الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثورة بابك الخرمي ( من المخفي في منهجية كتابة التاريخ في المنهج الدراسي التربوي العراقي )

وليد المسعودي

2017 / 5 / 7
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


تعد ثورة بابك ألخرمي من أهم الثورات الاجتماعية ضد الخلافة العباسية من حيث طبيعة امتدادها المكاني وألزماني ، ومن حيث مستوى المشاركة فيها من طبقات كالفلاحين والعمال والباعة والمتكسبين والتجار الصغار ، ومن حيث تراكم آثار ومخلفات الاستغلال الإقطاعي والجور الحكومي ، ومن حيث دورها في زعزعة هيبة الخلافة العباسية وإضعاف وجودها العسكري والسلطوي ، إذ شملت ثورة بابك مناطق مختلفة في أذربيجان والقسم الشمالي الغربي من إيران وجزء من أرمينيا (1) واستمرت حوالي 20 عاما شارك فيها جميع الشعوب المقهورة من الطبقات الكادحة والمستغلة تحت غطاء " الخرمية " كحركة دينية سعت إلى تحقيق العدالة والمساواة عبر توزيع الأراضي الزراعية على الفلاحين وإلغاء التملك الفردي ذو النزعة الإقطاعية ، وهذه المبادئ لقيت الكثير من القبول لدى الجماهير الفلاحية والكادحة ، بالرغم من امتزاجها بالأفكار الدينية المغايرة للإسلام ، حيث استطاع العباسيون في بدايتهم تحويل هذه الأفكار باتجاه مآربهم وأهدافهم للتخلص من حكم بني أمية ، وبالفعل استطاعوا استخدام هذه الجماهير مع أفكارهم الحلولية الدينية المغايرة للنسق الإسلامي لغايات الوصول إلى السلطة ، ولكنهم تنكروا فيما بعد كما أسلفنا سابقا لهذه الجماهير في نصرتها وتحقيق العدالة والإنصاف لها ، بالتعاون مع الارستقراطية الإيرانية التي ساعدت العباسيين على تأبيد نظام الجور والاضطهاد لجميع الطبقات الاجتماعية الكادحة من الفلاحين والعمال والعبيد ، فضلا عن ديمومة نظام التمييز العنصري بين المسلمين وغيرهم سواء من أهل الكتاب أو من أصحاب الديانات القديمة ، وهكذا لم تكن ثورة بابك ألخرمي سوى امتداد تاريخي لأفكار وثورات المشاع والعدالة في تقسيم الثروات والمنافع ، واجهت الكثير من العداء ماديا ومعنويا من قبل السلطات الارستقراطية العربية والإيرانية على حد سواء ، وضمن صفات ونعوت وتهم كثيرة من قبل المؤرخين القدامى والمحدثين ، أبرزها تهم " الإباحة والفسق وتبادل الزوجات وإحلال المحرمات " (2) فضلا عن اتهامات تتعلق بالقتل والوحشية في سفك الدماء ، وهذه التهم جميعا تلغي طبيعة الواقع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي الذي كان سائدا في ذلك الوقت من حيث كثرة الضرائب المفروضة على الفلاحين والشغيلة ومن حيث وجود التمييز العنصري على أساس الجنس والعقيدة والدين ، فضلا عن تدني الأوضاع الاجتماعية للمرأة حيث كانت تباع في سوق النخاسة وضمن أعداد تفوق المئات للأغنياء والمترفين ، ناهيك عن سيادة التسلط والقمع الحكومي لجميع الأفكار والآراء المغايرة لجهاز السلطة الثقافي والاجتماعي والاقتصادي وخصوصا لدى الطبقات المعدمة من المسلمين أو الذميين الذين يشكلون عماد ثورة بابك ألخرمي (3) .
ومن أهم البرامج التي كانت تنادي لتحقيقها الثورة البابكية تكمن في
1- نزع الأراضي الواسعة من الملاك المغتصبين لها من الفلاحين أو الدولة وتوزيعها إلى الفقراء المحتاجين إليها
2- العمل على تحرير المرأة من تاريخ طويل من العبودية ومساواتها مع الرجل في الحقوق (4)
وهذه المبادئ تقود في النهاية إلى تغيير النظام الاجتماعي والسياسي القائم على التمييز والقهر ، وعلى اضطهاد الإنسان لأخيه الإنسان ، ولان التاريخ في كثير من الأحيان يكتبه المنتصر سياسيا واقتصاديا ، اختفت الكثير من معالم الثورة البابكية وجهزت لها الكثير من التهم والافتراءات كما ذكرنا سابقا من مؤرخي السلطة والمدافعين عن كيانها السياسي والثقافي ، ولكن بالرغم من ذلك استمرت الثورة تدافع عن مبادئها وقيمها بكل ثبات ، جامعة في طياتها المختلف الاجتماعي والطبقي ، (5) ، استطاعت أن تحقق الكثير من الانتصارات في البداية لأسباب ترتبط بضعف جيش سلطة الخلافة بعد وفاة الخليفة هارون الرشيد ، حيث الحرب الأهلية في بغداد وصراع الأمين والمأمون على الخلافة وعصيان إبراهيم ابن المهدي وانشقاق وحدة جيش الخلافة ، فضلا عن الحروب التي كان يخوضها الأخير مع الروم ومواجهة الانتفاضات الأخرى في مصر بقيادة الفلاحين وفي العراق حيث انتفاضة الزط ، وفي إيران حيث انتفاضة الخرمية ضد سلطة الخلافة ، إضافة إلى اضطرابات أخرى في سوريا والحجاز واليمن وأرمينيا وأذربيجان (6) . لقد خدمت البيئة الجغرافية المكونة من الجبال الوعرة وكثرة الأدغال انتفاضة بابك في مهدها الأولي المكون بدوره من عمليات عسكرية خاطفة ، سرعان ما تطورت لتصل إلى القدرة على حفر الكمائن لتغدو صيدا سهلا للعدو ، فضلا عن قدرته المتواصلة في هدم الأماكن التي يتحصن فيها جيش الخلافة من قلاع وحصون ، وبالتالي كانت النتيجة في صالح بابك استمرت لأكثر من ثمانية عشر عاما لم يستطع ولاة أرمينيا وأذربيجان إلحاق الهزيمة ببابك ، حيث تتابعوا في التغيير والتبديل من قبل الخليفة المأمون دون جدوى في تحقيق النصر بالرغم من انضمام قادة إقطاعيون في محاربة ثورة بابك، إلا إن الأخير استطاع أن يكسب معركة " هشتا دسر الأولى " بعد أن الحق الهزيمة بوالي أذربيجان محمد بن حميد الطوسي عبر سياسة زرع الكمائن والإشراف على جيش الخلافة من أعالي الجبال الأمر الذي ترك انتصاره هذا أثرا في نفوس المسلمين وخصوصا من قادة العساكر الذين أصبحوا يخشون المواجهة مع ثوار بابك الخرمي . (7)
ولكن بعد مجيء المعتصم تغيرت الصورة حيث تم الاعتماد على قادة وجنود جدد يعرفون التكيف مع بيئة الجبال الوعرة ولديهم القدرة على التحمل والصبر ، بعد أن كان الجنود الأوائل يرسلون مباشرة من بغداد والبصرة دون معرفة تذكر حول طبيعة الثوار وآماكن تواجدهم ، حيث استطاع الافشين حيدر بن كاؤوس استخدام الجنود الأتراك من بني جلدته ، إذ يعرفون طبيعة الجبال ولديهم الخبرة في مسالكها ، فضلا عما يمتلكونه من طاعة وولاء شديدين لأمرائهم من الأتراك أيضا والمقربين إلى القائد الافشين ، وهكذا بعد طول فترة الحصار على بابك ، وقدرة الجيش النظامي على إيصال المساعدات الغذائية والأسلحة عبر قوافل تتبادل الجنود والقيادات في حراستها من مكان إلى آخر فضلا عن القدرة على النهوض من جديد من خلال إعادة بناء الحصون والقلاع ، فكانت أولى الهزائم التي لحقت بقياديي بابك بدء " بمعاوية " الذي قتل في غارة له لاقت الفشل عندما استطاع القائد أبا سعيد محمد بن يوسف معارضته في طريق العودة ، حيث تمكن من قتله هو وجماعته ، فضلا عن اسر البعض منهم وتحرير الأسرى المسلمين (8) ، ومن ثم إلى ثاني قياديي بابك " عصمة " الذي تم استخدامه كجاسوس فضح جميع خطط وأساليب وآماكن تواجد الثوار عندما تم أسره بخيانة مدبرة من قبل " محمد بن البعيث " حيث كان يحكم قلاع تسمى " تبريز وشاهى " في أذربيجان بعد أن كان متصالحا مع بابك ، إلا انه تمكن في النهاية من الانقضاض على جنوده وقتلهم واسر قائدهم " عصمة " الذي كشف للمعتصم خبايا ومسالك بابك وكيفية القتال معه ، خصوصا بعد أن عرف أي " ابن البعيث " بوصول الإمدادات من الجيوش الإسلامية وانتقال الأخيرة من مراكز الدفاع إلى مراكز الهجوم (9). توالت الهزائم والانكسارات بالنسبة لبابك ، الأمر الذي اضطره إلى التراجع نحو مركزه الرئيسي في مدينة " البذ " خصوصا بعد استخدام القائد الافشين الجواسيس للكشف عن كمائن بابك ، فكانت معركة " ارشق " مثالا كشف فيه " صالح الجاسوس " للافشين عما سوف يفعله بابك من كمائن يراد لها الانقضاض على قافلة محملة بالمال أرسلها المعتصم ، فتأكد الافشين من صحة الخبر ، فاستطاع أن يجهز الجنود ومحاصرة بابك في كمين متبادل ، إلا إن بابك ألخرمي تمكن من الاستيلاء على القافلة المزورة وقتل قائدها " علوية الأعور " ومن معه من الجنود مع اخذ ملابسهم وأمتعتهم ، حيث عرف بابك إن المال غير موجود في هذه القافلة ، فأصبح يستعد لمواجهة أخرى مع قافلة " الهيثم الغنوي " دون معرفة تذكر بكيفية الاستعداد مكانيا لذلك الأمر ، ودون معرفة الفخاخ المعدة له ، حيث عرف الغنوي مقتل صاحبه ، فأرسل للافشين يخبره حول ذلك ، بينما يحاصره بابك في حصن ارشق المختبئ فيه هو وجنوده البالغ عددهم ستمائة راجل وأربعمائة فارس ، حيث لم يتمكن بابك من اجتياز الحصن ، وهكذا تمكن الغنوي من إرسال فارسين لإخبار الافشين بالأمر ، حيث سارع بدوره إلى إعداد العدة والجنود وملاقاة بابك في أولى المعارك التي استطاع الافشين من خلالها هزيمة بابك ألخرمي ومقتل العديد من جنوده . (10)
اضطر بابك بعد هذه الهزيمة إلى الانسحاب ، ولكن ظل يشكل خطرا يهدد القوافل المحملة بالأموال والغذاء إلى جنود الافشين ، خصوصا بعد أن استطاع أن يفرض حالة من الإعياء والجوع في صفوف الجنود ، بالرغم من المناشدات الطويلة لحكام الولايات والمناطق الخاضعة لسلطة الخلافة ، لكن دون جدوى من ذلك الأمر ، فأكثر القوافل كانت تقع أسيرة قدرات بابك وأعوانه ، وهكذا بعد محاولات كثيرة تم إيصال الغذاء والمال والجنود الإضافية إلى الافشين ، ولكن دون جدوى من ذلك الأمر أيضا ، حيث معركة هشتا دسر الثانية ، التي استطاع بابك أن يهزم فيها جيوش المسلمين بقيادة " بغا الكبير " في ظروف جوية حالكة بالإمطار والثلوج والبرد القارص جدا ، خصوصا بعد أن استطاع هذا القائد أن يفسد خطط الافشين في تسرعه في القتال ، وعدم الأخذ بنظر الاعتبار التوجيهات المصدرة إليه ، وكانت النتيجة انتصار بابك في هذه المعركة وتراجع " بغا الكبير" .
تأثر كثيرا الافشين بهذه الهزيمة الأمر الذي جعله يتريث في قتال بابك حتى انتهاء فصل الشتاء وتغير الظروف المناخية لتغدو امرأ سهلا على جنوده لمواصلة قتال بابك ، مع حلول فصل الربيع من سنة 222 هجرية ، وهذه الإجراءات خدعت احد ابرز قادة بابك يقال له " طرخان " بعد أن تمكن الافشين من مراقبة تحركاته ، وإرسال احد قواده يقال له
" ترك مولى إسحاق بن إبراهيم بن مصعب " لأسر طرخان أو قتله ، وبالفعل تمكن ذلك القائد من تنفيذ المهمة بنجاح بعد أن استطاع أن يقتل أفضل قادة بابك ومن المقربين إليه (11) ، وهكذا بعد هدوء الشتاء استعد من جديد الافشين في ملاقاة بابك في معركة " نهر كلان روذ " وهي في حقيقتها معركة تمهيدية للاقتراب من المعقل الرئيسي لبابك ، نتجت عن تخلي احد قادة بابك بالأوامر الصادر إليه متمثلة بالالتجاء إلى حصن لحماية عياله ، ولكن ذلك القائد استهان بتنامي قدرات المسلمين وتعاظمها ، الأمر الذي استغله الافشين وأرسل جماعة من الخيالة " الكوهبانية " حيث استطاعوا الاستيلاء على عيال القائد البابكي " أذين " وبالرغم من الاحتياطات التي وضعها الافشين ، إلا إن القائد أذين استطاع إرسال من يتعقب الجنود ومحاصرتهم ، واسترداد بعض من عياله ، حيث أدرك الافشين باحتياطاته المذكورة ومراقبة جنود بابك ، فأرسل إليهم التعزيزات مكونة من ثلاث كتائب ، وهذه الأخيرة أنقذت المتبقي من جنود المسلمين ومن معهم من بعض عيال القائد أذين .
بعد هذه المعركة بدأت معنويات جيوش الخلافة بالتنامي والتعاظم ، من حيث وجود الإمكانية في قهر " شياطين الجبال " كما كان يطلق على ثوار بابك وجنوده ومن حيث القدرة على الوصول إلى معقل ومركز بابك في قلعة البذ ، وبالفعل بدأ الزحف إلى معقل الثورة ببطء وحذر شديدين ، قليلا ، قليلا (12) وذلك بطريقة الكراديس الواقفة تارة والدائرة على ظهور الخيل تارة أخرى ، وذلك بسبب الخوف من المداهمة المفاجئة ، بحيث يكون الجميع على أتم الاستعداد والحذر المتواصل المستمر ، وبذلك تقدم شيئا فشيئا ، من اجل كشف المستور من الطرق الجبلية ، وعلى قرع الطبول يكون المسير ، وبذلك تمكنوا من السيطرة على الغارات التي تقترب منهم من جنود الخرمية ، بسبب سياسة الاختباء لدى الكراديس المنتشرة بين مكان ، وآخر ، حيث لم يقترب منهم أحدا ، إلا وفر إلى أعالي الجبال ، وهكذا بعد مواصلة المجهود ذاته في الزحف وعبر مستويات متتالية ، بالرغم من الكمائن التي كان ينشرها بابك ، وصلت كراديس الافشين بين حين وآخر ، وضمن معارك متواصلة ، حتى تم الوصول في النهاية إلى قلعة البذ ، وكانت النتيجة هي خروج بابك من المدينة بعد أن سمح له الافشين بذلك ضمن مراسلات مع بعضهما البعض الآخر ، وصولا ، دخول جيوش الخلافة واستباحة المدينة وحرق القصور وهدمها بعد مواجهات قتالية شديدة من أنصار بابك المتبقين في المدينة .
هرب بابك مع أخواه عبد الله ومعاوية وأمه وزوجته وبعض خاصته ولكن في الطريق تم الإمساك بأخيه معاوية وأمه وزوجته ، بينما استطاع بابك مع أخيه عبد الله الإفلات من جنود السلطة المنتشرين في كل مكان والباحثين عنه ، حتى وصل إلى أرمينيا ، وهناك اضطر النزول عند احد الإقطاعيين ، يدعى " سهل ابن سنباط " بسبب الإعياء والجوع ، بعد أن استطاع الأخير خداعه وتمويهه ، بينما أشار إلى أخيه أن يذهب إلى مكان آخر عند قلعة " شاكي " لدى شخص يثق فيه بابك يدعى " اصطيفانوس " ، حيث لم يستطع سهل بن سنباط أن يغير رأي بابك حول ذهاب أخيه ، مبررا خطورة بقائهما الاثنين في مكان واحد (13) ، وهكذا دبرت الخيانة بمكيدة رسمها سهل ، تتمثل في القبض على بابك خارج قلعته كي يتحاشى بطش الخرمية ويبعد عنه تهمة الخيانة ، إذ أرسل إلى الافشين يخبره بمكان بابك ، وبالفعل تم التعاون بينهما ، بعد أن خدع سهل " بابك " بالخروج في نزهة للصيد ، وعلى إثرها القي القبض على بابك ، إلا إن الأخير شعر بهذه الخيانة، إذ قال له " إنما بعتني إلى اليهود ( يقصد المسلمين ) بالشيء اليسير ، لو أردت المال لأعطيتك أكثر مما يعطيك هؤلاء " (14) ، بينما أرسل أخاه عبد الله بعده بيوم واحد بناء على طلب الافشين ، وبذلك أسدل الستار على الثورة البابكية التي أزعجت وهددت كثيرا الخلافة العباسية ، حيث أعلن الخليفة المعتصم يوم إلقاء القبض على بابك بأنه يوما للانتصار والفرح ، مبشرا جميع الأمصار والولايات الإسلامية بذلك الخبر الذي أعاد للخلافة بعض من هيبتها المتداعية (15)
بالرغم من أهمية الثورة في إضعاف سلطة الخلافة ، وبالرغم من انتشار مبادئها الاجتماعية القائمة على المساواة والعدالة واحترام المرأة والسعي إلى تحريرها من العبودية والاستغلال ، فضلا عن الخلاص من سلطة الجور والاستبداد ، إلا إنها لاقت الفشل في النهاية ، ومن ابرز الأسباب التي أدت إلى فشل الثورة وتراجعها تتمثل في :
1- التصميم السياسي العسكري للقضاء على الثورة بدءا برأس هرم السلطة متمثلا بسلطة الخليفة ، وانتهاء بالدعم المادي والمعنوي غير المحدود للقضاء عليها ، خصوصا وإنها حملت الكثير من التهديد لسلطة الخلافة وجبروتها ، بدأت عملية القضاء على الثورة بطريقة قطع الأوصال ، بالقضاء على الثورة خارج معقلها " أذربيجان " في إيران ، وبذلك تراجعت الكثير من قواعد الثورة من الفلاحين ، بعد استخدام جنود متدربة على الجبال وطبيعتها القاسية جدا ، فضلا عن استخدام الجواسيس في كيفية القضاء على الثورة وقادتها ، إضافة إلى طول فترة الحصار تلك التي أجهزت كثير على الثورة وجعلها تتراجع نحو مركزها الرئيسي في قلعة البذ
2- الموقف الانتهازي الواضح من الإقطاعيين ، الذين اتخذوا طريق الحياد من الثورة أو وقفوا معها وساندوها في البداية خوفا على أنفسهم ومصالحهم ، ولكنهم في النهاية وقفوا ضدها نتيجة تنامي قدرات جيش الخلافة وبذلك تحول الإقطاعيين إلى آلة متواصلة للإجهاز على الثورة والقضاء عليها ، حيث كان الثوار الخرميون يقاتلون على جبهتين ، ضد جبهة الخلافة وضد جبهة الإقطاعيين في أذربيجان أو في أرمينيا (16)
3- الدور التخريبي لبعض العناصر المسيئة للثورة ، وذلك يتمثل بوجود مجموعة عناصر من قطاع الطرق واللصوص التي نشرت الكثير من الذعر وأساءت كثيرا إلى الثورة وقيمها ، حيث ارتكاب جرائم السلب والنهب والقتل من اجل الحصول على المنافع المادية ، يضاف إليهم أيضا العناصر المترددة والخائفة التي لا تشحذ لدى الناس قيم الثورة والانتفاض وتستغل الظروف المناسبة لتحقيق الانتصارات خوفا على المصالح أو البطش من السلطان .. الخ
4- التباطؤ في مساعدة الثورة من قبل ملك الروم ، وذلك بسبب الخوف من انتشار المبادئ الاجتماعية التي تحملها ، والتي قد تحمل الكثير من التهديد لسلطة إمبراطور الروم ، الذي لم يرغب بنجاح الثورة وزوال الدولة الإسلامية بقدر ما كان يريد إضعاف الأخيرة وعدم تهديدها لسلطته وكيانه السياسي .


المصادر

1- العزيز ، حسين قاسم / البابكية ، ص 49.
2- المصدر ، نفسه ، ص 153
3- لم تكن البابكية ثورة مقتصرة على أهالي أذربيجان فحسب بل شارك فيها جميع المعدمين من العرب والأكراد والإيرانيون والديالمة والأرمن ، وهنالك أيضا من ينحدر من أصول ارستقراطية أو من الأغنياء والملاك الصغار ومن موظفي الدولة والقادة العسكريين .. الخ ، وذلك لأسباب شخصية وعدائية للنظام الحاكم ، ومصالحيه من اجل الحصول على المناصب والمكانة ، وأخيرا لدى المعدمين لتحسين أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية السيئة والتخلص من الاستبداد والجور الإقطاعي ، المصدر ، نفسه ، ص 175 .
4- جوزي ، بندلي / من تاريخ الحركات الفكرية في الإسلام / الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين / الطبعة الثانية 1981 ، ص 92 .
5- بالرغم من تاريخية التزوير والافتراء بحق الحركة البابكية ، تظهر لنا بعض المصادر التي تنصف أبطالها ومبادئها ، تلك التي تمثلت بالمعاملة الحسنة للأسرى العساكر والنساء والأطفال، فضلا عن احترامهم للحرية الفكرية والثقافية للمسلمين والسماح لهم بل والمشاركة معهم في بناء مساجد العبادة . المصدر ، نفسه ، ص 90 . البابكية ، ص 165-166-168.
6- العزيز ، حسين قاسم / البابكية ، ص 203الى 209 .
7- المصدر ، نفسه ، ص 229 . وكذلك جوزي ، بندلي ، تاريخ الحركات الفكرية في الإسلام ، ص 109.
8- الطبري ، تاريخ الرسل والملوك ، الجزء التاسع ،ص 12 .
9- المصدر ، نفسه ، ص 12، وكذلك البابكية ، ص 232.
10- المصدر ، نفسه ، ص 16.
11- البابكية ، ص 239.
12- هناك من يتهم الافشين بالتواطؤ بعدم الهجوم مباشرة على بابك أو انه كان يدلي بالمعلومات لبابك عن مكان عساكر المسلمين أو انه قد دخل في دين الخرمية سرا ، وكل هذه التهم لأنه لم يسرع في قتال الثوار أو احتلال قلعة البذ ، لأنه اتخذ طريق التأني والهدوء في قتالهم ، كما يذكر ذلك البغدادي ، ولكن الطبري ينفي ذلك عارضا خطة الهدوء والحذر نتيجة للأوامر الصادرة له من القيادة العليا من الخليفة المعتصم . راجع حول الاتهامات ، البابكية ص 242 ، وحول نفيها ، الطبري ، الجزء التاسع ، ص 31.
13- لم تضعف كثيرا عقيدة النضال ضد الجور والاستبداد عند بابك ، إذ كان يفكر في حالة إمساك احدهما يبقى الآخر متمسكا بطريق الثورة والخلاص ، راجع البابكية ، 278.
14- الطبري ، تاريخ الرسل والملوك ، الجزء التاسع ، ص 50
15- البابكية ، ص 279.
16- المصدر ، نفسه ، ص 223 .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل باتت الحرب المفتوحة بين إسرائيل وحزب الله أقرب من أي وقت


.. حزمة المساعدات الأميركية لأوكرانيا وإسرائيل وتايوان..إشعال ل




.. طلاب جامعة كولومبيا الأمريكية المؤيدون لغزة يواصلون الاعتصام


.. حكومة طالبان تعدم أطنانا من المخدرات والكحول في إطار حملة أم




.. الرئيس التنفيذي لـ -تيك توك-: لن نذهب إلى أي مكان وسنواصل ال