وقيل سدنته بنو صاهلة من هذيل. وقيل من اصنام همدان. يستقى به المطر. تعبدت له بنو هذيل وبنو كنانة وبنو مزينة وبنو عمرو بن قيس عيلان كذلك. ورد ذكره في سورة نوح.

شمس: صنم كان لبني تميم، وله بيت. وقد قيل لها: الإلاهة. سدنته: من بني أوس بن مخاشن ابن معاوية بن شريف بن جروة بن أسيد بن عمرو بن تميم. وكانت تعبده بنو أد كلها: ضبة: وتميم، وعدي، وعكل، وثور. وذكر اليعقوبي: ان قوماً من عذرة تعبدوا لصنم يقال له: شمس.
وقد ذكر بعض أهل الأخبار، ان الشمس صنم قديم. وأول من تسمى به سبأ بن يشجب. وقد وردت جملة أسماء منسوبة إلى (شمس)، عرف أصحابها بـ(عبد شمس)، منهم من قبائل أخرى من غير تميم. ويدل ذلك على ان عبادتها كانت معروفة في مواضع مختلفة من جزيرة العرب. وعرف بعض الأشخاص ب (عمرو شمس) عند اهل الشام.

ضمار : سادنه العباس ابن مردان، فلما توفي وضعه في بيت لعبادته- عبده: بنو سليم

عادَم: صنم لازد السراة، ورد ذكره في شعر لزيد الخير أو زيد السراة.

العزى: (الهة انثى) موضعها بواد من نخلة الشامية، يقال له حراض، بازاء الغمير، عن يمين المصعد إلى العراق من مكة، وذلك فوق -ذات عرق- إلى البستان بتسعة أميال، فبنى عليها طالم بن اسعد (بيسا) –يريد- بيتا. وكانوا يسمعون فيه (الصوت) ويدعى -بيت العزى-.
ويبدو أن العزى كانت (سمرات)، لها حمى، والناس يتقربون اليها بالنذور. وهي من العبادات المعروفة للشجر. وقد ذكر الطبري أن (العزُى): شجيرات، ولكنه قال أيضا: انها حجر أبيض. فنحن إذن أمام رأيين: رأي يقول إن العزى شجيرات، ورأي يرى أنها حجر.
وذكر ابن حبيب [790- 853م]: ان العزُى شجرة بنخلة عندها وثن تعبدها غطفان، سدنتها من بني صرمة بن مرة. العزى صنم، له بيت، وأمامه غبغب، أي خزانة يضع فيها العباد المؤمنون بالعزى هداياهم ونذورهم لها، كما كانوا ينحرون لها. مما يدل على انها كانت صنماً أنثى، أي تمثالاً لامرأة، لأنها أنثى. وقد تسمى العرب بالعزى، فقالوا: عبد العزى. وأقسموا بها، يقول درهم بن زيد الأوسي:
إني ورب العزى السعيدة.... والله الذي دون بيته سرف
ويعتقد ان العزى كانت كوكبا يظهر عند الصباح، مقابل اللات التي تظهر في المساء، فيقال لهما: [الها الصباح والمساء]، وهما ترتدفان غالبا. وكان التقرب اليها بالخبز والكعك، فضلا عن الذبائح. فكانت قريش تخص (العزى) دون غيرها بالزيارة والهدية. وكانت ثقيف تخص (اللات) فيما الأوس والخزرج تخص مناة. وممن تعبد للعزُى بنو سليم وغطفان وجشم ونصر وسعد بن بكر. وغني وباهلة وخزاعة وجميع مضر وبنو كنانة. وقد ارتبطت قبائل غطفان بعبادة العزُى وتقديمها بصورة خاصة،حتى لقد ذكر ياقوت الحموي [1179- 1229م] ان: العزُى سمرة كانت لغطفان يعبدونها،وكانوا بنوا عليها بيتا، وأقاموا لها سدنة!. وقد عرف البيت ب (كعبة غطفان). وقد ورد ذكرها في القرآن. والعزُى: مثل اللات ومناة من الآلهة المؤنثة التي كانت معبودة في العراق وبلاد الشام، وعند النبط والفرس وسبأ.

عميأنس: (عم أنس)، موضعه في أرض خولان. وهو صنم خولان، وكان يقدم له في كل عام نصيبه المقرر من الأنعام والحروث. وذكر ابن الكلبي ان الذين تعبدوا له من خولان هم بطن منهم يقال لهم (الادوم) وهم الأسوم. وفيهم جاء (سورة الانعام 136): (وجعلوا الله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيباً، فقالوا: هذا لله، بزعمهم،وهذا لشركائنا، فما كان لشركائهم فلا يصل إلى الله، وما كان لله فهو يصل إلى،شركائهم، ساء ما يحكمون). وكانوا يقسمون له من أنعامهم وحروثهم قسماً بينه وبين الله بزعمهم. وما دخل في حق الله من حق عميأنس، ردوه عليه، وما دخل في حق الصنم من حق الله الذي سموه له، تركوه له.

عوض: صنم لبكر بن وائل.

الفلس : موضعه في (فيد) قرب نجد، سدنته من بني بولان: عبدته طيء ولها ايضا: رضى، وسهيل.
كان أنفاً أحمر في وسط جبلهم الذي يقال له أجأ، أسود، كأنه تمثال إنسان. وكانوا يعبدونه، ويهدون اليه، ويعترون عنده عتائرهم، ولا يأتيه خائف إلاّ أمن عنده، ولا يطرد أحد طريدة فيلجأ بها اليه إلاّ تركت له ولم تخفر حويته أي حوزته و حرمه. و(الفلس): هو [هفلس/ ها – فلس] عند لحيان.

كثرى: صنم لطسم وجديس. وهو نعت للعزى. تسمى به البعض مثل: عبد كثرى.

المحرق: سدنته: أولاد الأسود العجلي. وهو صنم لبكر بن وائل وبقية ربيعة في موضع سلمان. وكان في عنزة بلج بن المحرق. فكان في عميرة وغفيلة عمرو بن المحرق. وقد تسمى به بعض الرجال مثل: عبد محرق. وكان بنو بكر بن وائل وسائر ربيعة، قد جعلوا في كل حي من ربيعة له ولداً. ويظن بعض المستشرقين انه عرف بـ (محرق) لأن عبدته كانوا يقدمون اليه بعض القرابين البشرية محروقة.

المدّان: من أصنام أهل الحجاز. وكان له بيت. تسمي به رجال مثل: (عبد المدان).

مرحب: من أصنام حضرموت، تسمي به البعض: (ذو مرحب)، وهو سادنه. وكانت تلبيته: [لبيك. لبيك، اننا لديك. لبيك، حببنا اليك].

مناة: (من الاله الكنعاني منى) – مذكور في القرآن (النجم 20)، الهة انثى، لها معنى القدر والدهر والموت (منا/ منون). لها موضع بالمشلل على سبعة أميال من يثرب، وبقديد بين مكة ويثرب، وقيل أيضاً انه بموضع ودان أو في موضع قريب منه. سدنته: (الغطاريف) من الأزد.
ذكر اليعقوبي: ان مناة كان منصوباً بفدك مما يلي ساحل البحرْ. والرأي الغالب بين أهل الأخبار انه كان على ساحل البحر من ناحية المشلل بقديد. وذكر محمد بن حبيب أنه: كان بسيف البحر، وكانت [الأنصار وأزد شنؤة وغيرهم من الأزد] تتعبد له.
وذكر الطبري: أن عبدته: [خزاعة، وبنو كعب]. اما هيأة (مناة) وشكله، فمنهم من يقول إنها: صخرة، سميت بذلك لأن دماء النسائك كانت تمنى عندها، أي تراق. ومنهم من يقول إنها: صنم كان منصوباً على ساحل البحر، على هيأة تمثال، نحت من حجارة، وجعله بعض الرواة في الكعبة مع بقية الأصنامْ.
والذين يذكرون أن مناة صخرة، يرون أن اناس كانوا يذبحون عندها فتمنى دماء النسائك عندها، أي تراق، فهي إذن، وبهذا الوصف مذبح تراق عنده الذبائح الذي تقدم نسيكة للالهة. ويذكرون أنهم: إنما كانوا يفعلون ذلك، كأنهم كانوا يستمطرون عندها الأنواء تبركاً بها.
ويتبين من ذلك ان هذا الموضع كان مكاناً مقدساً، وقد خصص بإلهة تنشر السحب وترسل الرياح، فتأتي بالأمطار لتغيث الناس، وان لها صلة بالبحر وبالماء، ولذلك أقيم معبدها على ساحل البحر. وكانت تلبيته: [لبيك اللهم لبيك،.لولا ان بكراً دونك، يبرك الناس ويهجرونك، و ما زال حج عثج يأتونك. أنا على عدوائهم من دونك].
وكانت عباذته منشرة في الجزيرة. عبدته الاوس والخزرج وهذيل. والصنم مناة هو منوتن ومنوت Manavat عند النبط. ويظن ان لاسمه صلة بمناة [Menata] في لهجة بني ارم، ومنا [ Mana] في العبرانية، وجميعها مانوت منوت [Manot] ، وباسم الالهة منى [Meni]، بكلمة (منية) وجمعها (منايا) في لغة القرآن. وهي لذلك تمثل الحظوظ والاماني وخاصة (الموت). ولهذا ذهب بعض الباحثين الى ان هذه الالهة هي: الهة المنية والمنايا. وقد ذكرت منى [Meni] مع جاد/ [Gad] في العهد القديم.. والظاهر ان كلمة (جاد) كانت مصدرا، ثم صارت اسم علم لصنم وذكر (منى) مع (جاد) له شأن كبير من حيث معرفة الصنمين. فالاول: مختص بمعرفة المستقبل السيء، وما يكتبه القدر للانسان من منايا ومخبآت لا تكون في مصلحة الإنسان؛ والثاني: لمعرفة المستقبل الطيب والحظ السعيد[ t yche /fortune] في اليونانية. فهما يمثلان جهنين متضادتين.
منوات: (من الاله الكنعاني منى)- عبدته ثمود

مناف: به كانت تسمى قريش (عبد مناف). وسمي به أيضاً رجال من هذيل.
وفيه يقول بلعاء بن قيس: وقرن وقد تركت الطير منه كمعتبر العوارك من مناف
ويتبين من ورود اسم (مناف) في بلاد الشام، أنه كان إلهاً معبوداً عندهم. وحفرت على الحجر صورة الإلَه (مناف) على هيأة (رجل لا لحية له)، يتحدر على عارضيه شعر رأسه الصناعي، المرموز به إلى الإلهة الشمس. وحول جفنيه وحدقتيه خطّان ناعمان: ويزين جيده قلادة، كما ترى غالباً في تصاوير الآلهة السوريين. وعلى صدره طيات ردائه، ويرى طرف طيلسانه الإلهي الذي ينعطف من كتفه الأيسر فيتصل إلى الأيمن ويعقد به.
وقد عثر على كتابة وجدت في حوران، ورد فيها اسم (مناف) مع إلَه اخر، ورد اسم مناف فيها على هذا الشكل [.MN,PHA]. وقد عثر على كتابة أخرى وجد فيها الاسم على هذه الصورة: [منافيوس/Manaphius] مما يدل على أن المراد بالإسمين شيء واحد، هو الإلَه مناف. كما ان اسم (مناف) قريب من لفظ (منف) العاصمة الفرعونية في مصر، وربما كان اصله منها. فانتقل الى الشام او الحجاز.

المنطبق: صنم للسلف وعك والأشعريين، وهو من نحاس، يكلمون من جوفه كلاماً لم يسمع بمثله، وفي بطنه عثر على سيف دعي (مخدم).

نسر: موضعه بلخع من أرض سبأ، تعبدت له حمير إلى أيام ذي نواس، ثم تهودت معه، وتركت هذا الصنم. ونسر هو "نشر" Nesher في العبرانيةْ. وهو صنم من اصنام اللحيانيين كذلك، ويجب ان يكون من أصنام العرب الشماليين لورود اسمه في الموارد العبرانية والسريانية على انه اسم إله عريي.
وأشير في التلمود إلى صنم ذكر ان العرب كانوا يعبدونه اسمه "نشرا" Neshra و "نشرا" هو "نسر". وقد ورد اسم الصنم "نسر" عند السبئين كذلك، وكان من الآلهة المعبودة عند كثير من الساميين، وقد عبد خاصة في جزيرة العرب.
وقد وجدت أصنام على صورة نسر منحوتة على الصخور خاصة في أعالي الحجاز. ويؤيد هذا الرأي رواية ذكرها الطبرسي في أشكال الأصنام، أسندها إلى الواقدي، قال فيها: كان (ود) على صورة [رجل]، و(سواع) على صورة [امرأة]، و(يغوث) على صورة [أسد]، و(يعوق) على صورة [فرس]، و(نسر) على صورة [نسر] من الطير.

نهم: سادنه خزاعي بن عبد نهم، وهو من مزينة من بني عداء، كانوا يقدمون الذبائح له، ويقسمون به. وقد تسمى به البعض مثل: عبد نهم من بني هوازن وبجيلة وخزاعة.

نهيك: صنم في مكة، عند الصفا، وكان يعرف بـ(مجاود الريح)/ (مجاور الربح)، وكان الناس يضعون الحبوب عندهما لتأكلها الطيور. ولذلك قيل لنهيك: (مجاود الريح)، ولصنم المروة: (مطعم الطير). فكان الناس في موسم الحج يحجون إلى الصنمين. ولعلهما من الأصنام التي خصصت بالسماء.


هبل: كانت لقريش اصنام في جوف الكعبة، واعظمها (هبل). وهو من عقيق احمر على صورة انسان مكسور اليد اليمنى. أدركته قريش فجعلت له يداً من ذهب. وهناك من ينسب (هبل) إلى عمرو بن لحي، وإنه جاء به إلى مكة من العراق من موضع هيت، فنصبه على البئر وهي الأخسف والجب، المحفور ليكون خزانة للبيت، يلقى فيه ما يهدى إلى ااكعبة. وأنه هو الذي أمر الناس بعبادته.
فكان الرجل إذا قدم من سفر بدأ به على أهله بعد طوافه بالبيت، وحلق رأسه عنده, وكان أول من نصبه خزيمة ابن مدركة بن الياس بن مضر. وكان يقال له هبل خزيمة. في رواية ان عمرو بن لحي خرج من مكة إلى الشام. في بعض أموره، فلما قدم مآب من أرض البلقاء، وبها يومئذ العماليق، وهم ولد عملاق: [عمليق بن اليفاو ابن عيسو ابن اسحاق ابن ابراهيم]-(تك 36: 12).
وجدهم يتعبدون للاصنام، فقال لهم: ما هذه الأصنام التي أراكم تعبدون ? قالوا له: هذه الأصنام نعبدها، فنستمطرها فتمطرنا، ونستنصرها فتنصرنا. فقال لهم: أفلا تعطونني منها صنماً، فأسير به إلى أرض العرب، فيعبدوه ? فأعطوه صنماَ يقال له هبل، وأخذه، فتقدم به إلى مكة فنصبه، وأمر الناس بعبادته.
ولا يوجد تفسير مقبول لمعنى (هبل)، وبعضهم يرى انه من (الهبلة) = (القبلة)، واخرون انه: من (الهبيلي)، بمعنى الراهب. وقيل انه من (هُبل) بوزن (زُ فَر) = كثرة اللحم والشحم، أو من (هبل) = غنم، وما شاكل ذلك من آراء. وسبب اضطراب العلماء في تسميته في انه من الأصنام المستوردة من الخارج التي حافظت على تسميتها الأصلية، فوقع لديهم من ثم هذا الاضطراب. وقد ورد اسم (هبل) في الكتابات النبطية التي عثر عليها في الحجر، ومعه اسما الصنمين: (دوشرا/ ذي الشرى)، و(منوتو/ مناة).
وكانت تلبية هبل: [لبيك اللهم لبيك. اننا لقاح، حرمتنا على أسنة الرماح، يحسدنا الناس على النجاح.]. وفي رأي المستشرقين: ان (هبل)، هو رمز إلى الإلهَ القمر، وهو إلهَ الكعبة، وهو الله عند الجاهليين. وكان من شدة تعظيم قريش له انهم وضعوه في جوف الكعبة.
ويرى بعض الباحثين ان صورة الحية أو تمثالها يشيران إلى هبل، أو إلى هبل وود. وقد عثر على صورة لحيّة في (رم)، يظهر انها رمز إلى (هبل) أو (ودّ). وكان (هبل) صنما لبني بكر ومالك وملكان وسائر بني كنانة. وكانت قريش تعبد صاحب بني كنانة، وبنو كنانة يعبدون صاحب قريش.
وقد تسمى به أشخاص وبطون من قبيلة كلب، مما يدل على أن هذه القبيلة كانت تتعبد له، وأنه كان من معبودات العرب الشماليين. وباسم هذا الصنم سمي "هبل بن عبد اللّه بن كنانة الكلبي جدَ زهير بن جناب.
وكان في جوف الكعبة قدامه سبعة أقّداح، مكتوب في أولها: صريح والاخر ملصق. فإذا شكوا في مولود أهدوا اليه هدية، ثم ضربوا بالقداح، فإن خرج صريح ألحقوه، وإن خرج ملصق دفعوه، وقدح على الميت، وقدح على النكاح، وثلاثة لم تفسر لي على ما كانت. فإذا اختصموا في أمر، أو أرادوا سفراً أو عملاً، أتوه فاستقوا بالأزلام عندّه. فما خرج، عملوا به وانتهوا اليه.
وعنده ضرب عبد المطلب بالقداح على ابنه عبد الله. وتذكر رواية أخرى أن خزيمة بن مدركة كان أول من نزل مكة من مضر فوضع هبل في موضعه، فكان يقال له صنم خزيمة، وهبل خزيمة. وورث أولاده سدانته من بعده.

ودّ: هو من نصيب: [عوف بنُ عذرة بن زيد اللات بن رفيدة بن ثور بن كلب بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن الحلف بن قضاعة]، أعطاه اياه (عمرو بن لحي) فحمله إلى وادي القرى، فأقره بدومة الجندل. وسمىّ ابنه (عبد ودّ)، فهو أول من تسمي به، ثم سمّت العرب به بعد. ومنهم من يهمز فيقول أدٌّ. ومنه سمي "عبد ودّ" و "أد بن طابخة"، و "أدد" جد معد بن عدنان. وجعل عوف ابنه عامراً الذي يقال له عامر الأجدار سادناً له.
وفي رواية لمحمد بن حبيب أن وداً كان لبني وبرة، وكانت سدنته من بني الفرافصة بن الأحوص من كلب. ويشك [ولهوزن/ Wellhausen] في صحة هذه الرواية، فقد كان الفرافصة بن الأحوص على رأيه نصرانياً، وهو والد نائلة زوج الخليفة عثمان [577- 656م]. ثم ان "الفرافصة" لم يكن من بني عمرو بن ود، ولا من بني عوف بن عذرة، فهل يعقل ان تكون السدانة اليه وفي نسله.
وود على وصف ابن الكلبي له في كتابه الأصنام: تمثال رجل كأعظم ما يكون من الرجال قد ذبر عليه حلتان، متزر بحلة، مرتد بأخرى، عليه سيف قد تقلده، وقد تنكب قوساً، وبين يديه حربة فيها.لواء، و وفضة فيها نبل!. وقد أخذ ابن الكلبي وصفه هذا لود من أبيه عن مالك بن حارثة الأجداري.
ومالك بن حارثة الأجداري، هو من بني عامر الأجدار، وهم سدنة ود. وزعم ابن الكلبي ان أباه محمد بن السائب الكلبي (ت 763م) حدثه عن مالك بن حارثه أنه قال له: إنه رأى وداً، وأن اباه كان يبعثه،وهو صغير، باللبن اليه، فيقول: اسقه إلهك فيشربه مالك، فيعود وقد شرب اللبن. أما أبوه فيظن انه قد أعطى وداً إياه.
وقد تعبّد له بنو كلب، بعض تميم، طيء، الخزرج، هذيل، ولخمْ. وقبيلة "مرة" نسبة إلى "مرة بن أدد". وقد عرف ب "كهلن"،أي "الكاهل" "هكهل" "ها - كهل".
ويظن أن الإلهَ [قوس/ قيسو/ قوسو]، هو (ود)، أي اسم نعت له. وذهب بعض الباحثين الى أن (نسراً) و [ذا غابة/ ذ غبت] يرمزان اليه. ويظهر انه (أدد) عند ثمود. و(أدد) من الأسماء المعروفة، وذو صلة بلفظ (هدد) ملك دمشق ارام في العهد القديم . و (ود) هو الإلَه الأكبر لأهل معين. ويرى بعض المستشرقين استناداً إلى معنى كلمة (ود) بأن هذا الصنم يرمز إلى –الود/ الحب-، وانه صنو للالهين [جيل Gel] و [بحد Pahad] عند الساميين. ولا أستبعد أن تكون كلمة (ود) صفة من صفات الله لا اسم علم له.
وهناك من يرى وجود صلة بين (ود) و [ايروس Eros] الصنم اليوناني، وربما كان صنما يونانيا في الأصل استورد من هناك، وعبدته العرب. وهو رأي يعارضه نولدكه، لانتفاء التشابه في الهيأة بين الصنمين.

يعبوب: صنم لجديلة طيء، وكان لهم صنم أخذته منه بنو أسد، فتبدلوا اليعبوب بعده. وقد ورد ذكره في شعر لعبيد: فتبدلوا اليعبوب بعـد إلـهـهـم صنماً، فقروا، يا جديل، وأعذبوا
أي: لا تأكلوا على ذلك، ولا تشربوا.

يعوق : موضعه في كل موضع خيوان، حيث عبدته همدان وخولان ومن والاها من قبائل. وكان في أرحب. ونقل ياقوت الحموي عن ابن الكلبي: اتخذت خيوان يعوق،وكان بقرية لهم يقال لها خيوان من صنعاء. وذلك لأنهم قربوا من صنعاء واختلطوا بحمير، فدانوا معهم باليهودية أيام تهود ذي نواس، فتهودوا معه. ونسب الطبرسي [1073- 1154م] عبادة (يعوق) إلى (كهلان اخي حمير ابن سبأ)، وذكر انهم توارثوه كابراً عن كابر، حتى صار إلى همدان. وقيل ان يعوق اسم صنم كان لكنانة.
ورد ذكره في سورة نوح.

يغوث: موضعه باًكمة مذَحج باليمن، فعبدته مذحج ومن والاها وأهل جرش. وهو (طوطم) قبيلة مذحج، يدافع عنها ويذب عن القبيلة التي تستغيث به، على نحو ما فعله الاسرائيليون من استغاثتهم بـ (الحية النحاسية) المسماة [نحشتان/Nahushtan]، التي كانت (طوطماً) في الأصل على رأي سمث.
وقد بقي في أنعم إلى ان قاتلتهم عليه بنو غطيف من مراد، فهربوا به إلى نجران، فاًقروه عند بني النار من الضباب، من بني الحارث بن كعب. واجتمعوا عليه جميعاً. وفي رواية أن عبدة يغوث هم بنو غطيف من مراد.
وفي رواية أن يغوث بقي في أنعم وأعلى من مراد. إلى ان اجتمع أشراف مراد وتشاوروا بينهم في أمر الصنم، فقر رأيهم أن يكون فيهم، لما فيهم من العدد والشرف. فبلغ ذلك. من أمرهم إلى أعلى وأنعم، فحملوا يغوث وهربوا به حتى وضعوه في بني الحارث بن كعب، في وقت كان النزاع فيه قائماً بين مراد وبني الحارث بن كعب. فلما أبت بنو الحارث تسليم الصنم إلى مراد،وتسوية أمر الديات، أرسلت عليها مراد جيشاً فاستنجدت بنو الحارث بهمدان، فنشبت بينهما معركة عرفت بيوم الرزم. انهزمت فيها مراد ومنيت بخسارة كبيرة قبيحة، وبقي الصنم في بني الحارث.
وقد وافق يوم الرزم يوم بدر. وذكر الطبرسي: أن بطنين من طيء أخذا يغوث، فذهبا به إلى مراد، فعبدوه زماناً ثم اْن بني ناجية أرادوا أن ينزعوه منهم، ففروا به إلى بني الحارث بن كعب.
ويظهر من هذه الروايات: أن الصنم (يغوث) كان في جرش أو على مرتفع قريب من هذه المدينة. أما سدنته، فكانوا من بني أنعم بن أعلى من طيء، وكانوا في جرش. وفي حوالي سنة (623م)، أي السنة التي وقعت فيها معركة بدر، حدث نزاع على الصنم: أراد بنو مراد ان يكون الصنم فيهم وسدنته لهم، وأراد بنو أنعم الأحتفاظ بحقهم فيه. فهرب بنو أنعم بصنمهم إلى بني الحارث،واحتفظوا به بعد أن وقعت الهزيمة في مراد.
وفي الحرب التي وقعت بين (بني أنعم) و (غظيف) حمل عبدة (يغوث) صنمهم معهم وحاربوا، مستمدين منه العون والمدد. وفي. ذلك يقول الشاعر: وسار بنا يغوث إلى مراد فناجوناهم قبل الصبـاح
ونجد بين أسماء الجاهليين عدداً من الرجال سموا بـ(عبد يغوث)، منهم من كان فيِ مذحج، ومنهم من كان في قريش، ومنهم من كان في هوازن. وقد كان قائد بني الحارث بن كعب على تميم في معركة (الكلاب) عبد يغوث، كما كان لدريد بن الصمة [530- 630م] أخ اسمه (عبد يغوث). ومن مذحج: (عبد يغوث) ابن وقاص بن صلاءة الحارثي الذي قتلته (التيم) يوم الكلاب الثاني. ومن بني زهرة : عبد يغوث بن وهب، وعبيد يغوث، وامهما صفية بنت هشام بن عبد مناف. ويدل ذلك على ان عبادته كانت معروفة بين مذحج واًهل جرش وقربش وهوازن. وقبائل أخرى مثل تغلب.
وقد ذهب روبرتسن سمث [1846- 1894م]: إلى انه [يعوش/ Ye,ush] المذكور في سفر التكوين، وهو أحد أجداد أدوم. وبمثله الأسد في نظر روبرتسن سمث.

أصنام أخرى..
ومنها: الأسحم، وأسر والأشهل، وأوال، و البجة، و بلج، والجهة، وجريش، و جهار،و الذار، وذو الرجل، والشارق، الشريق، وصدا، وصمودا، والضمار، و الضيزن، والضيزنان، و العبعب، و عوض، و عوف، وعير، والغري، وفراض، وقزح/ قزاح، وقيس/ قس: (عبد القيس)، و كثرى، و الكسعة، وكعب وكعيب: (صنمان في اليمن)، والمدان، و مرحب، ومنهب، و الهبا، و ذات الودع و يا ليل، وذريح، و باجر، و الجد، وحلال، والحمائم، وذو اللبا، والسعيدة، وذو الكفين، وذو الرجل، وغنم، وفراض، وقز ح، وقيس، ورئام، ورجال، وزائدةن وعدم.

الخلاصة..
ليس هذا الكشاف كل ما تعارف عليه تاريخ شبه الجزيرة من الاصنام او اوثان او رموز الهية، ولا ينبغي اعتبار ما ورد هنا، وهو نقل عن سرديات السابقين، سجلا بحقائق واحداث تاريخية، قدر ما هو نوع من التاريخ الشفاهي غير الرسمي وغير المسؤول وغير القابل للتحقيق. شارك فيه اخباريون ورواة ومدونون من اماكن وازمنة متفاوتة ومتنافرة، لا يحكمها نظام واحد او عمل مؤسساتي مشترك. وكما يلمس القارئ، مبلغ الحزازات والتناحرات التي لا تقتصر على الواقع، وانما تمتد الى مسلة التاريخ، فترفع ما ترفعه فوق كل شيء، وتخفض ما تخفضه بلا منطق ولا وازع.
كما يلحظ من تكرار بعض المسميات والصاق نوع معين الاخبار بها، غاية لا يمكن استكناهها بعيد الزمن وغياب الحقائق واستراتيجية تدمير الاثار والوثائق والمدونات، لصالح تسويد رواية رواية واحدة، هي بكل تأكيد الرواية المشوهة والمغلوطة.
وبالتالين فان قراءة الاوثان والعبادات في النطاق العرابي، يختلف بالتمام عما يقرأه المرء في سجلات الاغريق والفراعنة والالحضارات الرافدينية. ويبقى السؤال المفارقة، كيف عمل العبرانيون على تسجيل تاريخ رسمي بكل انسابهم وعباداتهم ومعاركهم، بينما يتنافس الاعراب وهم جيرانهم وولد عمومتهم في حيص بيص حتى اليوم، وما تزال عقلية ما دعيت بالجاهلية وامراض الفردية هي التي تحكم الفرد العرابي وكل نظام حياة العرب.
الهة تتغير، والهة تستورد، وتناحرات ومذابح ومجازر من اجل صنم. وكل فئة تدعى البر والحق وان الهها هو الحق والاولى. ومغزاها منه، في الحقيقة، ان قناعاتها وتفكيرها ورغباتها هي الاولى الذي يستحق السيادة واذعان الاخرين له، لذاته، ولو بالقوة والبطش. ولم نلحظ، خلال هذا الاستعراض، كلمة او اشارة او تعليما واحدا، يستحث الاخلاق والقيم الانسانية والضمير الاعلى، وهذا مربط الفرس!.
ــــــــــــــــــــــ
• مذهب وحدة الوجود منذهب فلسفي قديم يعود للافلاطونية [فلاطون/427- 347 ق. م.] والرواقية [زينون/ 336- 274 ق. م.]، فحواه: ان الله والطبيعة حقيقة واحدة؛ وأن الله هو الوجود الحق، وهو صورة العالم المخلوق. أشتغل بها بعض المتصوفة أمثال: ابن عربي [1165- 1240م]، وابن الفارض [1181- 1242م] وابن سبعين [1217- 1269م] المتأثرين بالفلسفة الاغريقية .ومن فلاسفة الغرب سبينوزا [1632- 1677م] وهيغيل [1770- 1831م].
• مذهب وحدة الطبيعة مذهب يقوم على الواقعية والعقلانية والمنهج العلمي في النظر الى فيزيقا الكون والطبيعة.
• مورمون: عقيدة دينية اسسها الامريكي جوزيف سمث [1805- 1844م] معيدا انتاج فكرة الشعب الاسرائيلي في امريكا الشمالية، زاعما ان وحيا اسمه (مورني) سلمه الصحف الاصلية المدفونة تحت الارض، وهو كتبها بالانجليزية، وتتمركز حركته في منطقة صحراوية [نيفادا- اريزونا ] وكان مشروعهم الاساسي جعل (ولاية اوتاوا) خاصة بهم، لكن معارضة الاتحاد الاميركي اجبرهم على التراجع. وتشترك مع عقيدة (شهود يهوه) في تبني فكرة اسرائيل وبناء المجتمع الديني المنظم والمتماسك الى حالة شبه عبودية، وكلاهما تدعو نفسها بكنيسة الايام الاخيرة/ المورمون، والزمن الجديد/ شهود يهوه.
• بتصرف وايجاز وتحقيق- عن: جواد علي [1907- 1987م] في المفصل
• ابن الكلبي [737- 819م]- هو أبو المنذر هشام بن محمد بن السائب بن بشر بن عمرو بن الحارث بن عبد الحارث الكلبي ويكنى ابن الكلبي (: مؤرخ وعالم أنساب وأخبار العرب وأيامها ووقائعها ومثالبها. اخذ عنه جميع الكتاب اللاحقين في الأنساب، فكتاب جمهرة أنساب العرب لابن حزم [994- 1064م] نسخة من كتاب جمهرة النسب للكلبي مع تحرير وتعديل. وأخذت كتب الأمثال عنه كمجمع الأمثال للميداني (ت 1124م) وجمهرة الأمثال للعسكري [920- 1005م]، وكتاب الأمثال للقاسم بن سلام [774- 838م]. كما أخذ عنه العلماء والمؤرخون: محمد ابن سعد [784- 845م]، والبلاذري[ت 892م]، ومحمد بن جرير الطبري [838- 923م]، والمسعودي [896- 956م] ، في مسائل افتراق العرب واشتقاق البلدان والأنساب والأصنام.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص


.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح




.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة


.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا




.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: مش عاوزين إجابة تليفزيونية على س