الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محنة غير المسلمين في المجتمعات الاسلامية

عبد عطشان هاشم

2017 / 5 / 7
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


عندما تقرأ دستورا لدولة غالبيتها من المسلمين تجد نصوصا جميلة تتحدث عن الاخاء والمساواة والمحبة وتكافوء الفرص بين المواطنين المسلمين ونظرائهم من غير المسلمين ولكن في الحياة اليومية ستجد النقيض تماما ماعدا بعض الاستثناءات النادرة، فهناك واقع يومي مرير يتكبده غير المسلمين ويعانون منه اشد المعاناة ،حتى ان عشرات الالوف منهم فروا الى ملاذات بعيدة هربا بحياتهم من بلدان لاتوجد فيها المحبة والمساواة الخيالية الا على الورق.
في المجتمعات المتمدنة ليست هناك اكثرية او اقلية، كما هو معروف لدينا، فالكل مواطنين (وليسوا اهل ذمة) ينعمون بنفس الحقوق ويؤدون نفس الواجبات.
ولكن في مجتمعات المسلمين ينظر الى الاقليات الدينية اما ككفار، او عملاء لدول اجنبية - قامت الدولة العثمانية مثلا بذبح عشرات الالوف من الارمن الابرياء في عام1915م تحت هذه الذريعة - او فريسة سهلة للاستيلاء على ممتلكاتها تحت طائلة التهديد والابتزاز والتهجير والتشريد وخطف الابناء كما يحدث الان في العديد من الدول الاسلامية.
الثقافة الذمية تعني النظرة الدونية لغير المسلمين والوصاية عليهم بدلا من ثقافة المواطنة التي تعامل المواطنين في الدول العلمانية سواسية بدون تمييز على اساس الدين او المذهب اوالجنس او القومية وكل هذا مفقود تماما في المجتمعات الاسلامية.
في المجتمعات الاسلامية هناك تمييز واضح ومترسخ في قطاع العمل ضد غير المسلمين سواء في بداية السلم الوظيفي او في قمته فغير المسلم مثلا لايستطيع ان يعمل كنادل في مطعم او في بقالة للمواد الغذائية لانه يعتبر كافرا ونجسا، كما لايقبل اي بلد اسلامي ان يكون رئيسه او رئيس الوزراء فيه من غير المسلمين (اذا استثنينا الوضع الخاص للبنان)، فلا ولاية لغير المسلم على المسلم كما تنص الشريعة!
ولكي اكون منصفا ، في المجتمعات الاسلامية يعامل اي شخص خارج القطيع بنفس المعاملة بل اسوأ فاذا كنت مسلما وانت من طائفة اخرى غير حاكمة فأنت مواطن من الدرجة الثانية ، اما اذا كنت علمانيا اوخرجت من الاسلام فحكمك حكم الكافر!
والمرأة في المجتمعات الاسلامية تحظى بالوزر الاكبر من المعاملة غير العادلة كما هو معروف لدينا.
لقد اسست مايسمى بالعهدة العمرية بداية المعاملة الذليلة والمهينة غيرالمبررة لغير المسلمين بعد استباحة ديارهم سواء في العراق ومصر وبلاد الشام وتحويلهم الى عبيد مع وقف التنفيذ.
ويكشف لنا هذا النص عن مضمون هذه الوثيقة: (من كتاب لإبن القيم الجوزية ( أحكام أهل الذمة) عن عبد الرحمن بن غنم : كتبتُ لعمر بن الخطاب (634-644) رضي الله عنه حين صالح نصارى الشام، وشرَط عليهم فيه :
ألا يُحدِثوا في مدينتهم ولا فيما حولها ديراً ولا كنيسة ولا قلاية ولا صومعة راهب، ولا يجدِّدوا ما خُرِّب، ولا يمنعوا كنائسهم من أن ينزلها أحدٌ من المسلمين ثلاث ليالٍ يطعمونهم، ولا يؤووا جاسوساً، ولا يكتموا غشاً للمسلمين، ولا يعلّموا أولادهم القرآن، ولا يُظهِروا شِركاً، ولا يمنعوا ذوي قرابتهم من الإسلام إن أرادوا، وأن يوقّروا المسلمين، وأن يقوموا لهم من مجالسهم إذا أرادوا الجلوس، ولا يتشبّهوا بالمسلمين في شيء من لباسهم، ولا يتكنّوا بكناهم، ولا يركبوا سرجاً، ولا يتقلّدوا سيفاً، ولا يبيعوا الخمور، وأن يجُزُّوا مقادم رؤوسهم، وأن يلزموا زيَّهم حيثما كانوا، وأن يشدّوا الزنانير على أوساطهم، ولا يُظهِروا صليباً ولا شيئاً من كتبهم في شيءٍ من طرق المسلمين، ولا يجاوروا المسلمين بموتاهم، ولا يضربوا بالناقوس إلا ضرباً خفيفاً، ولا يرفعوا أصواتهم بالقراءة في كنائسهم في شيء من حضرة المسلمين، ولا يخرجوا شعانين، ولا يرفعوا أصواتهم مع موتاهم، ولا يَظهِروا النيران معهم، ولا يشتروا من الرقيق ما جَرَتْ عليه سهام المسلمين. فإن خالفوا شيئاً مما شرطوه فلا ذمّة لهم، وقد حلّ للمسلمين منهم ما يحل من أهل المعاندة والشقاق).
ولنا ان نتسائل هل تتفق هذه الوثيقة مع ابسط المفاهيم المعروفة لحقوق الانسان؟
وفقا لهذه الشروط المجحفة، كانت الاقليات الدينية تدفع الجزية مرغمة طوال التاريخ الاسلامي.
يظل المسلم اسيرا دوما لرهاب اجتماعي تاريخي من الاخر المختلف سواءا في بلده او في الغربة. لقد لجأ العديد من المسلمين المعتدلين الى البلدان الغربية هربا من تطرف اخوانهم في الدين لكنهم اصبحوا في نهاية المطاف متطرفين ومتشددين اكثر من جلاديهم بالرغم من جو الحرية والمساوة واحترام حقوق الانسان الذي يعيشونه هناك وهم يعاملون مواطني تلك الدول التي استضافتهم ككفارمشركين ولو تسنى لهم الامرلقتلوا من ليس على شاكلتهم بدم بارد!
ويبقى السؤال يجر السؤال وتبقى الاجابة نفس الاجابة (كما قال الشاعر الفيتوري) هل يمكن ان نتقدم خطوة الى الامام تحت سقف هذا الخطاب الاقصائي المتخلف؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - كيف التعايش
على سالم ( 2017 / 5 / 7 - 21:01 )
الاسلام ماهو الا سرطان خبيث وقاتل فى هذا العالم والواجب بتره والخلاص منه ومن شروره , شهر رمضان الغير كريم على الابواب والاخوه الاقباط يعتبروه شهر العذاب والمرار ويتمنوا ان يذهب بدون رجعه , تصحيح معلومه للسيد الكاتب وهى ان القتله العثمانيين الاوباش قتلوا من الارمن مايزيد على المليون ونصف ارمنى

اخر الافلام

.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص


.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح




.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة


.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا




.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: مش عاوزين إجابة تليفزيونية على س