الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مستوطنة جبل ريش الحمام : الجزء 6

ياسين لمقدم

2017 / 5 / 7
الادب والفن




حافي القدمين نزل سعيد بحذر عبر جرف جانبي ليبحث في جنبات الوادي عن عين ماء سيروي بها ضمأه الصباحي.
وقف مشدوها عندما شاهد طيور الحسون تتمرغ في المياه الباردة لتتخلص مما علق بها من تعب الليل الفائت وحشراته وغباره. وقد جعلته هذه الصدفة العجيبة يشعر بالندم تجاه ما اقترفه رفقة أصدقاء الطفولة في حق هذه الطيور وغيرها من فضاعات يندى لها الجبين.
بلَّ ريقه برشفات من عين صافية، ثم غسل وجهه وقفاه، وجلس على صخرة يرقب الحسون مستعيدا مغامرات الصيد الطفولية حين كانوا يستعينون بطائر مغرد يحيطون قفصه بسعوف الحلفاء الملغمة بلاصق قوي. فيضعون القفص في جنبات مجاري المياه أو في الحصائد. فيعمل الطائر الأسير على جلب الطيور العابرة بتغريده فيعلقون في المصيدة.
تذكر أيضا صيدهم لطيور البر وربطهم لها أزاوجا بحبل دقيق، وترك الطائرين يطيران من غير اهتداء، إلى أن يعلقا في سلك كهرباء فيرفرفان هناك لمدة طويلة وبعنف إلى أن يهلكا من جوع وعطش.
ثم رفع رأسه تجاه قمة جبل ريش الحمام، وأكد في نفسيته أنه لن يسمح بمثل ذلك أن يتكرر في مستوطنته المتسامقة التي يريدها رمزا للحرية سيحتذى به.
تذكر أيضا مصادفتهم لطائر الهدهد في غابة كانت قريبة من ثانويتهم الإعدادية في أواخر ربيع ما من الثمانينات. كانوا قد فروا من فصول الدراسة كما يفعل الجميع وبدفع من الأساتذة الذين يرهقهم العمل مع قدوم الحر. يغادرون مقاعد الدراسة جماعيا ويلجأون إلى الغابات أو الوديان البعيدة أو إلى الجبال التي تحيط بالمدينة. وهناك سيقضون ما تبقى من ساعات أيام الدراسة، وأسعدهم من يتوفر على جهاز راديو يستعين بأغانيه على تبديد الوقت.
الهدهد لم يكن يظهر خوفا، وكان يحط على فروع أشجار الكاليبتوس التي تقزم حجمها بعد أن عملت فيها فؤوس ومناشير مافيا الحطب.
سعيد رفقة أصدقاء الدراسة يحوطون بالهدهد الجميل من كل جانب، حتى وإن اعتقدوا أنهم ماسكون به، طار وحط على شجرة قريبة. تكرر الحال هكذا إلى أن وجدوا أنفسهم قد ابتعدوا كثيرا عن مكانهم الأول. فعادوا خائبين بعد أن منوا أنفسهم بصيد ثمين كان بالإمكان بيعه إلى عراف المدينة بمبلغ محترم.
تسلق سعيد إلى أعلى السد، فوجد حذاءه الرياضي قد جف قليلا، ولكن لن يساعده على الإرتقاء إلى قمة الجبل الوعر. فكر سعيد أن الحذاء قد يتمزق أو قد تتأذى قدماه بالبثور والدماميل بسبب رطوبة مترسبة في قاعدتي الحذاء، فقرر تأجيل التسلق إلى يوم قريب.
ربط فردتي الحذاء ببعضهما وعلقهما على كتفه، ومشى مختصرا الطريق في اتجاه الوادي عبر جانب ساقية اسمنتية تمتد من أيسر السد الكبير إلى مزارع المركز الفلاحي غرب حي الحرية.
وعند نهاية الساقية انتعل حذاءه الرياضي، ثم توجه إلى بيته لإعداد خطط جديدة ليومه الطويل...
يتبع...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تكريم إلهام شاهين في مهرجان هوليود للفيلم العربي


.. رسميًا.. طرح فيلم السرب فى دور العرض يوم 1 مايو المقبل




.. كل الزوايا - -شرق 12- فيلم مصري يشارك في مسابقة أسبوع المخرج


.. الفيلم اللبنانى المصرى أرزة يشارك فى مهرجان ترايبيكا السينما




.. حلقة #زمن لهذا الأسبوع مليئة بالحكايات والمواضيع المهمة مع ا